إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محمد خالد الخضر -شــــعر المــــرأة الســــوريــــة الحــــديــــــث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد خالد الخضر -شــــعر المــــرأة الســــوريــــة الحــــديــــــث

    شــــعر المــــرأة الســــوريــــة الحــــديــــــث


    محمد خالد الخضر
    لا بد لنا من إدراك أمر هام هو أن للطبع أهمية كبيرة في عملية الخلق الإبداعي وتأثيره في فاعليته، بما في ذلك طبيعة التفكير وكيفية الصياغة، وهذه أمور تخضع لما يمتلكه العقل من قدرات عقلية ترتبط بالموهبة وما يصاحبها من مكونات يلعب الإدراك دوراً في وجودها، تلك قضية لا بد من طرحها قبل أن نتكلم عن قضايا شعورية تجسدها المرأة في نصوصها من خلال الحالات التي تعيشها، ولا بد من الإشارة إلى أن المرأة لا تختلف أبداً عن الرجل في التعاطي أو التواجد في مثل هذه الحالات إلا من خلال العاطفة في بعض الأحيان، بيد أن المرأة غالباً ما تتفوق على الرجل بسرعة البحث عن الاستقرار والطمأنينة والركون إلى مسكن تنطلق من خلاله إلى الحياة بشكل سعيد.. تقول سنا الصباغ في قصيدتها تساؤلات:
    > لماذا.. كل ما غمرتنا.. أوج الشوق.. يصدم أرواحنا.. جفاف بحاركم.. وكلما أطلقنا أشرعة الحنين.. ورفعنا اعتراف حب على صوارينا المعتقة.. بخمر العناق .. تكسرنا رياحكم.
    وتذهب المرأة أحياناً أثناء عملية الترقب والتأمل خلال النشاطات النفسية إلى كثير من الانقباض، إلا أنه سرعان ما يتفجر هذا بما يدور ويعتمل بالعاطفة الرقيقة والشفافية الحساسة التي تؤدي إلى ظهور الكثير من التراكمات المتواجدة في ساحة الخيال عبر التقاطات العين الحساسة والقوى الإدراكية.. تقول نيروز جبيلي في قصيدة حروف العطف:
    وأنت.. أيها السنون الراحل بين الوريد والشريان.. أما زلت تقيم الصلاة في حانات الشوق.. وتتذكر عيني.
    وتتمكن المرأة من الخروج عن العاطفة بعد تجاوز مراحل اجتماعية وثقافية معينة من خلال النفس التي تنعكس عليها عملية الإبداع، وهي تدرك المتغيرات الاجتماعية وتحولاتها، وصولاً إلى درس الحالة والتمعن في الأشياء رغم الاختلاج العاطفي للمكونات الحيوية والإنسانية التي تعيشها الشاعرة، فتتجاوز ما يخصها تماماً وتدخل في مجالات أكثر شمولية فيما يخص الآخر، وتفاعلاته مع الكون والزمن والطبيعة.. تقول طهران صارم في قصيدة "إبرة":
    الإبرة منشغلة.. ترثو ثوب الزمن.. وما بين شق وشق.. كانت الإبرة.. تمسح دمعها.. وكان الخيط يجر عمراً من الوجع.
    وبهذا الصدد قد تخرج المرأة من العاطفة وتذهب إلى مجال آخر يعتمد على استقراء التراث والحاضر ومعرفة المواقف والظروف وإسقاطها على البنية التكوينية للثقافة التي تمتلكها الشاعرة فيدفعها الحرص إلى مواكبة الإنسان وما يخصه من متناقضات، فتذهب لتكوين عبارات مليئة بالحكمة والدلالات، كما فعلت لينا شدود في قصيدتها التي تقول فيها:
    الأشجار عارية .. لكن .. الجذور دافئة.
    وأحياناً تعود المرأة إلى طبعها الشعوري وطاقتها على استخراج وإثارة القوى الانفعالية للذات بشكل مكثف، معتمدة على الحالة التلميحية للتعبير والذي يبدو للقارئ بصورة تلقائية وعفوية تجسد الذوق الفطري والعوامل النفسية الكامنة والقادمة من ذات المرأة، كما فعلت سيدرى السيد في نصها الذي تقول فيه:
    رغم كثرة الدماء.. أزهر طريقي صباحاً.. حينما كلمتك.. تلون وجه الأرض.. واستحالت دروبي رياضاً.
    وثمة حالات تعتمد فيها المرأة على نظراتها التأملية بقصد الدخول إلى معطيات الحالة المعبرة عن روح الإنسان ومقاصده، وهذه أيضاً لا تخلو من الانفعالات، إلا أن الشاعرة تتمكن من استخدام الصفة الدلالية المرتبطة بالنفس لتقديم الظاهرة العاطفية أو الإنسانية، وذلك تبعاً لأي موضوع كان أو أية فكرة، فتعمد الشاعرة إلى تنمية هذه الظاهرة الشعورية، وهذا ما جاء عند مها فاضل التي تقول:
    «وحدك جعلت الحروف .. تنساب من يدي لآلئ .. أرصفها عقداً .. أزين جيد الورقة فتزهو بك .. وتعرض عني .. خيانة متوهجة مزدوجة السطرين».
    وتبدو أحياناً عملية الإسقاط كثيرة التكثيف عبر تجسيد الأشياء الموجودة داخل الشاعرة والتي تنشأ عن مصدر ميثولوجي يتميز بها الموهوب الذي تمتد موهبته عبر الماضي مستفيدة من الحاضر، وهذا الناتج غالباً ما يأتي عبر الإدراك العفوي فيظهر معبراً عن ترف شعوري على أسس ثقافية وافرة ترتكز على الاطلاع والمعرفة.. تقول سوزان خليل:
    تعال نتبادل أنخاب الصمت.. عالياً.. أرفع الأقلام.. بصحة الكلام.. يا أبيض القلب.
    تجارب النساء تدل على محاولة جادة وحاضرة، إلا أنه من الواضح أن هذا المنتج الأدبي النسائي مغيّب ببعض الطرائق حفاظاً على عدم مشاركتها لقامات وصلت إلى الساحة، وكتبت تلك التجارب بأسلوب حديث يبتعد عن الموسيقا والإيقاع ويكتفي بالومضة الشعرية، ورغم ما تمتلكه في أغلب الأحيان من ألق في الصورة أو الفكرة، لا يعني أنها لا تراوح بين الصعود والهبوط، فلا يمكن لأية تجربة بالكون إلا وأن تمر عبر كل التناقضات، لكنني أجزم إذا فسح المجال لأكثر التجارب النسائية، وتقديم بعض ما يستوجب، سوف تتقدم سريعاً، وقد تغلب كثيراً من التجارب التي وصل خلالها الرجال إلى قمة الحداثة.
    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
يعمل...
X