إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الباحث (الدكتور موسى نزار موسى الأزرعي ) أديب وشاعر وروائي أردني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الباحث (الدكتور موسى نزار موسى الأزرعي ) أديب وشاعر وروائي أردني


    موسى الأزرعي

    ولد الدكتور موسى نزار موسى الأزرعي في الحصن عام 1946، حصل على دكتوراه الدولة في علم الاجتماع من جامعة تونس الأولى عام 1991، عمل في الصحافة، وفي إذاعة عمان، وفي وكالة الأنباء الأردنية، ووزارة الإعلام إلى أن تقاعد، حيث يعمل حالياً رئيساً لتحرير جريدة الحرية، وهو عضو نقابة الصحفيين الأردنيين، ورابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب العرب، منذ أهم الفعاليات التي شارك بها: مهرجان الخالدية للشعر النبطي عام 1998 وكان عنوان ورقته (مقاربة بين القصيدة النبطية والقصيدة الفصحى) وفي ملتقى أدب السيرة والمذكرات المنعقد بجامعة آل البيت عام 1998 وكان عنوان ورقته (البعد الوطني والتاريخي والاجتماعي في مذكرات عوده القسوس)، كما شارك في مؤتمر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) عام 1994 يبحث (العلاقة بين الثقافة والإعلام والاتصال) وفي مؤتمر المنظمة نفسها عام 1996 وكان عنوان بحثه (الجات في وسائل الإعلام).
    كتب 26 مسلسلاً إذاعياً، وبرنامج الوثائق الهاشمية، ومسلسلات تلفزيونية، ومسرحيات منها (ليلة قمرية في باب بيت نبطي) و (ننتقل من تحت الدلف لتحت المزراب).
    مؤلفاته:

    1. أيام الورد (شعر شعبي) دار البيرق، عمان، 1980.
    2. ندهة على الحارث (شعر نبطي) دار البيرق، عمان، 1985.
    3. ذيب الصالح، ج2، 2003.
    من روايته (ذيب الصالح) الجزء الأول
    د. موسى الأزرعي

    ظل مع الأموات، مر بخياله كل الأعزاء منهم، كل من ماتوا أمامه أو ماتوا بين يديه، واستبعدها بل طردها، وعندما أحس أنها تقتحمه، ترك الأموات جميعاً وهبط المنحدر "إلى أين" وتوقف "لن تجد ذيب الصالح ينتظرك على الحنت، والمدرسة قد أغلقت.. فماذا بقي لك في القرية.. ليس أمامك إلا الرحيل على غير هدى، أو الإجابة على رسالة المقدسي، ويجب أن يكون الجواب نعم، ولماذا النعم؟ لما لا يكون النعم مفاجأة للمقدسي في بيروت.. لا بد من ذلك... سيستقبلك المقدسي بحرارة، المقدسي مختلف كصاحب عمل عنه كعامل، وعندما يكون المقدسي مالكاً لمدرسة يختلف عن كونه مديراً لها، ولكن المقدسي هو المقدسي مديراً كان أو صاحب مدرسة.. ماذا بك يا ستيرا... هل جننت.. المقدسي لم يكتب لك حباً فيك... المقدسي يعرف من أنت... ويعرف قدرتك وكفاءتك الحقيقية كمعلم.. لم يكتب لك لسمار عينيك... بل خدمة لمصلحته.. صحيح أنت تعرفه ولكن نعمة الله يعرفه أكثر منك... مدرسة المقدسي ملوثة، من أين جاء بالمال حتى يفتح مدرسة في بيروت.. من مول المقدسي؟ نعمة الله على حق... ليس غير الإنجليز أو الأميركان أو الفرنسيين... متى كان المقدسي يحفل بك عندما كان مديراً في دي لاسال أو في مطرانية ذاللاتين بالحصن. لهث وتصبب عرقه وأصبحت قدماه عاجزتان عن حمله وتهاوى على سور المدرسة الحكومية ونظر إلى مدرسة الدير.
    قرع خطار جرس الصباح واصطف التلاميذ في ستة صفوف. كان المعلم المناوب لذلك الصباح. وقف أمام الصف السادس ومسحه بعينيه من أوله لآخره وانتقل إلى طابور الصف الأول الثانوي، وتنقل أمام الطوابير حتى وقف أمام طابور الصف الخامس الثانوي، ثم توسط في وقفته بين الصفين الثاني الثانوي والثالث الثانوي وقال وهو يهز عصاه بيده.
    - ليخرج كل واحد منديله ويبسط يديه.
    اخترق الصفين وهو ينظر إلى مناديل التلاميذ وأظافرهم، ونقر صلاحاً بالعصا على ظاهر يده.
    - منديلك قذر... اغسله أو غيره.
    وواصل سيره وحملق بظاهري يدي وديع ونقرهما بالعصا.
