Announcement

Collapse
No announcement yet.

متحف النسيان مشهد واسع للفن الساخر والنكتة السياسية - معرض الكاريكاتور العربي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • متحف النسيان مشهد واسع للفن الساخر والنكتة السياسية - معرض الكاريكاتور العربي

    معرض الكاريكاتور العربي
    السفيرو«متحف النسيان» السويدي يفتتحان اليوم معرض الكاريكاتور العربي
    مشهد واسع للفن الساخر والنكتة السياسية



    من معرض الكاريكاتور العربي: المصري محيي الدين اللباد


    احمد بزون

    السفير 12-11-2010


    اجتماع 31 فنان كاريكاتور عربي مناسبة مهمة لتقديم المشهد بمساحة واسعة، وإتاحة الفرصة لجمهور هذا الفن كي يقف أمام المشترك والمفترق فيه، وللنقد كي يكتشف عارفوه الخيوط البارزة والقطَبَ المخفية لدى فنانينا الساخرين، الذين ساهموا، بأسلوب أو بآخر، وبمستويات مختلفة في توسيع الضحكة أو نكء الجراح أو تحريك الحريات في الوطن العربي، بل أودت ببعضهم رسومهم إلى السجن أو الهلاك. إنها مناسبة لاستقراء هذا الفن من خلال الإطلالة على المشهد بصوره المتقاربة أو المتباعدة أو المتنافرة أو المتقاطعة. هي مناسبة للوقوف أمام حقيقة هذا الفن وتوجهاته وإشكالاته، ما دام المشتركون في المعرض من الأسماء الأساسية البارزة، إن في مصر أو العراق أو سوريا أو فلسطين أو السودان أو المغرب، أو البحرين أو الجزائر أو لبنان.
    كوكبة من الفنانين ساهموا في هذا المعرض الذي دعت إليه جريدة «السفير» و«متحف النسيان» في السويد، تحت عنوان «بين الجد واللعب». وقبل أن نلج خنادق المعرض ومرتفعاته ارتأينا أن نقف على طبيعة التجربة وسبب مساهمة السويديين في تنظيم معرض عربي، وعلاقة ذلك بالزميل سعد حاجو رسام «السفير» وزوجته الفنانة سحر برهان، اللذين، بسبب وجودهما في السويد، ساهما مع السويديين كوستا أكونومو وإيريك بيرغرين في توزيع عرض متوازٍ بين جامعة نوركوبينغ السويدية (بين 6 تشرين الثاني و12 كانون الأول) وقصر الأونيسكو (بين 12 و16 تشرين الثاني). التقينا المنظمين الأربعة لنفهم طبيعة المشاركة السويدية وطبيعة المعرض. سألنا عن معنى «متحف النسيان»، في الوقت الذي نعرف فيه أن أي متحف بطبيعته يكون مختصاً بالذاكرة، فمن أين أتت التسمية؟ وكانت الإجابة أن هذا المتحف، الذي تأسس العام 2007، قام على فكرة عرض ما يتناساه الآخرون، أو كشف الحقيقة التي تتغاضى عنها السلطات السياسية، ولعل الحرب العراقية كانت المحطة التي جعلت إيريك بيرغرين، وهو كاتب صحافي، يتوقف عند ما خفي من صور الحرب العراقية في الإعلام الغربي، فيكتب مقالة طويلة العام 2006 عن ذلك، لينطلق بعدها ويشتغل في الفنون على الأرض، من عروض الصور الفوتوغرافية والفن التشكيلي عموماً، إلى المسرح والسينما. وقبل معرض الكاريكاتور العربي هذا أقام المتحف معرضاً تحت عنوان «قلوب الأميركيين المحطمة من الحرب»، سُلط الضوء فيه على الحرب في العراق، إذ بعدما زادت الاعتراضات على هذه الحرب حتى من قبل الاميركيين، لم يعد النقد الموازي مهماً ، فأقام المتحف معرضه التشكيلي لفنانين من السويد وألمانيا والأورغواي والولايات المتحدة، عرضوا تحت عنوان معنى أميركا في نفس الفنان. قدم الفنانون فيه وجهة نظرهم موالية ومعارضة تجاه سلوك الولايات المتحدة.
    «متحف النسيان»
