Announcement

Collapse
No announcement yet.

القتل خطأً يا أبا الجود من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • القتل خطأً يا أبا الجود من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود )
    د. محمد عبدالله الأحمد
    القتل خطأً يا أبا الجود:

    في أحدى ليالي صوفيا الباردة وفي حصارات العمر المتعددة ارتكب كفاح خطيئته الثانية... . لقد قتل زوجته!
    دخل إلى المنزل يلتف بمعطف روسي سميك وهو يلهث لأنه سمع صوت (كريم) من الشارع يصيح ( بأبا... . بأبا) وركض داخلاً في مدخل البناية ثم السلالم ولم يعرف كيف قفز إلى الطابق الثالث برغم رجله المعطوبة، فتح الباب ليجد الأم وإلابن في مشهد فظيع... .
    كانت فيرا تحمل سكيناً تهدد فيه ولدها وتقول:
    - تريد أباك ها ؟ تريد العربي الأعرج ها ؟ أين هو أبوك ؟
    - بأبا... . . بأبا أريد بأبا برعب شديد
    - ( تضحك كمجنونة)
    دخل كفاح وأمسك بيدها وخلصها السكين ثم دفعها بعيداً عن كريم وأخذه بين ذراعيه يهدئه...
    - بأبا حبيبي... . اهدا حبيبي
    - مرة أخرى هذه اللغة الغريبة... . لغة الغجر... . اترك ابني (تصيح بشدة) ثم تهجم عليه وهو يدير ظهره لها...
    بصعوبة خرج كفاح مع كريم خارج المنزل وذهبا إلى منزل الجيران في الطابق السابع هناك كان يعيش رجل بلغاري مسن وحده شديد الطيبة هو العم ( ترايشيف) ... رن كفاح جرس الشقة ففتح له المهندس الشيوعي الذي قضى جل عمره في اليمن ويقسم قلبه بالتساوي بين عدن وصوفيا وموسكو

    - كفاح أهلا... . تفضل... مأبال كريم يبكي
    - سأحكي لك
    - تفضلا
    دخل كفاح إلى غرفة الجلوس ووضع كريماً على إلاريكة
    أحضر ( ترايشيف) دثاراً لكريم ثم جرى ليعطيه تفاحة وقطعة حلوى من صنعه مهدئاً اياه...
    جلس كفاح واضعاً رأسه بين يديه عدة دقائق
    - ( ترايشيف) لم أعد أحتمل
    - ( فيرا) أليس كذلك
    - احتملتها عدة سنوات من أجل الطفل وعندما فهمت أنه نقطة ضعفي بدأت تستخدمه لقهري... . انها تضربه بعنف كل يوم هذه المجنونة
    - أفهمك يا عزيزي انها ترث أمها... أمها كانت كذلك
    - ماذا سأفعل لا أعلم
    - اليوم اترك كريماً ينام عندي
    - المشكلة صارت معضلة
    - هو ن عليك
    دام الحوار نصف ساعة انتهت بأنتظام تنفس الطفل الذي دخل في حالة نوم مابعد البكاء الشديد وشعوره أنه أخيراً بسلام... .
    ترك كفاح ولده عند ( ترايشيف) ونزل إلى شقته ليجد ( فيرا) تشرب وهي في حالة هيجان شديد... .
    - عدت إلى الكحول ؟ سألها
    - هل تريد تحريم الكحول في بلغاريا يا تسيغان! ( تسيغان شتيمة عنصرية بلغارية اصطلاحاً ولكنها لغة تعني الغجري)
    - أجلسي لنتكلم
    - نتكلم!! ...
