تويت
من أقطاب الفن العراقي المعاصر / 4
د. كاظم شمهود
- حافظ الدروبي -
الفنانون الاوائل
من خلال دراسة حياة الفنانين العراقيين الرواد يتضح لنا وجود عدد كبير من الرسامين العراقيين الذين سبقوا الرواد في الرسم حيث تشير بعض المصادر الى ان بعض الرواد قد تعلموا الرسم على يد هؤلاء في المدارس او المراسم الخاصة كما تشير المعلومات الى ان المستشارة الثقافية - المس بيل- في زمن الملك فيصل الاول في عام 1922 قد زارت بعض النشاطات الفنية والصناعية برفقة- الباشا نوري سعيد .حسب ما جاء في مذكراتها.. كما تشير كذلك عن زيارة الملك الى بعض المعارض الفنية و ان هناك رسامين لهم اعمال مميزة وبارزة.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لاتذكر اسماء هؤلاء في تاريخ الفن العراقي ؟؟؟.... وهل ان جماعة اصدقاء الفن - 1940 - ( مع احترامي للجميع ) هم اول من وضع حجر الاساس للفن العراقي وخطوا اول خط ولون على الورق و لوحة القماش ؟؟؟؟؟... اعتقد ان هناك حدث غبن واجحاف واقصاء وان الاعلام قد حجب الرؤيا عن البعض وسلط الضوء على البعض الآخر (كما هو يحصل اليوم ) لاسباب غامضة لا نعرفها.. وبالتالي ضاعت ثروة بشرية كبيرة من الفنانين العراقيين خلال قرون الاحتلال العثماني.. وهل احد يعقل ان هذا البلد الحضاري العظيم الشاسع الغني بطاقات ابناءه الفكرية و الابداعية و ثرواته الهائلة, لم نجد فيه من الفنانين غير جماعة اصدقاء الفن الذين بلغ عددهم حوالي 14 فنانا.. كما ان حصة البعثات الى الخارج قد انحصرت على اهل بغداد و ابناء الضباط فقط.. (ويبدو ان مرض المحسوبية قديم وليس جديدا و ان هناك ايدي خفية تحرك المشهد الثقافي).
تذكر بعض المصادر ان حركة الفن العراقي في زمن الدولة العثمانية كانت معدومة تماما وان بوادرها ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر على يد بعض الضباط في الجيش العثماني وهم خليط من الاتراك والعرب مثل: عثمان بك - ناطق بك - عزت بك- عبد القادر الرسام - الحاج محمد سليم علي الموصلي - حسن سامي والد الفنان عطا صبري - محمد صالح زكي -عاصم حافظ - ناصر عوني- فتحي صفوة - شوكت الخفاف, وغيرهم من الرسامين الهواة . و قد تتلمذ بعض الرواد على ايديهم. اما قبل هذه الفترة لم نرى اي مصدر يتحدث عن الفن التشكيلي العراقي.. ( حسب علمي )
لقد لعب ساطع الحصري (القومي) دورا كبيرا و خطيرا في انتقاء الاشخاص وادخالهم في المؤسسات الفنية والثقافية . فقد قرب حافظ الدروبي و جواد سليم وعطا صبري واكرم شكري وعيسى حنا وخالد الرحال . واعتمد عليهم في شؤن ادارة المتحف العراقي و الترميم و تكبير الصور لرسوم الواسطي و دراسة الآثار الاندلسية و ترميم القصر العباسي و المدرسة المستنصرية و سور بغداد القديم وغيرها... وكان هؤلاء الفنانون قد حظوا بحصة الاسد في البعثات الى الخارج و كل من له اتجاه قومي.. اذن من هو ساطع الحصري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
ساطع الحصري هو مؤسس الفكر القومي وهو يمني الاصل ولد في صنعاء عام 1879 درس في استانبول وعين مديرا لدار المعلمين فيها ..انظم الى- جمعية الاتحاد و الترقي- ودعى الى التتريك ثم انقلب في عشية و ضحاها ليصبح رائدا من رواد الفكر القومي . اصبح وزيرا للتعليم في دمشق.. ولما نصب ملك فيصل على عرش العراق عينه معاونا لوزير المعارف ثم مديرا للآثار العراقية وهو الذي كتب - القراءة الخلدونية - للصف الاول الابتدائي في العراق حيث لا تجد فيها ذكر الله على الاطلاق .. ويذكر ان في لغته رطانه( لغةعربية معجمة). ثم نقل الى سوريا مرة اخرى و اصبح المشرف العام على مناهج التعليم فيها ؟؟؟
