إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان جمال العباس ...اكتشاف البعد التشكيلي في البازلت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان جمال العباس ...اكتشاف البعد التشكيلي في البازلت


    جمال العباس".. اكتشاف البعد التشكيلي في البازلت

    معين حمد العماطوري


    ارتبط الفنان التشكيلي "جمال العباس" بالحجارة البازلتية الصلبة الدالة على عمر التاريخ وأصالة المنطقة، الأمر الذي دفعه للبحث في لون تلك الحجارة وماهيتها.

    حول علاقة الفنان "جمال العباس" بالحجارة البازلتية بيّن الكاتب والأديب "اسماعيل الملحم" عضو اتحاد الكتاب العرب لمدونة وطن" eSyria بتاريخ 30/6/2013 تلك العلاقة بالقول: «منذ أكثر من نصف قرن والفنان "جمال العباس" يعمل على نشر الفن التشيكيلي بالسويداء، ويبحث بالبازلت وما يحتويه من أشكال هندسية وفنية وألوان طبيعية حاملة جمالاً خاصاً، وأنه نابع من تاريخ وعراقة وأصالة تلك الحجارة البازلتية وعلاقتها بالتاريخ، وقد قدم أعمالاً فنية تنم عن علاقته بالبازلت وذلك من خلال الألوان التي يختارها الدالة دلالة إنسانية وفنية بلون البازلت بعد أن أدرك طبيعة اللون الفنية والإنسانية والاجتماعية والتاريخية».

    حول ألوان البازلت التقت مدونة وطن eSyria الفنان التشكيلي "جمال العباس" وكان الحوار التالي:

    * هل للبازلت ألوان وأنت لك تجربة في النحت والفن التشكيلي؟

    ** ألوان بازلتية ٌعنوان واحد ٌلأربعة أعمال زيتية، كنت قد أسهمت بها في معرض جماعي منذ سنوات، وتكرر هذا العنوان في العديد من المعارض المشتركة والفردية، وصارت حيثياته واحدة من تعليلات الإجابة عندما أسال عن فلسفة الألوان عندي، وأذكر أن هذا العنوان قد استوقف راعي المعرض وأثار دهشته متسائلاً عما إذا كان في حجر البازلت الأسود مثل هذه الألوان، كان الاندهاش أشد وقعاً عندما جاءت الإجابة بالتأكيد، مستنداً إلى الحقيقة العلمية التي انتهت إليها تجربة "نيوتن" الأبيض مصدر الألوان أو النور مصدر الألوان، ولأن اللون الرمادي المزرق أو الأزرق الرمادي لون حجر البازلت، وليس الأسود هو أقرب الألوان إلى الأبيض فطبيعي أن تكون النتائج واحدة بفارق ضبابي أو دخاني، وحتى لا أقع في مغالطة علمية قد يراها البعض مغالاة مكشوفة أستدرك مباشرة: إن ما ذهبت إليه هو تحليل ذاتي أتصور الكاتب والأديب اسماعيل الملحمما يبرره، أو في أقصى الحالات نوع من الحب لخامة أدركت مبكراً ما فيها من ثروة وطنية بالقيمة المعمارية والصحية والجمالية استضافتها كل الحضارات، وأودعتها أسرارها، وأكسبت ساكن أرضها قوة وصلابة في الرأي والموقف، وحفظت بمنشآتها في سجل التاريخ من وظفها وكرمها.

    * الحجارة البازلتية موجودة في السويداء ضمن طبيعة أرضها منذ القديم ما اللافت لك فيها للاهتمام؟

    ** في نهاية السبعينيات لفت نظري أن المحال المبنية بالحجر البازلتي في الشارع التجاري "الشعراني" قد طليت باللون الأسود ما أساء إلى جمالية خامتها التي تزداد هيبة كلما تعتقت بتقادم الزمن، الأمر الذي دفع فضولي للاهتمام بالبازلت وبدأت أغافل والدي الفلاح الذي كان يصطحبني معه أحياناً لأقترب من بقايا مبنى أثري دائري الشكل، فيه فتحات تشبه فتحات رمي السهام، يطلق عليه الناس اسم القصر كان للرومان بالأمس حصناً أو برجاً للمراقبة على طريق القوافل.. أدخل إليه برغبة لا تقاوم، واندهش بألوان الأحجار المعتقة مع مر السنين والتي هي بين الرمادي المخضر والترابي الرمادي، وكان يحلو لي أن أتناول بعض القطع الصغيرة والمتناثرة حول المكان وأقوم بكسرها لأتعرف على لونها الأساسي الذي أيقنت فيما بعد أنه الرمادي المزرق أو الأزرق الرمادي، ومع الأيام صار وقوفي أمام البيوت المبنية بالبازلت أو التي تبنى من جديد مشهداً أنشد إليه وأقارنه بالمتروكات التاريخية لحضارات متعددة أخذت بهذه الخامة المحلية لإقامة منشآتها المعمارية.

