إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تستعيد الحمامات الدمشقية طقوسها وخصوصاً في الأعراس وهيئات محلية ودولية لإنقاذها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تستعيد الحمامات الدمشقية طقوسها وخصوصاً في الأعراس وهيئات محلية ودولية لإنقاذها

    الحمامات الدمشقية تستعيد طقوسها وخصوصاً
    في الأعراس وهيئات محلية ودولية لإنقاذها



    دمشق - سانا
    لا يزال الدمشقيون يتمسكون بنفحات الماضي واسترجاع الصور المخزنة في ذاكرتهم عن دمشق القديمة وحاراتها والعادات التي عاشوها في الصغر أو سمعوا عنها من آبائهم وأجدادهم من خلال محاولتهم في بث النبض في جدران الحمامات القديمة التي كان يتسابق المعماريون القدماء في زخرفتها وإكسائها بحلّة جميلة حتى أصبحت إحدى المعالم التاريخية الهامة التي تميزت بها دمشق والتي حازت شهرة كبيرة ليس فقط بين أهل دمشق بل في العالم كله.
    وساهمت الدراما السورية الشامية منذ نهاية الستينيات في استحضار طقس الحمام الدمشقي الإجتماعي والثقافي والعمراني حين جعل منه دريد لحام ونهاد قلعي مسرح أحداث مسلسلهما الكوميدي حمام الهنا ومن ثم في تسعينيات القرن العشرين حمل أحد أشهر المسلسلات التي استعرضت تاريخ سورية اسم أحد حمامات دمشق الشهيرة "حمام القيشاني" أما المسلسل الشهير "باب الحارة" فقد اتخذ من الحمام موقعاً أساسياً من مواقع أحداثه الدرامية في أجزائه الخمسة.
    ومن أشهر وأجمل هذه الحمامات هناك حمام "نور الدين الشهيد" في سوق البزورية أشهر أسواق دمشق القديمة و "حمام الملك الظاهر" الواقع بجانب المكتبة الظاهرية وحمام الورد الواقع في وسط سوق ساروجة خارج سور المدينة القديمة وحمام الخانجي قرب سوق الهال القديمة وحمام العفيف وحمام السروجي في حي الشاغور وحمام الشيخ حسن في منطقة السويقة وحمام عز الدين في منطقة باب سريجة التاريخية وحمام القرماني قرب ساحة المرجة الشهيرة وحمام أمونة في حي العمارة .

    ومن حمامات منطقة باب توما الشهيرة هناك حمام البكري والشيخ رسلان في حارة الجورة وعمره يتجاوز 800 عام ويتميز بالمحافظة على تراث الاستحمام مع إدخال خدمة الساونا والبخار إليه ليتلاءم مع العصر وتبلغ مساحته نحو 700 متر مربع.
    وفي محاولة لإنقاذ ذلك الأرث الحضاري أطلقت بعض الهيئات المحلية بالتعاون مع هيئات دولية ظاهرة "حمامات" أكثر من صفارة إنذار للحفاظ على هذا التراث بعد أن تبدلت أزمنته حتى في لغة الأمثال التي قالت يوماً.. "الخروج من الحمام ليس كالدخول إليه" للدلالة على تبدل الحال والمزاج والشعور لكن يبدو اليوم أن دخول بعض حمامات دمشق أصبح كالخروج منها بعد أن فقدت طقسها وتبخرت حرارتها وغادرتها التقاليد القديمة بعد ان حلت الحداثة والمعدات الحديثة مكان القديمة وحرص بعض أصحاب هذه الحمامات على إدخال الساونا والمساج مكان المكييس والتلييف.
    يقول خالد إن الحمامات الدمشقية إرث حضاري يغني المخزون الثقافي لسورية حيث يتبادر للذهن فور الحديث عن دمشق الجامع الأموي والحارات والياسمين وأشجار النارنج والحمامات القديمة.
    ويرى خالد أن الذهاب الى الحمام هو نوع من التسلية اللطيفة التي تبعد الانسان عن هموم الحياة وضغوطها إلا إنها تحتاج الى وقت طويل في زمن يسيطر العمل على الناس إضافة الى إن أصحاب الحمامات غيروا من معالمه وطقوسه.
