إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المسرحي ( عبد الستار البصري ) فنانٌ كبير، أحبّه الجمهور من خلال أدواره التي بقيت عالقة بالأذهان،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المسرحي ( عبد الستار البصري ) فنانٌ كبير، أحبّه الجمهور من خلال أدواره التي بقيت عالقة بالأذهان،


    فنجان قهوة مع:عبد الستار البصري: العمل الدرامي المحلي يفتقد ثقافة المهنة

    بغداد/ غفران حداد

    عبد الستار البصري فنانٌ كبير، أحبّه الجمهور من خلال أدواره التي بقيت عالقة بالأذهان، "المدى" التقته في شارع المتنبي على ضفاف نهر دجلة لتشرب معه فنجان قهوة وكان لنا معه هذا الحديث:
    أعمال ما بعد التغيير 
    كيف ترى أعمالنا الفنية بعد التغيير في 2003؟ - تراوحت أعمالنا الفنية بين الهبوط والصعود بفقدان الرقابة على الأعمال، إلا أن الأعمال العراقية الآن بدأت تنهض ونحن لا نقول نهوض مئة بالمئة وبلوغها درجة الكمال، ولكني أؤكد دائما بأني ضد إظهار العنف للمتلقي العراقي، العنف شيء غير محبب، نعم نقدم صفحة سيئة من تاريخ مضى ولكن لا نتشبث بهذه الرؤية على أننا هكذا كنا وهكذا سوف نكون وهكذا سوف نقدم فالمتلقي غير غائب عن الساحة والعائلة العراقية عاشت المحنة وعاشت الإرهاب وعاشت الدم فينبغي أن نقدم لهم أعمالاً بين الفكاهة والجد.
    هموم الوسط الفني 
    ما هيّ همومك في الوسط الفني؟ - همومي هموم أي مثقف واع عاش أربعين عاماً في الساحة الثقافية وفي الساحة الفنية، هموم طبيعية، إن الذي يقدم الخطأ إنتاجه خطأ، بدون شك، خصوصاً في العمل الدرامي الذي يفتقد ثقافة المهنة وثقافة الصنعة، حيث الإنتاج الهزيل، بسبب هزالة الذين يمتهنون هذه المهنة بكل معانيها، من إنتاج إلى إدارة فنية إلى تصوير، من إضاءة من إنارة من صوت يفتقدون لثقافة المهنة، فأنا عملت في دول متقدمة وقدمنا أعمالاً فنية ووجدت مستوى الإنتاج راقيا لأنهم امتهنوا ثقافة المهنة زائداً ثقافة الحياة فثقافة الحياة تنتج الأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين، وهنا في بلدي مع شديد الأسف وبألم أقولها أنني امتهنت الفن منذ عام 1963 ومنذ ذلك التاريخ والى الآن لم أعمل عملاً بكامل إنتاجه على الإطلاق هذه بعض من همومي، وأقول متى أعمل عملاً ناضجاً؟.
    اكتشاف الموهبة 
    من أكتشف موهبة الفنان عبد الستار البصري؟ - كان اكتشاف موهبتي في مراحل، لقد عملت مع المخرج محمد رجب في مسرحية "هاملت" بطريق الصدفة ثم اكتشفني الأستاذ عبد المنعم شاكر في البصرة وقدمني في مسرحية "معرض الجثث" تأليف الكاتبة الأمريكية "ستاند أكوان"، ولكن الذي فتّق ذهني على شيء أسمه مسرح، شيء أسمه إستيج هو الأستاذ علي حسن الهاشمي ألذي أفتقده لمدة خمسٍ وأربعين عاماً والتقيته مؤخراً في إحدى الدول وكان أستاذاً في الفلسفة.
    "تذكار" والجمهور 
    ما الدور الذي عرّفك بالجمهور؟ - عرفني الجمهور كممثل كوميدياً في تمثلية "تذكار" إخراج المرحوم بسّام الوردي وتأليف الأستاذ العادلي، كان العمل من بطولتي وشاركني في التمثيل، مديحة وجدي وسوسن شكري وجواد الشكرجي وآخرون.  هل هنالك دور تحلم بتأديته؟ - كل ما حلمت به أديته ولي دور لا يفكر ممثل أن يمثله أو يؤديه فأنا أديت الدور اللامرئي وهو فوق التصور، حين أديت شخصية عزرائيل، وعرض العمل في بغداد والأردن وفي المغرب وفي ألمانيا وفي مصر.
    المسرح والأدوار الهابطة 
    أين أنت من المسرح الجماهيري؟ - المسرح الجماهيري يعني المسرح الشعبي، وأن كان المسرح بهذا الشكل الذي يقدم اليوم فأنا بعيدٌ عنه، إما أن تكون مسرحية جماهيرية شعبية لها عناصر ما كان متوفراً من عناصر النجاح كالذي قدمته في مسرحية "تحت الصفر" التي نلت عنها ثلاث جوائز دولية، عام 2008 في القاهرة ,2009 في تونس,2010 في المغرب ، وإلاّ لا يمكن أن يهبط تقديمي بأدوار هابطة.
    أوقات الفراغ 
    كيف تقضي أوقات فراغك ولمن تقرأ؟ - في أوقات فراغي لي طريقٌ خاص، هذا الطريق الخاص له أدبياته وتوجهاته فأنا منغرسٌ فيه وأقرأ كل ما يقع في يدي من كتب.
     وما هو جديدك؟ -انتهيت من تصوير فيلم "من قاع المدينة" هو فيلم روائي سيناريو وحوار وإخراج الأستاذ جمال عبد جاسم وسيشارك ضمن أفلام بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013.


