إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يعتبر ( بيت التراب) بمثابة متحف صغير تعرض فيه الأدوات التي كان يستخدمها الأجداد للمحافظة على تراث منطقة ريف طرطوس.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يعتبر ( بيت التراب) بمثابة متحف صغير تعرض فيه الأدوات التي كان يستخدمها الأجداد للمحافظة على تراث منطقة ريف طرطوس.

    "بيت التراب".. أصالة التراث وإحياؤه

    لمى علي
    الجمعة 16 آب 2013



    يعتبر "بيت التراب" بمثابة متحف صغير تعرض فيه الأدوات التي كان يستخدمها الأجداد للمحافظة على تراث منطقة ريف طرطوس.
    وفي مبادرة فردية قام أحد أبناء قرية "بيت السخي" بإنشاء غرفة ريفية مبنية على الطراز القديم للعودة إلى ذلك التراث وإحيائه في ذاكرتنا في زمن باتت الحداثة تقضي على كل ما يتعلق بالماضي.

    مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 14/7/2013 صاحب المبادرة السيد "عيسى الآغا" الذي قال: «وجدت أنه لا يوجد من يهتم بالطريقة التي كان يعيش فيها أجدادنا، فحاولت أن أجد مكاناً أوثق فيه تلك الحياة ليتسنى لأبنائي وأحفادي الاطلاع عليه فيما بعد، وأجد أنه من واجبنا جميعاً كمواطنين أن نحافظ على جذورنا وأساسنا من الضياع ونسعى
    بقدر الإمكان إلى أرشفته بأي طريقة ممكنة، وقد لا يكون ما قمت به متحفاً حقيقياً إلا أنني أعتبره مكاناً مهماً لحفظ تراث الساحل السوري».

    وحول البناء الخارجي يشير "عيسى الآغا" إلى أنه صمم الغرفة كما كانت موجودة عليه قبل عام 1900 وهي ما تعرف بـ "بيت التراب" الذي ظل الناس في منطقة ريف طرطوس يسكنونه حتى الخمسينيات من القرن الماضي وتابع: «اعتمدت في البناء على مواد مثل الحديد والاسمنت والرمل والحصى، وعلى الرغم من بساطته إلا أنه يحتاج إلى نظرة بناء فنية حيث إن جدار الغرفة مكون من حائطين من الأحجار الكبيرة يملأ بينهما بالأحجار الأصغر حجماً وهذا يعطي للحائط عرضاً وقوة وسماكة فيجعله عازلاً إلى حدٍ كبير لتأثيرات البرد والحر، ويجعله مختلفاً عن الجدار العادي في البيوت الاسمنتية الحديثة، حيث إن الحائط يسخن بحرارة الشمس في الصيف وينقل البرودة في الشتاء، أما سطح البيت فتم بناؤه كما كان قديماً من الخشب الطويل الذي يوضع فوقه القصب ليأخذ مكان الفراغات بين الخشب، وفوقه يوضع مادة "البلان" ويرش عليها التراب الأبيض فيشكل عندها مادة عازلة للحرارة والرطوبة، ومن ثم بواسطة "المعرجلينة" يتم ضغط مكونات السطح لجعلها أكثر رصاً فلا ينفذ منها أي شيء، ويدعم السطح بأعمدة خشبية داخل الغرفة تسند السقف وكان يسمى الواحد منها "الساموك"، ويوجد في الغرفة عدد من الشبابيك المصنوعة من الخشب والتي تفتح بسهولة نحو الأعلى وتعطي كمية كافية من الإضاءة والتهوية، كما يوجد فوق الباب الخشبي فتحتان على شكل مربعات بحجم الكف وهي من أجل دخول وخروج الحمام الذي كان يربى في المنازل حيث تدخل تلك الطيور إلى أعشاشها عندما يكون الباب مغلقاً، وفي بعض البيوت أيضاً كان يوجد في أسفل الباب فتحة لدخول الدجاج وخروجه إلا السيد عيسى الآغا صاحب المبادرةأنني أغفلت تلك النقطة أثناء تصنيع الباب».

