إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الروائي ( سالم جريس النحاس ) والقاص والكاتب المسرحي الأردني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الروائي ( سالم جريس النحاس ) والقاص والكاتب المسرحي الأردني

    سالم النحاس

    - ولد سالم جريس النحاس في مادبا في 13 آب 1940. حصل على شهادة الثانوية العامة (1957) من مدرسة مادبا الثانوية، وعلى شهادة التوجيهي المصري (1958) من الكلية العلمية الإسلامية بعمّان، وعلى بكالوريوس اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة عين شمس بالقاهرة (1963-1964).
    - عمل معلماً في المدرسة التجارية بالدمام - السعودية (1965-1968)، ومترجماً في الهيئة المركزية للتخطيط بالرياض (1968-1969)، ومسؤولاً ثقافياً في مؤسسة رعاية الشباب بالرياض (1969-1970)، ومعلماً بمعهد وادي السير التابع لوكالة الغوث الدولية (1971)، ورئيساً لقسم النشر والترجمة في الجمعية العلمية الملكية (1971-1974).


    - عمل بعد ذلك في صحف "الأخبار"، و"جوردن تايمز"، و"الرأي". وعمل أيضاً مشرفاً عاماً ورئيساً لتحرير صحيفة "الأهالي" الأسبوعية التي كان أحد مؤسسيها في العام 1972.

    - أسس مع عدد من الأدباء رابطة الكتاب الأردنيين (1974-1975)، وكان عضواً في هيئاتها الإدارية المتعاقبة حتى العام 1982، وانتُخب عضواً في هيئتها الإدارية (2005-2007).

    - شغل منصب الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني "حشد" (1975-2004).
    - حاز جائزةَ عرار الأدبية التي تمنحها رابطة الكتاب الأردنيين (1983)، وجائزة الواية لعام 1977 من الرابطة أيضاً.


    * صدر له:
    1. أوراق عاقر (رواية)، بيروت، دار الاتحاد، 1968.
    2. وأنتِ يا مادبا (قصص)، بيروت، دار ابن رشد، 1979.
    3. تلك الأعوام (رواية)، دمشق، دار الوحدة ورابطة الكتاب الأردنيين، 1981.
    4. الانتخابات (مسرحية)، بيروت، دار الفارابي، 1981. (ط 2، أمانة عمان الكبرى ورابطة الكتاب الأردنيين، عمّان، 2002).
    5. الساحات (رواية)، دمشق، اتحاد الكتاب العرب، 1987.
    6. أنتِ بالذات (شعر)، دار الينابيع، بدعم من وزارة الثقافة، عمّان، 2001.
    7. وصدرت أعماله الكاملة ضمن سلسلة "إبداع" (4)، منشورات البنك الأهلي الأردني (2005).

    السقف
    سالم النحاس

    بعد مشقة وطول انتظار وكثير من الرجاء استطاع دروبي عواد أن يتحول من جندي مشاة إلى جندي سائق. وقد فعل ذلك لأسباب كثيرة منها هوسه بهذا الفن الذي فتنه، ورغبته في التخلص من كثير من متاعب جندي المشاة، وحبه للتغيير قدر المستطاع. كما كان يقدر أن الخدمة العسكرية لمن تدوم له.. وإن عليه أن يضمن مستقبله بعد الخروج من الجيش، بتقاعد أو بدونه، على طريق اتقان مهنة يميل عليها. أما أقرب الأسباب وأكثرها الحاحاً هو ما سمعه من زملائه والناس أن سواقين من الجيش يعمدون إلى سرقة البنزين وبيعه بسعر متدن لتأمين دخل إضافي للراتب الشحيح.
    وقد فعل ذلك مراراً عديدة دون أن يكتشف أمره أحد. كان من الدهاء وسعة الحيلة بحيث كان يفلت من جميع صنوف المراقبة التي كان يفرضها مسؤولوه.


    ومن الأساليب التي كان يتبعها أنه كان يؤمن أوعية البنزين في بيته حيث يمر أبو قاسم، صاحب السيارة العمومي التي تعمل على خط مأدبا عمان، ويأخذ البنزين من بيته بمعرفة زوجته أم بيدر وولده بيدر، ثم يجري جساب بين الاثنين آخر كل شهر.
    إلا أن هذا الأمر أوقعه في كارثة كادت تكون قاضية. فقد عاد دروبي في إحدى زياراته الخاطفة في سيارة الجيب العسكرية التي يسوقها ووجد أن الدار ينقصها الكاز. نفد ولده بيدر قرشين وأرسله إلى السوق ليملأ الزجاجة، فعاد بيدر إلى البيت مجروح الخد إذ زلقت قدمه فوق بلاط السوق وتحطمت الزجاجة تحت وجهه وضاع ما بها هدراً.


