Announcement

Collapse
No announcement yet.

الأديبة ( هدى إبراهيم أمــون ) باقة ورد -1-..في عيد الحبّ - شعر * خواطر* وقصة قصيرة- 2007 م ..

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الأديبة ( هدى إبراهيم أمــون ) باقة ورد -1-..في عيد الحبّ - شعر * خواطر* وقصة قصيرة- 2007 م ..

    هدى إبراهيم أمــون

    باقة ورد

    في عيد الحبّ

    شعر * خواطر* وقصة قصيرة

    2007 م
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
    أحببت أن أستهلّ كتابي ببعض الأبيات الشعرية من قصيدة الفاتحة لإيليّا أبي ماضي لأنها لامست فكري ومشاعري:

    يا رفيقي أنا لـولا أنت ما وقّعـتَ لحنـا

    كنتَ فـي سـريّ لمّا كنتُ وحدي أتغنّى

    لست منّي إن حسبتَ الشعر ألفاظاً ووزنا

    هذه أصداءُ روحي فلتكـن روحك أذنـا

    الإهداء

    إلى كل من يجد في نفسه صديقاً لمن حوله... فبالصداقة يسمو معنى الأب ...الأم...يسمو معنى الأخوّه يسمو معنى الزوج...الزوجه ولا يسود على الحب سوى الصداقة التي هي سيدة الحب بلا منازع.



    حبّك والبحر


    شطآني وصخور الضَّجر

    والبحرُ الواسع يغرينـي

    أدنو منه.أنسى ملَلي

    أغسلُ أحزاني وأنينـي

    وأعود لصخرة أقداري

    أتأمّل والحـبّ حنينـي

    فهناك شـراعٌ يتهادى

    يُنسيني الحاضر ينسيني

    عمق الأمواج وزرقتها

    يتعالى كالطير بعيني

    يتمايل زنبقة بيضا

    ويميل إلـيَّ ليحينـي

    أحسست بقربك يا حبي

    وشراع البحر يمنّيني

    ودنوتَ بلهفة مغتربٍ

    حملتني أمواج حنيني

    وأخاف العوم وأجهله

    لكن عيناك ستنجيني

    من ليل اليأس وأحزاني

    في الحب شراعُك يحميني

    هيـّا يا حبّـي صافحنـي

    ليذوب صقيع رياحينـي

    ما بالُ الريـح تداعبنـي

    والموج يكاد يوارينـي!