    الأدوات الموجودة ضمن "بيت التراب" والتي كانت تستخدم في الحياة اليومية لسكان المنطقة قبل أكثر من 60 عاماً كثيرة إلا أن "عيسى الآغا" حاول الحصول على أكبر عدد منها ليضعها في متحفه الصغير ليتم أرشفتها فجمعها من كبار السن من أهل قريته والقرى المجاورة وأحياناً كان يضطر لشرائها ويقول في ذلك: «من تلك الأدوات "الخابة" وهي عبارة عن جرة من الفخار إلا أن لها حجماً وشكلاً مختلفين، وتستخدم لحفظ الزيت من موسم الزيتون إلى الموسم التالي، ويوجد خابات أخرى حيث تكون أصغر حجماً وعنقها أوسع وتستخدم للشرب أو لخض اللبن لاستخراج الزبدة، ويوجد "الطاحون" (الجاروشة الحجرية) الذي يستخدم لطحن العدس والقمح وهو عبارة عن قطعتين من الحجر بشكل دائري يتم تدوير الأولى فوق الثانية وتحمل الأولى فتحتان إحداهما لوضع الحبوب والأخرى لمقبض خشبي يستخدم لتدويرها، أما "الجرن" فيستخدم لقشر القمح حيث إنه لا يطحنه وإنما يزيل قشره فقط وهو عبارة عن قطعة كبيرة من الحجر الأملس يوجد في منتصفها حفرة بعمق 20 سم وقطرها 10 سم تتسع لهاون الجرن الذي يصنع من الحجر أيضاً».

    كما يوضح "الآغا" وجود عدد من الأدوات التي كانت تستخدم في الزراعة ومازال عدد منها حتى الآن يستخدمه فلاحو المنطقة وهي أدوات بسيطة كانت تصنع بشكل يدوي منها "القزمة" و"الرفش" و"الفأس" و"المنجل" و"الحالوشة" و"المدري" و"صمد الفلاحة" أما عن أدوات المطبخ فيضيف: «أغلب أدوات الطبخ مثل "الدست" و"الطناجر" و"المقلاة" و"الصحون" كانت تصنع من النحاس وذلك في فترة الستينيات من القرن الماضي وكانت الأدوات تُبيّض كل عام تقريباً، أما في فترة السبعينيات فقد انتقل الناس لاستخدام أدوات مصنوعة من الصاج مغلفة بالبورسلان، وكان أغلبها باللون الأزرق ولها شكل أنيق ولا يتفاعل مع بيت التراب من الخارجالطعام، بالإضافة إلى "أطباق القش" التي تصنع يدوياً من سنبلة القمح ويتم صباغتها بألوان متعددة لتعطي مظهراً جميلاً، كما كان يشكل عليها أثناء الصناعة رسوم مختلفة (ورد– شجر– حيوانات– زخرفة) لتزيينها وذلك بفن قامت به النساء بالفطرة دون أي تعليم، إلى جانب "القفة" التي تستخدم لنقل المواد سواء الطعام مثل (البرغل- القمح– العدس) أو مواد البناء مثل (الأحجار– التراب– الرمل) حيث تتحمل ثقلاً كبيراً ودعكاً واحتكاكاً بأي مادة، وهي مصنوعة من البلاستيك الصناعي القاسي (الكوتشوك) ولدي في متحفي الصغير عينة لكل فئة من تلك الأدوات».

    ويبين "عيسى" أن أغلب الأدوات التي كانت موجودة في القديم هي صناعة يدوية وأن الإنسان وقتها كان حرفياً وفلاحاً وفناناً وصياداً وبنّاءً في نفس الوقت، بالإضافة إلى أنه كان كريماً وسيد منزل حيث يستفيد من أي شيء موجود لخدمته وكل ذلك بالفطرة دون أي علم، أو أنه كان يأخذ فكرة من غيره ويطورها ويحسن استخدامها، وفي الختام يقول: «سأسعى إلى جمع كل الأدوات التي تم استعمالها في الماضي لأرشفتها وحفظها كتراث ضمن هذا البيت الترابي وأتمنى في المستقبل المحافظة عليه والاستفادة منه في الوقت ذاته».

    "فداء علي" سيدة من القرية قالت: «إن المبادرة التي قام بها "عيسى الآغا" مهمة جداً وتسعى فعلاً إلى حفظ تراث الساحل السوري بطريقة بسيطة وجميلة، ومن واجب جميع أهل القرية التعاون معه على جمع أكبر قدر ممكن من الأدوات التراثية القديمة لجعل "بيت التراب" متحفاً حقيقياً ومرجعاً تراثياً يستفيد منه الجميع وخاصةً في المستقبل».

    وأنهت حديثها بالقول: «ما قدمه "عيسى الآغا" يمكن اعتباره نموذجاً فنياً يحتاج إلى لمسة إبداعية وقدرة على الاستمرار في العمل لتحسين شكل المبادرة الشخصية التي تعتبر من دون أي مردود شخصي، ويشكر جداً على هذا العمل الذي من الداخلقام به والذي خدم فكرياً جميع أبناء القرية».
يعمل...
X