    ومع أن المؤرخين يختلفون في تحديد العصر الذي تنتمي اليه الحمامات الدمشقية لكن الواقع أن الدمشقيين أبدعوا في بناء حماماتهم والإضافة إليها على مر عصور حتى جعلوا منها روائع للفن الإسلامي في طرز عمارتها وفخامة أبنيتها وغناها بالزخارف والنقوش.
    وتغنى الباحثون في كتبهم بفوائد الحمامات ليست فقط الصحية وإنما الاجتماعية عبر مساهمتها في زيادة الترابط الاجتماعي بين أبناء الحي الواحد فيقول في ذلك الباحث منير كيال في كتابه "الحمامات الدمشقية" الذي رصد فيه واقع حمامات دمشق في ثمانينيات القرن العشرين ان الدمشقيين تفننوا بالحمامات حتى جعلوها آية فنية.. رصعوا جدرانها بالقيشاني ورصفوا أرضها بالرخام وعقدوا على أطراف قبابها عقود الجص النافرة برسوماتها وتزييناتها كما أقاموا البحرات التي تتشامخ فيها نوافير المياه على أشكال بديعة أخاذة.
    واعتاد الناس في الماضي ارتياد هذه الحمامات ليمضوا وقتاً هنياً في الاغتسال وتناول الطعام والاستشفاء من بعض الأمراض ولإحياء فيها بعض مناسباتهم الاجتماعية.. وهذا ما يفسر المثل الدمشقي.. "نعيم الدنيا الحمام".
    وكان الذهاب إلى الحمام طقساً أسبوعياً يحاط بكثير من البهجة والمتعة التي كانت تعادل في وقت من الأوقات الخروج في نزهة أو سيران أو ارتياد مسرح أو دخول صالة سينما كما يعد حجر زاوية في كثير من الاحتفالات والطقوس الاجتماعية المبهجة وخاصة في الأعراس وأحيانا تذهب النساء للبحث عن عروس.
    وتحاول الأسر الدمشقية اليوم استعادة تلك النفحات بإحياء طقوس حمامات السوق في الأعراس حيث تذهب العروس وصديقاتها الى الحمام النساء والعريس وشباب العيلة والأصدقاء في محاولة لبث روح الماضي في الواقع وإضفاء شيء من البهجة على مراسم العرس.
    ويختلف طقس ارتياد الحمام بين الرجال والنساء فالرجال بإستثناء بعض المناسبات الخاصة كحمام العرس يرتادون الحمام بشكل عفوي يخلو من الإعداد المسبق.. إلا إذا تداعى مجموعة من الشباب أو الأصدقاء إلى الذهاب إلى حمام السوق بناء على اتفاق خاص عندها يتحول الحمام إلى نشاط جماعي لا يخلو من بعض أوجه الترفيه.. أما بالنسبة للنساء فالطقس الاجتماعي يبدو أكثر غنى وثراء.. فالحمام بالنسبة لهن كان يلعب دور المقهى بالنسبة للرجال وأكثر من ذلك شبهه بعضهم بالمنتدى الاجتماعي والترفيهي الذي يحتل مكانة رفيعة في مجموعة من المناسبات الاجتماعية النسائية.
    ويقول الباحث ماجد اللحام في كتابه دمشق في نصف قرن: كان يوم الحمام عند النسوة مناسبة سعيدة تبعث في النفس البهجة والسرور إذ يقضينه بين الاستحمام والموسيقا والغناء فربما يبدو الصوت في الحمام أكثر جمالا وهو لا يخلو من حدوث مشادات ومشاجرات بين بعض النسوة لأسباب مختلفة كما تصطحب النسوة معهن البقجة وهي صرة قماشية وفيها: المناشف والصابون والكيس والليفة وطاسة الحمام والثياب النظيفة ويحضرن معهن بعض الطعام مثل المجدرة والمخلل أو حراق بأصبعو أو عرائس زيت وزعتر مع فواكه الموسم.. أما الميسورات فيأتي طعامهن من السوق جاهزاً فيه أنواع اللحوم وقد تستأجر الأسرة الحمام بكامله لأسباب خاصة.