    - أظافرك طويلة.. قصها
    واصل سيره وزعق برشيد
    - أين منديلك
    اخفض رشيد يديه مرتجفاً
    - نسيته في جيب سروالي عندما استبدلته هذا الصباح.
    أمسك ستيرا بشحمة أذنه وفركها بين إبهامه وسبابته وتطاولت قامة رشيد متوجعاً وانكمشت وزعق.
    - صدقني إني نسيته
    لطمه ستيرا على خده لطمة خفيفة
    - تعلم أن تخرجه من جيب سروالك وتضعه في جيب السروال الآخر
    وواصل ستيرا تنقله بين الطوابير وواصل رشيد فرك شحمة أذنه مميلاً رأسه، وزعق ستيرا بولد
    - ألا تخجل من طولك وطول أظافرك القذرة؟
    كور وليد قبضتيه محاولاً إخفاء طول أظافره، ونقر ستيرا كتفه بالعصا عدة نقرات متسائلاً.
    - أم نسيت أنك في الصف الخامس الثانوي وستتقدم للمترك؟
    - سأقلمها يا أستاذ.. سأقلمها.
    ونقر ستيرا إحدى قبضتيه
    - وحتى لا تنسى.. افتح يديك
    تمنع وليد راجياً، قدم يداً وآخر أخرى
    - أرجوك يا أستاذ... فتش علياً غدا وستجدها مقلمة
    صفعة ستيرا على خده الأيسر ونقل العصا إلى يده اليمنى وصفعه بالأخرى على خده الأيمن، وهم أن يصفعه صفعة ثالثة فمد وليد يديه فاتحاً كفيهما، هوت العصا على الكفين وأكمل تفتيشه، ووضع وليد قبضتيه تحت إبطيه وواصل الرقص ثم سحبهما ونفخ فيهما وأعادهما إلى ما تحت إبطيه.
    أكمل التفتيش وواجه الطوابير الستة وهتف
    - استرح
    رفع التلاميذ أقدامهم اليمنى وضربوها بالأرض واضعين أيديهم خلف ظهورهم، صمت قليلاً وهتف
    - تهيأ
    رفع التلاميذ أقدامهم اليمنى ضربوا الأرض بها إلى جانب اليسرى وانحدرت أذرعهم مع قاماتهم، مسح الصفوف الستة بعينيه
    - والآن.. نشيد يا علم العرب.. واحد.. اثنان.. ثلاثة
    أشار بعصاه إلى أعلى وانطلق النشيد، كان صوته أعلى من أصوات الطلاب المضطربة النشزة، وكرر إشارته بعصاه، ارتفعت أصوات التلاميذ وغطت على صوته، ومع المقطع الثاني من النشيد أخذت عصاه توقع اللحن أفقياً بتردد متوازن مستقيم يميل إلى الهدوء في نهاية المقطع، ثم تنفر إلى أعلى ليصبح التردد عمودياً عندما يبلغ الصوت ذروته وهكذا يظل تردد عصاه حتى ينتهي النشيد بتردد أفقي مائلاً نحو الأسفل ويستقر إلى أن يتبدد صدى النشيد في جدران الملعب.
    مسح الطوابير الستة بعينيه مرة أخرى وأشار لطابور الصف الخامس الثانوي بعصاه أن يتحرك إلى غرفة الصف فلم يتحرك رأس الطابور وزعق بأعلى صوته
    - قلت سر
    ولم يسر أحدا واستدار بعض التلاميذ يميناً ويساراً وخلفاً وبدأوا يتمتمون ويشيرون بأيديهم، واهتزت قبضات الرؤوس وارتفع اللغط وانطلق نشيد "حماة الديار" من أفواه البعض مبعثراً متناثراً فزعق
    -كفى نشيداً
    أصبح النشيد أكثر انتظاماً، وتحولت الطوابير إلى حشد دائري، وانفتحت حناجر التلاميذ ورأى عروق أعناقهم تنتفخ وأيديهم تلوح فانحدر ذراعه القابض على العصا مع قامته وراح ينقر كاحله موقعاً اللحن وفتح فمه منشداً بصوت هادئ، وما لبثت أن تموجت عصاه أمامه وارتفع صوته. تكرر النشيد مرات ومرات وحل محله لغط وهتافات فردية واندفع ماجد من بين الحشد ووقف مواجهاً إلى جانب أستاذه، ارتبك ستيرا، ودار ول نفسه عندما صفق التلاميذ، وجلجل صوت ماجد
    - أيها الأخوة، رغم رفض شعبنا القاطع لسياسة الأحلاف، ما زال الإنجليز والأميركان يصرون على فرضها، وها هو تمبلر يحرث المنطقة غير مصغ لصوت شعبنا بعماله وفلحيه وطلبته، علينا أن نرفع الصوت، وعلى من يسمعون أن يسمعوا بوضوح ولتسقط الأحلاف، ولتسقط بريطانيا وليسقط حلف بغداد
    ورددت أصوات
    - تسقط تسقط تسقط
    ودوى هتاف نادر البطرس