وعند دراسة هذه الشخصية المتقلبة في الفكر والاخلاق والتنقل من بلد الى آخر واحتلاب مراكز وزارية مختلفة في كل بلد يحل فيه ... تبرز امامنا اسألة كثيرة حول - جمعية الاتحاد و الترقي - الذي ينتمي اليها ساطع الحصري . و يتضح لنا بعد ذلك ان هذه الجمعية يهودية ماسونية ظمت الى صفوفها مختلف الشخصيات و الاجناس ( .... ) اذن ان ساطع الحصري هو ماسوني بامتياز.. والطامه الكبرى انه عين مديرا لمتحف الآثار العراقية . ويشرف على عمل بعض الفنانين و المثقفين.. اذن كم من الآثار العراقية الضخمة سرقت و هربت الى الخارج في زمن هذا الماسوني . وهي الآن تحتل وتزين متاحف العالم .. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .. لكن ما يلفت نظري و يثير استغرابي هو ان احد الرواد كان يثني في كتاباته على الحصري و يكيل له المديح.. ؟؟؟
وقد قال احد العلماء فيه -
( ساطع اظلم لما وسد الامر اليه - خسف الدين بجهل لعنة الله عليه )
نعود الآن الى موضوعة اهمال ذكر المصورين و النحاتين في تاريخ الفن.. قرأت - تاب الاصنام - لابن الكلبي و هو يتحدث عن التماثيل و الانصاب التي عبدت في الجزيرة العربية منذ النبي نوح -ع- الى ظهور الاسلام .. لكنني لم اجد ذكر للفنانين او النحاتين العرب الذين قاموا بعمل هذه التماثيل خلال تلك القرون الطويلة سوى اسمين فقط و هما- باقوم و ابو تجارة - الاول من اصل رومي زوق جدران الكعبة من الداخل بالصور الدينية منها صور ابراهيم و عيسى و مريم -ع- والثاني كان يعمل تماثيل في الجزيرة ويبيعها ( لتعبد ). وهناك كتاب آخر مفقود تماما كان يتحدث عن المصورين العرب في العصور الاسلامية اسمه على ما اعتقد - ضوء النبراس في اخبار المزوقين و الخطاطين من الناس - وبالتالي نصل الى نتيجة هي ان هناك تعمد او اهمال في ذكر تاريخ المصورين العرب ومنهم الفنانين العراقيين . و قد ساهم فيها عدد من الشخصيات الحكومية من الاتراك والعرب امثال ساطع الحصري . ناهيك عن دور الاجنبي في ذلك حسدا منهم..
من هو حافظ الدروبي -
يعتبر حافظ - واحد من مؤسسي الفن العراقي المعاصر واحد رموزه .. وكانت حياته حافلة بالابداع و العطاء في الساحة العراقية.. ويبدو انه مثله كمثل فائق حسن ابتعد عن كل ماهو سياسي او حزبي او ايديولوجي .. وانصب جهده و توجهه في البحث عن مشكلة و ماهية اللون والانسجام بين عناصر التشكيل و الانشاء و البناء المعماري الفني للوحة.. وعند هربرت ريد تعتبر مرحلة البحث عن الانسجام هي الخطوة الاولى للعمل الفني حيث فيها يتحقق العنصر الجمالي للوحة . اما المرحة الثانية فهي اعطاء تعبيرية لهذا العمل من خلال الفكرة او المضمون الذي يبتغيه الفنان.. واحيانا نجد عند حافظ ان الموضوع يستخدم من اجل الفن و ليس الفن من اجل الموضوع كما هو عند بعض الفنانين .. بمعنى انه ينصب جل اهتمامه على بناء عناصر التشكيل في اللوحة و يستغرق منه الوقت الكثير من اجل المتعة .. وكأنه يزخرف و يدقق دون عجل كما هي عند رسام المنمنمات وهذه من سمات اعماله.. ونرى فيها تأثيرات واضحة من المدرسة التكعيبية كما في لوحة براك - العازفه 1911- . ولوحة بيكاسو - شاب مع قيثارة 1913 -
