إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان أميديّو مودلياني رسّاماً ونحات إيطالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان أميديّو مودلياني رسّاماً ونحات إيطالي

    مودلياني نحاتا





    سكينة منحوتات مودلياني
    عدنان حسين أحمد
    لندن – يُعدّ الفنان الإيطالي
    أميديّو مودلياني رسّاماً في المقام الأول، وقد أنجزَ العديد من اللوحات ومئات «الاسكتشات»، لكن سلوكه العبثي، وبوهيميته، وإدمانه على الكحول والمخدرات كان السبب وراء ضياع أو تلف الكثير من أعماله الفنية التي حطّمها بنفسه أو أهداها إلى بعض صديقاته اللواتي لا يقدّرن أهمية العمل الفني، أو قايضها بوجبات طعام نتيجة لضيق ذات اليد، وبسبب الفقر المدقع الذي عانى منه في سنوات تشرده بباريس.
    وعلى الرغم من ذيوع شهرته كرّسام متميز له بصمة خاصة في المشهد التشكيلي الفرنسي خاصة، والأوروبي بشكل عام إلاّ أن مودلياني يعتبر نحّاتاً من الطراز الرفيع فقد أنجز طوال حياته الفنية «27» عملاً نحتياً استقر في ذاكرة محبي الأعمال الفنية، ولعل منحوتة «رأس امرأة» التي يتمحور حولها هذا المقال هو العمل النحتي الأشهر لمودلياني والذي بيع لمُضاربٍ مجهول بـ «43,185,000» يورو، وهو أعلى سعر لعمل فني بيع في باريس، وواحد من أعلى الأسعار التي دُفعت لمنحوتة فنية في العالم.
    أنجز مودلياني هذه المنحوتة في ديسمبر 1910، وقد نفذّها من حجر الكلس، ويبلغ ارتفاعها «65» سنتيمتراً لا غير! يا تُرى، ما الذي يميِّز هذه المنحوتة عن غيرها من منحوتات مودلياني؟ هل أن ثيمتها هي السبب في شهرتها وذيوعها العالمي أم أنّ مواصفاتها الشكلانية الخارجية هي التي وضعتها في حينه، في دائرة الأضواء، وربما تظل كذلك لمدة طويلة من الزمن؟
    يرى نقّاد الفن التشكيلي بأن هناك بضعة خصائص فنية تتعلق بالشكل والمضمون معاً تقف جميعها وراء شهرة هذا العمل النحتي المُذهل.
    فمن الناحية الشكلانية تبدو استطالات الأنف والخدّين والفكّين الأسفلين واضحة للعيان، بل مُهيمنة كمعالم جمالية لافتة للانتباه، وأكثر من ذلك فإنَّ الأناقة الهندسية تُبرز الدقة في تنفيذ هذه النِسب والأشكال المُتلاعَب بها بطريقة فنية أخّاذة تنتسب إلى مودلياني نفسه، ولا تحيل إلى فنان آخر إلاّ ما ندر.
    إذاً، ثمة تشديد على الجانب الهندسي في هذه المنحوتة أو غيرها من المنحوتات المودليانية التي تأخذ طابعاً تبسيطياً مجازفاً، لكنه ينتمي في الوقت ذاته إلى «السهل الممتنع» الذي يمكن تقليده بسهولة، ويستحيل الإتيان بمثله. لابد من الإشارة إلى بعض المؤثرات الفنية التي تسربت إلى مودلياني من عدة فنانين إيطاليين وفرنسيين على وجه التحديد أبرزهم غواليلمو ميشالي، جيوفاني بولديني، جينو سيفيريني، خوان غريس، دومينيكو موريللي، بول سيزان، تولوز لوتريك، وربما يكون النحّات الروماني كونستانتين برانكوزي هو الأكثر تأثيراً في مولدلياني ويستطيع المُشاهد أن يقارب بين منحوتات برانكوزي المعروفة مثل «المودموزيل بوغاني» و»الألهة النائمة» و «القُبلة» وبين سلسلة «الرؤوس» التي أنجزها مودلياني واستطاع أن يمتص هذه الأفكار والمهيمنات الفنية أو النحتية على وجه التحديد من أقرانه الفنانين المعاصرين له أو الذين سبقوه في شهرتهم الفنية.
    بل إن هناك تأثيرات أخرى قد تمتد إلى فنون العصر الجليدي الأخير الذي شاهدنا فيه إحالات واضحة للاستطالات في نسب ومقاييس الوجوه البشرية تحديداً.
    لا شك في أن مؤثرات الفن القبَلي الأفريقي قد تسربت هي الأخرى إلى مخيلة مودلياني وحرّضته على إنجاز هذا النمط من الوجوه والمنحوتات المقنّعة التي مهّدت لهذه الاستطالات الشكلانية المثيرة.
    يستدل النقاد الفنيون بأن مودلياني قد شاهد نماذج للفن القبَلي الأفريقي في غاليري «جوزيف برومر» وفي مرسم «بيكاسو» إضافة إلى متحف «اللوفْر» الذي يضم نماذج عديدة من الفنون الأفريقية القديمة والحديثة على حد سواء.
    إن التساوقات الإيقاعية لغالبية منحوتات مودلياني مستمدة بشكل أو بآخر من الفن القبَلي الأفريقي، إضافة إلى تأثيرات برانكوزي الواضحة، الأمر الذي يكشف لنا السكينة الغامضة التي تغمر منحوتات مودلياني، فثمة عزلة مريبة تعيشها شخصيات مودلياني وكأنها تحتفي بوحدتها الآسرة وانقطاعها الكلي لعالمها الداخلي الذي يتأجج بالتأمل العميق الذي تعيشه هذه المنحوتات الناطقة في تعبيريتها وقد كان مودلياني لا يحبّذ حصره أو تصنيفه ضمن مدرسة معينة أو تيار فني محدد كالتكعيبية والدادائية والسوريالية والمستقبلية وما إلى ذلك، لأنه ببساط شديدة، كان يريد أن يكون مختلفاً عن الفنانين الآخرين.
    وله بصمة خاصة به يقول من خلالها بالفم الملآن: «هذا ما أراه أنا!، وليس كما يراه غيري أو تحتفي به الغالبية العظمى من الناس».
يعمل...
X