    وهجمت تحمل زجاجة فارغة بااتجاه زوجها الذي ابتعد عنها ثم امسك بها وبدأ يصفعها صائحاً
    - استيقظي... استيقظي دمرت نفسك والعائلة
    - دعني يا حقير
    وهجمت باااتجاهه ممزقة كنزته الصوفية بعنف وهو مذهو ل لا يدري من أين تأتي بكل هذه العصبية والعنف... تركها قليلاً ثم دفعها إلى الوراء فسقطت على طرف الطاولة واصطدم رأسها بعنف ثم فقدت وعيها... . نظر كفاح إليها مذهو لاً من هو ل ما يجري ثم اقترب منها محاولاً ايقاظها
    - فيرا... . فيرا!
    باءت كل محاولاته لايقاظها بالفشل فاتصل بالاسعاف...
    بعد فترة شعر بأنها دهر طويل وصلت سيارة الاسعاف ودخل الطاقم الطبي ليعلن موت المرأة بعد أن فحصها الطبيب.
    صعد كفاح مذهو لاً مرعوباً بسرعة إلى ( ترايشيف) شرح له المأساة بكلمتين أوصاه خيراً بكريم، أعطاه كل المال الذي لديه وبعض أرقام الهو اتف والعناوين وهو يرتجف أعطاه ( ترايشيف) عقاراً مهدئاً ودس في جيبه علبة ( الليكسوتان) كلها متمنياً له التوفيق وضمه بحنان إلاب ثم ذهب كفاح بنفسه إلى قسم الشرطة.
    في قسم الشرطة واجه مرة أخرى بعض العنصرية واستمر التحقيق معه عدة ساعات ثم ألقي به في السجن.
    لم يكن السجن جديداً على كفاح لكن الجديد المؤلم المأساوي كان يضج كل يوم في رأسه عندما يتذكر المشاجرة العنيفة مع ( فيرا) وهو الذي تعود على شجاراتها ولم يظن أن أحد تلك الشجارات سيوصله إلى ارتكاب القتل الخطأ بهذه الطريقة.
    بعد يومين دخل إليه شرطي وساقه إلى المحقق مرة أخرى...
    دخل إلى غرفة صغيرة دافئة فاكتشف طعم الدفء الذي يحتاج إليه في زنزأنته المنفردة وكان القيد الحديدي يؤلم معصميه...
    - أجلس ( قال له المحقق)
    - شكراً
    - هل كنت تكره زوجتك ؟
    - لا أبداً
    - سيد كفاح أمها تقول أنك تكرهها وأنك خططت لقتلها
    - مستحيل
    - لماذا؟
    - لقد سقطت على طرف الطاولة الحاد أثناء الشجار، لقد كانت تضربني وتمزق ثيأبي فدفعتها قليلاً فسقطت
    - لا دليل على ما تقول
    - دليل! أي دليل تحتاج ؟ هل يسلم نفسه القاتل المتعمد والمخطط ؟!
    هل يقتل بهذه الطريقة ؟ أنا طلبت الاسعاف بنفسي!
    - طيب سنرى
    - ماذا نرى أريد أن أخرج بكفالة وأحول للمحاكمة
    - لا نستطيع اخراجك
    - لماذا الطفل كريم بحاجتي
    - ( مد المحقق لكفاح جريدة مطوية قائلاً) اقرأ الجريدة!
    تصفح كفاح جريدة ( ترود) التي كتبت في المانشيت العريض
    عربي يقتل زوجته البلغارية
    البلغاريات المتزوجات من أجانب في خطر
    مشاركة العربي سريره إلى أين تؤدي ؟
    واستغرق كفاح في قراءة مقال عنصري فظيع كتبه صحفي ذوميول معادية للعرب ذاكراً ومستشهداً بحكاية كفاح محمد مع فيرا
    عندما انتهى من القراءة رمى الجريدة وقال:
    - افتراء وكذب ، طمئنوني عن ولدي قبل كل شيء
    - ابنك بخير وهو عند جدته. قضيتك صارت قضية رأي عام
    - ... . ... ( صمت) من مقالة واحدة صارت قضية رأي عام؟
    - بل التليفزيون تحدث والراديووعدد من الصحف
    - بالطريقة نفسها تحدثوا ؟
    - نعم
    - آخ... . العنصريون مرة أخرى وللأسف صحافة عنصرية
    - أنت تتهم البلغار بالعنصرية إذا؟!