    كانت لي معه تجربة مسرحية وإنسانية مؤثرة وثمينة، جعلتني أتعرف على الكثير من الخفايا والأسرار في ذلك الجسد الملتهب بالحيوية، وفي روحه وهي تفيض بالمحبة والطيبة، ومناصرة السلام بوجه ثقافة العنف والإرهاب.يرفض وينتفض دائماً ضد كل ما ينتقص من القيم الإنسانية النبيلة.. يصرخ، يبكي على ما يراه من صور مؤلمة في الواقع، وإن قلقه المستمر على مستقبل وطنه يدفعه الى مزيد من التحدي لأجل التواصل في عطائه الفني.يخاصمه بعض الأصدقاء لما يمتلكه من محبةٍ لجمهوره. وبالرغم من مضايقات البعض من هذا الجمهور له وهو يتوجه يومياً الى المسرح الوطني. إلا أنه سرعان ما ينسى كل شيء ويحلق في فضاءات الخيال والجمال وهو يعانق عشيقته (خشبة المسرح).


    وحالما يسمع أصوات المجنزرات والرصاص خارج المسرح يصرخ وجبينه يتصبب عرقاً: هل تسمعون ما يحدث خارج المسرح؟ وسرعان ما يعود الى محرابه وهو يستمتع بعرقه وحركاته على خشبة المسرح. حقاً إنه معطاء لا ينضب، كحضارة بلده العراق. أمنياته بسيطة وعظيمة -الإنسان، العراق، المسرح، المحبة، السلام وهو يعم بلاده وجميع بلدان هذا الكوكب-. إنه الفنان والممثل القدير عبد الستار البصري.
    وكان لنا معه هذا اللقاء لنبدأ معه مسيرة مسرحيينا الكبار:
    - هل تعتقد بوجود إشكالية في مفهوم الأجيال المسرحية الذي مازال يطرح من بعض النقاد وما هي تجسيدات ذلك في المسرح العراقي؟
    *نعم، أنا أؤمن بوجود الأجيال المسرحية. فجيلنا جاء بعد جيل قاسم محمد وإبراهيم جلال، وهنالك جيل رابع جاء بعدنا، ومن ألمع فنانيه –هيثم عبد الرزاق- وإستطاع هذا الجيل أن ينضج جيداً من خلال فرص السفر الى خارج العراق والمشاركات الفعالة في المهرجانات العربية والدولية التي عمقت تجربتهم المسرحية برؤى جديدة.
    وإستطاع المخرج الراحل د. عوني كرومي أن يؤسس شيئاً للعمل المسرحي ولكنه هاجر ولم يكمل مشروعه داخل العراق. وأعتقد أن إطلاق تسمية الأجيال المسرحية تأتي عندما لا تكون هناك ظواهر مسرحية واضحة المعالم والإتجاهات. إن الجيل الأخير من المسرحيين الشباب يترك اليوم بصماته واضحة على المسرح العراقي. وله رؤاه الجديدة في العمل المسرحي.
    - كيف تنظر الى تأثير جيلك على المسرح العراقي وأين هو الآن؟
    *أنا أمثل الجيل الثالث في المسرح بعد رحيل الرائد حقي الشبلي والجيل الثاني بفنانيه البارزين، سامي عبد الحميد، قاسم محمد، إبراهيم جلال. ومن ابرز فناني جيلي، عزيز خيون، عز الدين طابور، عبد الجبار كاظم، وسامي قفطان. وكان للفنان الراحل عبد الجبار كاظم دوره البارز في هذا الجيل لما يتمتع به من نضج فكري وأداء جيد في وقت كان فيه تأثير الآخرين –لشديد الأسف – ضعيفاً بإتجاه إكمال المشوار –بإستثناء الفنانين عزيز خيون وسامي قفطان- وتقوقعوا في نسيج مهلهل صنعوه لأنفسهم. اما أنا فقد عملت خارج الشرنقة. وكان تاثير جيلي واضحاً، وله بصماته المؤثرة على المسرح العراقي والعربي ونرى ذلك بوضوح من خلال حصول فناني هذا الجيل على الكثير من الجوائز في المهرجانات المسرحية. وأنا لست من مؤيدي نظرية تاثير العمر على إبداع الممثل. وهناك تقاعس وكسل وعدم إستمرارية إضافة الى عدم وجود ورش خاصة بتمرين الممثلين كما هو معمول به من قبل "الكروبات" المسرحية العالمية.