    أمام جرح ولده وضياع القرشين تذكر دروبي البنزين، فأسرع إلى السيارة وملأ منها وعاء كبيراً. طهّر جرح ولده بالبنزين الذي بلل به خرقة نظيفة حتى توقف النزيف، ثم ملأ بابور الكاز بالبنزين وجففه من الخارج جيداً وأحكم إغلاق فتحتيه.
    تردد قبل أن يشعله . كان خائفاً من نتيجة هذا العمل. فالبنزين شديد الاشتعال وقد ينفجر البابور ويدمر البيت بمن فيه. أمر زوجته بالابتعاد إلى أقصى الغرفة ثم أمر الأولاد بالخروج من الدار واللعب في الشارع حتى يكونوا بمنأى عن الخطر. وقف أمام البابور حائراً. ولكنه آثر المغامرة فهو في عجلة من أمره واستبدت به رغبة شرب الشاي قبل العودة إلى وحدته. كما فكر أن نجاح التجربة سيكفيه مؤونة مصروف الكاز ما دام في العسكرية، وربما أيضاً مد بيوت إخوانه بالبنزين ودون مقابل.


    استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ثم أشعل البابور فاستجاب بصوت غريب كأن بداخله سجين يريد أن ينعتق. أما شعلته فقد كانت قصيرة شديدة الإحمرار.

    انتظر قليلاً ثم استمر في مغامرته وركّب فوقه إبريق الشاي حين اعتقد أن استعمال البنزين بهذه الطريقة أمر ممكن، وأن الخطورة تزول بمجرد التزام الحذر.

    وبينما هو ينتظر الشاي استبد به خوف مفاجئ أن يعبث الأولاد بالسيارة التي يتجمهرون حولها وبداخلها كلما حضر. فأسرع يبعدهم عنها ويحذر بيدراً من الجلوس خلف المقعد والعبث بأي شيء أمامه. وبينما كان يضع حجارة أمام عجلاتها المزيد من الاحتياط دوى انفجار قوي داخل الدار، فانتفض وقفز نحو الباب ليجد أم بيدر تحاول جهدها إطفاء النار ببطانية في يدها. كانت النار قد شبت في الركن البعيد من الغرفة وأخذت تمتد بسرعة باتجاه الباب. شد زوجته من كتفها ودفع بها إلى الخارج وهي تولول وتصرخ طالبة النجدة. صرخ بها مستفسراً عن الأولاد فأخبرته أنهم جميعاً في الخارج. أمسك بالبطانية وراح يضرب النار بها ولكنها اقتربت من الوعاء المليء بالبنزين فلم يستطع من شدة الوهج الوصول إليه فهرب خارجاً. ما أن وصلت النار إلى الوعاء حتى امتدت ألسنتها من الباب تتحدى الأقارب والجيران الذي تجمهروا ف يالخارج ينظرون بحسرة عاجزين عن فعل أي شيء رغم كميات الماء القليلة التي حاولوا رشقها في الداخل.

    عرف دروبي باستحالة السيطرة على النيران فانشعل يتفقد الأولاد واحداً واحداً يطمئن كل سائل بأن الأولاد بخير وأنه ليس هنالك أحد في الداخل.
    وقفوا جميعاً ينتظرون نهاية الكارثة فقد وصلت النار إلى خشب السقف الذي احترق ولم يعد قادراً على حمل التراب المتراكم فوقه منذ أجيال. فسقط السقف بصوت انهدام بشع. وحين انجلى الغبار أسرع الناس يصبون الماء في تصدعات التراب التي أخذ الدخان يتصاعد منها. كانوا يأملون بإنقاذ بعض حاجيات الدار من التلف.


    أحضروا المعاول والمجارف وراحوا يحفرون بهمة لكشف التربة وإنقاذ ما لم تصله النيران.. بينما وقف دروبي بعيداً يستند إلى سيارة الجيب يحيط به الأولاد واجمين. كان يعرف أنهم لن يجدوا شيئاً سليماً باستثناء أدوات الطبخ النحاسية.

    حين فطن لزوجته بحث عنها فوجدها فوق الركام مشعثة الشعر مغبرة الوجه متسخة اليدين من البحث وسط آثار الحريق. أخذها جانباً وشجعها على احتمال الكارثة فحمدت الله أن أحداً لم يصب بسوء. وحين أخبرها أن أخاه عيسى أخذ الأولاد إلى داره وأنه لا بد أن يبقوا عندهم فترة من الوقت إلى أن يفرجها الله، مالت برأسها جانباً وانخرطت في بكاء مر.

    قبل أن يتفرق الناس كانوا يمرون على دروبي مشجعين وأشار بعضهم أن يسرع بإزالة الردم ويسقف الدار بالإسمنت المسلح هذه المرة. شعر كأنه يقف لاستقبال المعزين أثر دفن عزيز.. مع فارق بسيط هو أنه كان يصطدم بيده بعض الأوراق النقدية مساعدة من الناس للتعويض عن الخسارة.
    "من مجموعة "تلك الأعوام"
يعمل...
X