    - ليس الكل... انظر أنا إنسان متعب ومحطم ولا طاقة عندي لشرح ما أريد، أنا أحب بلغاريا، لكن بلغاريا إلان تعأني من فقدان التوازن بعد سقوط الشيوعية ولا تعرف طريقها... .
    - هل تحاضر علي!
    - لا... لا أفعل أريد إلانصاف... هل ولدي بخير
    - طبعاَ ( بتهكم) بعد أن قتلت أمه!
    - كان حادثاً غير مقصود
    - مرة أخرى
    - ألف مرة
    - طيب، أنا أحولك للمحاكمة وستعود للسجن
    - أريد محامياً
    - طبعاً سيكون لك محام
    - خذوه إلى الزنزانة
    عاد كفاح إلى زنزأنته وارتمى على السرير الحديدي.
    بعد عدة أيام زاره محاميه وتحاورا حول المحاكمة وظروفها واتفقا على أن أصعب مواجهة ستكون ذات طابع غير حقوقي وهي تتعلق بجنسية المتهم واثارة الصحافة لفكرة أن عربياً قتل زوجته البلغارية والضغط على القضاء بهذه الطريقة للاقتصاص عنصرياً منه.
    طلب كفاح من محاميه أولاً أن يطمئنه عن ولده دائماً عندما يزوره ثم طلب أن يدحض هذه الفكرة بشدة وأن يتحدث عن حبه لبلغاريا البلد الذي عاش فيه ردحاً من الزمن وكتب بلغته وله فيه أصدقاء واتفقا على استقدام بعضهم للشهادة من أجل القاء الضوء على شخصية المتهم الحقيقية وربما احضار بعض طلبة الجامعة الذين درسوا على يده لكي يشهدوا أيضاً.
    كان المحامي يقول لكفاح لدينا أدلة كافية لاثبات القتل الخطأ فهناك تقرير الطبيب الشرعي واثبات المشاجرة الزوجية وهنا تدخل كفاح قائلاً:
    - هناك ما كنت أخفيه وسأقوله إلان
    - ما هو
    - لقد أدخلت ( فيرا) إلى مصح نفسي لعلاجها من الهستيريا ولم أكن أذيع ذلك من أجلها
    - قد لا يفيد هذا الموضوع
    - وقد نثبت أنها تدخل دورياً في هستيريا
    - ربما سأفكر في المسألة، هل لديك عنوان الطبيبب النفسي
    - طبعاً، هي الطبيبة إلارمنية ( هاتشاكيان) انها معروفة
    - نعم معروفة ومشهو رة... سأزورها في الأكاديمية الطبية
    - أرجوأن تقبل بأن تشهد
    - طيب سأودعك إلان
    - مع السلامة
    - قبل كل شيء لقد صنعت شيئاً لكريم خذه معك وناوله سبحة زرقاء صنعها بيده في السجن
    - هيهات أن أستطيع زيارته، أنت لا تعلم لقد اتصلت مرة بالهاتف لأسأل عنه فتلقيت شتائم فظيعة
    - طبعاً فهم هكذا أنا أعرف كيف يتصرفون، هذه الأم مصيبة بكل معنى الكلمة وأنا اخشى على كريم منها
    ذهب المحامي تاركاً كفاحاً وحده ليعيده الحارس إلى زنزأنته، بعد عدة أيام زاره العم ( ترايشيف) وأحضر له طعاماً وكنزة سميكة وتبغاً وأشياء أخرى
    ( العم أسين ترايشيف كان يثبت أن في الأمة البلغارية من بقي متوازناً برغم كل شيء)
    - سأشهد في المحكمة ( قال ترايشيف)
    - لا أريد اجهادك
    - بل سأفعل
    - شكراً من قلبي
    - الله والعذراء معك يا بني
    - شكراً
Working...
X