إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا ..الأخطـل الصغير ..ودمشــق والشــهباء...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا ..الأخطـل الصغير ..ودمشــق والشــهباء...

    قال شاعر لبنان الكبير الأخطل الصغير
    ( بشارة الخوري )

    شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا
    في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا

    أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ
    وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا

    لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ
    لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا
    الأخطـل الصغير ..ودمشــق والشــهباء... ملاعب الصيد من حمدان ما نسلوا...إلاّ الأهلــة والأشــبال والقضبـــا


    يمن سليمان عباس
    الأخطل الصغير (بشارة الخوري) واحد من أشهر شعراء الأمة العربية عبر عصورها كافة، فهو شاعر الكلمة الموحية والخيال المجنح وشاعر التجديد على قواعد الأصالة، شاعر طرق كل أبواب الشعر وفنونه،ففي الغزل لا منافس له وفي الشعر الوطني والقومي يحتل قصب السبق وفي رصد مأساة الواقع الاجتماعي وآثار الحروب على البشر له الريادة.‏‏‏
    ‏‏
    ‏‏الأخطل الصغير شاعر الهوى والشباب مرت منذ أيام ذكرى وفاته بلا احتفاء ولااهتمام، واليوم إذ نقف عند هذه الذكرى فإنما نفعل ذلك لنشير إلى قامة إبداعية لو تناسيناها قليلاً فإنها تبقى شامخة، ولعلّ خير ما يمكن أن يذكر بهذا الشاعر مقدمة الديوان التي كتبها الشاعر سعيد عقل تحت عنوان أغنية الجراح والرماح ومما قاله سعيد عقل في مقدمته:‏‏‏
    يحب الأخطل الصغير كما يحب الحب.‏‏‏
    وما هو منه؟ إنه الزهرة من الشذا، ليلة مولده يقول ولد الهوى ومعاً على اللوح الواحد سيحملان.‏‏‏
    لا، ولقد وفى هذا بذاك وتعكس حتى ليبقيان ما بقي الجمال ومتعبد لأشياء الجمال.‏‏‏
    قبل أن يكون للشرق أداة سياسية تجمع كان الشعر تلك الأداة. على أنها مع الأخطل الصغير بلغت مبلغها العلي العظيم. فإن وهنت وشائج بين نيل ورافدين وتقطعت أنفاس صبابين نجد وأطلس، تألقت بيروت بمفاتن شعر فأتلف مشرق وشرقت بدموع الفرح عواصم.‏‏‏
    الأقلام جميعاً عرفت ليالي وجع، فيها «تراخى الأمر» حاشا هذا الذي ما خط إلاّ وفاء وما قطر مداده إلا حباً.‏‏‏
    وللبنان كان الأخطل الصغير سفيراً قبل العهد ببعوث تنطلق.‏‏‏
    ذات يوم- وكيف أنسى آخر في بغداد ؟ كبرّوا للبنان في القاهرة كما للذي لا تكبيرة إلا له.‏‏‏
    كان ذلك بفضل بيت من شعر له أو قواف مرنان دونها انعطاف الحور على الحور.‏‏‏
    وسرّ آخر ألقيت مقاليده إلى هذا الشاعر: الطلاوة لا ولا مرة، كما هنا، جاز فهم الكلمة بمعناها المطلق ذاك الذي إليه أريدت أول ماانفرجت عنها شفتا متكلم الطلاوة؟ألا لتفهمن بأناقتها الرضية الخفر تجدها هنا نزلت في السطر يتناغم معها حتى التوحد حتى الغرابة، لكأنك حيال تعاريج الكتابة القديمة رصعت قلادة من ذهب البريز. ما ثمة نقش بانتظار ضبط وإنما ضرب كما الدينار أو أخرجته يد الصناع كلاً متنفساً بالتمام والرونق كلمة بنت الفجاءة في بيت رصف ابناً للعجب. شمس تبلجت على غير ميعاد فوق قمة من لبنان.‏‏‏
