إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في الأغنية الوطنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في الأغنية الوطنية

    ترتبط الأغنية الوطنية بشكل عام بذاكرة الإنسان أكثر من أي نموذج ثقافي أو فني آخر اذ تصبح مرجعاً له في لحظات الحنين إلى الوطن عند الغربة أو الحرص عليه في أوقات الشدة والأزمات وقد تصبح تلك الأغنية بمثابة الدافع والمحرض زمن الحرب لفداء الوطن بكل ما يمتلك الإنسان من قدرة وكأن هذه الأغنية هي ملخص بسيط للوطن الصغير الذي يسكن داخل الإنسان ويعبر عن الوطن الأكبر الذي يضمنا جميعاً.
    وتتميز الأغنية الوطنية بسرعة الاستحضار والتواجد في الأذهان وخاصة أنها غالباً ما تنطلق من تفاصيل الوطن كأماكنه المشهورة وأعلامه عبر التاريخ فما إن نرى قاسيون حتى نتذكر دلال الشمالي وهي تغني من قاسيون أطل يا وطني وبمجرد المرور ببردى نردد أغنية فيروز مر بي يا واعداً وعدا.
    ومع تطور الزمن أصبح للأغنية الوطنية حيز أكبر على اعتبار أنها أصبحت محط اهتمام غالبية الفنانين للتعبير عن آرائهم ولتقديم أدوارهم في حالات الأزمات والحروب حتى أن هناك مجموعة من الأغاني باتت جزءاً من المرحلة أو الأزمة أو الحرب فأغنية أحبائي لجوليا بطرس ارتبطت بعدوان تموز 2006 في لبنان بل أصبحت صورة الفنانة وهي تربط عصبة على رأسها وتغني بحماس هي الصورة الأكثر حضوراً وثباتاً في الذاكرة.
    وفي دراسة بسيطة للأغنية الوطنية العربية عبر التاريخ نجد أن هناك حالات معينة أثرت على الأغنية الوطنية حسب المرحلة التاريخية فقد غلب على هذه الأغنية الصفة القومية ولم الشمل والاتجاه الوحدوي في مرحلة انتشار الفكر القومي والتيارات العروبية خاصة في فترة الوحدة بين سورية ومصر وما بعدها فنتذكر الوطن الأكبر لعدد من الفنانين العرب والتي لحنها محمد عبد الوهاب ومع تطور التاريخ بدأت الأغنية تأخذ منحى ثورياً أكثر خاصة بعد حرب تشرين 1973 ومن ثم تجربة المقاومة الفلسطينية والانتفاضات المتلاحقة وتجربة المقاومة الوطنية في لبنان اذ بدأت تولد أغاني مخصصة للحروب والأزمات وربما كانت المرحلة التي تمر بها سورية حالياً دليلاً على حضور الأغنية الوطنية كجزء من الدفاع عن السيادة والإنسان وتفعيل الحس الوطني.
    ترى الفنانة ميادة حناوي أن الأغنية الوطنية التي تحاكي الوطن والوجدان والتي تنبع من القلب هي الابقى وهي فخر للفنان الذي يتغنى بوطنه وشرفه وعرضه ويتغزل به فالغناء للوطن هو غناء للأم الحاضن لكل أبناء الشعب لافتةً إلا أنه من الواجب ألا يقتصر ظهور الأغنية الوطنية على المناسبات فقط ولكن يجب ان تكون متواجدة دائماً على الإذاعات والتلفزيونات ليحفظها الناس وتصبح جزءاً من حياتهم اليومية.
    وقالت صاحبة شام العرب .. إن الفنان الملتزم والأصيل يجب أن تحضر محبته وولاؤه لوطنه في أي وقت لان صوته في النهاية هو ملك لوطنه ولجمهوره وخاصة أن هذا الصوت يلعب دوراً في تفعيل الحس الجمالي والوطني عند الإنسان وزيادة اللحمة والمحبة والتعبير عن محبة الإنسان لوطنه وارتباطه به.
