إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الباحث ( يوسف حسن أحمد الغزو ) أديب وقاص من الإردن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الباحث ( يوسف حسن أحمد الغزو ) أديب وقاص من الإردن

    يوسف الغزو

    ولد يوسف حسن أحمد الغزو في الوهادنة/عجلون عام 1940، حاصل على شهادة الدراسة الثانوية العامة، عمل خلال السنوات 1962-1990 في دائرة الأرصاد الجوية: راصداً جوياً، وراصداً زراعياً، ومدرساً لطلبة دورات الأرصاد الجوية، ورئيس ديوان، ومديراً إدارياً.
    وهو عضو جمعية وادي العرب الخيرية، وعضو وسكرتير الرابطة الوطنية لتربية وتعليم الأطفال، وعضو مؤسس، وفي الهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين.

    كتب للتلفزيون ومسلسلات منها: اللغز، نهاية صيف، الكحتوت، حكايات أبو راجي، أجيال، وبرامج منها: في واحة الإيمان، مواقف الخالدين، مشاعل الهداية، ألوان من الزمان، وسهرات منها: الحب الأخرس، ثمن الأمومة، الشرخ، الاختيار، غلطة مطبعية، نفوس زائفة، الأرض الصغيرة، التمثال رقم 6، كما كتب للإذاعة تمثيليات وقصص وأحاديث ثقافية بالإضافة إلى عشرين مسلسلاً درامياً.
    مؤلفاته:
    1. الصديقان (رواية) وكالة الصحافة الأردنية، عمان، 1976.
    2. البيت القديم (مجموعة قصصية) رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، 1981.
    3. الاختيار (مجموعة قصصية) مكتبة شوفي، عمان، 1981.
    4. اللوحة (رواية) رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، 1982.
    5. أشواك لا تدمي القدمين (جزءان – مقالان) جمعية وادي العرب، ودار الكرمل، عمان، 1987.
    6. وردة من الخريف (مجموعة قصصية) وزارة الثقافة، عمان، 1987.
    7. مسافات (مجموعة قصصية) دار النسر، عمان، 1990.
    8. ثقوب في الجدار (رواية) أمانة عمان الكبرى، عمان 2001.
    مؤلفاته للأطفال: تفاحة آدم، الشهيد، زهرة برية، المخترع الصغير، نسيم وريحانة، الديم الفصيح، أنشودة المطر، سلسلة أجيال لأدب الأطفال.