    - درست المسرح في كلية الفنون الجميلة وبرزت فيها ممثلاً واعداً عبر عدد من الأدوار الرئيسية. ما الذي تركته لك تلك التجربة؟
    *إن تجربة كلية الفنون الجميلة غنية جداً، وساعدتني فيها إمكانياتي الجسدية والصوتية. وكان أول عمل لي في الكلية هو مسرحية (هنري الرابع) من إخراج أسعد عبد الرزاق. وكان مشروع تخرجي مسرحية (ست شخصيات تبحث عن مؤلف) للكاتب المسرحي براندلو. تأثرت كثيراً بأطروحات الأستاذ الكبير أسعد عبد الرزاق وخاصة فيما يتعلق بالمسرح الإيطالي. وأعتبر تجربتي في كلية الفنون الجميلة بداية التأسيس لمشروعي كممثل محترف. وكانت حصيلتي الفنية كبيرة نتيجة زمالتي للأساتذة الكبار –قاسم محمد، إبراهيم جلال، سامي عبد الحميد، جاسم العبودي، جعفر علي-. وعملت مع الفنان الراحل عبد الجبار كاظم في الفرقة القومية وقمنا بتمثيل أدوار رئيسية في أغلب مسرحيات الفرقة.
    - ماهو تقييمك لواقع المسرح العراقي في ظل النظام الشمولي السابق وكيف هو اليوم؟
    *إن السبب الحقيقي وراء تأخر الحركة المسرحية في العراق هو سياسة النظام السابق وما فرضه من حصار على الثقافة والفن. وكان الكاتب والمخرج يتوجهان الى اللا تاريخ واللا مكان لكي يهربا من مقص الرقيب. عاد الجيل المسرحي الأول من دول أوربا وبدأ تأثيره سريعاً وواضحاً على حركة المسرح العراقي. لكن سرعان ما إضمحل ذلك بسبب عدم إمكانية تواصلهم مع التجارب المسرحية الجديدة في العالم.
    وقبل تقديم الأعمال المسرحية كانت تعرض يومذاك على لجنة تهتم بما يدعى السلامة الفكرية ولا تولى أي إهتمام بالجانب الفني للعمل. وقد رفضت الكثير من ألأعمال المسرحية بضوء ذلك مثل "دائرة الفحم البغدادية" التي أعدها الفنان عادل كاظم وأخرجها إبراهيم جلال وكنت من المشاركين فيها حيث عرضت ليوم واحد ورفضت بقرار من أحد المسؤولين! ورغم كل ذلك إستمرينا بالعمل.
    وقد مثلت قبل سقوط النظام السابق في مسرحية "أكتب بإسم ربك" من تأليف فلاح شاكر وإخراج محسن العلي، وهي مسرحية سياسية كان دوري فيها (ملك الموت). وإنصب جلّ إهتمامي بالناحية الأدائية كممثل وحاولت أن أبرز بشكل واضح ما يكتنز فيَّ من رؤى فنية في تجسيد شخصية (عزرائيل). وقد اشادت بذلك شخصيات فنية عربية وعالمية منهم الفنان العالمي (روبرتو) المسؤول عن مؤسسة (دي رور) للمسرح في ألمانيا الذي قال بعد مشاهدة المسرحية "من أدى هذه الشخصية ليس ممثلاً عراقياً أو عربياً وإنما هو ممثل عالمي". ومازلت أعمل على تنمية قدراتي الجسدية والصوتية برغم عمري الذي تجاوز الواحد والستين عاماً.
    - ما هي حكاية إفتراشك الرصيف مع "الجنبر" التي إرتبطت بحياتك لسنوات مضت. هل كانت رسالة موجهة للرأي العام ضمن واجهة سياسية أم ماذا؟
    *أنا لاأعمل بدون رسالة، وفي كل خطوة من عملي هنالك رسالة ما. وما جلوسي وإفتراشي الرصيف في شارع عشرين في البياع في تلك الأعوام إلا رسالة موجهة ال السلطة السياسية الحاكمة يومذاك، مفادها أن الفنان العراقي قد همش دوره في ظلها، وكان جلوسي على الرصيف إنتصاراً للإرادة الشريفة.