    بدورها أشارت الفنانة نانسي زعبلاوي إلى فكرة زرع الحماس الوطني لدى الجمهور من خلال الأغنية لما لها من اثر كبير ولا سيما في فترة الأزمات والأحداث نافية هدف الشهرة لدى الفنان من خلال أغنيته الوطنية فهي منتج وطني وضرورة وطنية يحتمها الواجب والحس الوطني الصادق.
    وأضافت صاحبة الله حاميكي يا شام .. إن الفنان ليس مجبراً أن يقدم الأغنية الوطنية من أجل أن يعبر عن حبه وانتمائه لوطنه وإنما كل شخص يستطيع أن يعبر عن هذا الحب بالطريقة التي يراها مناسبة وملائمة له وأنا شخصيا دفعتني الأحداث التي تمر بها سورية ليكون لي دور تجاه وطني وشعبي العاطفي والطيب والمحب.
    وميز الفنان محسن غازي نائب نقيب الفنانين بين عدة أنواع للأغنية الوطنية قائلاً .. هناك أغنية المقاومة وهناك أغنية التغني بالوطن وكبريائه وهناك نموذج آخر غير موجود في سورية وهو الأغنية التوجيهية لافتاً إلى أن أهم ما في موضوع الأغنية الوطنية هو تركيز الإعلام عليها وتقديمها بشكل دائم وانتقاؤها بعناية مع العلم أنه ليس هناك فنان إلا ولديه أغان وطنية لا يتم عرضها وتبقى حبيسة الرفوف.
    وتظهر نماذج مختلفة في الأغنية الوطنية وإنما في سياقات مختلفة عما نراه عادة على شاشات التلفزة ومن هذه النماذج الأوبريت فيقول الموسيقي طاهر مامللي قمنا بتأليف أوبريت وطني قدم على التلفزيون السوري وما زال يعرض حتى الآن بعنوان أحبها .. لأنها بلدي وهو نتاج مشترك بين مجموعة من الفنانين وهذا الأوبريت يؤكد أن مفهوم الأغنية الوطنية لا يقتصر على بث المشاعر الحماسية وإنما هو مزيج من الألوان ضمن العمل الواحد الذي يحمل أبعادا أخرى عديدة هي البعد الإنساني والبعد العاطفي والبعد الحماسي.
    ولفت مامللي إلى أن بعض الأشخاص اشتغلوا على الأغنية الوطنية معتمدين على الدبكة الشعبية وقد نجحوا في الترويج لهذا اللون على أكمل وجه فالأغنية الشعبية لها خصوصيتها ومريدوها ولكن بالمقابل لا تنحصر الأغنية الوطنية ضمن لون واحد حيث يستطيع الإنسان أن يعبر بصدق وإخلاص عن مشاعره الوطنية بأي أسلوب يقدر من خلاله على إيصال هذه المشاعر سواء اللحن الشعبي البسيط أو العمل الأوركسترالي.
    ويتطرق ميساك باغبودريان قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية إلى دور الموسيقا الوظيفي والعضوي على الصعيد السياسي فيقول .. الإنسان اكتشف منذ الأزل أن الموسيقا لها دور في أي حدث أو مرحلة من المراحل التي يمر بها مجتمعه وحتى أثناء الحروب وكانت هناك دائما موسيقا تقود الإحساس الوطني واستمر هذا الأمر حتى اليوم فأصبح هناك أغنية وطنية حزينة وفرحة وحماسية تواكب كل لحظة من تاريخ الوطن.
    وعن سر انتشار الأغنية الوطنية يشير باغبودريان الى ان الأغنية الوطنية هي كلمات يرافقها لحن يحقق انتشاراً سريعاً بين الناس وتحفظ في اللاوعي بسبب تكرارها حيث أن التراث ينتقل غالبا بشكل شفهي والعمل الشفهي ينتقل من جيل إلى جيل وهكذا ترتكز الأغنية الوطنية كذاكرة جمعية لافتاً إلى أن فترة الحروب والأزمات تذكي الحس الجمعي لدى أبناء الوطن فيكونون بحاجة لما يجمعهم ويوحدهم وهنا يبرز دور الأغنية الوطنية.
