إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المصور الراحل ( جاسم الزبيدي ) فنان الثورة والحرية - نبيل الشاوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المصور الراحل ( جاسم الزبيدي ) فنان الثورة والحرية - نبيل الشاوي



    الفنان الفوتوغرافي جاسم الزبيدي
    القاهرة نبيل الشاوي
    الانسان ... القضية .. والهم الكبير

    لم أجد في حياتي رجل يناضل ويكافح بكامرته من اجل الطفولة ..
    ومن اجل الثورة ... والانسان ، كما رأيت عند فنان الثورة والحرية جاسم الزبيدي .
    رجل حمل كامرته كما يحمل المقاتل سلاحه وغادر مع الفدائيين ليشاركهم عرسهم في عملياتهم القتالية ولكي يوثق تأريخ نضالهم في التحرير.. ويوثق معهم الشهادة في العمليات البطولية وآخرها عملية أم -أم العقارب - عام 1975 .
    ثم حط رحاله مع الثوار الارتيريين وواكب مسيرتهم النضالية فكان يقيم وينام في العراء معهم ، ويرتحل معهم على البغال ... فكانوا يحملون البندقية والقضية ... وكان يحمل الكاميرا والامل والحلم الكبير .. حلم كسر نير عبودية الانسان للانسان .
    ذاك الحلم لم يفتأ يفارقه أو يزيغ عن فكره رغم ازيز الطلقات وانفجار القنابل والعطش والجوع في القفار .
    لم تكن الثورة همه الوحيد ... بل كانت الطفولة جل همه ، حيث لاوطن سعيد بلا طفولة سعيدة هانئة .. ( هكذا كان يقول ) .
    كان يسعى كي يؤسس فوتغرافا انسانيا من صميم الواقع المر للطبقة العاملة المسحوقة .. فوتغرافا يناجي المشاعر الانسانية .. ويمتلك القلوب قبل العيون التي تتأثر بمظاهر الترف والبريق الفوتغرافي .. يحمل بين طياته هموم الانسان واحلام الطفولة وبشاعة المحتل وقوة الارادة .. فنا يختلف عما كان يعرض في صالات العرض العربية والاوربية .
    فكيف كان يوفق لذلك ؟؟
    كان جاسم الزبيدي رحمه الله من عشاق التصوير بالاسود والابيض .. بل كان ذو حس مرهف أزاء تذوقه للضل والضوء !!
    كان يشرح لي كيف يتذوق الضل والضوء فيقول :
    انا اشعر بالضوء ينساب من الاعالي كقصيدة الاهية تغازل الاشجار والشوارع ووجوه النساء والاطفال فأحس بطعمها وحلاوتها ورقتها .. فيأتي الظل ليضيف من عتمته القسوة .. والامان .. والحب !
    يبتسم جاسم الزبيدي ليضيف : الله خلق كل هذا الحب وهذا الطعم العجيب من شهد الضوء والظل فكيف لانتذوقه .
    كان جاسم الزبيدي شاعر رقيق حساس .. كلماته الكاميرا والعدسة .. حروفه وجوه الاطفال والمناضلين ، ووجوه الناس التي خطت بعرق الهم والاحلام المنطفئة !!
    حيث كان من الممكن لاي شئ ان يؤثر بهذا الفنان الذي يحمل بين جنبيه قلبا عاطفيا رقيقا ، كان محبا للخير .. للناس ، بل حتى للذين يحملون له البغضاء .
    امتلك جاسم الزبيدي تلك الرؤيا الفوتغرافية وذاك النبوغ المبكر والحس المرهف بدقائق آلام البشر، من تربيته ، حيث ترعرع في عائلة كادحة تناضل لاجل تربية ابنائها وتنشئتهم .. فكان رحمه الله في ايام شبابه مغرما بالصور التي تعرضها الاستديوهات في واجهاتها الامامية في مدينتهم الصغيرة .
    فأذكر انه كان يقول لي :- كانت الصورالمعروضة تسحرني .. فأقف دقائق طوال أحدث نفسي كيف بالامكان نقل الحياة على ورق ؟ وما هو ذلك السحر ؟ .
    وفي ريعان شبابه اشتغل بتلك المهنة التي اسحرته وسلبت لبه .. ثم افتتح استوديو صغير في مدينته - بعقوبة - اسماه ( ميسلون ) فكان اسلوبه في ذلك الوقت فيه شئ من الغرابة بالنسبة للمصورين الآخرين اذ كان يصور وجوه الناس والفقراء والفلاحين والعمال ويعرضها على جدران الاستوديو ... وكان يشعر بالسعادة حين يرى الفرحة بادية على وجوه زبائنه الكادحين المسحوقين ... كان يريد ان يقدم لهم شئ أي شئ كي يمسح جزء بسيطا من آلامهم وهمومهم .. وكان ايضا يحس ان عدسته أوفت بواجبه الانساني اتجاه هؤلاء الناس الذين يشاركونه العيش على هذه الكرة الارضية .
    من خلال هذه الرؤيا الشمولية للواقع الانساني المرير الذي كان يواكبه الفنان جاسم الزبيدي تولدت لديه ثقافة فوتغرافية وتكوين للمشهد الدرامي الفوتغرافي وعمق الاحساس الفني والاجتماعي وصدق التعبير
    وعشق الظل والضوء ... فصارت الكاميرا رفيقته .. بل وحبيبته الاولى والاخيرة !! فكان لايحملها الا وهي مغطات بقماش نظيف جدا ، ومعبئة داخل حقيبتها .. واذ ما أراد ان يخرجها من الحقيبة ... فكأنه يحمل طفلا صغيرا بين يديه !
    وفي مطلع الستينات ومن خلال علاقاته اكتشف بعض الصحفيين عن امكانيات ذاك الشاب جاسم الزبيدي المتقد حماسة ونبوغ .. المتقدمة برؤيته للمشهد الذي بالتالي سيضيفه للمشهد الصحفي ... فعرضوا عليه فكرة العمل بالصحافة ... فعمل وأسس قسم التصوير الصحفي بمجلة ( الف باء ) .
    فصار همه اكبر وحلمه اوسع بأن يكون هناك وطنا واحدا بلا اسوار تحده .
    فكان الاستعمار بالنسبة اليه يعني الفقر والجوع والظلم والتخلف وقتل الطفولة ... لذا سعى ان يقدم للعالم العربي والعالمي معنى النضال ومعنى التحرر ,, ومعني ان يكون الانسان انسانا حرا .
    لم تعد الصحافة ترضي طموحه الكبير فحمل كامرته ورحل مع الفدائيين الفلسطينيين .. والارتيريين ...... ونقل للعالم صوره التي هي همه وقضيته.. من خلال معارضه التي اقامها في لندن .. وباريس .. وروما ..
    وبعض البلدان العربية .
    معارض تحكي قصة شعب .. وقصة وطن .. وثورة .. وحياة .. وطفولة ضائعة .!
    فكانت اعماله صرخة مدوية .. وعدسة وثقت .. ونور لاينطفئ .