    - لا استعمار ولا استبداد
    وردد الجميع الهتاف وهرول ستيرا إلى الداخل فاصطدم بالمقدسي وتابع ماجد خطابه
    - أيها الأخوة، لقد حدد شعبنا موقفه
    وصفعه المقدسي على مؤخرة رأسه صائحاً
    - اخرس يا كلب
    ولم يخرس ماجد، بل أخرست اللطمات واللكمات والركلات المقدسي وأدار مؤخرته هارباً وهتف ماجد
    - صوت الطلب صوت الشعب
    وردد الهتاف بحرارة، وبرزت لافتات من تحت إباط التلاميذ وفردت ورفعت وتواصل الهتاف بسقوط بريطانيا والاستعمار وأمريكا، واتجهت المظاهرة نحو البوابة الشمالية ووقف المقدسي إلى جانب ستيرا يراقبها ثم اندفع خلفها كمن يركض حافياً فوق رمال الصحراء محاولاً إيقافها
    - عودوا وتظاهروا داخل فناء المدرسة
    - عودوا وعبروا عن موقفكم دون تظاهر
    وتوقف عندما التفت العض إليه هازاً قبضته
    - أصدروا بياناً.. أرسلوا برقية.. توقفوا عن الدراسة
    واجتازت المظاهرة البوابة الشمالية وعلا ماجد الأكتاف هاتفاً هازاً قبضته في وجه المقدسي الذي استدار صارخاً في وجه ستيرا
    - هذه ثمار خروجك عن موضوع الدرس
    وقهقه ستيرا مسنداً عصاه إلى الجدار
    - أنا
    وضرب المقدسي صدره بقبضتيه
    - لا.. أنا.. أنا الذي حولت خرزة البئر إلى هايدبرك
    أفسح له ستيرا الطريق مبتعداً عن الباب ولحق بالمظاهرة التي توقفت في الطريق بانتظار مظاهرة مدرسة البنات.. ورأى ريا هابطة الدرجات وظهرها للطريق والطابات المتظاهرات بفساتينهن السوداء وأحزمتهن وياقاتهن البيضاء يزددن حولها مع كل درجة تهبطها. هبطت الدرجات وقبضتها تهتز وأصبح ظهرها مائلاً باتجاه مظاهرة مدرسة الذكور. وانظمت المعلمة الأخرى إليها بعد أن تمكنت من فتح دفة الباب مما سرع من اندفاع الطالبات نحو الطريق. واقتربت مظاهرتهن من مظاهرة الذكور. كانت الهتافات واضحة محددة.
    - يسقط حلف بغداد
    - يسقط نوري السعيد
    - يسقط غلوب الخائن
    - يسقط تمبلر
    والتقطت مظاهرة الذكور الهتافات. أصبحت هتافاتها واتصلت المظاهرتان، وانطلقت المظاهرة الواحدة يتقدمها الذكور. كانت الإناث أكثر انتظاماً تحولن إلى طابور رباعي وبعد أقل من خمسين متراً التحقت بهن مؤخرة جديدة ضمت فلاحين حقيقيين يلبسون السروايل والقنابيز والبقدليات والعباءات والبساطير الخالية من الأربطة. وقبل بلوغها المدرسة الأثوذكسية أندس بين الطالبات نساء فلاحات يرتدين الشروش ويلففن رؤوسهن بالأشمغة المرقطة بالأسود والأحمر أو بأي قطعة قماش تيسرت. كان بعضهن لا يستوعب الهتاف ولكنهن كن يفتحن أفواههن ويهتفن بأصوات متسقة مع إيقاع الهتاف إلى أن حفظنه.
    عند البوابة كان الأستاذ سليمان على رأس مظاهرة مدرسته الصغيرة تهتف للوحدة العربية.
    - شعب واحد لا شعبين... من مراكش للبحرين.
    وذابت مظاهرة مدرسته في مقدمة المظاهرة وما لبثت أن تقدم إلى رأس المظاهرة واستقر على الأكتاف يطلق ما في رأسه من هتافات قومية. مرت بكل مدارس القرية، الكاثوليك، الأدفنتست، إلا أن الإنجليزية مديرة المدرسة الإنجليكانية أغلقت البوابة الحديدية من الداخل. توقفت المسيرة تهتف أمامها لدقائق ولم تفتح وتسلق نادر البوابة وهبط إلى الفناء وفتحها وأخرج أطفالها الصغار ولم تظهر المديرة فتعالى الهتاف بسقوط بريطانيا العظمى وهتف مشعل بسقوط العجوز مديرة المدرسة وقهقه البعض وواصلت المظاهرة طريقها باتجاه مدرسة الحكومة.
    كان الأستاذ أنيس حاملاً العلم بعصاه الطويلة الغليظة ويهزه عالياً مع كل هتاف يطلقه كأنه يهز ريشه
    - عاش الأردن - عاش الشعب الأردني
يعمل...
X