إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الزعيم فارس الخوري ومواقفه الوطنية ورأيه بالوحدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الزعيم فارس الخوري ومواقفه الوطنية ورأيه بالوحدة

    فارس الخوري









    الشيخ محمد بهجت البيطار يزور الفارس في مشفى المجتهد عام 1960


    مواقفٌ لفارس الخوري


    تميز الزعيم الوطني الكبير فارس الخوري بذكائه وحنكته وخفة دمه، فلم تكن حياته مليئة بالنضال والمواقف الوطنية العظيمة فقط، وإنما بالمواقف الطريفة أيضاً، فقد كان صاحب نكات طريفة وتعليقات ساخرة
    بل كانت هذه النكات وتلك التعليقات وسيلته الناجحة في حل الكثير من المواقف والمشكلات التي تعترضه، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الموقف الأول:
    طاف فارس الخوري أسواق حيفا بحثاُ عن طربوش يلائم رأسه، وعندما وجد الطربوش المنشود في أحد المخازن، طلب منه البائع ضعف الثمن المحدد، فاعترض فارس: «لكن سعر الطربوش معروف وهو نصف ما تطلب»، فقال له الطرابيشي: «إذا وجدت في كل الأسواق طربوشاً بهذا الحجم يلائم رأسك فادفع ما شئت».
    فأجابه فارس على الفور: «وأنت إذا وجدت في كل البلاد رأساً كهذا الرأس يعبي طربوشك فاطلب ما شئت..».
    وذكر الأستاذ عباس الحامض (في مجلة كل جديد تاريخ كانون الأول 1947 العدد 9 السنة الثالثة) أن علي ماهر باشا قال له ذات يوم من سنة 1945 عن فارس الخوري: «لقد استحال هذا الرجل النابغة إلى كتلة دماغية فلم يبق من جسمه أعضاء من عظم يكسوه لحم وإنما أصبح كل عضو منه مدار تفكير وبحث وعمل ونشاط».

    الموقف الثاني:
    كان فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي و كان المجلس يضم عدداً من نواب العشائر شبه الأميين، فوقف واحد منهم يتحدث قائلاً: «حضرات النواب المحترمون»، فصحح له فارس الخوري بقوله: «حضرات النواب المحترمين»، فأعاد النائب نطقها بالشكل الصحيح.. ثم تابع قوله: «كان النواب المحترمين»، فقاطعه فارس الخوري، وصحح له مرة أخرى بقوله: «كان النواب المحترمون».. فثارت ثائرة النائب وصاح محتجاً باللهجة العامية: ليش هيك متحطط علي يا دولة الرئيس؟؟
    لما قلت «المحترمون» صححتها لي إلى «المحترمين» ولما قلت «المحترمين» قاطعتني وقلت: «المحترمون».. فهل تريدني أن أقول «المحترمون» أم «المحترمين»؟!
    فرد عليه فارس الخوري ضاحكاً: لست أنا من يريد وإنما سيبويه هو الذي يريد..



    استقبال فارس الخوري العائد من مؤتمر سان فرانسيسكة في مطار دمشق عام 1945


    الموقف الثالث:
    روى عنه تلميذه (علي الطنطاوي) أن طالباً (ثقيلاً…) سأله: ما فائدة هذه الأحرف اللثوية؟ ولماذا نقول ثاء وظاء؟ فنخرج ألسنتنا، ونضطر إلى هذه الغلاظة؟!
    فقال له فارس الخوري على الفور وقبل أن يتم سؤاله:
    - لا فائدة لها أبداً، وسنتركها فنقول (كسر الله من أمسالك)!!
    الموقف الرابع:
    سأله مرة أحد الصحفيين قائلاً: لقد عشت حياة طويلة عريضة فما برأيك أهم ثلاث أمور في حياة الإنسان عليه أن يسعى اليها؟ فأجاب فارس الخوري أولا الصحة وثانيا الصحة وثالثا الصحة وإليك بهذا المثال:
    إذا كنت تتمتع بالصحة سجل لنفسك واحد فقط (1) فإذا جاء العلم سجل صفراً أمام الواحد فيصبح الرقم (10) إذا ربحت المال زد صفرا على الرقم فيصبح (100) وإذا جاء المركز أو الجاه أو الشهرة زد صفرا ثم صفرا ثم صفرا وهكذا حتى يصبح الرقم المليون اسحب الواحد الذي هو الصحة ماذا يبقى؟ مجرد أصفار.. فمجموعة أصفار لا تساوي واحد كما أن مجموعة أغبياء لا يساوون أمة.
    ثمة مواقف أخرى كثيرة، لا تخلو من الطرافة والدلالة على عمق تفكير هذا الرجل، وسعة صدره، تدلل على شخصية سياسية فذُّة، وفكر منير لشخص قل نظيره بين السياسيين.. فكم نحن بحاجة إلى أمثال هؤلاء الرجال، ممن يمتلكون الخبرة و الكفاءة والنزاهة.
    ولاننسى موقفه مع الوفد الفرنسي وأيضاً وقوفه على منبر الجامع الأموي وقوله: «إذا كانت فرنسا تدّعي أنها جاءت إلى بلادنا لحماية الأقليات فمن على هذا المنبر أقول: أشهد أن لا إله إلا الله»



