إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب ( تاريخ العرب من 1500 إلى أيامنا هذا )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب ( تاريخ العرب من 1500 إلى أيامنا هذا )

    خمسة قرون من تاريخ العرب أمام القارئ الغربي





    روغان: الاستعمار الغربي عنيف ودموي
    أبو بكر العيادي
    تعلمنا أن التاريخ يكتبه المنتصرون، في إشارة إلى ما درج عليه المؤرخون في بلاد الغرب من نزوع إلى رصد وقائع التاريخ من وجهة نظر الغالب، كما هو الشأن مع كثير ممن تناول الحروب الصليبية أو حرب الجزائر أو القضية الفلسطينية، وحتى حروب نابليون، حيث التحيز يخالف ما ينبغي أن يتحلى به المؤرخ من نزاهة وتجرد. الغرب لم يعدم مؤرخين تنزهت نفوسهم عن التعصب، وأقبلوا على تاريخ الأمم والشعوب يدوّنونه بوصفه فعلا إنسانيا مشتركا، وينقلونه بخصال أقوامه وعلاتهم. مثل الأميركي جورج سارتُنْ (1884 – 1956)، والفرنسي شارل أندري جوليان (1891 – 1991) والإنكليزي يوجين روغان مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أكسفورد في كتاب ضخم بعنوان “تاريخ العرب من 1500 إلى أيامنا هذه”.
    صدر الكتاب بالإنكليزية عام 2009 في نيويورك عن دار بازيك بوك، وفي لندن عن منشورات بنغوين، بعنوان “العرب، إطلالة تاريخية” وصدرت ترجمته الفرنسية هذه الأيام عن منشورات بيرّان. وقد احتفت بمؤلفه كبرى وسائل الإعلام الفرنسية، واستضافه معهد العالم العربي لتطارح الرأي مع جمع من رواده. وروغان مستشرق متخصص في تاريخ العرب بعامة وتاريخ الشرق الأوسط بخاصة، وضع هذا الكتاب لجعل القارئ الغربي يفهم التاريخ العربي كما عاشه العرب، فاعتمد على مصادر عربية مهمة قضى في دراستها 25 سنة، وحرص على إيجاد التوازن الملائم للقيام بالمهمة كمؤرخ يعالج المسألة من خارج فضائها الحضاري.
    جاء الكتاب مشتملا على الفصول التالية: من القاهرة إلى إسطنبول، التحدي العربي للحكم العثماني ومحمد علي والإمبراطورية المصرية ومخاطر الإصلاح والموجة الأولى من الاستعمار في شمال أفريقيا والتقسيم وتسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى والإمبراطورية البريطانية في الشرق الأوسط والإمبراطورية الفرنسية في الشرق الأوسط والكارثة الفلسطينية وتداعياتها وصعود القومية العربية وهبوط القومية العربية وعصر النفط وقوة الإسلام وما بعد الحرب الباردة.
    صوّر فيها حقبة طويلة من تاريخ العرب شهدت وقوعهم تحت حكم الأجنبي ونضالهم لاسترداد استقلالهم وموقعهم. يرى المؤلف أن الخيط الرابط بين هذه القرون الخمسة - منذ موقعة عين دابق عام 1516، التي هزم فيها العثمانيون المماليك، إلى عصرنا الحاضر – هو شعور العرب بأنهم فقدوا زمام أمرهم، وأن الحكم خرج من أيديهم، مما اضطرهم إلى العيش وفق قواعد كانت على مر القرون من وضع غيرهم.
    ورصد أربع مراحل بحسب مراكز النفوذ التي صار العرب خاضعين لسيطرتها، راجعين لها بالنظر في كل ما يخصّ تنظيم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولأول مرة لم يعد المركز عربيا، بعد أن حلت إسطنبول مكان بغداد ودمشق والقاهرة. وبعد قرون من الحكم العثماني، تخللتها في فترات ضعفه غزوات أهمها الحملة الفرنسية على مصر، ثم احتلال فرنسا أقطار المغرب العربي، ظهرت تجاذبات في بداية القرن العشرين، حاول العرب خلالها إعادة مسك زمام أمورهم بأيديهم، ولكن سرعان ما انجابت الحرب العالمية الأولى عن هيمنة جديدة بسطتها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا على أرض العرب، وظل مركز النفوذ بمنأى عن السيطرة العربية بعد أن انتقل إلى باريس ولندن وروما.
    ومع نهاية المرحلة الاستعمارية وبزوغ فجر الاستقلال، اجتاح العرب ما بين 1950 و1960 حماس فياض، وروح جامحة تحدوهم إلى التعويل على أنفسهم وعلى زعماء من بني جلدتهم لاستعادة أمجادهم القديمة وإيجاد موقع لهم بين القوى العظمى، ولكن لم تجر الرياح بما يشتهون، بل سارت من سيّـئ إلى أسوأ، لأسباب كثيرة يعددها المؤلف، منها الخيارات الاقتصادية الخاطئة والاستبداد والقمع والاستئثار بالسلطة والانقلابات العسكرية.
    ورغم ذلك، كانوا يأملون في التغيير، خصوصا في وجود الاتحاد السوفييتي الذي كان يعدل كفة تأثير الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل. فلما سقط جدار الحديد، باتوا أيتاما لآمالهم. والكاتب إذ يتحدث عما سمّاه علة العرب، مركزا على حالة الضيق والتململ التي تسكنهم، مشيرا إلى شعور مزدوج بالاضطهاد وكره الذات، يذكّر بمحاولات التحديث التي ظهرت هنا وهناك في فترات متباعدة، خصوصا النهضة التنويرية في القرن التاسع عشر، ليبين كيف أن العرب لم يكونوا أشخاصا سلبيين في عملية انحدار متواصل. بل إن تاريخهم يخضع لديناميكية نشيطة كانت الشعوب عواملها الواعية. غير أن القوى المهيمنة، أجنبية أم محلية، كانت تخمد كل هبّة، وتكسر كل إرادة في تغيير واقع الحال.
    ويصور كيف أن القرون الخمسة الأولى التي بلغ فيها العرب أوج عظمتهم، صارت مبعث فخر لديهم، ومبعث أسى في الوقت ذاته، لأن الحنين يجعلهم يقارنون بين حالهم بالأمس وحالهم اليوم، وهو ما جعل جانبا منهم – الإسلاميين بخاصة – يفسرون تلك العظمة بالتمسك بحبل الله والعودة إلى الأصول. الكتاب صيغ بأسلوب سردي بسيط وبلغة واضحة بعيدة عن جفاف لغة المؤرخين حتى يكون في متناول كل قارئ، وهو خال من مجاملة هذا الطرف أو ذاك، حتى عند الحديث عن الغرب، حيث يقول متحدثا عن الاستعمار الذي عانت ويلاته الشعوب العربية: “هذا الاستعمار كان دائما عنيفا مهينا دمويا، ولكنه كان دون فظاعة حرب أميركا على العراق عام 2003. إن مسعى الغرباء للسيطرة على المنطقة خلف تاريخا من العنف والدماء، ترك بدوره إحباطا في نفوس كثير من العرب حتى الآن، وقد حاولت أن أعرض ذلك في كتابي بوضوح”.
يعمل...
X