ركب حافظ الاسلوب الانطباعي الذي تعلمه من الفنانين البولونيين و الذين حطوا في بغداد عام 1941 . وقد تأثر الفنانون العراقيون بهم من خلال اللقاءات المتكررة و تبادل الآراء لخلق رؤيا جديدة للفن العراقي . و كان حافظ الدروبي اول السباقين في الاتصال معهم الى جانب فائق وجواد... ورافقه ذلك الاسلوب شوطا كبيرا من حياته حتى تأسيسه جماعة الانطباعيين عام 1953.. و في المعرض السنوي الرابع لهذه الجماعة عرض حافظ لوحة صغيرة بالمائيات تظهر فيها لمسات تتقاطع فيها الخطوط والالوان و كانت هذه بداية انطلاقه و تحرره من اسلوبه الانطباعي الى آفاق الحداثة والتعبير.. وهذه الحالة حدثت مع الفنان الروسي كاندنسكي عندما بدأ مرحلة التجريد فقد رسم لوحة صغير بالمائيات و عرضها سنة 1910 و كانت بسيطة في تسطيحاتها و خطوطها و لكنها كانت بداية ثورته في التجريد ..
وباتت تظهر لوحات حافظ بتشكيلات حادة الزوايا و ذا ت سطوح مكعبة و تكوينات من اشكال هندسية كالمستطيلات والمثلثات و الدوائر و غيرها ولكن بقى الموضوع محافظا على قيمته و منظره كما بقى الظل والنور يلعبا دورا جميلا في عملية التعبير، وقول عنه الناقد و الاديب جبرا ابراهيم جبرا : (عند حافظ تتقاطع الالوان و الخطوط في تكعيبية اشبه بالتفجير من مركز خفي حيث الناس والاثاث والاسواق والقباب , الاهمية نفسها كل شئ فيها زخم ..)
اتجه حافظ في رسم المواضيعه الاجتماعية و الشعبية . الى الحارات واحياء بغداد و ازقتها واسواقها وحرفها ومداخل المساجد و تقاليدها المعمارية ذات القباب و المنائر ومناظر من شواطئ دجله وبساتينه ونخيله الشاهقات بغنائية جميلة و رغم هذه التكوينات التكعيبية الا ان المنظر لايفقد هويته .. ونلاحظ في المنظر العام مناطق زاهية و اخرى خافتة بتقنية عالية الحساسية.. هذه الصور التي يجسدها الدروبي في لوحاته هي نفسها التي يجسدها الجواهري في شعره العظيم والاثنان يشتركان في رسم لوح جميلة عن دجلة و بساتينه و يملكان نفس الروح والخيال والمشاعر ولكنهما يختلفان في طرق التنفيذ والتجسيد ..
( حييت سفحك من بعد فحييني - يا دجلة الخير يا ام البساتين
حييت سفحك ظمآن الوذ به - لوذ الحمائم بين الماء و الطين )
اسس حافظ جماعة الانطباعية عام 1953 واسس فائق جماعة الرواد عام 1950 واسس جواد جماعة بغداد للفن الحديث عام 1952 وهكذا يبدو ان الجميع قد هبوا يتسابقون على احياء الفن العراقي وربطه بحركة الفن العالمي المعاصر .. وقد يكون في هذه النهضة تنافس كريم و في نفس الوقت التزام بالثوابت الفنية لتاريخ العراق وتراثه ..
السيرة الذاتية -
ولد حافظ في بغداد عام 1914 , اقام اول معرض له عام 1936 , وفي عام 1937 بعث من قبل الدولة مع عطا صبري الى ايطاليا لدراسة الفن و هناك التقيا مع جواد سليم و درسوا على يد البروفيسور الايطالي لبينسكي ولكن بعد دخول ايطاليا الحرب العالمية الثانية رجع الجميع الى بغداد دون اكمال دراستهم .. و عند تأسيس فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة ساهم حافظ مع عطا صبري و فائق حسن في و ضع المنهج التدريسي للرسم .. وفي عام 1942 افتتح حافظ اول مرسم حر للرسم في العراق و كان بعض الرواد يأتون للمرسم.. و قد استخدم حافظ الموديل العاري في مرسمه و هي حالة لم تحدث سابقا في العراق ... وفي عام 1951 بعث الى بريطانيا لدراسة الفن. اقام عدة معارض شخصية آخرها كان عام 1968.. توفى عام 1991 ..
