إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جدارية الموت -6 - المستشار: حماد الحسن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جدارية الموت -6 - المستشار: حماد الحسن




    حماد الحسن

    المستشار: حماد الحسن - جدارية الموت -6

    ذاكرتي مثقلةٌ، وفضاءُ قبري فيهِ متّسعٌ للكثير منها، في كلِّ مرَّةٍ أَعود اليهِ وأَنا مازلتُ فيه، أُعلّقُ على جدرانهِ بعضاً من أَيْقونات الذاكرةِ، ويُتْعبُني ترتيبَها، صدى ضحكاتٍ مُغرَقةٌ بالفرحِ لابنتي أُثبّتها هنا، وقصيدةُ الجميلات لمحمود درويش أُثبّتها هناك، وأنثرُ عبارات مجنون إلزا في كلّ الفراغات، ولوحةُ أنثى تحضنُ تَوْقَها بينَ ذراعيها والسّاقين لراما جامّوخة هنا، أَتأملّها كلّ حين دون بصر، وعطرٌ لهُ جسدُ أُنثى تتوقُ لذراعيّ أُلْقيه تحتَ قلقي وسادة، كلّما هدَأَتْ روحي تربكني بحّةُ صوتها :
    _ خذْني اليك أَنا رهن اشارتك ولملم عن زهرتي ندى الصباح...
    أَتساءَلْ :
    _ هلْ أَدْركتِ يومها أنّكِ تتحدثينَ الى رجلٍ ميتٍ أُجّلتْ مراسمُ دفْنهِ ليتمَّ توديعهُ بشكلٍ لائقٍ؟!!!.
    ومع ذلك هو ميتٌ منِحَ حقَّ البوْحِ همْساً لظلِّ امرأَةٍ سرقها الغياب، أَجْمل ما يميَّزُ الموْتى أَنّهمْ لا يَعْتَبون، يَشْغلهم عن عتاب الأَحياءِ مهرجانُ رحيلهم الى باطنِ اللّغةِ، ويشْغلُني ترتيبُ قبري, سأَعلّقُ أَلمَ الرّصاصةِ الذي يدوّم في روحي هنا، وأَبْتعدُ قليلاً أَتأَمّلُ القبرِ، أَضْحى جميلاً بعدَ كلّ هذه الزينةِ، كَأَنّي أَمامَ لوْحةٍ فسيفسائيةٍ في فضاء الفراغ، لوحةٌ لن يفكَّ طلاسمُها سوايَ، لوحةٌ تدفعني للدندنة بموسيقى فريد فرياد.

يعمل...
X