إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المخرجة ( حليمة الورديغي ) بالفيلم المغربي (مختار)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المخرجة ( حليمة الورديغي ) بالفيلم المغربي (مختار)

    الفيلم المغربي (مختار) لحليمة الورديغي
    شعرية الموروث الشعبي



    عمان - ناحج حسن - جريدة الرأي
    لقي الفيلم الروائي القصير المعنون (مختار) لمخرجته المغربية المقيمة بكندا حليمة ورديغي، اصداء طيبة إبان فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان تطوان السينمائي لبلدان البحر الأبيض المتوسط ، ولم يكن فوز مخرجته الشابة بجائزة أفضل فيلم قصير مفاجئا لكل من تابع أحداث الفيلم ولقياته البديعة على صعدي اللغة الدرامية والسينمائية التي صبت فيهما المخرجة براعتها بافتتان ونباهة.
    اختارت الورديغي أماكن أحداث الفيلم في منطقة جبلية ريفية صعبة تطل على سهول ووديان من خلال عيني طفل لا يتجاوز العقد الأول من العمر يعمل برعاية المواشي ، يعثر ذات يوم على غراب لا يقوى على مغادرة احد أعشاشه يقرر أن يصطحبه معه إلى البيت للاعتناء به، لكنه يصطدم من رفض قوي وحاد من طرف والده على اقتناءه هذا الطائر الذي يجلب الشؤم للعائلة حسب الأعراف والتقاليد السائدة في بيئته لكن بعد إصرار من الطفل يقوم والده بزجره وحبسه في احد أركان البيت المهجورة.
    يلتصق الطفل بطائره ويعمل بكل طاقته في المحافظة على حياة الغراب حيث يتقاسم معه كسرات الخبز والطعام البسيط الذي ترسله له جدته من أسفل شق الباب، وتتالى معاناة الطفل في عزلته أمام نظرات الاستعطاف للأب من قبل والدة الطفل وجدته، قبل أن تفلح جهودهما في خروج الطفل إلى حياته المعتادة في رعي الماعز داخل فضاءات الطبيعة، لكن هذه المرة بإصرار وتصميم وعناد على المضي قدما في قبس من الحرية استطاع أن ينتزعها من سلطة والده.
    يختصر الفيلم في سبعة عشر دقيقة الكثير من الرؤى والأفكار البليغة الدلالات التي تتعلق بالموروث الشعبي الدارج والعديد من السلوكيات في محيط من الطبيعة الموغلة بالعزلة، رغم هذا المد من الافتتان البصري الخلاب للتضاريس والمشرعة على تأويلات وثقافات إنسانية لشريحة اجتماعية مهمشة قوامها من الأفراد البسطاء في واقعهم اليومي.
    وظفت المخرج تلك الحكايات والقصص في سيناريو بديع مقتصد الأحداث والشخوص والأمكنة، لكنه مع ذلك عميق المضامين وذات أبعاد جمالية وفكرية تثري ذائقة المتلقي في اشتغال لافت على المنحى الواقعي المتناغم بمفردات سمعية وتكوينات بصرية اخاذة، وهو ما يجعل كل ما في هذا الفيلم يتخذ سمة الرمز الشديد الصنعة لا المفضوح.
    يحسب للعمل انفتاحه على المخيلة المغربية الرحبة في السرد الحكائي والمشهدي بغية الاستفادة منهما في تقديم رسالة إنسانية وثيقة الصلة بالموروث الشعبي والجمالي الذي تزخر به عادة تيارات ومذاهب أساليب السينما الفقيرة الساعية إلى تقديم تدرج رائق في قراءة وفهم العمل.
    (مختار) فيلم بسيط في موضوعه وفي رسالته وفي إدارة مخرجته المحكمة لممثليه الرئيسيين: الطفل والأم والأب والجدة وهم في بيتهم البدائي المغموس وسط طبيعة شديدة العزلة، فيه تعرض المخرجة جوانب من العلاقات بين هؤلاء الشخوص الثلاثة، الذين يقاربون أجيال المجتمع المغربي بسائر فئاته، وتقتنص بعين حاذقة لحظات ونظرات وصمت تحمل في طياتها أحاسيس ومشاعر وعواطف صارخة.
    كما وتنسج المخرجة حليمة الورديغي من كل تلك التفاصيل في حس انتقائي بديع لقطات وحراك الشخصيات، وهي تسبر أغوار وعي جديد يتشكل رغم كل نزعات التهميش والوحدة، مثلما تؤسس أيضا لنوع مبتكر من ألوان الدفء والحنان الإنساني بمنأى عن توسل دموع المتلقي عبر اصطناع مواقف ميلودرامية زاعقة.
    يحتكم العمل في تميز يجمع بين مفردات الحس الشعبي والفهم السياسي تصوغهما المخرجة في خطابين جمالي وإنساني في قالب شديد البساطة والسلاسة، يحتكم إلى أسلوبية عمل تسلك حدي التسجيلي والروائي وهي تعالج قضايا وهموم وطموحات في مزج بين الشفافية والشاعرية والواقعية
يعمل...
X