    القارب – قصة قصيرة
    يوسف الغزو

    كانوا خمسة. كلهم رجال. قذف بهم الموج إلى جزيرة نائية مهجورة. الجزيرة جميلة. لا مثيل أبداً لجمالها البِكر. الطيور مغردة، النسائم تداعب ذوائب الأشجار، الأعشاب الخضراء تتوسط أزهار الدحنون والنرجس كبساط أعجمي رائع. موجات البحر تدغدغ جبين الشاطئ في ترنيمة كأحلى ترانيم الوجود.
    الرجال الخمسة لا يشعرون بما حولهم. إذ كيف يستشعر الجمال من كان يترقب الموت المؤكد البطيء؟ ذهول، خوف، ترقب، هي إحساساتهم آنذاك. كان البلاء قد هبط عليهم كما يهبط القضاء العاجل. في لحظات مزقت عاصفة هوجاء سفينتهم فغرق مِن ركابها مَن غرق، وحمل الموج وألواح الخشب خمسة منهم إلى شاطئ جزيرة معزولة. تركوا في السفينة الممزقة كل شيء عدا حقيبة جلدية ظل كل واحد منهم متشبثاً بها تشبثه بالحياة.
    تلاقت عيونهم في حوار صامت. كان الحوار يحكي قصة ما حدث.. ويكشف عن هول ما سوف يحدث.. وحين تحركت منهم الألسن تحدثوا طويلاً.. شكوا وبكوا.. قالوا وأعادوا حتى خيل إليهم أن لا جديد في الكلام..
    وفجأة، هتف أحدهم وكأنه قد وجد كنزاً:
    -قارب... لماذا لا نصنع قارباً فيه إلى الدنيا العامرة؟
    فرحوا... حتى خُيِّلَ لبعضهم أنه يبحر فعلاً إلى حيث يريد.. همَّ بعضهم أن يرقص فرحاً.. وهتف آخر:
    -أُنظروا. ما أروع هذه الجزيرة!
    وكما هبط عليهم الأمل.. هبط اليأس حين قال أحدهم:
    -قبل أن تفرحوا... هل فكرتم من يصنع القارب؟
    ودَّ بعضهم لو طالت لحظات الفرح، ولكن الحقيقة سرعان ما وطأت الفرح فمزقته أمام عيونهم.. وكان لا بد أن يتحدثوا في موضوع القارب. فقال الأول وكان طبيباً بارعاً:
    -"ليتني أستطيع أن أفعل شيئاً من أجلكم ومن أجلي أيها السادة، أنا طبيب. لم أعتد العمل اليدوي منذ الصغر. كنت في طفولتي شديد الذكاء. أسرف والدي في تدليلي. فمن الدراسة إلى الجامعة. ومن الجامعة إلى العيادة. لم أمسك بالفأس مرة واحدة في حياتي.. ولو أمسكت به فلن أستطيع أن أفعل شيئاً على الإطلاق.. اصنعوا أنتم القارب وأنا أتعهد برعايتكم والإشراف على صحتكم. فهذه حقيبة علاجاتي معي تشهد على ما أقول".
    قال ذلك وأشار إلى حقيبته القريبة. نظروا نحو بعضهم لحظات... لقد تطاير جزء غير قليل من الأمل... بينما تصدى الثاني للحديث وكان موسيقياً بارزاً شهيراً فقال:
    -"أيها السادة، أنا موسيقي.. فنان. ولعلَّ أكثركم قد سمع بي. أنا أنظر إلى الطبيعة فاستلهم منها الألحان.. لا خبرة لي بالأشجار وقَطعِها، فأنا لا أُداعي من أخشابها إلاّ آلة العود.. ولم يخطر ببالي قط أنني سأمسك بالفأس لأصنع من الشجر قارباً. لا حاجة لي بذلك أيها السادة.. أو بشكل أضح: لم تكن لي بذلك حاجة... إذ أن مردود لحن واحد من ألحاني كان كافياً لشراء قارب جميل يبحر بي عند الأصيل فاستلهم المزيد من الألحان. اصنعوا أنتم القارب وأنا كفيل بالعزف والغناء لكم طيلة الرحلة. وهذا عودي معي يؤكد ما أقول".
    قال ذلك وأشار إلى حقيبة يبرز من إحدى فتحاتها عود.. ثم قال الثالث، وكان صحفياً شهيراً:
    -"أرجو أن تسمحوا لي أيها السادة أن أُبدي أسفي مشفوعاً بعذري، موثقاً بأدلتي وبراهيني... أنا صحفي. تكشفت مواهبي منذ الصغر. كنت أعرف وأُتابع كل قضايا العالم. وأُحلل كل أحداثه. بهرت نباهتي كل أقراني ومُدَرِسيَّ. نصحوني بعد الثانوية أن ألتحق بكلية الصحافة فلم أتوان. وبعد التخرج عملت في أكبر الصحف وأوسعها إنتشاراً. ثم تدرجت في العلو حتى ملكتها. مقال صغير مني يفعل الأفاعيل.. صار الجميع يخطبون ودي ويتقون غضبي. كان الذهب يسيل من رأس قلمي. لم يخطر ببالي موقف كهذا... ولم أحسب له حساباً. اصنعوا أنتم القارب ولكم عليَّ أن أُسجل ذلك في تحقيق موسع مصور، وسأنشره في أماكن بارزة من صحيفتي.. وهي كما تعلمون أشهر صحيفة في البلاد. وفي تلك الحقيبة قلمي وآلة تصوير حديثة دقيقة ملونة الأفلام".
    قال ذلك وأشار نحو الحقيبة، بينما خيل للجميع أن الموت آت لا محالة. الكل يبدي أسفه.. الكل يتبرع بخدمات هي من صميم اختصاصه، ولكن من يصنع القارب؟.. قال الرابع في محاولة للإجابة على هذا السؤال، وكان عالماً مشهوراً:
    -"أيها السادة: أنا عالِم. خلقت من أجل العِلم وحده. كنت في صغري أُبشر بميلاد عالِم عظيم.. كنت أحصل على علامات كاملة في الموضوعات العلمية بينما لا يكاد الآخرون يحصلون على علامات النجاح. أُرسلت في بعثة، وحصلت على شهادة وأقمت في المختبر حتى ملأَت أبحاثي واختراعاتي صفحات الكتب، وفاض خيرها على الإنسانية نوراً وحضارة. أما قطع الأخشاب لكي تصنع منها القوارب فما لا يدخل في مجال اختصاصي على الإطلاق. اصنعوا أنتم القارب ولكن علي أن أضع كل علمي في صنع محرك له.. وقد أُزوده لكم بالكهرباء.. وأُحول ماء البحر المالح هذا إلى ما عذبٍ فرات تشربونه. هل أستطيع أن أفعل من أجلكم أكثر من هذا أيها السادة؟".
    قال ذلك وأشار محو حقيبته. في حين أطبق اليأس الشامل بأنيابه على مجامع القلوب. وتراءت ساعة الهلاك الأكيد.. وسُدت منافذ النجاة.. وارتسمت على الوجوه صورة القلوب الباكية على الآمال العريضة والأحلام الوردية والمستقبل الحافل بالمسرات... كاد الإغماء يذهب بعقولهم جميعاً لولا أن أحدهم هتف فجأة:
    -أين الخامس؟ إنه لم يتكلم بعد.
    بحثوا عنه حولهم فلم يجدوه. أجمعوا على أنه لم يحتمل الموت البطيء فانسل من بينهم ووضع حداً لحياته... قال الطبيب بحزن:
    -مسكين. لو كنت أعرف ذلك لأعطيته أقراصاً تعينه على الاحتمال.
    قال آخر معلقاً:
    -سنكون جميعاً أحوج إلى تلك الأقراص يا دكتور.
    فتح الطبيب حقيبة العلاج ليعطيهم أقراصه المهدئة المساعدة على الاحتمال، وما أن أمسك بواحدة من العلب حتى صكّت أسماع الجميع أصوات تأتي عن بُعد. كانت أصوات فأس تضرب جذع
    ملاحظة: القصة غير كاملة
يعمل...
X