إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دلال إبراهيم - عن لوفيغارو - لماذا فتنت رواية (الغسق) عقول الشــــــباب ؟..للكاتبة الأمريكية ستيفاني ماير،..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دلال إبراهيم - عن لوفيغارو - لماذا فتنت رواية (الغسق) عقول الشــــــباب ؟..للكاتبة الأمريكية ستيفاني ماير،..

    لماذا فتنت رواية (الغسق) عقول الشــــــباب ؟

    عن لوفيغارو

    دلال إبراهيم
    مع صدور جزء جديد من رواية (الغسق) للكاتبة الأمريكية ستيفاني ماير، الذي يترقبه بفارغ الصبر جمهور المراهقة في العالم أجمع، بعنوان (دعوة للدم)،

    والذي ترافق صدوره مع تشديد الحراسة والمراقبة على توزيعه، على غرار الإجراء المتبع مع روايات دان براون، تكون هذه الرواية المعروفة باسم Twilight، أو حكاية مصاصي الدماء، قد تربعت على عرش المجد والشهرة بجزئيها الاثنين، وكذلك الأفلام التي اقتبست عنها من خلال تحقيق هذا النجاح الجماهيري المدهش ولاسيما لدى جيل المراهقين، وحتى أكثر لدى الفتيات وهنا يدرس الاختصاصي الاجتماعي ميشيل فيتز ويخضع للتحليل أسباب نجاح هذه الظاهرة لدى فئة المراهقين.‏

    لاريب أن تلك الملحمة (Saga) الأدبية والسينمائية تمتلك جميع العناصر اللازمة للنجاح، حيث نجد فيها المدرسة: (كمكان للإقامة) والحب، وخاصة العلاقات فيما بين المراهقين الذين مازال الحلم يداعب مخيلتهم، وتفتنهم الطهارة والنقاء والاختلاف (ولاسيما الجسدي) الهامشية (ولكنها مكتومة) الترقب، الإثارة والتقلبات، الغرابة والأخلاق. ولكن ليس (الأخلاقية) وحتى تجاوز الذات أو الأنا، الحياة الليلية (ولا ننسى أن المراهقين في أغلبهم يحبون الليل). وبطبيعة الحال ليس من الضروري دوماً أن يضمن توفر هذه العناصر النجاح الجماهيري لعمل ما، إذاً هناك سر للنجاح ! وساغا الغسق حققت نجاحاً يضاهي نجاح رواية هاري بوتر، من نوع آخر.‏

    نلخص حكاية تويلايت ضمن إطار قصة حب بين شخصين مراهقين: هي بيلا في السابعة عشر من عمرها وهو ادوارد، مصاص الدماء، ويقوم بدوره على الشاشة الفضية الممثل البريطاني روبرت باتينسون، الذي عرفه الجمهور في مسلسل هاري بوتر عام 2005، والذي أسر قلوب الفتيات المراهقات. أي بداية الأمر نحن أمام قصة حب يقر الجميع باستحالتها، لأنهم يعلمون عدم حقيقة وجود مصاص الدماء! قصة حب مستحيلة، على غرار روميو وجولييت. وهذا هو بالضبط، العنصر (المستحيل) الذي أسر عقول الشباب من القراء ومن المشاهدين، أولئك الذين يواجهون شخصياً في حياتهم اليومية قصص حب مستحيلة أو صعبة. في الواقع إن الشفق قصة محفوفة بالمخاطر والمكائد، أي هي الحياة على حقيقتها.‏

    ويمكن لأي كان أن يرى نفسه فيها، ومن ثم يأتي سبب آخراً لنجاحها، وهو أن مصاص الدماء المراد به في القصة يتصف باللطافة والكياسة، وهذا هو الجديد في قصص مصاصي الدماء. إذ جرت العادة أن يتم تقديم هؤلاء المصاصين بصورة شريرة، فهم لا يفكرون إلا في أذية بني البشر ومص دمائهم وقتلهم في نهاية الأمر.وبالتالي، لا نجد أثراً لأولئك سوى في قصص أفلام الرعب، وليس في قصص الحب. فمن الذي يستطيع أن يقع في حب دراكولا، القبيح المنظر والعجوز قياساً لعمر الفتيات؟ والمخرج هو دفع هذا المصاص الدماء العجوز خارجاً ليحل مكانه مصاصي دماء شباب، لايبيتون نوايا خبيثة أياً كان نوعها. أي إن مصاصي الدماء الحديثين لايثيرون الفزع، بل يستميلون الناس لجانبهم.‏

    وجاء ذلك في صالح هدم الجدار الفاصل بين الخير والشر، وبين القبح والجمال الذي تقدمه لنا الرواية الجديدة (الغسق). لم يعد مصاص الدماء يجسد نزعة الشر، بل في الغسق لطيف ويتصرف بشكل حسن. وفي الواقع، لقد اختلط الآن في هذه الرواية الخير مع الشر. وما كان مؤكداً سابقاً زال. ولم نعد نعرف جيداً أين يكمن الشر وأين الخير. وضمن هذا الفضاء المتقلب من الناحية الأخلاقية من الطبيعي أن يزداد في السنوات الأخيرة الميل إلى اضفاء الطابع الإنساني على مصاصي الدماء، حتى تحول إلى رجل خارق، خالد، لا يصيبه المرض. هذا بالإضافة إلى أن البطل مصاص الدماء هو في ريعان شبابه وجذاب، وهو نباتي، ولا يتغذى سوى على دماء الحيوانات، ويتمتع بالأخلاق الحميدة (الوردة الزرقاء)، والعلاقات الجسدية لا يوليها اهتمامه، ولكن لم نفهم كيف أن مصاص دماء يدعي نفسه أنه أمير ساحر! وحتى كريم لدرجة التضحية حيث يتخلى ادوارد عن بيلا لكي لا يعرضها للخطر، منظره القوطي يثير القلق، ولكن رقته تشفع له، ولاسيما لدى المراهقات المفتونات به، واللاتي يتعرضن في حياتهن إلى مختلف أنواع التحرشات. وحالها مثل حال العديد من الفتيات في سنها أعربت كلارا عندما سألتها صحيفة فرنسية كبرى (لوباريسيان) عن افتتانها بشخص مصاص الدماء، بجماله وبشخصيته وبقدراته الخارقة وهيئته القاتمة اللون «أردت أن أكون قوطية، ولكن لم يوافق والداي، وعوضت عن ذلك بوضع الماكياج الأسود حول عيني».‏

    أما الفتيان، صار ادوارد في نظرهم منافساً لهم، يتطلعون إلى الرومانسية والتحلي بأخلاق الفارس المستعد للدفاع بشراسة عن (جميلته).‏

    يمكن القول إن رواية (الغسق) حكاية تبعث على الاطمئنان. وثمة القليل من العزاء في أن نفكر ولاسيما من في عمر الرابعة عشر أن الخير والجمال والقبح والشر جميعهم موجودون فينا. وأن الكمال ليس موجوداً في هذا العالم السفلي.‏

    وإجراء المقارنة بيننا وبين مصاص الدماء الجديد الذي يتمتع بالأخلاق البشرية السامية وارد جداً.‏
يعمل...
X