لينا هويان الحسن
في الشرفة كان المشهد مثل فيلم وثائقي واضحاً صريحاً مباشراً: كل شيء منظماً، سليماً، منطقياً، وقف المكان كله عارياً: لا أبواب ليطرقها أحد، لا أبواب ليوصدها أحد في وجه أحد.. مرحباً بكذبك أيها السراب.. عالياً طيّرها جوارحك البائدة، واضبط مشيتك على إيقاع قدمي سرحانٍ غابر..
مرحباً بشاربيك المنمقين، المفتولين إلى أعلى كما أنفك.
مرحباً بصمتك الذي يُربِكُ، مثل بوحك.
مرحباً بصدقك الذي يحيِّر أكثر من كذبك.. ومرحباً بكذا ألف سنة خلت واحمرت رؤوسها من الحناء.. وقامتك تبعثر في وجه التاريخ عظامه وأحشاؤه وحتى ملامح وجهه.
مرحباً، بحضرتك وأنت تخلط الصباحات بالآماسي كعاشقين وحدتهما لحظة نشوة مشتركة.
لا تتدعي التيه اتركه لنا، شيء لا مرئي يكنس رقعة الشطرنج ويخلفنا غرباء يأسفون على كل شيء.
وألف مرحباً بسراب كثعبان بعيني غزالة.
من رواية سلطانات الرمل