إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

\ المعري فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • \ المعري فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة

    خضور: المعري رأى أن الدين هو الترفع على كل سيئ



    دمشق- سانا

    فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة إنسان فوق الطائفية المقيتة فلا إمام عنده سوى العقل حامل الرحمة وحاميها وما المذاهب عنده إلا طرائق لحشد الدنيا عند اقدام مبتكريها إنه أبو العلاء المعري .

    من هذا المدخل بينت الشاعرة توفيقة خضور في محاضرتها "إنسانية المعري" التي ألقتها في ثقافي المزة أن المعري كان شاعرا فيلسوفا يحمل رؤى انسانية عالية ومختلفة عن رؤى الآخرين فكان يرى ان الانسان فوق الطائفية والتفرقة بما يمتلك من عقل يجب أن يمضي إلى الرحمة والمحبة بعدالة مطلقة دون التمييز بين إنسان وآخر مهما كان نوع انتمائه كما ورد في قوله.. كذب الظن فلا امام سوى العقل مشيرا في صبحه والمساء فاذا ما اطعته جلب الرحمة عند المسير والارساء ويدعو المعري بحسب ما ذهبت اليه خضور الانسان إلى الابتعاد عن الأنانية ويرى أن الدين هو المعاملة والترفع على كل سيىء دون الخضوع لتفرقة من شأنها زيادة الكره وان على الانسان أن يكون رحيما حتى في تعامله مع الحيوان لأن هذا الحيوان هو مخلوق كسائر المخلوقات يستحق الرفق به حيث قال المعري مخاطبا النحل.. ودع درب النحل الذي بكرت له .. كواسب من ازهار بنت فوائح فما احرزته كي يكون لغيرها .. ولا جمعته للندى والمنائح .

    وبينت خضور ان فيلسوف الشعراء ذاق الظلم في حياته وعانى من وطأة الجهل رغم حبه لكل من حوله فلم يكن مرتاحا تجاه أي ظاهرة لان الحياة الاجتماعية كانت ظالمة انذاك اضافة الى فقدانه البصر ورغم كل هذا لقد كان شاعرا مبدعا وفيلسوفا متألقا لا يشق له غبار كاشفة عن مدى تأثر الغربيين والاجانب بشكل عام بأدبه وعمق فلسفته كتأثرهم برسالة الغفران مثل /دانتي /الذي كتب من خلال تأثره به /الكوميديا الالهية/ التي تشبه رسالة الغفران في خطتها وفحواها.

    وأوضحت الباحثة أن المعري كان يرى أن أي انسان يحمل في جانحيه ذرة خير فلا بد ان تكبر هذه الذرة وتعم على الناس قاطبة وبذلك تغمر هذا الانسان رحمة الله مستشهدة برؤيته حول الحطيئة الشاعر الدميم والهجاء والذي لم يسلم من بذاءة لسانه أحد حتى والدته ونفسه فهو سيدخل الجنة بحسب ما أتى في رسالة المعري.

    وكان المعري يفضل الموضوع على الشكل سواء في السلوك الانساني أو سواه لأن اللباس ما هو إلا كغمد السيف عندما يبتعد عنه يزداد السيف قوة ومضاء مستشهدة بما قاله ... فإن كان في لبس الفتى شرف له .. فما السيف الا غمده و الحمائل ويرى المعري المشبع بانسانية عالية بحسب خضور ان من حق كبار العقول ان يعيشوا في القمة ويلقوا كل التقدير ويعجب كل العجب ويأسف عظيم الأسف عندما يضطر العظيم الى اخفاء عظمته ومعرفته في مجتمع لا يقدر كباره ومبدعيه حيث كان يأسف ايضا على الانسان العظيم الذي تسقطه أسلحة لا تليق به وبعظمته فهذا من دواعي حزن الشاعر لانه لا يريد للانسان الا الرفعة والكرامة وتحقيق ما يصبو اليه .. ورب امرئ كالنسر في العز و العلا.. هوى بسنان مثل قادمة النسر.

