إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أخيراً الأديب عبد النبي حجازي «صوت الليل يمتد بعيداً» - وسام كنعان ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أخيراً الأديب عبد النبي حجازي «صوت الليل يمتد بعيداً» - وسام كنعان ..

    عبد النبي حجازي: أخيراً «صوت الليل يمتد بعيداً»






    لم يكتب للرجل الاستمرار في الشهرة في أيامه الأخيرة، لكنه خلال سنوات طويلة ترك إرثاً فنياً نفيساً. في بيئة مثقلة بالفقر والموروث الاجتماعي المتخلف ولد الراحل سنة 1938 في جيرود، القرية الوادعة على بعد 55 كلم عن دمشق، لذا لم تحظ باستقلالية ولم تتمكن من التبعية لدمشق، فعاشت تقريباً على الهامش، لكن عبد النبي حجازي عرف كيف يحول هذه البيئة الراكدة إلى بركان متفجر من الإبداع، فطوع قصص وتاريخ بلدته في حكاياته ورواياته التلفزيونية، التي قوبلت برضى جماهيري، وصنعت لصاحبها شهرة ومكانة في عالم الابداع السوري.
    استفاد الكاتب الراحل من سفره الطويل في شاسع الأراضي السورية، وخاصة في مناطقها النائية، كما استفاد من احتكاكه المباشر مع الناس لكونه كان يعمل في التعليم، وقد تخرج من جامعة دمشق قسم اللغة العربية قبل أن يتفرغ لعمله في «اتحاد كتاب العرب» وقبل أن يرأس مجلة «الأسبوع الأدبي» لفترة طويلة. كل تلك الرحلات التي وصلت إلى أقاصي الجزيرة السورية تركت بصمتها على فن القصة القصيرة الذي أنتجه، ومن ثم عدد من الروايات وصولاً إلى السيناريو التلفزيوني.
    هكذا، تمكن حجازي أن يخلق فرجة أدبية بسمة ريفية خاصة تشبه إلى حد كبير بيئته التي ولد وعاش فيها وتتقاطع في بعض مفاصله إلى حد كبير مع حقيقة هذه البيئة وتاريخها الحافل. وهو ما بدا جلياً في مسلسل «الهراس» (1981) الذي أخرجه علاء الدين كوكش، وأدى بطولته طلحت حمدي وملك سكر. كذلك قدم مجموعة قصصية بعنوان «حصار الألسن» (1979). أما في فن الرواية، فقد قدم عدة أعمال منها: «قارب الزمن الثقيل» (1970) و«السنديانة» (1971) و«الياقوتي» (1977) و«الصخرة» (1978) و«المتألق» (1980) و«المتعدد» (1982)، وأخيراً «صوت الليل يمتد بعيداً» (1989)، الذي كان يـأمل أن يحوله مسلسلاً تلفزيونياً أو فيلماً سينمائياً بشراكة صديقه المخرج هيثم حقي، لكن لم يسعفه الوقت ولا الظرف، علماً أنه سبق له شراكة حقي في مسلسل «هجرة القلوب إلى القلوب» (1990)، من بطولة سمر سامي وأسعد فضة وهاني الروماني وأيمن زيدان وجمال سليمان وعباس النوري، وقد كان من أول الأعمال التي اشتهرت بها الدراما السورية، أتبعه بشراكة ثانية مع حقي في «الأيام المتمردة» (2000).
    في موازاة ذلك تبوأ حجازي منصب المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ما بين 1988-1996، فآمن آنذاك بقدرة سورية على إجادة صناعة تلفزيونية متطورة، واتخذ قرارات مصيرية على مسؤوليته الشخصية، مدعوماً من صديقه الوزير السابق محمد سلمان، لتبدأ الدراما التلفزيونية في عهده خطواتها لأولى نحو الانتشار، رغم أن التلفزيون كان المنتج الوحيد آنذاك، قبل أن يدخل القطاع الخاص إلى الميدان. بعد تقاعده اعتكف عبد النبي حجازي بين منزله في دمشق وفيلته في جيرود، وبنى علاقة ودية مع أبناء قريته، وتفرغ لكتابة عمود أسبوعي على الصفحة الاخيرة من جريدة «الثورة» الرسمية، حتى إن بائع الصحف الوحيد في قريته كان يقص مقاله ويعلقه على واجهة محله ليتنسى لجميع المارة قراءته.
    مع انتشار خبر وفاته سارع «شيخ المخرجين السورين» هيثم حقي إلى نعي الراحل على صفحته الشخصية، مشيراً إلى أنه فقد أحد أهم الكتاب السوريين، مضيفاً بالقول: «اعذرني يا صديقي لن أستطيع وداعك إلى مثواك الأخير، فقد تحسّرت قبلاً على عدم وداع خال أولادك نجم سورية الكبير والصديق الغالي خالد تاجا.. لكن لي عزاء ببناتك وأبنائك الرائعين.. أليسوا أبناء رجل خرج من أعماق الريف ليكون أحد صنّاع الدراما السورية المتميزين؟».
    منذ سنوات راح المرض يحوّم حول صاحب «هجرة القلوب إلى القلوب»، ثم أخذ يشتد عليه، وخاصة عندما ودع شقيق زوجته النجم خالد تاجا، فلم يقوَ يومها على الوقوف لأخذ التعازي برفيق دربه، ومنذ حوالى شهر ونصف شهر دخل حجازي في غيبوبة لم يفق منها أبداً، فبعدما قطع حصة يسيرة من النضال والتعب قرر ترك الدمار السوري خلفه، والرحيل إلى الأبد.


    وسام كنعان
    الأخبار اللبنانية
يعمل...
X