    أ.. سَرابُ الحبّ يناديني؟

    أم ذكرى الأمس تناجيني؟

    أم أن حنينـاً راودنـي

    لشـراع ترمقـه عينـي



    ذكرى


    بالحبّ ِرسمتَ ليَ الذكرى

    أطياب ربيعٍ فـي عمـري

    عذب الإحسـاس يمثلّهـا

    نـوراً يتلألأ فـي فكـري

    إن يـغزُ حزنـي أيّامـي

    ذكراك الرّحمةُ في عصري

    من نـهرِ فاضَ بوجدانـي

    ألماً يحرمني مـن صبري

    بعض الذكرى نغمٌ يُشـجي

    كاللحن المبهج في الضجرِ

    هـذي الأيـام تـباعـدنا

    خطوات هـوانا في خطر

    والأرض تميـد تـزلزلنا

    كـي نغرق في ظلم القدر

    فاذكـر أيـّامي تحيينـي

    كالورد على غصنِ الشجرِ



    ليلة عيد



    ليلي والوحدة توجعنـي

    والذكـرى صمتي يُنشـدها

    والناس بأفـراح العـيد

    تلهـو عن مـاضٍ أرّقهـا

    ألحان تشدو فـي مـرحٍ

    فالعيـد يحاكـي عالمهـا

    لكن في البال أتوق إلى

    موسـيقا صوتك يعزفهـا

    وثلوج الماضي في زمني

    أشـواق غرامي تدفئهـا

    ألـق العينين أيّـا حبّـي

    تتـوارى فيـه مدامعهـا

    ومضات البهجة في قلبي

    ذكراك حبيبـي تنعشهـا

    فتعال لتحيـي أفراحـي

    أحلاماً خضراً نـوقظهـا

    أيعـود الحب يناجينـي؟

    أزهـاري عنك أُسائلهـا

    ألقت زهراتـي أوراقـاً

    ورقات الورد سأجمعهـا

    وسأكتب فيها أحلامـي

    ومعاني حبـك جوهرهـا

    وسأعطي الريح وريقاتي

    فعسى لحنينـك تحملُهـا

    مطـرٌ أوراقـي نافـذة

    قلمـي عصفورٌ ينقرهـا

    أملـي بالعودة يحيينـي

    أحـزانـي أنـت تبدّدهـا

    ستعود وينساني حزنـي

    لحظات الشوق ستذكرهـا

    فـي ليلة عيـد قدسـيّ ٍ

    شطآن البعد سنهـجرهـا




    حبي المجنون



    أحببتـّك حبّـاً مجنونـاً

    جاب الأحيـاء الشـعبيَّه

    وتفيـّأ في ظـلّ ِ غيومٍ

    تهمـي بدموعٍ سحريَّـه

    عيناك الضوء لذاكرتـي

    دنيا أحلامـي الورديَّـه

    في جنّة حبـك أحزانـي

    يا عمري أضحت مخفيّه

    لـكن أحيانـاً تُهملُنـي

    كـرسائل حـبٍّ مرميّـَه

    في هامش أرصفة الذكرى

    أوراق خريـفٍ عطريـّه

    حبـي يا غالـي محتجبٌ

    كأوانـي العطر المنسيّـه

    والحزن قيـود تأسـرني

    وهواك نسـائم ُ حريّـه



    في عيد الحب



    في عيد الحب مضت حيرى

    وشكت منه الورد الأحمر

    كـانت بضياَفِتـهِ الأيـدي

    إلاّ يَدهـا ، أتُرى تغفِر؟

    سارت والوحدة فـي كون

    مـلآنٍ بالـورد الأحمـر

    وثيـابُ الناس بحمرتهـا

    لـون للحب بـدا يبهـر

    فحبيبٌ غـاب ولا تـدري

    في أيّ بحار قـد أبحـر

    وقفـت تتأمـل أشـخاصاً

    يختارون اللـونَ الأحمر

    باقـاتٌ مـن أحلـى وردٍ

    لجزيـرة أحـلامٍ تبحـر

    عـبرات كـانت تكتمهـا

    قد صارت أمواجاً تهـدر

    بـرمال شـواطئ أهـدابٍ

    قالت: آهٍ حظي الأعـثر

    البهجـة لا تـعرف دربـي

    والوحدة فـي قلبي خنجر

    ما أصعبَ أن أمضي عمري

    في صمت الآلام المضجر!

    ناديتك فـي عيـدي حبّـي

    فلـهمّ لأيـامـي نــوّر

    لتبـددّ عتّمـة أحـزانـي

    ولتزهر في قلبي الأخضر

    ولتمـلأ بـالعطر حيـاتي

    كي أغفـر للورد الأحمر


    مصادفة


    ومصادفـة ً فـي لقيانـا

    صنعـت بثوانيـها قـدري

    ففتحـتُ نـوافذ أحلامـي

    لأحلّـقَ في دنيـا السّـَمر

    عينـاك حبيبـي تغرينـي

    بـالحب فأبحث عن سـرّ

    أأكـون بـوادٍ ينئينــي

    عـن واديك وحبّك فجري؟

    تـاهت في بالي أفكاري

    عـامت في مـدٍّ في جـزر

    ورسـت ما بعد الإعصار

    سـكنت بهدوءٍ في صـدري

    إن يسأل كوني عن حبّي

    سـأُجـن ّ وأحتار بأمـري

    حبـّي هـو حبٌ للحبّ ِ

    يشـجينـي بُعدك فـي السَّفر

    مـا أنـدر أفراح زماني!

    ما أصعب أشـواك الهجر!

