إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البقاء في سوق الفن التشكيلي…أصبح للأكثر مبيعا والأغلى ثمنا..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البقاء في سوق الفن التشكيلي…أصبح للأكثر مبيعا والأغلى ثمنا..

    سوق الفن التشكيلي… البقاء أصبح للأكثر مبيعا والأغلى ثمنا




    لوحة تمثل التراث المغربي شاركت مؤخرا في قاعة «آرت أبوظبي»
    سلام سرحان
    يرى فنانون تشكيليون ونقاد أن الحديث عن سوق للفن التشكيلي العربي باعتبارها انعكاسا للقيمة الفنية ومرتبطة بخارطة الوسط الفني، لم يعد ممكنا. ويرى هؤلاء أن انقلابا واسعا حدث مؤخرا وجعل سوق الأعمال الفنية تنفصل عن الوسط التشكيلي وتصبح سوقا لها معاييرها التجارية التي ترفع من تشاء وتخفض من تشاء.
    يقول نقاد الفن التشكيلي إن ما يحدث لسوق الفن بعد ما اقتحمتها المزادات العالمية مثل سوذبيز وكريستيز، لا يقتصر على الفن التشكيلي العربي، بل يمتد إلى سوق الفن في جميع أنحاء العالم. فالمزادات العالمية بقدراتها المالية الهائلة تستطيع تغيير جميع المقاييس الفنية، وهي لا تعتمد سوى الربح السريع معيارا لنشاطها في سوق الفن.
    ويقول الناقد فاروق يوسف «إن الحديث عن العمل الفني أصبح يتوقف عند حدود كونه بضاعة تجارية، وأن المزادات العالمية تعتمد سياسة صريحة وواضحة لا مكان للقيمة الفنية فيها… مبدآن لا ثالث لهما في تقييم الفنان: الأكثر مبيعا والأغلى ثمنا».
    لكن رفيا قضماني، وهي صاحبة غاليري في دمشق ودبي ترى في دخول دور المزادات العالمية إلى دول الخليج عاملا إيجابيا، لأنها تعمل على تسويق الفن الشرق أوسطي عالميا، وأن ذلك أدى إلى تزايد المقتنين الأجانب للأعمال الفنية العربية.
    ويرى الرسام التشكيلي اليمني عوض بريوم أن أخطر أشكال سوء الفهم للفن التشكيلي «هو أن يُنظر إليه باعتباره جزءا من الفراغ الديكوري، وليس باعتباره كينونة تخترق الفراغ وتؤسس أزمنتها الخاصة، وتولد منظومة من الدلالات المتقاطعة والمتحولة».
    وتذهب قضماني إلى أن اهتمام العالم بثقافة الشرق الأوسط تزايد منذ أحداث سبتمبر -أيلول من مبدأ معرفة الآخر، فأقيمت عدة معارض للفن العربي في الغرب. كما أن الازدهار الاقتصادي في دول الخليج أدى إلى تزايد الاهتمام العربي بالفن وارتفاع عدد المقتنين العرب. وتقول إن سوق الفن العربي جديدة ولا تشكل إلا جزءا بسيطا من سوق الفن العالمي، ولكنها في اتساع سريع بسبب انتشار المتاحف والمؤسسات الفنية في الخليج العربي».
    وبحسب فاروق يوسف المقيم في السويد فإن التوجه التجاري على حساب القيمة الفنية أدى إلى «عجز القاعات الفنية العربية بميزانياتها المتواضعة عن منافسة القاعات العالمية الكبرى».
    ويضيف أن الخاسر هنا هو الفنان العربي الذي لم يعد يجد، إلا في ما ندر، جهة تدعمه وتروج له وتسوق أعماله.
