إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

توفيق المديني مفكر وباحث - لا يجوز أن تتحول قضية القدس إلى كسور عشرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • توفيق المديني مفكر وباحث - لا يجوز أن تتحول قضية القدس إلى كسور عشرية

    المفكر التونسي توفيق المديني
    لا يجوز أن تتحول قضية القدس إلى كسور عشرية
    ‏تشرين- حوار : عزيزة السبيني

    مفكر وباحث في الفكر القومي العربي، له العديد من الدراسات والمؤلفات التي تبحث في أصول المجتمع المدني، وفاعليته في بناء دولة المؤسسات، كما له دراسات بحثية في القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي الإسرائيلي، ويؤكد في كل ما يكتب على ضرورة العودة للمشروع القومي العربي باعتباره الخيار الإستراتيجي لنهوض الأمة العربية، وسبيلها الوحيد لاستعادة وجودها الحضاري والتاريخي.
    حول هذه الإشكالية وغيرها، التقيناه، فكان الحوار التالي: ‏

    في الوقت الذي نحتفل فيه بالقدس عاصمة للثقافة العربية نرى الاحتلال الإسرائيلي يسير بخطى واثقة في مسألة تهويد القدس، في محاولة منه للقضاء على معالمها الدينية و الثقافية. ماهو الدور العملي الذي يجب أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في العالم الإسلامي لحماية القدس؟ ‏

    على الرغم من كل المشاريع التسووية التي طرحت بشأن قضية القدس، فإن الحلول الصهيونية العدوانية التي طرحت بشأن إيجاد حل لقضية القدس، مرفوضة فلسطينياً و عربياً وإسلامياً ، لأنه لا يجوز أن تتحول قضية القدس، المدينة المقدسة ، إلى كسور عشرية ، أو إلى عاصمة فلسطينية منقوصة السيادة ومقطعة الأوصال. ففي ظلّ إصرار إسرائيل على المضي في مخططاتها الاستيطانية المتصاعدة في الضفة الغربية، ولاسيما في مدينة القدس الشرقية المحتلة.، يصبح من العبث الاستمرار في جولات «عبثية» من المفاوضات مع الكيان الصهيوني، للبحث في موضوع قضية القدس. ‏
    من المنظور التاريخي و السياسي،قضية القدس جزء لا يتجزأ من القضية الأم ، ألا وهي القضية الفلسطينية. فلا حل لقضية القدس، مادامت فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر خاضعة للاحتلال الاستيطاني الصهيوني . ‏

    إسرائيل ترى السلام من منظور القوة وليس وفقاً للحقوق المتبادلة ‏

    أشرت في كتابك (القضية الفلسطينية أمام خطر التصفية) أن ما تمَّ إبرامه من اتفاقيات ومعاهدات مع الكيان الصهيوني، ما هو إلا محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. كيف يمكن أن تكون شكل المفاوضات في المرحلة القادمة؟ ‏

    لقد أعلنت إسرائيل سلفاً أنها لن توافق على وضع وثيقة محددة ترسم أطر المفاوضات التفصيلية حول ما يسمى بـ «الحل النهائي» ، بل ذهبت إلى تأكيد ثوابتها العدوانية المتمثلة في تمسكها بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل . وإن مطالبة الطرف الفلسطيني إسرائيل بالانسحاب إلى حدود 1967، وعودة اللاجئين إلى فلسطين، واعتبار القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية ،مرفوضة من جانب إسرائيل اليوم. وسبق أن حصلت إسرائيل على موافقة أميركية صامتة على ضم الكتلة الاستيطانية الكبرى إلى داخل كيانها. ‏

