إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الباحث ( نايف عبد الله فارس النوايسة ) كاتب وأديب وقاص من الإردن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الباحث ( نايف عبد الله فارس النوايسة ) كاتب وأديب وقاص من الإردن

    نايف النوايسة

    ولد نايف عبد الله فارس النوايسة في المزار الجنوبي/ الكرك عام 1947، حصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة مؤتة عام 1994، عمل في ديوان الخدمة المدنية لمدة عشر سنوات خلال الفترة من 1967-1977، وفي وزارة الثقافة لمدة عشر سنوات من 1977-1987 وعمل محررا في مجلتي أفكار والفنون أعير خلالها إلى جامعة اليرموك حيث عمل محرراً لمجلة اليرموك، وإلى الاتحاد العربي للنقل العربي محرراً لمجلة الاتحاد، ثم أعير للمكتبة الوطنية، ويعمل منذ عام 1994 في جامعة مؤتة، ويعمل للدورة 2003/2205 عضواً في الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب ، وبيت الانباط، وعضو المنظمة الدولية للفن الشعبي.

    وعضو مؤسس في منتدى اربد الثقافي وملتقى الكرك الثقافي واتحاد الفلكلويين العرب/ القاهرة ورئيس منتدى جماعة درب الحضارات الثقافي.

    شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الثقافية في الاردن والوطن العرب.

    حوله: اطروحة ماجستير أعدها خلف الفقرا بعنوان نايف النوايسة اديبا 2004.


    مؤلفاته:


    1. أبو المكارم (قصص للأطفال) جمعية المزار الخيرية، الكرك، 1980.
    2. المسافات الظامئة (قصص قصيرة) دار الينابيع، عمان، 1993.
    3. خُرمان (قصص قصيرة) بدعم من وزارة الثقافة، عمان، 1994.
    4. الأولاد والغرباء (قص للفتيان) (د.ن) عمان، 1996.
    5. الطفل في الحياة الشعبية الأردنية (تراث شعبي) (د.ن) عمان، 1996.
    6. الرياحين (مسرحية) رابطة الكتاب الأردنيين، عمان، 2000.
    7. حكاية الكلب وردان (رواية للأطفال)، (د.ن) عمان 2000.
    8. معجم أسماء الأدوات واللوازم في التراث العربي (معجم) وزارة الثقافةن عمان، 2000.
    9. رحيل الطيار (قصص قصيرة) أمانة عمان الكبرى، عمان، 2001.
    10. السجل المصور للواجهات التراثية والمعمارية في الأردن (قسم الكرك) جامعة مؤتة ومؤسسة أعمار الكرك، الكرك، 1997.
    11. فلسطني في الشعر الأردني (دراسة نقدية) اللجنة الوطنية العليا للإعلان عمان عاصمة الثقافة العربية 2002.
    12. ذات المودع (قصص قصيرة) دار أزمنة، عمان، 2003.

    المقامة الدُودية

    نايف النوايسة


    حدثني ممرور بن مسرور أن النصات بن لقلاق له في التفرد باعُ وساق، غفا غفوة فإذا هو في بلاد غريبة، فراح يعاين الآفاق ويمسح الأسواق، لا يقر له قرار ولا ينتهي من محنته إلى قرار، ولو خُير لاختار الإمعان في الفرار، كان يكر عربته التي تضم فرائد قمامته، ويلبس أكثر من بنطال، وأكثر من قميص وسروال، وهو على هذا الحال بين تردد وإقدام وإحجِام وإبرام، انزاحت عن عينيه غِشاوة الانبهار وعن وجهه سماء المحتار، فبان له سويق صغير كُتب على أنفه المنير: هنا، زنقة بنت زقاق سليلة الباقيات العِتاق.

    دنا النصات من زنقة واقترب، ثم اقترب، وقدم إليها الأوراق، ثم قال: يا زنقة بنت زقاق، جئتك مهموماً مغموماً أكلتني الأحراق ولاكتني الأشداق، ألا قبلتيني بين بُرديك واحداً من الرعية بعد أن قشرت وجهي أظفار همجية، وسلطت علي صغار الناس واتهمتني بسوء الطوية.

    رفعت زنقة رأساً متعباً مهدوداً، وبانت دمعة جامدة في عينيها، وشحوباً عتيقاً على وجنتيها، وأنشدت:

    إن الخطوب قليبُها لا ينزَحُ
    فسهام ذي القُربى القريبة أجرحُ

    لا تُنكَرنٌ من الزمان غريب
    وإذا رمتكَ من الرجال قوارصٌ

    التفتت زنقة إلى النصات وقال: أدخل فلمثلكَ تُنثر البسمات وتُفتحُ القلوب المغلقات؛ آه، كم زنقة ردتك خائباً! كم زقاقاً تولاك سابا! كم دروباً كنت فيها جُندباً مذعوراً هاربا! تلوذُ بظلك من الطالبين، وتحذر من دولة الأقدام والعيون، وإذا ما شاء واحدٌ منالقوم وصفك وُسمت بوصمة الجنون.