من طرائف تدريسه للطلاب -
في عام 1970 كان حافظ عميد كلية الفنون وكان يدرسنا ماد الالوان في الصف الاول في الاكاديمية و كان الدرس مساءا .. ومن الطرائف التي حدثت في درسه . هي انه كان يضع لنا موضوع طبيعة صامتة للرسم و يتكرر هذا الموضوع عدة اسابيع حتى و صلت الحالة بالطلاب الى الاحتجاج وترك الصف.. فخاطبانا باسلوبه الهادئ : يا ابنائي ان الفنان الاجنبي فلان .. كان طيلة حياته يرسم طبيعة صامتة .. وكنا معه دائما في حوار و نقاش لاننا جئنا من معهد الفنون الجميلة و عندنا خلفيات فنية وثقافية متواضعة. وكان يتعامل معنا بهذا المستوى..
ومن الطرائف التاريخية الاخرى لحافظ .. يذكر انه كان قد تزعم عام 1933 وفد الكشافة العراقي في مهرجان الكشافة العالمي الذي اقيم في المانيا زمن هتلر . وكان ضمن التقاليد انه عندما يقترب الوفد من منصة التحية يقرأ نشيد بلاده.. لكن وفدنا المحترم لم يهئ نفسه لذلك ولم يحفظ نشيد بلاده.. فوقع الوفد في حيرة . مما جعل حافظ يخترع نشيدا شخصيا.. فلما اقترب الوفد من المنصة (وكان هتلر موجودا) ارتفع صوت حافظ :
بلى يبلبول - (والاولاد يردون عليه بحماس): بلى
ما شفت عصفور... بلى
ينكر بالطاسة... بلى
والمفاجئة الكبرى هي ان الجمهور اخذ ينسجم ويردد.. بلى..
خاص "أدب فن"
د. كاظم شمهود
- حافظ الدروبي -
الفنانون الاوائل
من خلال دراسة حياة الفنانين العراقيين الرواد يتضح لنا وجود عدد كبير من الرسامين العراقيين الذين سبقوا الرواد في الرسم حيث تشير بعض المصادر الى ان بعض الرواد قد تعلموا الرسم على يد هؤلاء في المدارس او المراسم الخاصة كما تشير المعلومات الى ان المستشارة الثقافية - المس بيل- في زمن الملك فيصل الاول في عام 1922 قد زارت بعض النشاطات الفنية والصناعية برفقة- الباشا نوري سعيد .حسب ما جاء في مذكراتها.. كما تشير كذلك عن زيارة الملك الى بعض المعارض الفنية و ان هناك رسامين لهم اعمال مميزة وبارزة.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لاتذكر اسماء هؤلاء في تاريخ الفن العراقي ؟؟؟.... وهل ان جماعة اصدقاء الفن - 1940 - ( مع احترامي للجميع ) هم اول من وضع حجر الاساس للفن العراقي وخطوا اول خط ولون على الورق و لوحة القماش ؟؟؟؟؟... اعتقد ان هناك حدث غبن واجحاف واقصاء وان الاعلام قد حجب الرؤيا عن البعض وسلط الضوء على البعض الآخر (كما هو يحصل اليوم ) لاسباب غامضة لا نعرفها.. وبالتالي ضاعت ثروة بشرية كبيرة من الفنانين العراقيين خلال قرون الاحتلال العثماني.. وهل احد يعقل ان هذا البلد الحضاري العظيم الشاسع الغني بطاقات ابناءه الفكرية و الابداعية و ثرواته الهائلة, لم نجد فيه من الفنانين غير جماعة اصدقاء الفن الذين بلغ عددهم حوالي 14 فنانا.. كما ان حصة البعثات الى الخارج قد انحصرت على اهل بغداد و ابناء الضباط فقط.. (ويبدو ان مرض المحسوبية قديم وليس جديدا و ان هناك ايدي خفية تحرك المشهد الثقافي).