    وباستقراء نظرية المفاوضات الإسرائيلية والخطاب السياسي الإسرائيلي في مراحله المتعددة، يمكن القول إن إسرائيل مازالت ترى السلام من منظور القوة وليس وفقاً للحقوق المتبادلة، والنقطة الثانية ربط هذه الرؤية بموازين القوة التي تسعى دائماً إلى تكريسها، ولذلك تحاول دائماً، إجهاض أي محاولة إقليمية لتغيير هذه الموازين واللجوء إلى القوة لضربها؟ والنقطة الأخرى أنها تربط رؤيتها للسلام برؤية الدولة المتحكمة في القوة الدولية، وهنا العلاقة واضحة مع الولايات المتحدة الأميركية ، وهذا يعني التمسك بمعايير القوة وسياسات أو سلام الإمبراطوريات، والسلام الإسرائيلي عنصر من عناصر السلام الإمبراطوري الأمريكي. ‏ تحرير فلسطين ليس شأناً فلسطينياً.. إنه شأن عربي ‏ في هذا إشارة واضحة إلى أن القضية الفلسطينية ليست صراعاً مع الكيان الصهيوني بقدر ما هي صراع مع المخططات الإمبريالية الغربية في المنطقة. ما هي الجدوى إذاً من تبني البعض لعملية السلام و الحوار مع الغرب؟ ‏
    ن قضية فلسطين قضية قومية عربية ،لا قومية سورية أو فلسطينية. وهذا يعني أن احتلال فلسطين، ليس اعتداء على فلسطين حدود سايكس ـ بيكو،ولاعلى سكان فلسطين الذين صورتهم خريطة الاحتلال البريطاني. إنه اعتداء على الوطن العربي كله، إذا اعتبرنا الوطن العربي واحداً، والأمة العربية واحدة،رغم حدود ساكيس ـ بيكو وكل حدود الاحتلال الاستعماري. ‏ والمشروع الصهيوني لم يقم من أجل فلسطين، بل قام فيها ليحقق أهدافه العربية، ومنها تثبيت التقسيم الإمبريالي، وحفظ المصالح الإمبريالية،ومنع تحقيق الوحدة القومية والتحرر السياسي والاجتماعي. وبالتالي،فإن تحرير فلسطين ليس شأناً فلسطينياً،إنه شأن عربي. إلا إذا اعتبرنا خريطة سايكس ـ بيكو حدود وطن. ‏ ولما كانت فلسطين لا تحرر فلسطينياً، فإن تغليب القطري، يعني فقط البحث عن تسوية. وإذا ما طرح الفلسطيني في مواجهة الصهيوني، أثارت القضية الشفقة العالمية، لأن الصهيوني المشرد، يشرد الفلسطيني المسكين. وما دام الفلسطيني لا يستطيع هزيمة الصهيوني هزيمة ساحقة وحده، لأن المشروع الصهيوني جزء من المشروع الإمبريالي، ولأن المعركة هي معركة هزيمة الإمبريالية الأميركية أساساً، والكيان الصهيوني باعتباره جزءًا من الهيمنة الإمبريالية، ولأن المستوطنين الصهيونيين في أرض فلسطين أكثر عدداً من عرب فلسطين الباقين في أرضهم، وبسبب التفوق الصهيوني العسكري إلخ.. فإن الحل، بالنسبة للعالم لا يعدو أن يكون «تسوية» في أحسن الأحوال، إذا أصبح النضال الفلسطيني جدياً إلى درجة، تسمح بفرض تسوية، وإذا ساعد الوضع العربي والدولي في ذلك. ولذلك فإن الحل الصحيح هو الحل القومي، والحل القومي يجب أن يغلب، لأنه الحل الوطني الوحيد. أما الحل القطري فهو التصفية، وهو ليس حلاً وطنياً. ‏
    تغليب العمل القطري ‏
    على العمل القومي ‏
    برأيك، لماذا تعثر العمل القومي العربي لتحرير فلسطين، خلال هذه السنوات الطويلة؟ ‏
    تعثر العمل القومي لتحرير فلسطين،لأن الأنظمة المرتبطة والتابعة للغرب ، كانت تنفذ المخطط الامبريالي، ولذلك عملت على أن يفشل الجهد القومي في تحقيق التحرير،كما حدث قبل عام 1948 وخلاله وبعده. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن بروز قطرية فلسطينية، تحاول أن تجعل الفلسطينية «هوية قومية»، وأن تتحدث عن حدود فلسطين باعتبارها حدود وطن، وسمات الفلسطينيين باعتبارهم أمة. ولذلك يطرح الفلسطيني مقابل العربي، وتطرح قضية فلسطين خارج قضايا العرب وفوقها، ويكرس الشعور بتفرد الفلسطينيين وعزلتهم، وترفع بعض القيادات صيحة «يا وحدنا»، وتعتبر بعض القيادات أن المشكلة الرئيسة للفلسطينيين هي مشكلة الوصاية العربية، هكذا ودون تفريق! ‏
    لقد بات شاغل هذه القطرية إنشاء كيان فلسطيني، مثل أي كيان عربي، ولما كانت الأرض محتلة، والشعب مشرداً، وكانت القوى الفلسطينية العاملة، من أجل فلسطين غير قادرة على التحرير، وغير مستعدة لانتظار الزحف العربي، أو العمل لقيامه، صارت محاولة إقامة الكيان عبر«التسوية السياسة» هي الهدف الوحيد. ‏
    علماً أن مسيرة التسوية بكاملها كانت ولا تزال وستظل مرحلة الفعل الإمبريالي الأميركي، في المنطقة العربية ضمنت بواسطتها الإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة الأميركية إحداث سلسلة من التغييرات الجوهرية، لمصلحة السيطرة الأميركية - الصهيونية وتحقيق إنجازات جديدة بعد أن دمرت البنية التحتية والمجتمع في العراق وقت احتلالها لهذا البلد العربي، لإحكام سيطرتها الكاملة على مقدرات الأمة العربية. ‏