    هذه الكأس التي فيها تآخى بنبيذ بابل وبلور صيدون وصنع من أثينا بإزميل فيدياس هذه الكأس ما انفكت منذ نصف قرن تدار على ندامى هم شعوب لا أفراد إليها هنا بالذات، مدّ قلبك قبل اليد، يخيل إليك لأول وهلة أنهاتبدلت لاتصدق أمر العين متعبدة على الورقات، بجماع نظرك تذوق ديواناً بات جديد البهاء، إنك لتجد المذاق نفسه، ذاك الذي له اهتززت وأنت فتى طري عمر..‏‏‏
    قالوا تحب الشام‏‏‏
    وكما أشرنا فإن الأخطل شاعر مسكون بالعروبة عشق أمجادها وهام في حب أنقى وأرقى عواصم الدنيا دمشق الحضارة وفي ديوانه قصائد كثيرة تغني دمشق ولعلّ قصيدته ضفاف بردى، واحدة من أروع هذه القصائد إنها درّة من دُرر الشعر العربي يقول الشاعر متذكراً جلساته الجميلة في حضن الوادي:‏‏‏
    سل عن قديم هواي هذا الوادي‏‏‏
    هل كان يخفق فيه غير فؤادي‏‏‏
    أنا مذ أتيت النهر آخر ليلة‏‏‏
    كانت لنا، ذكرته إنشادي‏‏‏
    وسألته عن ضفتيه: ألم يزل‏‏‏
    لي فيهما أرجوحتي ووسادي‏‏‏
    فبكى لي النهر الحنون توجعاً‏‏‏
    لما رأىهذا الشحوب البادي‏‏‏
    ورأى مكان الفاحمات بمفرقي‏‏‏
    تلك البقية من جذى ورماد‏‏‏
    تلك العشية ماتزايل خاطري‏‏‏
    في سفح دمر والضفاف هوادي‏‏‏
    يختم قصيدته ببيتين خالدين يقولان:‏‏‏
    بردى هل الخلد الذي وعدوا به‏‏‏
    إلاك بين شوادنٍ وشوادي‏‏‏
    قالوا: تحب الشام؟ قلت: جوا نحي‏‏‏
    مقصوصة فيها وقلت فؤادي..‏‏‏
    المتنبي والشهباء‏‏‏
    وكما دمشق كانت عشق الشاعر وملهمة إبداعه كذلك هي الشهباء مدينة سيف الدولة وموئل إبداع المتنبي وأبي فراس الحمداني وأبي فرج الأصفهاني.‏‏‏
    حلب مدينة الإبداع والطرب والظرف زارها الشاعر مشاركاً في مهرجان المتنبي فإذا برائعته: المتنبي والشهباء وفيها نبوءة شاعر تتحقق الآن يقول:‏‏‏
    نفيت عنك العلى والظرف والأدبا‏‏‏
    وإن خُلقت لها- إن لم تزر حلبا‏‏‏
    شهباء، لو كانت الأحلام كأس طلا‏‏‏
    في راحة الفجر كنت الزهر والحببا‏‏‏
    أو كان لليل أن يختار حليته‏‏‏
    وقد طلعت عليه، لازدرى الشهبا‏‏‏
    لو أنصف العرب الأحرار نهضتهم‏‏‏
    لشيدوا لك في ساحاتها النصبا‏‏‏
    لكن خلقت لأمر ليس يدركه‏‏‏
    من يعشق الذل أو من يعبد الرتبا‏‏‏
    ملاعب الصيد من حمدان مانسلوا‏‏‏
    إلا الأهلة والأشبال والقضبا‏‏‏
    الخالعين على الأوطان بهجتها‏‏‏
    والرافعين على أرماحها القصبا‏‏‏
    حسامهم مانبا في وجه من ضربوا‏‏‏
    ومهرهم ماكبا في إثر من هربا‏‏‏
    ماجرد الدهر سيفاً مثل سيفهم‏‏‏
    يجري به الدم أو يجري به الذهبا‏‏‏
    رب القوافي على الإطلاق شاعرهم‏‏‏
    الخلد والمجد في آفاقه اصطحبا‏‏‏
    سيفان في قبضة الشهباء لاثلما‏‏‏
    قد شرّفا العرب بل قد شرقا الأدبا‏‏‏
    وخلاصة القول: إن الأخطل الصغير هام في حب العروبة وعشق دمشق وحلب وأبدع فيهما كما لم يبدع شاعر آخر، وفي ذكرى رحيله هي دعوة لقراءة ديوانه الصادر عن دار الكتاب العربي في طبعته الثانية.‏‏‏
يعمل...
X