    ويرى الموسيقي أنه بالنسبة للمستوى الفني للأغاني الوطنية الحالية فانه يختلف عن المدارس السابقة فالأغنية الحديثة لا تصل إلى مستوى الأغاني القديمة الناجحة مثل سورية يا حبيبتي,بلاد العرب أوطاني, موطني, في سبيل المجد والسبب في ضعف مستوى الأغنيات الوطنية في هذا العصر هو اختلاف شكلها حيث أنها تحاول أن تشبه الأغنيات الدارجة في القنوات الفضائية العربية لافتاً إلى مشكلة الاستسهال فيما يتعلق باللحن والكلمات والمستوى الفني بأكمله حيث باتت هذه الأغنية تفقد الزخم الضروري لنجاحها وتأثيرها وانتشارها بين الناس لتحفظ في الذاكرة.
    ومن اللافت اتجاه الكثير من الممثلين نحو الأغنية الوطنية ليقدموا أغاني من خيرة ما أنتج من خلال وعيهم لأهمية الأغنية الوطنية بشكل عام وفي مرحلة الأزمات بشكل خاص فترى الفنانة سوزان نجم الدين أنه لا يتم استخدام الأغنية الوطنية بشكل صحيح ومكثف فنحن اليوم بحاجة إلى تلك الأغاني التي تساهم في إزكاء الشعور الوطني لدى الكثيرين من اصحاب المواقف الرمادية الذين ينظرون للأحداث بعين الرقيب والمنتظر حتى يحددوا موقفهم بصورة نفعية في النهاية.
    وترى نجم الدين أن الأغنية الوطنية هي شكل من أشكال المقاومة وخاصة تلك الأغاني التي تركت أثرا كبيرا في نفوسنا ونحن صغار مثل سورية ياحبيبتي مشيرةً إلى أن الأغاني الوطنية ليست كثيرة بل هي قليلة جداً وخاصة في إعلامنا الرسمي وفي المرحلة الحساسة التي يمر بها وطننا.
    وقالت الفنانة .. من الخطأ أن تظهر هذه الأغنية في أوقات محددة فالنسبة لي قدمت أغنية وطنية هدية لبلدي الحبيب أثناء السلم وفي وقت لم تكن تمر به البلد بأي ضائقة وذلك إيماناً مني بأن الأغنية هي عرفان للوطن الذي احتضننا ورفع رأسنا شامخاً في كل مكان من العالم راجيةً من الإعلام الرسمي والخاص تكثيف بعض الأغاني الوطنية التي تعبر عن الوحدة الوطنية في زمن بات فيه الإعلام المغرض يؤثر في بعض النفوس الضعيفة.
    ورأى الفنان مصطفى الخاني أن الفنان بوصفه جزءا من المجتمع ولديه مشاعر للتعبير عنها يجب أن ينطلق من دوره المؤثر بالمساهمة بالتوعية الاجتماعية والانسانية والوطنية متحدثاً عن تجربته في أغنية لعيونك يا شام وقسم الوطن ورضاك يا مو حيث هدفت هذه التجربة للتوعية التي يجب على الفنان ان يسهم فيها مشيراً إلى أنه قدم في اغنياته الثلاث نوعاً من الأداء أكثر ما يكون غناءً بالاستفادة من دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
    وقال الخاني .. رغبت من خلال هذه الأغاني استثمار العلاقة الايجابية بين الفنان والجمهور بتوظيف إمكانياته في التوعية الاجتماعية والوطنية فعلى على كل فرد في المجتمع أن يقوم ليؤدي دوره تجاه الوطن من مكانه وبالتالي على الفنان ان يقدم للجمهور ما يعكس موقفه ومشاعره وتفاعله.
    {منقول}
يعمل...
X