    ثم إن الموقف الأميركي من » السلام « منذ مشروع إيزنهاور عام 1957، ومشروع روجرز عام 1970، ومشروع ريغان عام 1982، ومبادرة الرئيس بوش تتمثل في خوض معارك التدخل والسيطرة بأساليب مختلفة على كل الوطن العربي عبرالوجود العسكري المباشر،والقواعد والتسهيلات العسكرية،من خلال إعادة الكمبرادورية كاملة من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه،تحت اسم » الانفتاح « بمضمونه المعروف التخلي مشروع الاكتفاء الغذائي، والخضوع لرأس المال الاحتكاري العالمي، والغزو الثقافي، وهيمنة المصالح النفطية على الصعيد الإقليمي وتركيز السلطة في الأقطار العربية في أيدي الفئات والطبقات الكمبرادورية الجديدة، مرتبطة بنيوياً بسياسة الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها في المنطقة. ‏

    ومنطق السلام هذا يجعل من السياسة الأميركية في الوطن العربي حكماً وحيداً ومعتمداً في كل أزمات المنطقة العربية سواء تعلق الأمر بالحروب العربية – العربية، أم بالصراع العربي - الصهيوني ‏

    إن العرب معنيون بالتحولات الكبيرة التي يشملها عقد التسعينيات، الذي يشمل بدوره نظاماً دولياً مختلفاً، إذ غيرت الثورة العلمية التكنولوجية، وثورة التكتلات الاقتصادية العملاقة من معايير » النظام الدولي الجديد « لجهة الإذعان للقواعد الجديدة التي تضعها الولايات المتحدة الأميركية منفردة التصرف في هذا » النظام الدولي الجديد «، بعد أن أصبح من غير الممكن للعرب أن يستفيدوا من الصراع التنافسي بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي في النظام الدولي القديم، وبعد زوال الاتحاد السوفييتي، وتغير سياسة روسيا جذرياً إزاء الأزمات الإقليمية في الوطن العربي، وفي العالم الثالث، لمصلحة سياستها الجديدة القائمة على تقديم التنازلات للولايات المتحدة الأميركية والغرب، والاندماج الكامل في النظام الرأسمالي العالمي. غير إن دائرة التحولات العميقة في الوطن العربي اكتملت بعد توقيع اتفاق أوسلو، كخطوة مهمة نحو سعي أميركا وإسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية. ‏
    المقاومة هي الخيار ‏

    الاستراتيجي للأمة العربية ‏
    من خلال قراءتك لتاريخ الصراع العربي -الصهيوني في مراحله المختلفة. ما هي المفاهيم والنتائج التي انبثقت عن هذا الصراع من وجهة نظرك؟ ‏

    يمكن للمحلل في التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي،أن يتوصل إلى نتيجة مفادها أن سياسة التسوية المطروحة تحت مظلة الشرعية الدولية التي بدأت منذ تقسيم فلسطين ، لم تعط للشعب الفلسطيني سوى اتفاقيات أوسلو.لأن إسرائيل لا يمكن لها أن تقبل بوجود دولة فلسطينية بالمواصفات الوطنية الفلسطينية- أي دولة حقيقية، تملك مقومات الدولة ،والسيادة،والجيش، وتدافع عن حقوق شعبها-لأنها تخشى أن تتحول هذه الدولة في المستقبل إلى قاعدة لتحرير ما تبقى من فلسطين عندما تتغير موازين القوى الإقليمية و الدولية، و تنطلق الأمة العربية في نهضتها مجدداً. ‏
    ضمن الرؤية الصهيونية للسلام ولإنشاء الدولة الفلسطينية، ليس واردًا في التفكير الاستراتيجي الصهيوني، إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة فعلية في قطاع غزة والضفة الغربية، و عاصمتها القدس. فمثل هذه الدولة ستكون النقيض التاريخي للدولة اليهودية. ‏
    و الحال هذه، فإن حل قضية القدس مرتبط بحل القضية الفلسطينية ككل ، و هذا يقتضي من الشعب الفلسطيني بكل أطيافه ، ومن الأمة الإسلامية ، الإصرار على الخيار الاستراتيجي للمقاومة الفلسطينية و العربية و الإسلامية ، والإبقاء على الأمة حية تقاوم، و تطالب بحقها الطبيعي و القانوني و التاريخي و الديني في أرض فلسطين و في القدس . فهذا هو المحور الذي أبقى القضية الفلسطينية حية. أما خيار التسوية بشروط إسرائيل و الولايات المتحدة الأميركية، فهي الهزيمة بعينها للأمة، و التصفية للقضية. ‏

يعمل...
X