تذكر بعض المصادر ان حركة الفن العراقي في زمن الدولة العثمانية كانت معدومة تماما وان بوادرها ظهرت في اواخر القرن التاسع عشر على يد بعض الضباط في الجيش العثماني وهم خليط من الاتراك والعرب مثل: عثمان بك - ناطق بك - عزت بك- عبد القادر الرسام - الحاج محمد سليم علي الموصلي - حسن سامي والد الفنان عطا صبري - محمد صالح زكي -عاصم حافظ - ناصر عوني- فتحي صفوة - شوكت الخفاف, وغيرهم من الرسامين الهواة . و قد تتلمذ بعض الرواد على ايديهم. اما قبل هذه الفترة لم نرى اي مصدر يتحدث عن الفن التشكيلي العراقي.. ( حسب علمي ) لقد لعب ساطع الحصري (القومي) دورا كبيرا و خطيرا في انتقاء الاشخاص وادخالهم في المؤسسات الفنية والثقافية . فقد قرب حافظ الدروبي و جواد سليم وعطا صبري واكرم شكري وعيسى حنا وخالد الرحال . واعتمد عليهم في شؤن ادارة المتحف العراقي و الترميم و تكبير الصور لرسوم الواسطي و دراسة الآثار الاندلسية و ترميم القصر العباسي و المدرسة المستنصرية و سور بغداد القديم وغيرها... وكان هؤلاء الفنانون قد حظوا بحصة الاسد في البعثات الى الخارج و كل من له اتجاه قومي.. اذن من هو ساطع الحصري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
ساطع الحصري هو مؤسس الفكر القومي وهو يمني الاصل ولد في صنعاء عام 1879 درس في استانبول وعين مديرا لدار المعلمين فيها ..انظم الى- جمعية الاتحاد و الترقي- ودعى الى التتريك ثم انقلب في عشية و ضحاها ليصبح رائدا من رواد الفكر القومي . اصبح وزيرا للتعليم في دمشق.. ولما نصب ملك فيصل على عرش العراق عينه معاونا لوزير المعارف ثم مديرا للآثار العراقية وهو الذي كتب - القراءة الخلدونية - للصف الاول الابتدائي في العراق حيث لا تجد فيها ذكر الله على الاطلاق .. ويذكر ان في لغته رطانه( لغةعربية معجمة). ثم نقل الى سوريا مرة اخرى و اصبح المشرف العام على مناهج التعليم فيها ؟؟؟
وعند دراسة هذه الشخصية المتقلبة في الفكر والاخلاق والتنقل من بلد الى آخر واحتلاب مراكز وزارية مختلفة في كل بلد يحل فيه ... تبرز امامنا اسألة كثيرة حول - جمعية الاتحاد و الترقي - الذي ينتمي اليها ساطع الحصري . و يتضح لنا بعد ذلك ان هذه الجمعية يهودية ماسونية ظمت الى صفوفها مختلف الشخصيات و الاجناس ( .... ) اذن ان ساطع الحصري هو ماسوني بامتياز.. والطامه الكبرى انه عين مديرا لمتحف الآثار العراقية . ويشرف على عمل بعض الفنانين و المثقفين.. اذن كم من الآثار العراقية الضخمة سرقت و هربت الى الخارج في زمن هذا الماسوني . وهي الآن تحتل وتزين متاحف العالم .. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .. لكن ما يلفت نظري و يثير استغرابي هو ان احد الرواد كان يثني في كتاباته على الحصري و يكيل له المديح.. ؟؟؟
وقد قال احد العلماء فيه -
( ساطع اظلم لما وسد الامر اليه - خسف الدين بجهل لعنة الله عليه )
