إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الدكتور ( سليمان نزال الخضر الأزرعي ) أديب وشاعر أردني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدكتور ( سليمان نزال الخضر الأزرعي ) أديب وشاعر أردني

    سليمان الأزرعي
    ولد الدكتور سليمان نزال الخضر الأزرعي في الحصن/ اربد عام 1949، حصل على ليساني في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق عام 1972، وعلى دبلوم التأهيل العالي من الجامعة نفسها عام 1974، وعلى ماجستير في الآداب العربية من الجامعة اليسوعية عام 1980، وعلى دكتوراه الدولة في الآداب العربية (تخصص النقد الحديث) من الجامعة اللبنانية عام 1998، وعلى دورة الإدارة العليا من معهد الإدارة العامة في عمان عام 2000م.
    عمل معلماً في وزارة التربية والتعليم خلال السنوات 1975-1983، ومديراً في مدارس الوزارة نفسها من 1983-1986، ومديراً في وزارة الثقافة من 1993 وحتى الآن، عمل محاضراً غير متفرغ في جامعة آل البيت من 1996-1998، ومحاضراً غير متفرغ في جامعة العلوم والتكنولوجيا خلال السنوات 1999-2001 ومحاضراً في غير متفرغ في جامعة جرش للعام الدراسي 2000-2001، كما عمل مديراً لمديرية المراكز الثقافية في وزارة الثقافة ومحاضراً غير متفرغ في جامعة فيلادفيا، بعد أن انتدب عام 2002 للعمل مستشاراً إعلامياً في وزارة الداخلية، ويعمل حالياً مديراً لمديرية الدراسات والنشر في وزارة الثقافة.
    وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب العرب، وعضو مجلس كلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك، ورئيس فرع رابطة الكتاب الأردنيين في اربد لعدة دورات، وأمين الشؤون الداخلية ورئيس لجنة العضوية في الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين لدورات عدة، بالإضافة إلى أنه المدير التنفيذي لمهرجان الحصاد بوزارة الثقافة، وبمهرجان عرار الشعري العربي في الوزارة نفسها، وعضو لجنة مهرجان جرش للثقافة والفنون، وعضو (سابق) في هيئة تحرير مجلة أوراق، وعضو هيئة تحرير مجلة أفكار، ورئيس تحرير مجلة عرار، وكاتب مقالة أسبوعية أدبية وأخرى سياسية في جريدة الرأي، أعد للتلفزيون الأردني برنامج العشيات للعام 2000-2001.
    مؤلفاته:

    1. (الأعمال الكاملة للأديب الراحل تيسير سبول)، دار ابن رشد بيروت 1980 (تحقيق).
    2. (الشاعر القتيل - دراسة في حياة وآثار الشاعر الأردني الراحل تيسير سبول) اتحاد الكتاب العرب – دمشق 1983.
    3. (دراسات في القصة والرواية الأردنية) دار ابن رشد – عمان 1985.
    4. الباور (مجموعة قصصية) وزارة الثقافة، عمان، 1993.
    5. (مواقف في الشعر الأردني الحديث – الجزء الأول) اتحاد الكتاب العرب – دمشق 1994.
    6. (الرواية الجديدة في الأردن) المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت – عمان 1997
    7. الذي قال أخ أولاً (مجموعة قصصية) المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1997.
    8. (القبيلة) مجموعة قصصية. دار الكندي – إربد، دار تالة - طرابلس 2000. (جائزة شرحبيل بن حسنة للإبداع الأدبي).
    9. (بئر الخزين) رواية للفتيان – دار الكندي – إربد، دار تالة – طرابلس 2000.
    10. (لعنة المدينة - في القصة الأردنية) اتحاد الكتاب العرب – دمشق 2001.
    11. (فلسطين في الرواية الأردنية) اللجنة الوطنية لإعلان عمان عاصمة للثقافة العربية – عمان 2002.

    من مجموعة (الذي قال أخّ أوّلاً) رابطة الكتاب الأردنيين المؤسسة العربية للدراسات والنشر – عمان 1997
    الذي قال أخّ أَوّلاً

