تويت
هل أنت حرامي؟!
د. عبد العزيز حسين الصويغ
نقلا عن المدينة السعودية
حكايات نسمعها عن التعامل في أغلب أسواق الغرب، مر بعضها على من عاش أو مر أو أقام في تلك الدول.. تعتبر عادية هناك، لكنها غريبة علينا، وعلى أسواقنا، وعلى تجارنا، رغم أنها تعكس قيم الإسلام ومُثله العليا التي نسيها بعضنا، وتناساها بعضنا، وحذفها بعضنا الآخر من قاموس تعاملاته.
يحكي طبيبٌ سودانيٌّ اعتاد التردد على لندن، وكان يقيم في "بادنجتون"، ويستقل يوميًّا قطار الأنفاق من تلك المحطة، وكان يمرُّ يوميًّا على "كشك" سيدة إنجليزية عجوز يشتري منها «لوح» شيكولاته - في عام 1978م - بمبلغ ثمانية عشر بنسًا.. كانت تلك العجوز «ترص» ألواح الشيكولاته على «الرف» مع وضع ديباجة تعلن ثمن السلعة. وفي يوم جاءها كالعادة، ولاحظ أنها قد وضعت على «رف» آخر ألواحًا من الشيكولاته، ولكنها تحمل ديباجة السعر، وهو عشرون بنسًا، مع أنهما من نفس النوع والحجم والماركة، فلما استفسر منها، متعجبًا عن سبب وجود ثمنين للشيوكلاته! أجابته: أن هذا هو السعر الجديد للشيوكلاته؟!
هنا سأل المرأة قائلاً: ترى من يشتري منك بعشرين بنسًا ما دام أنك تبيعين النوع نفسه بثمانية عشر بنسًا؟.
قالت المرأة: نعم أنا أعلم ذلك.. ولكن بعد أن ينفد ذاك الذي هو بالسعر القديم سوف يشتري الناس بالسعر الجديد.
فقال لها في غفلة وبلادة ولا مبالاة وإهمال، كما يصف تصرفه: لماذا لا تخلطين النوعـين معًا وتبيعين بالسعر الجديد.. أي بعشرين بنسًا؟
هنا جحظت عيون المرأة وبات وجهها في صفرة الموت، ثم مالت نحوه وهي تهمس في فزع: هل أنت حرامي؟!
هذا السؤال ينبغي أن نوجهه لبعض تجارنا الذين يهتبلون كل فرصة للكسب دون مراعاة لشيء إلا تحقيق الربح، ولو بالقفز فوق كل القيم والمبادئ.. حتى مبادئ التعامل التجاري نفسها.
نافذة صغيرة:
(عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟)، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني) رواه مسلم
د. عبد العزيز حسين الصويغ
نقلا عن المدينة السعودية
حكايات نسمعها عن التعامل في أغلب أسواق الغرب، مر بعضها على من عاش أو مر أو أقام في تلك الدول.. تعتبر عادية هناك، لكنها غريبة علينا، وعلى أسواقنا، وعلى تجارنا، رغم أنها تعكس قيم الإسلام ومُثله العليا التي نسيها بعضنا، وتناساها بعضنا، وحذفها بعضنا الآخر من قاموس تعاملاته.
يحكي طبيبٌ سودانيٌّ اعتاد التردد على لندن، وكان يقيم في "بادنجتون"، ويستقل يوميًّا قطار الأنفاق من تلك المحطة، وكان يمرُّ يوميًّا على "كشك" سيدة إنجليزية عجوز يشتري منها «لوح» شيكولاته - في عام 1978م - بمبلغ ثمانية عشر بنسًا.. كانت تلك العجوز «ترص» ألواح الشيكولاته على «الرف» مع وضع ديباجة تعلن ثمن السلعة. وفي يوم جاءها كالعادة، ولاحظ أنها قد وضعت على «رف» آخر ألواحًا من الشيكولاته، ولكنها تحمل ديباجة السعر، وهو عشرون بنسًا، مع أنهما من نفس النوع والحجم والماركة، فلما استفسر منها، متعجبًا عن سبب وجود ثمنين للشيوكلاته! أجابته: أن هذا هو السعر الجديد للشيوكلاته؟!
هنا سأل المرأة قائلاً: ترى من يشتري منك بعشرين بنسًا ما دام أنك تبيعين النوع نفسه بثمانية عشر بنسًا؟.
قالت المرأة: نعم أنا أعلم ذلك.. ولكن بعد أن ينفد ذاك الذي هو بالسعر القديم سوف يشتري الناس بالسعر الجديد.
فقال لها في غفلة وبلادة ولا مبالاة وإهمال، كما يصف تصرفه: لماذا لا تخلطين النوعـين معًا وتبيعين بالسعر الجديد.. أي بعشرين بنسًا؟
هنا جحظت عيون المرأة وبات وجهها في صفرة الموت، ثم مالت نحوه وهي تهمس في فزع: هل أنت حرامي؟!
هذا السؤال ينبغي أن نوجهه لبعض تجارنا الذين يهتبلون كل فرصة للكسب دون مراعاة لشيء إلا تحقيق الربح، ولو بالقفز فوق كل القيم والمبادئ.. حتى مبادئ التعامل التجاري نفسها.
نافذة صغيرة:
(عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: (ما هذا يا صاحب الطعام؟)، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني) رواه مسلم