    فتعالَ لنـسترجع بعضـاً

    من ماضي اللقيا يا عُمري



    حبك قدري



    وسـئلت لماذا أهواكَ

    أشواقي هتفـت لا أدري

    تتغنى باسمك أوقاتي

    ويضاء بــأحرفه قمري

    ويُجن الشوق ويبكيني

    عبراتي يوقظهـا ضجري

    قدري في حبّك حيّرني

    فأعـوم بـأمـواج الفكـر



    لم تقصد يمّك أشرعتي

    دنياك مصيري في سفري

    وأدور بعاصفة حيرى

    تقصينــي زخات المطر

    عن أسمى حبّ يحييني

    فأنــوء بأحزان العمـر

    صمت العبرات سيطويني

    وحنيني يسأل عن خبـر

    أخبارك تحيي أفراحـي

    والحــبّ حياة للبشـر

    واللـوم كشوك يضنيني

    أَأُلام على حكم القـدر؟




    أجمل أعوامي



    ثلج وصقيع والبرد شديـد

    بلدي فـي أجمل أعوامي

    أضحت أزهاري في شجن

    من قسـوة بـرد الأيام

    وجليد وجودي يقصينــي

    هـرباً لمرافئ أوهامـي

    جمرات القلب الملتهــب

    شوقاً وحنيناً لــغرامي

    ومعاً في مركبة نمضــي

    لخيال شـفاف سـامـي

    ينأى بـالحب إلـى الدفء

    يبني دنيا من أحلامــي

    لـكن عانيت مـن البـرد

    وأنا فـي أجمل أعوامـي

    تاهت خطواتك عن دربـي

    فـي لـون ضباب الأيام

    فمتى ستعود إلى وطنـي

    كـي تدحر ظلـم الآلام

    وتلـون دنيانـا فرحــاً

    قمحاً ينمو في أنغامــي

    وطيوراً بيضاً تتغنــى

    فـربيعي يزهـو بسـلام

    وأمنّي نفسي يا حبــي

    وأنـا أتـرقب أيـامــي

    عام بملامح من أهـوى

    قد أضحى أجمل أعوامــي



    يارا ولينا



    يـارا كـالأحلام الحلـوه

    تتغنّــى دومــاً بـالحبّ ِ

    وتسـاعد (ماما) في البيتِ

    تـزداد الفوضـى بـاللعبِّ

    قصدَت ترتيب حوائجهـا

    مــلأت دنيانـا بـالصَّخب

    ألعابٌ كزهـور رُميَـت

    مـا أكثر َ أصنافَ الُلـعَبِ!

    وتعود الحلـوة تجمعهـا

    أسعِدها دومـاً يـا ربّــي

    لينـا * يـا أنشودة يـارا

    و فتـاةَ دافئــة القلــب

    وحناناً يعطـي بسـخاءٍ

    دنيـا يـارا فيـض الـحبّ ِ

    منحتهــا دفئاً وحنانـاً

    تـرعاهـا بـحنان مـحبّ

    *ابنة عم يارا


    ِ

    حين الهـاتف أخبر يـارا

    لينـا آتيـةٌ مـن قــرب



    رقـصـــت يــارا نجـــوى الحـــبّ ِ

    أصغــــت لخطاهـــــا بـــالقلـب

    تتمــــايل تيـــــهاً فــي الـــدربِ

    ضحكــت . صـــاحت : وصــلت لينــا

    دخلـــت فــي عالمنــــا الــرحــبِ

    حملـــت لينــــا يــــارا ، قــالت :



    أسعِدهـا دومـاً يـا ربّــي



    & & &




    كيف ننسى الحب ؟!



    في فضاء الذاكرة كانت طائرتي تسابق الريح .. تلامس غيوم الدموع .. تعلو ، وتنخفض .. تئز أزيزها الذي تعشقه الرياح التي احتضنته ، وطارتْ به حول أعمدة زمني .. قرعتْ أجراس الحنين .. وتوجهتْ إليه .. فتحول أزيزها إلى لهفات .. إلى أن وصلتْ بلاد الحنين .. فاضطرب أزيز اللهفة حين حطت طائرتي في رحاب الحنين .. رأيتك تجلس في آخر مكان التقينا به .. جلست قربك وأنت تنظر إلي .. وأنا أرشف نظراتك .. تتكلم وتتكلم نثراً صامتاً .. وأنا أتغنى بصمتك .. وحين نهضنا .. لنفترق .. خرج الحب من عينيك طفلاً داعب ملامحي وكنت أحدثك عن وجودك الدائم في فضائي .. وكيف أراك دوماً في عالمي .. تخرج من أعين الناس .. تروي ظمئي لرؤياك .. أجبني .. كيف ننسى الحب ولذاكرتنا فضاء ولمخيلتنا أجنحة ؟ كيف ؟!.. ماذا جرى .. حدث ..؟ كيف كان .. صار ..؟ حملهم الحب جميعاً وألقاهم في سلة المهملات ، وأبقاك من دونهم في بيتي .. تحيا معي .. وفي كل يوم أساعد الحب الذي يتعب عشقه في تنظيف الذاكرة منهم .. لإبقائك وحدك .. لامعاً .. مضاءً .. بالحب وحده ..

    على شرفة الصيف أنتظرك .. أرسلت الحب لإحضارك .. فهلم إلي عد لنحيا الحب .. يحتاج حبنا لمن يساعده دائماً في جمع الرتابة الروتين .. وأشواك الحياة .. ورميها في سلة المهملات .. ليبقى الحب فانوسنا السحري ..

    لم أزل أنتظر طفل عينيك أن يطل .. فهل سيحضر قبل أن تدق ساعة الخريف ..؟ حطت طائرتي على حصا زمني .. نظرتُ حولي .. كل شيء ساكن .. هادئ .. حتى البحر .. كتم أمواجه .. ابتلعها .. وإذ بي أراك تظهر أمامي .. لم أعلم من أي فضاء أتيت .. المهم أنك أتيت .. وخرج طفل عينيك .. واستقبلته عيناي .. اللتان جمعتا كل أشواق الوجود .. إليك ..