    في عام 1967 شارك في معرض المعركة الاولى .. قضية فلسطين
    وفي عام 1968 اقام معرضه الاول ( قصة شعب ) عن الشعب والثورة الفلسطينية
    عام 1970 اقام معرض (الانسان والموت والثورة ) عن نضال الشعب الاريتيري والثورة ضد الاحتلال الاثيوبي
    عام 1975 اقام معرضا عن ( ابطال ام العقارب ) لمجموعة فدائيي فلسطين
    وعام 1976 معرضا ( عمان الشعب والثورة )عن الشعب العماني
    عام 1977 و 1978 معرضا عن الشعب الفلسطيني ( وثيقة من تل الزعتر )
    عام 1980 و 1981 معرض ( اطفال بلا طفولة ) بيروت
    عام 1982 و 1983 معرض ( الوطن والحياة )
    وفي عام 1987 اقام معرض ( الوطن .. التحدي .. الحضارة )
    واخيرا في عام 1991 اقام معرض ( 25 عاما دفاعا عن العراق وفلسطين والثورة العربية )


    وفي عام 1991 عمل مع مكتب رعاية الطفولة والبيئة في الاردن
    ثم عاد للعراق وكان ينوي ان يعمل معرضا عن اطفال العراق مابعد الحرب .... لكن الموت حال دون ذلك .
    لو تتبعنا مسيرة الفنان جاسم الزبيدي لوجدنا ان جل همه كان ينصب بالانسان .. والتحرر.. والثورة .. وقضايا الامة .. والطفولة
    أي انه كان ذو وعي وثقافة انسانية شمولية .. لم تهمه تشغله ابدا تفاهات الحياة ومباهجها .
    ولد الفنان الفوتغرافي جاسم الزبيدي عام 1940
    وتوفي عام 1991 وكانت حياته ينبوع دائم مذاقه أبدا حب الناس .. والأرض .. والطفولة.



    نبيل الشاوي
    زميل الفنان الراحل
يعمل...
X