    ويذهب بريوم وهو أكاديمي أيضا ويقيم في الولايات المتحدة إلى أن «السائد الآن، وأرجو أن أكون مخطئا، هو أن يُنظر إلى العمل الفني باعتباره جزءا مكملا للفراغ، ومصمم الديكور هو صاحب القرار حول شكل وطبيعة القطعة الفنية التي تنسجم مع فضاء المكان، دون أي اعتبار لمدلولاتها ورمزيتها وأصالتها. هذا التعامل ينتج فنا حسب الطلب، وهي ظاهرة موجودة في كل مكان، ويبدو أنها السائدة في الوطن العربي في ظل غياب التنوع والجدية في حركة الاقتناء».
    ويرى فاروق يوسف أن البعض يحاول «أن يقلد المزادات ويقفز بأسعار اللوحات العربية كما حدث في دمشق، غير أن تلك القفزة كما تبين في ما بعد لم تكن منسجمة مع متطلبات إنشاء سوق فنية بمعايير راسخة. يومها اضطر الكثيرون ممن ارتفعت أسعار لوحاتهم فجأة إلى العودة إلى تسعيراتهم القديمة، التي اعتمدت على الأهواء الشخصية أكثر من أي شيء آخر».
    الآلية التي تحكم سوق الفن في الوطن العربي، بحسب عوض بريوم «لم تتضح بعد، رغم أن هذه السوق شهدت انتعاشا في منطقة الخليج العربي في الآونة الأخيرة.
    أظن أن سبب الانتعاش يعود إلى معطيات سياسية واقتصادية فرضت نفسها على المنطقة العربية واستنسخت أنماطا ومفاهيم وُلدت أصلا في الغرب وتطورت ضمن آلياته الثقافية الخاصة. لذا فإن هذا الانتعاش الظاهري ليس وليد ارتقاء طبيعي للفن في الوطن العربي أو اتساع قاعدة ذائقته الشعبية أو تجذّر في بنيانه الثقافي.
    ويرى أن المشهد الفني في الوطن العربي، بما في ذلك حركة الاقتناء «تحكمه حالة نخبوية لا يمكن أن تخفي ضحالتها وعدم وضوح رؤاها وابتعادها في الغالب عن التفاعل مع السائد في الوعي الجمعي». ويضيف «من البديهي أن لا يكون هناك تفاعل ديناميكي في ظل غياب شبه تام للتوثيق وانتفاء العلاقة الطبيعية بين الفنان والمؤسسة الفنية التي توثق وتقيّم وتعرّف وتغني الجانب النظري والمعرفي للفن».
    «هناك اليوم فوضى هائلة» على حد تعبير فاروق يوسف الشاعر والناقد، وقد ضاعت وسط تلك الفوضى القيم الفنية الحقيقية، التي يمكن من خلالها الحكم على العمل الفني».
    وتقر قضماني بأن سوق الفن العربي تفتقر إلى أسس ومعايير تقييم اللوحة التي ينبغي أن تعتمد على خبرة الفنان وعدد المعارض التي أقامها والجوائز التي حظي بها، في حين يعتمد سعر اللوحة في العالم العربي على قدرة الغاليري أو تاجر الفن على تسويق أعمال الفنان ورفع سعر بعض الأعمال في المزادات.
    ويشدد بريوم على أن العلاقة بين الفنان والمؤسسة الفنية «ينبغي أن تسهم في نمو الذائقة الفنية وإرساء قاعدة لحركة اقتناء تستجيب لنمو الفنان والمجتمع سواء بسواء».
    ومع كل ذلك لا يبدو بريوم متشائما ويقول إنه ينظر بقدر من التفاؤل إلى حالة الانتعاش في أسعار الأعمال الفنية، ويتمنى ويحلم أن يؤسس ذلك لخصوصية ما في المدى المنظور.
    ويقول فاروق يوسف بأسف «إن أسواق الفن الكبيرة مثل «آرت دبي» و«آرت أبوظبي» و«آرت بيروت»، لم تفعل إلا ما يعزز ذلك المفهوم الربحي المحض، لذلك توجهت تلك الأسواق إلى العروض العالمية رغبة في جذب الجمهور النخبوي الراغب في اقتناء الأعمال الفنية».
يعمل...
X