    ولأن المعري يحب الانسان ويجل الانسانية لا يعمل إلا ما يراه نافعا ومشرفا ليس من أجل ذاته وحسب بل احترام لانسانية الانسان فيقول.. الا في سبيل المجد ما أنا فاعل .. عفاف واقدام وحزم ونائل.

    واستعرضت خضور بعض الصفات الانسانية التي كان يتمتع بها فيلسوف الشعراء حيث كان مسالما متواضعا خفيف الظل فكان ما يبدر منه هو لصالح الانسان ساعيا لتقديم الفائدة والمتعة وراحة الروح فحتى وهو مريض يقدم راحة البال من خلال الفكاهة الخفيفة إضافة إلى أن بيته كان موئل الشعراء ومحبي الادب يأتون اليه من كل حدب وصوب ليسمعوا منه ويسمعوه وينهلوا من عظيم أدبه وانسانيته وبزياراتهم المتكررة لم يبق المعري رهين محابسه بل بقى رهين محبس واحد هو فقدان بصره اما لزومه لبيته فقد خفت وطأته عندما تحول ذاك البيت جامعة تفاخر بأدبها وفكرها.

    وعند وفاة المعري فجع الادب العربي بتوقف مورد عريق عن ضخ نسغه في عروق المكتبة العربية لكن تلك المكتبة رزقت بالكثير من موءلفاته العظيمة التي تضج بالانسانية والعمق والفلسفة والآراء العظيمة في كافة المجالات حيث رثاه العديد من الشعراء الكبار كبدوي الجبل بقصيدة تعد من روائع الادب العربي يقول فيها.. من راح يحمل في جوانحه الضحى ..هانت عليه أشعة الصباح كما اتى الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري الى المعرة بمناسبة مرور ألف عام على وفاة المعري وألقى عند قبره قصيدة من مئة بيت مطلعها .. قف بالمعرة امسح خدها التربا.. واستوح من طوق الدنيا بما وهبا.

    وتبين خضور أن الجواهري يؤكد في هذا المطلع على انسانية ابي العلاء المعري الذي طوق الدنيا بعطاءاته وابداعاته وزينها بوجوده مشيرة الى انه لو لم يكن انسانيا أكثر مما يليق بواقعنا وكبيرا أكثر مما يحتمل الصغار منا ورافضا لكل ما يقزم انسانية الانسان من تعصب وطائفية وفكر ضحل لدى مدعي التدين .. لو لم يكن كذلك لما قتلوه ولو لم يكن ابا الشعر وشاعر البشر كما سماه الرصافي لما أعدموه ولو لم يكن اب كل واحد منا واخاه لما قطعوا رأسه ولو لم يكن ابا العلاء لما أهانهم علاوءه فتركوه بلا رأس وتركوا أنفسهم متهمين أمام محاكم التاريخ .

    وكانت مجموعة إرهابية مسلحة قامت في الثاني عشر من شباط الماضي بقطع رأس تمثال الشاعر أبو العلاء المعري في مسقط رأسه في مدينة معرة النعمان في محافظة ادلب معبرة بذلك عن ظلامية فكرية تتنكر للعقل والمعرفة وقيم الانسانية العظيمة.

    ‏‏والمعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان المعري التنوخي.. شاعر وموءلف عربي كبير لقب نفسه ب "رهين المحبسين" المحبس الأول فقد البصر والثاني ملازمته داره واعتزاله الناس ودفن المعري في معرة النعمان ثم أقيم حول ضريحه مركز ثقافي يرتاده المثقفون والشعراء والأدباء من كافة أنحاء الأرض ثم أقام اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة مهرجانا أدبيا أصبح تقليدا سنويا استقطب على أعوام متتالية عددا كبيرا من أدباء سورية والوطن العربي.

    شذى حمود
    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
يعمل...
X