إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأديب ( ماجد ذيب موسى غنما ) قاص وروائي وكاتب أدب الرحلات أردني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأديب ( ماجد ذيب موسى غنما ) قاص وروائي وكاتب أدب الرحلات أردني

    ماجد غنما

    ولد ماجد ذيب موسى غنما في الحصن عام 1926، وحصل على ليسانس حقوق من كلية الحقوق بجامعة دمشق عام 1950، عمل محامياً خلال السنوات 1949-1952 ورئيساً لبلدية الحصن للسنوات 1952-1954 وقاضياً للسنوات 1961-1981 ونائباً عاماً للسنوات 1981-1983، وكبير مفتشي وزارة العدل للسنوات 1983-1986، وقاضياً بمحكمة التمييز والعدل العليا للسنوات 1986-1994 حيث أحال نفسه للتقاعد.
    وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب العرب، ومنتدى الحصن للثقافة والتراث والفنون.


    مؤلفاته:
    1. كنت في مراكش (أدب رحلات) دار النشر والوزيع والتعهدات، عمان، 1956.
    2. يوميات أندلسية (أدب الرحلات) جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1978.
    3. القرار الأخير (مجموعة قصصية) جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1981.
    4. صورة للوطن (مجموعة قصصية) جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1983.
    5. المفاجأة (مجموعة قصصية) جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، 1985.
    6. أغاني (ديوان شعر) جامعة اليرموك، إربد، 1992.
    7. أيام القرية (رواية) جامعة اليرموك، إربد، 1994.
    8. ما تترك الأيام (رواية) جامعة اليرموك، إربد، 2000.
    9. الخاتم الذهبي، منشورات ، أمانة عمان الكبرى،2002.

      الطائر الأزرق
      قبل أيام عثرنا عليه في حديقة دارنا، مصاباً في أحد جناحيه إصابة شديدة، لم يكن يقوى معها على التحليق والطيران.
      كان طائراً رائعاً، سر له ولدي عدي بشكل خاص، وبدأ على الفور في معالجته وبذل كل جهد للعناية به ورعايته.
      كان الطائر الأزرق كما أسميناه، وهو يتماثل إلى الشفاء من إصابته، يحرص على أن يملأ أجواء الدار بغنائه وتغريده... كان غناؤه عذباً ساحراً، مثلما كان ريشه زاهية ألوانه كقوس قزح. أما حركاته وهو يروح ويجيء داخل القفص الذي وضع بداخله، فكانت حريّة بفضاء رحب غير محدود.
      شفي طائرنا الأزرق أخيراً، ولكن بدا واضحاً من اللحظة الأولى أنه مل البقاء في قفصه، ولم يعد راضياً عن وجوده بيننا، وأصبح لا هم له غير القيام بمحاولات متكررة لتحرير نفسه والعودة إلى الفضاء الرحب حيث لا سدود ولا أقفاص من أيّ نوع.
      كان الطائر المسكين يندفع فجأة من مكانه في إحدى زوايا القفص، محاولاً اختراق الأسلاك المحيطة بالقفص من جميع جوانبه، فتحول الأسلاك دون نجاح محاولته..
      فيرتد عائداً إلى المكان الذي انطلق منه.. ويظل على هذه الحال طوال ساعات النهار.. يندفع وينكفي ليندفع ثانية وينكفي مرة أخرى.. وهكذا. ولعله كان في قرارة نفسه يعجب من عدم قدرته على تخطي أسواء هذا القفص اللعين وتجاوز هذه الأسلاك التي تقف حائلاً بينه وبين العودة إلى سمائه وأجوائه الرحبة ودنياه الواسعة.. التي لا تحد. كما تحول بينه وبين أن يثبت جدارته على التحليق في الفضاء الرحب من جديد، وعلى مواجهة الأخطاء والتغلب على الصعاب.
      ويظل على هذه الحال إلى أن يحس بالتعب والإحباط، فينكمش في إحدى زوايا القفص ويبدأ في التغريد والغناء وكأنه يغني لحريته التي حرم منها... وبين حين وآخر كان الطائر يعيد الكرة من جديد.. ولكن محاولاته كانت دائماً تنتهي إلى الفشل.
      لم ييأس الطائر الأزرق.. فالأمل لديه واسع رحب سعة ورحابة الأرض والسماء.. ولعله وهو يصر على محاولاته كان يعتقد بأن الحرية جديرة بكل هذه المتاعب وهذه الآلام وأن الفشل ليس نهاية كل شيء...
      وفجأة توقف الطائر الأزرق عن التغريد والغناء. ولم نعد نسمع له تغريداً وكأنما قيل له أن الغناء محرم أو أنه اكتشف هو ذلك من تلفاء نفسه.
      قال عدي:
      -لم يعد الطائر الأزرق يغرد.. إنه مريض..
      قلت:
      -بل هو حزين.
      قال:
      -ولم هو حزين وقد شفي جناحه تماماً؟..
      قلت:
      -لعله اكتشف أخيراً أنه باق رهين هذا القفص.. وهو كما تعلم ابن الريح والفضاء..
      قال عدي:
      -ولهذا فهو يصر على التزام الصمت المطبق..
      قلت:
      -من يدري لعله بصمته المفاجئ هذا يحاول أن يعبر لنا عن عتبه علينا...
      -وهل تعتب الطيور كما نعتب نحن بعضنا على بعض.
      -ولم لا.. أليست تتألم كما نتألم وتجوع كما نجوع وتغني كما نغني ولعلها تحلم كما نحلم، فلم لا تعتب مثلما نعتب نحن.
      -هو عاتب إذاً؟
      -إنه يسر عتاباً يود لو يجهر به.
      -وماذا تراه يود أن يقول.
      -أحسبه بعد أن رآني أجلس قريباً منه أرسم لوحة حيناً وأكتب قصيدة حيناً آخر يود لو يقول لي: لست أحسبك ترضى بالتخلي عن حريتك يوماً.. بل لعلك على استعداد لتقديم حياتك ثمناً لحريتك.. فما بالك إذاً لا تجد أي ضير في أن تغتال حريتي وتعتقلني داخل هذا القفص اللعين لتستمتع بتغريدي.. لن أغرد اليوم، سوف أتخلى عن تغريدي إلى الأبد.. إذا كان هذا التغريد سبباً في عبوديتي..
      قال عدي في استنكار:
      -أيمكن أن يقول هذا الطائر كل هذا الكلام المنمق.. أظنك تسخر مني ومنه يا أبي... أو لعلك تود أن تتفلسف..
      قلت:
      -لست أسخر من أحد ولا أتفلسف بل أقول ما أعتقد أنه حق وصدق. هذا الطائر الجميل عاتب يسر العتاب، يشكو، يتألم، يحتج.. حتى الطيور تحتج إذا ما أسيء إليها..
      لم يقل عدي شيئاً، ورايته يحدق بي طويلاً ويبدو أنه أدرك ما يجول في خاطري، فقد رايته يقترب من القفص وبيد ثابتة مصممة يفتح بابه الصغير.. فينطلق الطائر من داخله في ثورة وعنف.. نحو الفضاء.
      تبسم عدي وقال:
      -لم يكن لديه متسع ليقول لنا وداعاً..
      في صباح اليوم التالي كان الطائر الأزرق يقفز من غصن إلى غصن في حديقة دارنا وعو يغرد كما لم يغرد من قبل.
      قلت لعدي:
      -إنه يتغنى بحريته ويغني لها..
      قال عدي وهو يلاحق الطائر السعيد بنظراته في مرح.
      -لعله جاء ليرد الجميل.. أو ليقول وداعاً...
يعمل...
X