    إذاً، «متحف النسيان» السويدي المشارك في هذا المعرض هو متحف لتذكر ما تتناساه عمداً السلطات ووسائل الإعلام، بغض النظر عن جنسية الحدث أو الانتماء الثقافي. هي مهمة سياسية وإنسانية. لكن من يسمع بكلمة متحف تأخذه المخيلة إلى أعمال فنية محفوظة فيه، إلا أن ذلك لا ينطبق على «متحف النسيان»، أجاب المسؤولان عن المتحف، إنه متحف بالمعنى المجازي، بل هو متحف ساخر من مهمة المتاحف، وفي الواقع هو عبارة عن مركز ثقافي.
    مما تقدم، نفهم أن فن الكاريكاتور العربي منسي أو مشوّه في السويد أو الغرب عموماً، وهذا ما أكده القيمون على المعرض بالفعل، أما الطريقة التقليدية التي يتم فيها عرض فنون «الآخر» بسطحية فلا تؤدي إلى فهم هذا «الآخر» ومعرفة فنه أو حضارته. والصحافي المشارك في تنظيم هذا المعرض إيريك بيرغرين من الذين كتبوا ضد الرسوم المسيئة للنبي محمد، التي أثارت ضجة كبيرة، وساندها من ساندها وعاداها من عاداها. يقول: «نحن لسنا مسلمين ولا حتى دينيين، ولسنا عرباً، لكن تسطيح الإعلام الغربي وسلبيته وتوجهه العنصري أحياناً، الناتج عن جهل بثقافة الإسلام والعرب، ولأن فن الكاريكاتور العربي متجاهل في الغرب، أردنا أن نقيم هذا المعرض. وقد سهلت معرفتنا بالفنانين سعد حاجو وسحر برهان المهمة». سعد وسحر أكدا ذلك، ورأيا أن اطّلاع كوستا وإيريك على رسومهما، ثم من خلالهما رسوم سواهما من فناني الكاريكاتور العرب، كان بداية المشوار لمشروع إقامة هذا المعرض. وأكد كوستا، وهو أستاذ في تاريخ الفنون التشكيلية، أن نظرة القيمين على متحف النسيان إلى الفنون العربية لم تقتصر على السياسة، بل تعدتها إلى القيمة الفنية واتجاهات السخرية، فإذا انطلق الحوار من السياسة تكون له امتدادات ثقافية على أرض الواقع.
    هويات
    سعد حاجو وسحر برهان، اللذان يشاركان أيضاً في لوحات لهما في المعرض، أكدا أن وجود ما يقارب خمسمئة صورة لرسوم كاريكاتور لفنانين عرب في حوزتهما سهل المهمة، وما كان عليهما إلا أن يقيما بعض الاتصالات لتدعيم المعرض بأعمال تنقصه أو أسماء تزيد من قيمته، علماً أن فريق العمل المؤلف من الأربعة ساهم في انتخاب حوالى مئة رسم، طبعت من كل منها نسختان، على ورق خاص يحافظ قدر الإمكان على قيمة الرسم الأصلي، نسخة لمعرض السويد وأخرى لمعرض بيروت. يقول كوستا وإيريك إنهما اكتشفا من خلال الأعمال التي شاهداها للكاريكاتور العربي غنى هذا الفن، وقد انفتح أمامهما عالم جديد، عالم يكشف قيمة فنية تغيب عن الأعمال الغربية التي تسيء للعرب.
    المهم أن المعرض الذي ينطلق اليوم ضم أعمالاً لفنانين عرب كبار، بعضهم رحل وبعضهم الآخر يتابع المهمة. وإذا رأينا في هذا المعرض رسوم أحمد حجازي وجورج البهجوري وبهجت عثمان ومحيي الدين اللباد وإيهاب وناجي العلي وسواهم من رموز فن الكاريكاتور العربي، ننتبه إلى أن هذا المعرض يقدم لنا جيلاً مؤسساً ورائداً إضافة إلى الجيل الجديد.
    أول ما يلاحظه المشاهد وجود فنانة واحدة امرأة، وسط كل هؤلاء الرجال، وعلى هذه الندرة النسائية، يمكن أن نبني الكثير من الأسئلة عن غياب المرأة العربية عموماً عن هذا الفن، فالسخرية ليست فن الرجال وحدهم، أما الفن التشكيلي عموماً، بعكس الكاريكاتور، فتغزوه اليوم نون النسوة، حتى فاق الإناث عدد الرجال بكثير. قد تكون قسوة المهنة ومطاردة الرسامين من قبل السلطات وسجن العديد منهم سبباً في استبعاد الجنس اللطيف عن المهمة، وقد تكون هناك أسباب أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