    طأطأ النصات رأسه دهرا، وكر أحقاباً يعد شهور حياته شهراً فشهرا، وينظر في أعطافها ويطيل النظرا... يرى البترا، تناغيها عفرا.. وفي مؤتة يسترجع الذكرى...وعلى أعتابِ اليرموك يشهد الغجرا.... يقلب الكف على الكف وينتفض شعرا:

    أأنا أجلس بالمقلوب

    أم أني فقدت الذاكرة!

    تسمعه الزنقة وتبادر: لا واللهِ ما أنت كذلك، لكن هذا الزمان غريب والواقف فيه هالك.. هذا زمن الانبطاح، والنِعاج، زمن الأجنحة الزينة كالدجاج.. لا واللهِ ما أنت بين يدي أمراً نكرا، ولا ممن يستوقف ويخاطبُ نهرا... لك عندي المكان الأكرم، فتقدم...

    يتقدم النصات ويشد يدَ زنقة، وتصرح قائلة: اللهم إن البلاء عظيم، فأعنا عليه... يجعر النصات مشدوهاً: بلاء عظيم!! أي سر وراء هذا الصمت المهيب؟ يا زنقة وراء محجريك أمر مريب..

    تنطلق زنقة بنت زقاق: يا النصات بن لقلاق، يستوطن أحشائي الدود، يمتلك أيامي الدود... منذ زمانٍ وأنا أدعو الرب المعبود، في كل ركوع وسجود، في كل نأمة وهجود، أن يخلصني من هذا المصير المنكود... يا النصات أسمعتَ -وقد أتيتَ- أسمعتَ نُطقي؟ أنا وأنت مشروعٌ مستهدف بالحرق أو الشنق أو السحق.. ويبادر النصات مرعوبا: جئتك يا زنقة مغلوبا، لقد أدمنت الهروبا... جئتكِ وفرِحَ القلب بين يديك، وقلتُ سأنزع وجعي بين كفيك، وما ظننتُ أن الدود يأكل خديك، ويُكوم شعرك الجميل بين قدميك.. يا زنقة حدقتُ في الدود فرأيت عجبا، إنهم يملكون الزوايا والسطوحَ والهواءَ والأقلام والكتبا، ويحرقون أبناءَك أمام عينيك ويصنعون من جماجمهم لُعبا.. وبياني يا زنقة أقول فيه:

    صديقتي كل العيون ها هنا حزينة

    فالحزن قد غزا المدينة...

    هذي يدي يا زنقة، لنحرر المدينة.

    تصرخ زنقة بعد عهد من الكمون: أيها النصات أريدُ أن أكون.. فهذا الهوافُ أدمى العيون، حتى عدت لا أعرف من أنا وأنت من تكون؟ خذ يدي واحملني في عربتك بين قمامتك، وإني يا نصات:

    وأهونَ من مرأى صغيرٍ به كِبرُ

    وإني رأيتُ الضر أحسنَ منظراً

    تمايل النصات، واستحث في نفسه الثبات، وقال لزنقة: احمليني فوق خديك لآخذ من دمك جمرة، ومن قلبك سوطاً وسيفاً وقبلة حرة...

    طارت ازنقة من الفرح فأعطتِ النصاتَ الأرصفة، وكان وجهاً لوجه أمام دولة الدود، فانتضى سيفه وخلع الأبواب وبدا منه العجبُ العجاب.. وأعلن فوق مرقاة، هي للدود قبلة، أنا النصات بن لقلاق سليل أطيب الأعراق، آمركم جميعاً بمغادرة زنقة بنت زقاق وإلا....، فقام إليه رِجلٌ غير محدود من معاشر الدود وطوقوه، ودارت معركة عظيمة كان النصر فيها للنصات، ومات من الدود خَلق عظيم وفر مَن كُتبت له حياةِ، فقامت زنقة على هذا المشهد ونادت بين الزنقات، ها أنا قمت وبعد موات، أنا الزنقة بنت الزقاق، حررني النصات بن لقلاق، وأُعلنه أمامكم سيداً مُقدماً، وتكون عربتُه حمىً مُحرما، وقِمامتُه كنزاً مُعرما.

    وتخطابُ النصات: لقد قمتَ بما توانى عنه الآخرون، وأتيت ما قصر دونه الشاهدون... أنت الحبيب الأريب الذي لا يُرام ولا يضام....

    ألا هل رضيت؟ كانت الأحشاءُ مضمارَ عَبَث، والعينان عيني خَبَث، فأعدتَ يا النصات بسمةً ضائعة، وصنعت بسيفك قصيدةً رائعة، وتوجتَ جبيني بالحرية، وكنت مبتذلةً منسية... فأنت السيدُ الأوحد.. ألا هل رضيت؟

    يقول ممرور بن مسرور: صحا النصات بن لقلاق من غفوته، بما كان من عبث الأولاد بلحيته، وتفكيكهم لأعضاء عربته، ونثرهم لكنوز قمامته، فنادى المسكين بأعلى صوته: يا زنقة أين أنتِ؟ إني رضيتُ، فهل رضيتِ؟

    هتف الأولاد حوله وغنوا، فقال النصات في نفسه: جُنوا. وحملوه فوق الأعناق وطافوا به الأسواق، وهم يغنون:

    يا زينة بلدنا يا نصات

    يا شمس بلدنا يا نصات

    يا فجراً ساطعاً وهوية

    يا نبعاً يا رمزاً للحرية

يعمل...
X