    وكان بإستطاعتي العمل في المسرح الإستهلاكي التجاري الذي أدخل السفاهة في الفكاهة، ولكنني آثرت أن أحتمي بتاريخي وإنجازاتي وإسمي، وأن لا اضيع صفحة واحدة من الصفحات التي أعتز بها. وكانت تلك الحكاية صفعة للذين إدّعو آنذاك بأن النظام يرعى الفنانين ويهتم بحياتهم. وقد تم إستدعائي من قبل أحد المسؤولين في النظام المذكور حيث هددني بحجة أني اسأت الى الحزب والسلطة بجلوسي على الرصيف وأنا فنان معروف. وبذلك وصلت رسالتي، وكانت هناك ردود فعل من قبل الرأي العام في داخل العراق وخارجه.
    بعدها حطمت "الجنبر" وباشرت العمل في مسلسل "رجل فوق الشبهات" لجلال كامل. ولم أعمل ضمن اي واجهة سياسة كمحترف سياسي لأسباب عديدة منها أنني كنت متقاطعاً مع السياسة السابقة فكرياً ومهنياً. ولم أنتمي للحزب الواحد الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثة عقود رغم الضغوطات التي مورست علينا آنذاك. ورأيي في السياسة هو إنني أجد فيها كذبة منمقة، والرؤية السياسية في العراق، وعبر مراحله التاريخية، غير واضحة ومشوشة.
    - أي الأعمال المسرحية أغنت روحك كإنسان وفنان وكيف تعامل معها الوسط المسرحي؟
    *إن مسرحية "حكايات العطش والناس" تأليف وإخراج قاسم محمد تمثل بالنسبة لي قفزة كبيرة في الأداء التمثيلي. فقد كانت شخصية المسرحية التي مثلتها عراقية ومنتمية بقوة الى هذه الأرض. إنها شخصية المختار بإرادته القوية ومكانته الكبيرة في المجتمع والذي سرعان ما يجف عقله بجفاف الأرض فتتفطر الأرض بجفاف العقل ويصير المختار مجنوناً، وقد كان للمسرحية صدىً متميزاً في الوسط المسرحي العراقي.
    * مخرج مسرحي عراقي..

يعمل...
X