    الهوية المصرية هي الغالبة المعرض، وهذا ليس مستغرباً، فكبار رسامي الكاريكاتور العرب وكبار مؤسسي هذا الفن منها، ومن الطبيعي أن نجد أكثر من ثلثي المشاركين من مصر، وأن يطغى بالتالي النفس المصري والعبارات المصرية وأجواء النكتة التي تتعادل مع أجواء السخرية السوداء أحياناً، لا سيما لدى حجازي وبهجت عثمان، الذي ابتكر تسميات رافقت أعماله من «بهجاتيا العظمى»، «الرئيس بهجاتوس» الذي يعلقه على حبل الغسيل.
    إذا كانت الصحافة مهنة المتاعب، فكواهل رسامي الكاريكاتور حملت الكثير من هذه المتاعب، ومع ذلك بقيت مهمتهم في دك حصون السلطات الظالمة، وفضح ممارسات المسؤولين العرب من صلب مهامهم، وهذا جانب أساسي يظهر في أعمال المعرض، وبرز تعليق العديد منهم ليس فقط على الجوع والفقر اللذين تعانيهما المجتمعات العربية، بل أيضاً بدا محور خنق الحريات والصحافة والتعبير عن الرأي، وبدا أن الفنانين العارضين ليسوا من أنصار السلطة، بل من أنصار التغيير، وبدا موضوع العراق حاضراً، وكذلك لبنان وفلسطين ومصر بشكل واسع.
    لعبة الحياة
    أجواء النكتة في أكثرها تدور حول لعبة الحياة بين الزوج والزوجة، بين آدم وحواء، وهنا قد تتكرر بعض العبارات، كما لدى حسن حاكم «عيب يا نفيسة»، التي تتحول إلى ما يشبه اللازمة. النكتة تلاحق الأزواج العجزة، مثلما تلاحق المرأة السمينة ودروب الخيانة الزوجية...
    إذا كانت النكتة مزدهرة في الكاريكاتور المصري فهي قليلة في سواه، بل تنعدم في لوحات الفنانين الآخرين التي تبدو أكثر التحاقاً بالسياسة، الحاكم والمحكوم، الدول الكبرى والدول الملحــقة، الدول القوية والدول الضعيفة، العرب الذين يصورون من يغرق منهم، أما الهمـــوم الاجتــماعية فحبل طويل.
    موضوع آخر يعالجه الفنانون العرب بجرأة أيضاً هو سلوك رجال الدين، وقد بدا أن العديد من الفنانين المشاركين تناولوا التعصب الديني بشفرات رسومهم، في وقت بات الاقتراب من رجال الدين خطيئة لا تغتفر. ولا بد من أن تحضر هنا الفتاوى المضحكة أو رجل الدين الذي لا ينظر إلى سيقان امرأة بل يترك ظله يلاحقها كما في رسم للسوري علي فرزات.
    الاختلاف في هوية الفنان هو اختلاف في المادة التي يقدمها، بل هو اختلاف بالمفردات البصرية، هوية الفنان تبرز أحياناً من دون أن نقرأ اسمه، إذ إن الشخصيات التي يقدمها في الغالب هي شخصيات مرمزة، فالمواطن المصري في الرسوم التي أمامنا غير الخليجي غير اللبناني غير الجزائري... هذا الاختلاف يمتد من الموضوعات إلى الشخصيات ليصل أيضاً إلى الأساليب الفنية التي هي بدورها تختلف، بشكل طبيعي بين فنان وآخر.
    أساليب الكاريكاتور تتنوع بين الرسم السريع المستعجل الذي يهمل التفاصيل وأناقة الخطوط، ليصل بسرعة إلى الهدف باختصار شديد، وهذا يبدو في غالبه ديناميكي وانفعالي ويضج بالحركة، وهو، من حيث هدفه تحريضي، بعضه متقشف مثل ما نرى في أعمال حسن حاكم، وبعضه الآخر سريع وانفعالي كما في أعمال السوداني كاروري (أحمد هارون). وبين الرسم المتأنق الهادئ الشمغول بروية وتأنٍّ وتأنق، تدخل فيه الزخرفات والهندسيات والتزويقات، وهذا نجده عند حجازي واللباد، في حين يذهب زميلنا سعد حاجو إلى أسلوب يدخل فيه الغموض الشاعري الذي يجعل من المشاهد مشاركاً فاعلاً، وتذهب سحر برهان إلى الاستفادة من قوة الرسم عندها لتغيب السخرية من التفاصيل وتحضر في تكامل العمل.
    هي اختلافات لا بد منها في رسوم يكتفي بعضها بالأسود والأبيض، ويذهب بعضها الآخر إلى الملون. اختلافات بين طبائع الكاريكاتور التي تتوزع بين العمل لصحيفة يومية ـ أو لمجلة ثقافية، أو لكتاب، أو حتى لعرضه على شاشة، وربما غاب عن المعرض الكاريكاتور المتحرك.
Working...
X