    د.سليمان الأزرعي
    "إلى ولدي عروة العربي"
    كنت أطلب إلى طفلي الأصغر أن يضع سبابته في فمي، وبالمقابل أضع سبابتي في فمه، ثم يبدأ العد: واحد، اثنان، ثلاثة.. ويطبق كل منَّا أسنانه على أصبع الآخر...
    كانت اللعبة لذيذة بالنسبة للطفل، وخاصة أنها دائماً كانت تنتهي بانتصاره..
    لم أكن أعطي لفكيّ الحرية في الإطباق على أصبع الطفل، إلاَّ بمقدار ما أدعوه إلى تشديد أطباقه على سبابتي، وعند حد معين، صرت أدركه مع تكرار اللعبة، أصبحت أعرف متى يكون الطفل غير قادر على تجاوز آلام أبيه ومواصلة الشد، كنت أخشى أن يقول الكلمة قبلي فيخسر اللعبة. وأنا لا أريد له ذك. ولهذا كنت أسبقه إليها في الوقت المحدد. فما تكاد الكلمة الذهبية تخرج من فمي ، حتى ينتهي سباق التحمُّل.. (أخّ).. وينفلت أصبع الطفل من فمي بسرعة البرق، فيما يظل أصبعي في فمه..
    -(تكِسب). صاحب الأصبع الطليق هو الرابح، لأن الخصم انهار أولاً.. وأعترف بألمه، فانطلقت أصبع الخصم من الأسر.
    (أَخّ).. كلمة واحدة وينكسر قائلها كرمح تناثرت أجزاؤه في العراك.
    -لماذا يا بابا نستمر في هذه اللعبة؟ إن إصبعي تؤلمني بعد اللعب.
    -ولكنك تنتصر دائماً.. ألاَ يكفيك؟
    -يغر أنك في كل مرة تؤلمني أكثر.
    -ومع ذلك تتحمل.. وتخرج منتصراً.. ألاَ تلاحظ أنك تزداد تحملاً؟ هكذا تحسم الكثير من معارك الصراع يا بني.. الذي يقول "أخ" ينسى إصبعه بين أسنان الخصم، ويخسر المعركة!. لم يكن الطفل قادراً على فهم تلك الفلسفة، رغم معرفته بأسرار اللعبة وتطور تحمله، فلقد كانت أسناني مرة بعد مرة، تترك تجاويف أعمق في سبابته، وتمعن في تشويه طفولته.
    فجأة توقف اللعب.. لم يعد بإمكاني أن أشارك فيه طفلي؟.. انسحبت خيوط الشمس وراء المغيب.. كان ليلٌ عظيم الظلام، اطبق عليّ، وانتزعني من بين أطفالي.. انتزعني بعيداً، وألقى بي في صحراء بلقع.. سد عليّ المنافذ من كل الجهات، وشدَّ على خناقي، فإذا بي أطبق أسناني على فك الليل الوحش، بينما راح يصكُّ أنيابه على أصابع كفي، ويحاول قضمها.
    كنت ممعناً هذه المرة في اللعبة الضارية، لم يكن الخصم طفلاً بريئاً يتدرب الصبر معي.. كان وحشاً قاسياً يصرّ على أن يسمع الكلمة، وكنت أسعى بكل طاقتي لإجباره على الاعتراف بألمه.. كان سلاحي الصمت فقط، وذلك يكفي.. حرفان.. حرفان فقط، يفتح الخصم فمه، وتصبح يدي حرة طليقة، فيما تظل أصابعه بين فكَّي، أقضمها وأحاول أن أكسر العظام، وأفكك عقد الأصابع.. ولكن الجولة تنتهي.. ولا تنتهي اللعبة.. ومع كل مطلع فجر، تبدأ جولة جديدة، ويبدأ عض الأصابع.. وتستمر الجولة حتى قبيل النوم وهكذا.
    وذات جولة اعترف الخصم بألمه. لم يقل "أخْ" هذه المرة، لكنه قال: "إلى شَبَك الزيارة". وكانت أكبر "أخ" سمعتها حتى حينه. ووجدتني وجهاً لوجه بيني وبينه، عندما سأل الصغير: لماذا أنت هنا يا بابا؟ لم يكن لدي وقت للإجابة، كنت مشغولاً في البحث عن أي جزء من جسم الطفل، تسلل إليّ من خروم الشبك كي أقبله.
    وقع فمي على أصابع يده المشبكة على الأسلاك.. قبّلتها واحداً واحداً.. وحين وصلت إلى السبابة، انفتحت كنبتة غضَّة رفعت عنقها، ودون إرادة مني، كانت في فمي.
    نظر الطفل في وجهي، بفرح.. ضحكنا.. وقهقهنا، ففهم كل منَّا الآخر.. ابتدأ العد.. واحد، اثنان ثلاثة.. وابتدأ الشد، ولكن سرعان ما اعترف الطفل بألمه وقال: "أخ".
    لم أكن مشغولاً في حسابات المقادير. فقد جعلتني الأيام المنصرمة اهتم فقط في أن استمع إلى الكلمة الذهبية من الخصم ولا أنطق من طرفي بشيء..
    نظر الطفل في وجهي نظرة استغراب حانقة تحولت إلى عتاب، كأنما هو يحتج على النتيجة غير المعهودة.. كنت أفهم نظراته، لكنه كنت غارقاً في بحر تأنيب الضمير.. لماذا بقي الوحش حاضراً داخلي كل هذا الحضور، رغم طهارة الخصم وروعة اللعبة؟
    كان لا بد من مداعبة الطفل، فثمة فرصة لإصلاح الوضع. أخذت نَفَساً عميقاً واستعدت توازني، فابتسم كل منَّا للآخر، ثم اتسعت ابتسامة الطفل وضاقت عيناه، واختفى ختم ذقنه الغائر، وانزلقت دمع رائعة على أنفه الجميل، فضحكنا، ثم قهقهنا، وتعالت أصوات الضحك.. رأيت فكاً مفتوحاً يقترب من الشبك بعينين جاحظتين فواصلنا الضحك، حدَّق بنا بقهر واضح، لا يريد الضحك، بل يروق له البكاء، تقدم خطوتين، وحين فتحت فمي، وهيأت أسناني استعداداً للعبة، وقبل أن أقول: "أخ" واطبق فمي، همس الفك مبتعداً: "أخ.. أخ... أخ"..

    أيار 1989
يعمل...
X