    & & &



    نافـذة



    جئت إليك سمح لي القدر بالمجيء .. وجدت في البعد نافذة موصدة بإحكام .. ومهملة .. أزلت عنها غبار الزمن .. وأشرعتها بالأحلام والأماني الخضراء .. بالإشراق الذي حلقت به هاربة من واقع البعد وقسوة أيّامه .. لأصل إلى عالم تنيره ملامحك الحبيبة .. ساءلتني خطاي .. لأي اتجاه تسيرين ؟

    وأنا أراك كيفما اتجهت بنظري .. في ذلك الاتجاه أرى ابتسامتك تزهر في وجهك ومن هناك.. ترسل لي نظرات إعجابك .. وأمامي هنا .. أراك تقف وتمد إليَّ يدك .. حبك .. وأنسام الغرام تجذبني إليك .. أسابق الطير في سرعتي لأصل .. لكنّ دربي طويل وكلما سرت أكثر استطالت الدرب أكثر وما زلت حبيبي أمامي .. وأنا أسرع إليك بكل كياني ولا أصل رغم قصر المسافة بيننا .. ألفيتها زمناً جليدياً قادراً على تجميد خطا سيرنا .. وفجأة بلا استئذان .. ارتفع بيننا جدار الفراق وإذ بي أجد نفسي خلف نافذة البعد ، ولمّا أزل أزيل عنها غبار الزمن ..



    Ccc

    بيتك

    جئتني كشلاّل صباحي .. وتدفق الحب جداول سحر من نظراتك غمر كياني حباً .. لونتُ به الناس .. والطرقات .. رسمتُ به ملامحك .. أسكنتُك حنايا القلب .. فغدا قلبي بيتك الدافئ .. المليء دوماً بـ حبيبي .. في البعد والقرب ومهما توالت فصول الحياة .. بثلجها وشمسها .. ومهما تكاثف الغبار في تخوم الزمن ومحا معالم كثيرة للناس .. والطرقات .. والأحياء .. سيبقى بيتك على حاله .. لامعاً مضاءً بالحب .. فلا تخشَ عليه في بعدك .. ولا تتساءل كثيراً وتتعب فكرك .. إنه بأمان .. فاطمئن يا حبيبي .. حين ترحل يضيء الحب فيه شمعة حضورك وحين تعود .. تضيء بحضورك بريق الحب .. الذي يطلّ عليك من شرفة بيتك في نظراتي ..


    ^^^
    السـجينة

    قدم المرهف إلى الوجود مثقلاً بإنسانيته .. دخل روضاً بشرياً ونظر بإنسانيته وتكلم بها .. فجرحته أشواك الكلمات والنظرات قام بأعمال من وحي إنسانيته .. فخرجت من أعمال الناس أشواك يصعب احتمالها .. فقالت إنسانيته : كان عليك عزلي من فكرك وروحك كي ينسجم جلدك مع أشواكهم .. لكن المرهف حمل جراحاته قرب إنسانيته وتابع مسيرته الوجودية ، ثم زار البلدان والمدن ، وقد طور وعمق نظرته ولغته وعمله الإنساني ، فأضنته الآلام التي نتجت عن أشعة الرياء والزيف الحارقة للأفراح خرج ساحباً آلامه .. فأنبته إنسانيته خوفاً عليه : - اجعل بيني وبين عملك وفكرك حاجزاً تسلم .

    فسار، ودموعه تنزف من أحزانه التي أودت به إلى مكان موحش يسكنه طيف الكآبة وحيداً .. فلم ترض له إنسانيته بذلك الانزواء لأنها تريد له الحياة ببهجتها وضيائها ويسعدها منه حب الألوان البشرية صارخة كانت أم خافتة .. بيضاء أم قاتمة ، فدعته لأحراج الطبيعة وغاباتها .. ونظرت إليه بحزن قائلة : - أخرجني الآن منك وألقِ بي بعيداً عنك .. فقال : - لا أستطيع فصلك عني لأنني لا أقوى على العيش بدونك . وسجد أمامها مودعاً وبكى .. بكى حتى نضبت ينابيع دموعه أدخل إنسانيته إلى سجن القلب وأحكم إغلاق بابه . ثم عاد ودخل روض الحياة البشري وبلدانه ومدنه .. بعد أن منحته الطبيعة قناعاً يشابه شكله .. لكنه مغطى بأسلحة غير مرئية واقية يستخدمها بديلاً من إنسانيته ، وقد امتلأت بها كلماته ، وأضحت تقية من الأشواك الجارحة بالتصدي لها ومن أشعة الرياء الحارقة بانعكاسها لمصدرها .. فقال عنه البشر : - ياله من قاسي القلب !.. فحمل قلبه القاسي المليء بالإنسانية وسار في دروب الحياة تؤلمه إنسانيته السجينة آلاماً أقسى من الأشواك وأشد حرقة من أشعة الرياء فشعر بالإعياء وقادته آلامه إلى طيف الكآبة من جديد فحن لإنسانيته الهاجعة في قلبه كالثورة النائمة .. وقرر إخراجها من سجنها إلى نور فكره وضياء روحه فبها يحيا ويشعر بوجوده كإنسان .. وكل الآلام يضمحل أثرها وتفنى إلاّ آلام الإنسانية تبقى جارحة للوجدان .