نعود الآن الى موضوعة اهمال ذكر المصورين و النحاتين في تاريخ الفن.. قرأت - تاب الاصنام - لابن الكلبي و هو يتحدث عن التماثيل و الانصاب التي عبدت في الجزيرة العربية منذ النبي نوح -ع- الى ظهور الاسلام .. لكنني لم اجد ذكر للفنانين او النحاتين العرب الذين قاموا بعمل هذه التماثيل خلال تلك القرون الطويلة سوى اسمين فقط و هما- باقوم و ابو تجارة - الاول من اصل رومي زوق جدران الكعبة من الداخل بالصور الدينية منها صور ابراهيم و عيسى و مريم -ع- والثاني كان يعمل تماثيل في الجزيرة ويبيعها ( لتعبد ). وهناك كتاب آخر مفقود تماما كان يتحدث عن المصورين العرب في العصور الاسلامية اسمه على ما اعتقد - ضوء النبراس في اخبار المزوقين و الخطاطين من الناس - وبالتالي نصل الى نتيجة هي ان هناك تعمد او اهمال في ذكر تاريخ المصورين العرب ومنهم الفنانين العراقيين . و قد ساهم فيها عدد من الشخصيات الحكومية من الاتراك والعرب امثال ساطع الحصري . ناهيك عن دور الاجنبي في ذلك حسدا منهم.. من هو حافظ الدروبي -
يعتبر حافظ - واحد من مؤسسي الفن العراقي المعاصر واحد رموزه .. وكانت حياته حافلة بالابداع و العطاء في الساحة العراقية.. ويبدو انه مثله كمثل فائق حسن ابتعد عن كل ماهو سياسي او حزبي او ايديولوجي .. وانصب جهده و توجهه في البحث عن مشكلة و ماهية اللون والانسجام بين عناصر التشكيل و الانشاء و البناء المعماري الفني للوحة.. وعند هربرت ريد تعتبر مرحلة البحث عن الانسجام هي الخطوة الاولى للعمل الفني حيث فيها يتحقق العنصر الجمالي للوحة . اما المرحة الثانية فهي اعطاء تعبيرية لهذا العمل من خلال الفكرة او المضمون الذي يبتغيه الفنان.. واحيانا نجد عند حافظ ان الموضوع يستخدم من اجل الفن و ليس الفن من اجل الموضوع كما هو عند بعض الفنانين .. بمعنى انه ينصب جل اهتمامه على بناء عناصر التشكيل في اللوحة و يستغرق منه الوقت الكثير من اجل المتعة .. وكأنه يزخرف و يدقق دون عجل كما هي عند رسام المنمنمات وهذه من سمات اعماله.. ونرى فيها تأثيرات واضحة من المدرسة التكعيبية كما في لوحة براك - العازفه 1911- . ولوحة بيكاسو - شاب مع قيثارة 1913 -ركب حافظ الاسلوب الانطباعي الذي تعلمه من الفنانين البولونيين و الذين حطوا في بغداد عام 1941 . وقد تأثر الفنانون العراقيون بهم من خلال اللقاءات المتكررة و تبادل الآراء لخلق رؤيا جديدة للفن العراقي . و كان حافظ الدروبي اول السباقين في الاتصال معهم الى جانب فائق وجواد... ورافقه ذلك الاسلوب شوطا كبيرا من حياته حتى تأسيسه جماعة الانطباعيين عام 1953.. و في المعرض السنوي الرابع لهذه الجماعة عرض حافظ لوحة صغيرة بالمائيات تظهر فيها لمسات تتقاطع فيها الخطوط والالوان و كانت هذه بداية انطلاقه و تحرره من اسلوبه الانطباعي الى آفاق الحداثة والتعبير.. وهذه الحالة حدثت مع الفنان الروسي كاندنسكي عندما بدأ مرحلة التجريد فقد رسم لوحة صغير بالمائيات و عرضها سنة 1910 و كانت بسيطة في تسطيحاتها و خطوطها و لكنها كانت بداية ثورته في التجريد ..
وباتت تظهر لوحات حافظ بتشكيلات حادة الزوايا و ذا ت سطوح مكعبة و تكوينات من اشكال هندسية كالمستطيلات والمثلثات و الدوائر و غيرها ولكن بقى الموضوع محافظا على قيمته و منظره كما بقى الظل والنور يلعبا دورا جميلا في عملية التعبير، وقول عنه الناقد و الاديب جبرا ابراهيم جبرا : (عند حافظ تتقاطع الالوان و الخطوط في تكعيبية اشبه بالتفجير من مركز خفي حيث الناس والاثاث والاسواق والقباب , الاهمية نفسها كل شئ فيها زخم ..)