    فارس الخوري في الأمم المتحدة عام 1945 يوم إعلان شعار المنظمة الدولية


    خمس وعشرون دقيقة


    دخل فارس بك الخوري، ممثل سورية في الأمم المتحدة حديثة المنشأ، بطربوشه الأحمر وبذته البيضاء الأنيقة.. قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سورية من أجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق واتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا.. بدأ السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون إخفاء دهشتهم من جلوس (فارس
    بك) المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركاً المقعد المخصص لسورية فارغاً.
    دخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة.. فتوجه اليه وبدأ يخبره ان هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سورية مستدلا عليه بعلم سورية ولكن فارس بيك لم يحرك ساكنا، بل بقي ينظر إلى ساعته.. دقيقة، اثنتان، خمسة..
    استمر المندوب الفرنسي في محاولة «إفهام» فارس بيك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى ولكن فارس بيك استمر بالتحديق إلى ساعته: عشر دقائق، أحد عشرة، اثنا عشرة دقيقة وبدء صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ واستخدم عبارات لاذعة ولكن فارس بيك استمر بالتحديق بساعته، تسع عشرة دقيقة، عشرون، واحد وعشرون... واهتاج المندوب الفرنسي، ولولا حؤول سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس بيك لكان دكه.. وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بيك، ووضع ساعته في جيب الجيليه، ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه وقال للمندوب الفرنسي:
    «سعادة السفير، جلست على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة فكدت تقتلني غضباً وحنقاً، سورية استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها أن تستقل».
    في هذه الجلسة نالت سورية استقلالها.. في عام 1946، جلى آخر جندي فرنسي عن سورية..

    رأيه بالوحدة مع مصر


    تروي حفيدته كوليت خوري أنها إثر عودتها من أحد المظاهرات المطالبة بالوحدة مع مصر، عادت إلى منزل جدها في حي المهاجرين لتجده جالساً على الكرسي أمام المذياع ووجهه متجهم ولم يكن راضياً عما يجري في تلك الفترة، فارس الخوري أكثر الناس حكمة في سورية آنذاك كان محتقن الوجه وغير مرتاح، أخبرته أنها كانت مع المتظاهرين المؤيدين للوحدة، فاكتفى بهز رأسه ولم يقل لها «عفي عليكي» كعادته، ما أثار حفيظتها لتسأله «لم لست سعيداً» فأخبرها أنه مشغول البال، قلق، في تلك اللحظة وافاه مجموعة من الكبار الذين صرح لهم بقلقه وخوفه على قضية العمر التي طالما سعوا إليها وحلم حياتهم بالوحدة الكبرى على اتساع رقعة الوطن العربي.‏‏‏
    وقال بالحرف: «الآن عملوا وحدة مسلوقة سلقاً والوحدة لا تسلق والخوف إذا ما فشلت سنعود إلى نقطة ما قبل الصفر»، وبحماستها المعهودة السيدة كوليت قالت: «لا الوحدة حلوة» لكنه أصر على أن الوحدة لا تسلق سلقاً وستكون خسارة كبيرة إذا ما فشلت، وهذا ما حصل فتنبؤات فارس خوري كلها صدقت.
يعمل...
X