    @@@


    هروب قدريّ


    ذراعان متشابكتان وأقدام تسابق الأنسام .. هرباً من واقع الحياة المادّي الجامد .. إلى عالم الحب ودنيا الأحلام ..

    - قال : سيُريك مستقبلنا القادم كم أنّ حبّي لك كبير ..

    - قالت : إنني أحيا لذلك المستقبل الحلم ..

    أشرعا الأبواب والنوافذ لمستقبل أمانيهما السعيدة فتسلّل الواقع المادي الجامد وولج عالمهما ..

    فازدادت بذلك لحظات الكآبة .. وكان الواقع كالنّار التي تكشف حقيقة المعدن الأصيل من زيفه .. لأن المحب الحقيقي يبتسم وهو في ذروة الكآبة .. ويتعقّل وهو في ذروة الغضب ..

    ويحيا الحب أجمل لحظاته ما بين الدمعة والابتسامة وما بين الغضب والهدوء .. حين وجوده الحقيقي في القلوب ..

    في لحظة حنين للأحلام الورديّه .. جعلت قلمها يزركش مناجاتها الروحيّة :

    - أرأيت ماذا جعلني المستقبل أرى ؟ مستقبلنا ذاك الذي وعدتني به ولم يأت فرأيت الحياة بلا حب .. والشحوب يغمر وجه الشمس ، ووهجها لا يبهج والسماء لا أرى زرقتها وعيناي تدمعان للونها الرماديّ الباهت أما الأشجار فلا خضرة تكسوها .. أوراقها ذابلة .. تتساقط وتتجمع بحزن إلى أن تذروها الريح ..

    حلمت بأنني برفقة من أحب أسير في درب الحب .. ذاك الدرب الطويل .. برغم إدراكي لحقيقة سفره الدائم .. فالحياة مسافرة به بعيداً .. أما أنا .. فوحيدةً أحيا .. في غربة الحب أنتظر .. تتململ أعماقي مللاً من أحزاني إلاّ أن الأمل .. ذلك الهروب القدريّ نحو المجهول يمنحني الصبر .. والذي أهرب دوماً إليه .. فهو ملاذي .. وأتساءل: ماذا يحمل لي ذلك المجهول ؟ لا أعلم .. إلاّ أنني أشعر بوقع خطا سعادتي القادمة التي لونها لي الأمل بألوانه المفرحة .. وهاأنذا أترقبها من مهربي القدريّ الذي يحييني .


    ^^^
    شعاع الأمـل


    خيمت الكآبة بشراسة ، وأطفأت قنديل السماء في صباح البحر .. فأظلم أزرق الأمواج ، وبدا غناء البحر جنائزي الألحان .. أرسلت الريح نسائمها الصيفية القادمة من جنان الخلد .. فحولتها الكآبة لصفعات جهنمية على خدود الحياة .. جالت الكآبة في دروب الجسد المتراخي تحت وطأة سيطرتها ، سارت بخطواتها الثقيلة على بدن الأعماق .. غير آبهة بآلامها .

    وكان شعاع أملٍ صغيرٍ نائماً في القلب غافلاً عن حراسة ممتلكاته ، وحين سمع وقع قدميها الثقيل .. نهض يستطلع أمرها ولدى رؤيتها له .. خرّت ساجدة أمامه وبدت ضئيلة ، وهي تندحر بظلمتها ساحبة أشلاءها عن بسمة السماء وفتنة بحر الحياة ورقص أمواجه .


    & & &
    عصفورا قلبـي

    سكن في القلب عصفوران .. الأول يبدع بريشته ألواناً تموج بسحرها النفس في دنيا الطبيعة .. والثاني تنثر ريشته كلمات الأعماق في أفق الحياة الرحب .

    حين كان القلب طفلاً يتغنى بألق الضياء المنبثق من ريش عصفوره الأول ألواناً فنية رعتها العيون مكث العصفور الثاني تحت صخرة ينمو بحزن ووحدة قرب أشواك العذابات تتدفق منه الحياة ببهجتها وآلامها ..