اتجه حافظ في رسم المواضيعه الاجتماعية و الشعبية . الى الحارات واحياء بغداد و ازقتها واسواقها وحرفها ومداخل المساجد و تقاليدها المعمارية ذات القباب و المنائر ومناظر من شواطئ دجله وبساتينه ونخيله الشاهقات بغنائية جميلة و رغم هذه التكوينات التكعيبية الا ان المنظر لايفقد هويته .. ونلاحظ في المنظر العام مناطق زاهية و اخرى خافتة بتقنية عالية الحساسية.. هذه الصور التي يجسدها الدروبي في لوحاته هي نفسها التي يجسدها الجواهري في شعره العظيم والاثنان يشتركان في رسم لوح جميلة عن دجلة و بساتينه و يملكان نفس الروح والخيال والمشاعر ولكنهما يختلفان في طرق التنفيذ والتجسيد ..
( حييت سفحك من بعد فحييني - يا دجلة الخير يا ام البساتين
حييت سفحك ظمآن الوذ به - لوذ الحمائم بين الماء و الطين )
اسس حافظ جماعة الانطباعية عام 1953 واسس فائق جماعة الرواد عام 1950 واسس جواد جماعة بغداد للفن الحديث عام 1952 وهكذا يبدو ان الجميع قد هبوا يتسابقون على احياء الفن العراقي وربطه بحركة الفن العالمي المعاصر .. وقد يكون في هذه النهضة تنافس كريم و في نفس الوقت التزام بالثوابت الفنية لتاريخ العراق وتراثه ..
السيرة الذاتية -
ولد حافظ في بغداد عام 1914 , اقام اول معرض له عام 1936 , وفي عام 1937 بعث من قبل الدولة مع عطا صبري الى ايطاليا لدراسة الفن و هناك التقيا مع جواد سليم و درسوا على يد البروفيسور الايطالي لبينسكي ولكن بعد دخول ايطاليا الحرب العالمية الثانية رجع الجميع الى بغداد دون اكمال دراستهم .. و عند تأسيس فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة ساهم حافظ مع عطا صبري و فائق حسن في و ضع المنهج التدريسي للرسم .. وفي عام 1942 افتتح حافظ اول مرسم حر للرسم في العراق و كان بعض الرواد يأتون للمرسم.. و قد استخدم حافظ الموديل العاري في مرسمه و هي حالة لم تحدث سابقا في العراق ... وفي عام 1951 بعث الى بريطانيا لدراسة الفن. اقام عدة معارض شخصية آخرها كان عام 1968.. توفى عام 1991 .. من طرائف تدريسه للطلاب -
في عام 1970 كان حافظ عميد كلية الفنون وكان يدرسنا ماد الالوان في الصف الاول في الاكاديمية و كان الدرس مساءا .. ومن الطرائف التي حدثت في درسه . هي انه كان يضع لنا موضوع طبيعة صامتة للرسم و يتكرر هذا الموضوع عدة اسابيع حتى و صلت الحالة بالطلاب الى الاحتجاج وترك الصف.. فخاطبانا باسلوبه الهادئ : يا ابنائي ان الفنان الاجنبي فلان .. كان طيلة حياته يرسم طبيعة صامتة .. وكنا معه دائما في حوار و نقاش لاننا جئنا من معهد الفنون الجميلة و عندنا خلفيات فنية وثقافية متواضعة. وكان يتعامل معنا بهذا المستوى.. ومن الطرائف التاريخية الاخرى لحافظ .. يذكر انه كان قد تزعم عام 1933 وفد الكشافة العراقي في مهرجان الكشافة العالمي الذي اقيم في المانيا زمن هتلر . وكان ضمن التقاليد انه عندما يقترب الوفد من منصة التحية يقرأ نشيد بلاده.. لكن وفدنا المحترم لم يهئ نفسه لذلك ولم يحفظ نشيد بلاده.. فوقع الوفد في حيرة . مما جعل حافظ يخترع نشيدا شخصيا.. فلما اقترب الوفد من المنصة (وكان هتلر موجودا) ارتفع صوت حافظ :
بلى يبلبول - (والاولاد يردون عليه بحماس): بلى
ما شفت عصفور... بلى
ينكر بالطاسة... بلى
والمفاجئة الكبرى هي ان الجمهور اخذ ينسجم ويردد.. بلى..
خاص "أدب فن"