    * كيف تابعت مسيرتك مع البازلت؟

    ** في أواخر عام 1954 كان معماريان يبنيان لنا بيتاً بالحجر بعد أن ضاق بيتنا بنا، وكان أحد المعماريين يقوم بتشذيب الأحجار المقطعة سلفاً حسب المقاس الذي يحدده له المعماري الآخر البناء، وبضربات من أعماله الفنيةمحكمة لشاقوف لا يتعدى الخط المرسوم لحدوده أو يخطئه جراء خبرة طويلة بنسج حجر البازلت وتركيب ذراته، وبالتالي توجه مسارات فلقاته التي لا يدركها إلا من أحب عمله وأخلص له، في البداية كانت وقفتي امام هذا المشهد استطلاعاً ومتابعة لما ينجز، ثم تحولت إلى استمتاع بصوت الضربات والتنقيرات التي ما إن تتلاشى حتى يأتي صداها من بعيد بإيقاع تناوبي أطرب لسماعه مأخوذاً بمهارة الصانع وحسن أدائه في التعامل مع حجرٍ يعتبر الثاني في قسوته بعد الغرانيت، وفي عام 1959 كنت طالباً في الحادي عشر (الثانوي) عندما سمعت استاذ مادة الجغرافية "معذى أبو الفضل" يروي لنا تفاصيل تجربة صهر البازلت بدرجة حرارة عالية بالتعاون مع "ملحم الفقيه" أحد أبناء من كان يدير الطاقة الكهربائية في السويداء بعد الاستقلال، وأذكر أنني سمعت منه ما يشير إلى وجود العديد من المركبات داخل خامة البازلت يمكن الاستفادة منها لأغراض صناعية مثل الليف الصخري، وورق الزجاج "البرداخ" عدا عشرات الأشكال من النماذج المعمارية والاستخدامية بالصهر أو النشر أو النحت مباشرة أو بالأدوات الكهربائية المتطورة.

    * بعد أكثر من نصف قرن بالتعامل مع البازلت، إلى أي مدى وصلت علاقتك بهذه المادة؟

    ** بلا شك فقد أحببت البازلت حتى العشق وكنت دائماً أرى في الناس التي تتحرك في عرين هذه المنطقة أنها جزء من البازلت أو تشبهه في صلابتها وقوتها وحسها بالذات والاعتزاز به، ولا أسوق جديداً إذا ما قلت إن الناس في ولاداتهم ونشوئهم وطرز حياتهم وتفاعلهم تخضع لشروطات البيئة وخاماتها، وأعتقد أن هذا صحيح فابن الجبل غير ابن الساحل، وغير ابن السهل وكذا ابن الصخور ومنذ سبعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا الفنان جمال العباسكتبت في العديد من الصحف والمجلات عشرات المقالات في مجال الفنون الجميلة أو ما يقاربها من بينها مقالات ٌعن البازلت والمتروكات الحضارية البازلتية التي تحدت كل عوامل الطبيعة وظلت شاهداً على عظمة من أقاموا في هذه البلاد وعمروها وأشادوا فيها حضاراتهم، والأهم أنها تعيد للخامة اعتبارها وللمنطقة خصائصها بل تميزها وتجعل منها قوة جذب وإغراء لكل زائر لها من سياح محليين وعرب وأجانب. لعل جمال البازلت في العقود الماضية أخرج المحافظة من عزلتها وركودها الاقتصادي والاجتماعي ودب فيها الحركة والنشاط في الفن والنحت والتشكيل وجعل أوصالها تترابط بالقادمين والمغادرين وبالعكس..
يعمل...
X