    تسيل من الأعماق بريشة كلماته المحتجبة عن العيون .. تفتح صبا القلب على تشجيع كل العيون لتمجيد عشق عصفور الألوان وريشته مرئية المعاني والهيكل .. ولم يزل عصفور نثر الكلمات التي تصدح بها الروح في حجبه عن العيون حتى أضحى القلب في حيرة ..

    وانثالت من أفق الخيال أنسام جرأة .. جعلت عصفور الكلمات يخرج من مكمنه .. ويتبختر فوق السطور على مرأى العيون فسر القلب بمشيته الواثقة التي جعلت حيرته تحمل أمتعتها وترحل ..

    ووقف يتأمل العيون القارئة للكلمات بفرح مكث طويلاً تحت الصخور .


    @@@

    تأمُّل


    إننـي أقف علـى شـرفة نظر أتأمل المـساحات الـخضراء ، بأشجارها ومقاعدها المليئة بالناس الذين مزجهم نظري بأخضر الحديقة ، فبدو كأزهار متلونة ومتنوعة، منثورة هنا وهناك..وقد غُمرت وجوههم السـمحاء بالطيبة والبراءة .. إنّهم أبناء بلدي ...

    ويشع جوهر إنسانيتهم من ملامحهم أينما حلّو ...وفي تأملي لهم..

    وجدت بينهم من يُثير في نفسي تساؤلات عدة..فهناك في فيء إحدى الأشجار يجلس رجل مسن بحالة استرخاء وتأمل..اعتدت على رؤيته يومياً..إنه دائم الوحدة..يناجي الطبيعة بسكون..فلا بد أن ثمّة علاقة خاصة بينه وبين الطبيعة التي اغتنى بها عن الرفقة والأصحاب..وها هي سيدة متوسطة العمر..تستدعي انتباهـي....

    تضع على عينيها نظّارة كبيرة تخفي جزءاً كبيراً مـن وجهها...

    وتسـير بوقار..ثم تجلـس على سـور إسـمنتي محايد..تظلّلـه شجرة..يتسرب الضوء من منافذ أغصانها..فتلمع قطرات الدموع التي تتهادى على وجنتي سيّدة الحديقة هذه..التي ترفع النظّارة عن عينيها..وتمسكها بيد وتمسك منديلاً باليد الأخرى راحت تجفف به لآلئها الدمعية اللامعة..إنّها تبكي كثيراً وبحرقة..لكن برزانة..لئلا يلاحظ الناس وضعها البكائي الصامت.. وها هي تضع رأسـها بين يديها وتتأمل الأعشاب الخضراء وقد توقفت عن البكاء وطيف ابتسامة بدا على محيّاها وهي تنقّل نظرها بين الأشجار والأعشاب..وكأنها تشكرها على إصغائها لمناجاتها الروحية تلك .

    فهي لم تذهب لإحدى صديقاتها أو قريباتها لتبوح لها بهمومها بل اختارت المجـيء إلى الطبيعة صديقة الناس ومبدّدة همومهـم...

    إنها تضع نظارتها على عينيها من جديد وتنهض بتثاقل، ثم تسير ببطء وقور ، وتغادر الحديقة..تُرى ما الذي يبكيها؟ولم أتسائل ..آه..لا بد أنهّا الحياة التي يتنوع في جوهرها الألم كما يتنوع الفرح،لكنّ الفرح يمضي بنا مسرعاً في عجلاته الزمنية الرشيقة..

    فلا نتوقف كثيراً بمحطاته.

    إلاّ أن حركة الألم ثقيلة..وعجلاته تدهس بعض الأجزاء منّا أثناء السير ، فنجد أنفسنا في حالة توقف ، لنتأمل جراحاتنا وعذاباتنا والبحث عن كيفية الشفاء منها.

    @@@

    الطيف المرعب


    ارتطمت حمامتان بصخرة الواقع الناتئة فتألمتا .. وكل حمامة منهما .. اتهمت صديقتها أنها من دفعها لذلك الارتطام المؤلم ، فباعدتهما رياح المخاصمة .. وهبت نسمة حنين جعلت إحداهما تقف وتلتفت بعيني أحزانها تجاه رياح البعد التي طارت إليها صديقتها .. فتراءت لها أطياف الغد وراحت تتأملها طيفاً إثر آخر .. إلى أن صعقتها رؤية طيف الموت الذي يباعد جميع الأحبة ويزلزل بينهم وهاد الذاكرة .. فدمعت عيناها بغزارة حتى أضحت دموعها أنهاراً تجري فوق جبال الأحزان .. وغرقت روحها في الرعب ، وهي تحدق في جبروت ذلك الطيف الرهيب .. فأشاحت بوجهها عنه .