    ومن الطبيعي أن تتناقص أعداد الحمامات العامة في دمشق مع اختلاف الحاجة إليها.. لكن قيمة أبنية الحمامات المعمارية والأثرية تجعل من الضرورة الحفاظ عليها كإرث حضاري.. ويشير أحمد العمري الى إنه من فترة لأخرى يذهب الى حمام السوق كنوع من التسلية ورؤية رفاق الحارة القديمة الا إنه يفضل بالمقابل استغلال الوقت الطويل الذي يلزمه هناك في الذهاب مع أسرته في نزهة أو قضاء الوقت معهم في البيت كونه لا يراهم كثيرا بسبب العمل.
    بدوره تحدث سامي سامي المبيض عن الطقوس الجميلة التي ترافق العريس في الاستعداد للعرس في الحمام حيث يأتي الرفاق وفرق العراضة الشامية ويزفون العريس ويهللون له ويساعدونه على ارتداء ملابسه مع الرقص والغناء وتناول المأكولات الطيبة والفواكه والقهوة والمحلاية ومن ثم يرافقونه من الحمام الى بيت العروس .
    ويشير سامي الى إن بعض الشباب اليوم يحبون العودة الى الماضي وهم يقومون بهذه الطقوس مع إضفاء شيئاً من الحداثة عليها من خلال التصوير وبعض التعديلات الأخرى حسب ما يرغبون .
    تقول هدى ندور وهي في العشرين من عمرها أنها وهي بنت محافظة أخرى لم تعتد على ارتياد الحمامات إلا أنها تعتبرها تراثاً ومعلماً سياحياً مهماً في تاريخ دمشق أعادت الدراما السورية ذات البيئة الشامية الحنين اليه بين جيل الشباب للتعرف أكثر على العادات والطقوس الشامية في الاستحمام.
    بدورها اعتبرت ليلى ان زمن حمام السوق انتهى نظراً لكون حمامات البيوت تفي بالغرض وأنها مهمة للسياحة.
    وفي السياق ذاته ينظر المغتربون الدمشقيون الى الحمامات بحنين الى حكايا أيام زمان حيث كان آباؤهم وأجدادهم يصطحبونهم معهم للاستحمام ويقول بشار إنها كانت الفرحة الكبرى حين طلب والده من والدته أن تحضر البقجة له ليرافقه فهذا معناه أنه أصبح كبيراً وأن بامكانه الجلوس مع كبار الحارة وسماع قصصهم.
    ويرى بشار إنه يجب المحافظة على الحمامات التي تندثر شيئاً فشيئاً بسبب الحضارة والتمدن مشيراً الى إنه يحرص دائماً الى العودة الى تلك الأيام الجميلة واصطحاب أولاده الى حمام السوق.
    وتوجد معظم الحمامات المتبقية في دمشق في أسواق وحارات دمشق القديمة داخل السور وفي الأماكن التي يرتادها السياح بكثرة كمنطقة الأسواق القديمة وباب توما والقيمرية والعمارة وغيرها.
    وينتقل السائح المستحم من قسم إلى قسم بالتسلسل حسب درجات الحرارة من البراني البارد نسبياً إلى الوسطاني المتوسط الحرارة إلى الجواني المرتفع الحرارة ليعود ويخرج بعدها بعكس حركة دخوله للمحافظة على حرارة جسمه وليتناول كأس الشاي أو فنجان القهوة في باحة الحمام.
    يشار الى إن معظم حمامات دمشق تستثمرها عائلات دمشقية اشتهرت من مئات السنين بتخصصها في هذا المجال كما أن هناك عمالاً في الحمام يتخصص كل واحد منهم بعمل معين فهناك الناطور الذي يقدم للزبون ما يلزمه من مناشف وصابون وليفة وهناك المكيس وهو عنصر مهم في الحمام وله فوائد صحية وعلاجية.
    عثمان
يعمل...
X