    ونظرت لطيف الحب بلهفة المستغيث ، وارتمت عليه ، فابتسم لرقتها وحملها إلى رياح صديقتها .. فألفتها تنظر لطيف الحب بعينين دامعتين .. فبسطَ الحب إشراقاته واحتضنهما معاً وجعلهما تتسامحان وتسيران في درب واحدة .. ثم اتجه نحو طيف الموت وشكره لأنه يخيف الفراق بأطياف أحزانه فيجعله يغادر دنيا الأحبة ، ويلقي بهم في أحضان التسامح الذي يقف إلى جانب المحبين ، وكلما نادتهم فوضى الذكريات المبعثرة جمالاً وقبحاً .. حباً وحقداً .. انتقى التسامح أجمل ممتلكات الذاكرة ورصفها أمام العين والقلب .. ليسود الحب أروع ما في الوجود .. ويعتلي عرش الذاكرة بفضائله السمحاء .

    @@@

    البعوضة المبتهجة


    لبّت فراشة صغيرة دعوة بعوضة لمشاركتها الاحتفال في منزلها بمناسبة خاصة بها .. حارت الفراشة البريئة في أمر تلك البعوضة التي لم تهدأ أبداً .. وهي ترقص وتتمايل أمام المدعوين .. وتبدل بالأغاني والموسيقا ما أرهق آلة التسجيل .. لتلتقي بالأغنية الأكثر مرحاً ثم تراقص ألحانها بفرح لا نظير له ..

    احمرت وجنتاها .. تعرق جسدها .. ونشاطها في أوجه دارت أحاديث كثيرة بين المدعوين .. فعلمت الفراشة قصة تلك البعوضة المبتهجة .. لقد نزعت عنها بعض أخطائها المعيبة .. وألصقتها بإحدى ضحاياها .. وهمست في آذان كثيرة بما يدين ضحيتها ويظهرها خاطئة ..

    واليوم سمعت أحدهم يذكر ضحيتها بالسوء ، ويصفها بما كانت البعوضة قد ألصقته بها .. ما جعلها تفرح فرحاً عارماً بنجاح مآربها وخبث مكرها ..

    فأقامت احتفالاً .. تفرغ فيه طاقة بهجتها .. وكانت في هذا اليوم مُحبة .. معطاءةَ .. بلا إبر مع أنها بعوضة .

    @@@

    ثلاثة ملائكـة

    في أحد الصباحات الشتوية .. اجتمع ملاك الحب مع رفيقيه .. ملاك التقدير وملاك السلام .. في قصر الجمال فوق قوس قزح .. وتداولوا موضوع إساءة بعض الكائنان البشرية لهم .. قال الحب لرفيقيه بحزن : - إن سحبت إشراقاتي وأنواري من قلوب البشر ماذا تعتقدان سيحل بالبشرية ؟

    انظرا هنا سأريكما البشرية من بعدي .. فشاهدا البشرية تتحول إلى حظيرة هائلة .. يغمر الخوف مدنها وقراها ، فقد تداخلت الغابات بالمنازل والأحياء .. وقال ملاك التقدير بغضب .. وأنا حين أسحب من نفوس البشر قيمي ماذا تعتقدان سيحل بالبشرية ؟ سأريكما البشرية من بعدي ومواجعها .. ونظرا إلى البشرية التي فارقها التقدير بقيمه السامية ، وشاهدا البشر يتحولون لحشرات .. يتزعمهم البعوض الماكر .

    أما السلام فقد انبرى صوته بانفعال : - أنا من سينتقم لكما من بني الإنسان .. فقد تعرضنا جميعنا لإهانات جمّة منهم .. لقد قررت ترك البشرية بدون سلام .. وبإمكانكما معرفة ماذا سيحلّ بها من بعدي .. وحين نظرا إلى البشرية .. شاهدا أشرس الحيوانات إرهاباً تتخفي بقناع السلام .. وتنادي بخلاص البشرية من الإرهاب كي يتسنى لها بسط سيطرتها عليها .. وقدمت إلى قصر الجمال .. جميع ملائكة الخير وحاولت إرضاء الحب والتقدير والسلام ليغفروا للإنسان خطاياه بحقهم ويعودوا للبشرية التي تعاني من اضمحلال الإنسانية وزوالها .. لكن ملائكة الخير لم تفلح .. فجاءت تلج عقل الإنسان وتوجه تفكيره كي يراقب نفسه كيف يسيء للحب والتقدير والسلام .. في بيته .. عمله .. مجتمعه .. وفي وطنه ليدرك أخطاءه .. ويصلح ما بينه وبين أولئك الملائكة الغاضبين .. حين ذلك لا بد أن تفلح ملائكة الخير في مسعاها لصالح البشرية .
    أنت لا تدرك معاناتي

    خرجت سيّدة من منزل زوجها حاملة حقائب اللاعودة..
    اسـتقلت قطار اللادموع ودخلت محكمة المجتمع بقلب ثابت
    حزنه وقور .. جلست في ركن النسيان وتوارت في عزلة المنسييّن لتذرف الدموع على كل عام مضى من عمرها الضائع أملاً أن تغسل بدموعها بعضاً من أحزان ذلك العمر الحزين..

    نهض المجتمع يحاكمها : (( لماذا فارقت زوجاً لا يريد فراقك )) ؟

    تهادت دموعها كأشرعة تهمّ بالرحيل فأجابت : (( أنت لا تدرك معاناتي .. وكم آلمتني الأشواك في دروبه الجافّة .. لكن بساتين صبري كانت في ذروة عطائها فاستطعت تحمّل رجل لا يرغب بتحمّل تبعات أخطائه بل يلقي بحملها الثقيل على شجرة أنثوية الأغصان يشعر بامتلاكها ويرضيه شعوره هذا فيتمادى به ليراها كشيء بلا روح يقتنيه هو ويرميه متى شاء .. وكأن هذا الزوج لم يزل يحيا في عهد الطفولة – في حضن الأم – لأن نظرته للزوجة والأبناء نظرة غير ناضجة .. وسلوكه يوحي بأن قيَّمه تنبع وتصب في أناه فقط وكأن طاقته موجهة نحو رغباته .. ومعاناته كلها بسبب أن تلك الرغبات ليست دائماً سهلة المنال فتجعله يعاني لدرجة المرض ، وتغصبه لدرجة الجنون ، فينفث دخان غضبه في وجه من يعاشره دوماً .. دونما شفقة أو رحمة ، ويقدم على مجزرة ذبح الأحاسيس لمن حوله دون أيّ إحساس ملحوظ بالذنب أو أيّ إدراك بأنه مدين لهم باعتذار إنسانيّ حنون ..

    وتقول أيها المجتمع بأنّه لا يريد فراقي ‍‍ وهاأنا أُؤكِّد صحة قولك : (( إنّه حقا لا يريد فراقي ! ! ولكن ليس لأنني حبيبته .. فحبّه لي هو ذلك الشعور بالامتلاك لا أكثر .. إنني إحدى ممتلكاته الهامّه فأنا منفضة تبغه النفسيّ فبمن سيطفئ سجائر انفعالاته وإحباطاته إن تخلى عنّي ؟‍! وكم حاولت بحناني أن يكتنفنا شعور الصداقة ويحتضن علاقتنا .. لنتشارك معاً هموم الحياة بأفراحها وأحزانها .. وكم تمنيت أن يعي مكنونات روحي وأمانيّ الطاهرة لحياتنا المشتركة .. وحاولت كثيراً جعله يعي ذلك .. لكن محاولاتي قد باءت بالفشل .. ممّا أذبل بساتين صبري وأدخل خضرتها إلى دنيا اليباس .

    حينئذ خيّم صمتٌ وقورٌ على محكمة المجتمع وأغلق أفواه الأسئلة والأجوبة .ثم نهضت السيّدة ماضية إلى الحياة.


    الفهرس

    1- حبّك والبحر...................................2

    2- ذكرى........................................ 5

    3- ليلة عيد..................................... 7

    4- حبّي المجنون...............................11

    5- في عيد الحب.............................. 13

    6- مصادفة.................................... 16

    7- حبك قدري................................. 19

    8- أجمل أعوامي.............................. 20

    9- يارا ولينا.................................. 22

    10- كيف ننسى الحب؟!....................... 25

    11- نافذة..................................... 28

    12- بيتك..................................... 30

    13- السجينة.................................. 31

    14- هروب قدريّ..............................34

    15- شعاع الأمل............................. 37

    16- عصفورا قلبي.......................39

    17- تأمّل................................41

    18- الطيف المرعب..................... 44

    19- البعوضة المبتهجة...................46

    20- ثلاثة ملائكة.........................48

    21- أنت لا تدرك معاناتي.................51

    22- قدر..................................54

    23- آه يا خريف العمر!...................56

    24- كـاتب...............................58

    25- الرياح................................61

    26- الصامت..............................63

    27- ذكرى باردة..........................65

    28- حين يصمت المكان...................68

    29- البيت................................72

    30- لوتس................................78

    31- العكاز................................85

    32- سيرين والذراع الطويلة................91

    33- سندريلاّ واللص........................99

    34- حين تحوَّلت "ريتا" إلى عاصفة........107

    35- وخرج طفل الذاكرة...................115
Working...
X