إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ابن عساكر الحافظ ابن عساكر - تاريخ دمشق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابن عساكر الحافظ ابن عساكر - تاريخ دمشق


    الحافظ ابن عساكر


    المحتويات


    .
    تاريخ دمشق:


    إذا كان التاريخ سرداً لماضي الإنسانية، وسجلاً لما يصنعه الأبطال وتخطه الشعوب فإن التاريخ الكبير "تاريخ دمشق" لمحدث الشام ومؤرخها الحافظ ابن عساكر هو النور الساطع واللؤلؤة المضيئة بين كتب التاريخ. فهو يؤرخ لأعرق مدينة في التاريخ بل إنها جنة الأرض ومدينة العلم والفضل والحضارة أم الشام، يشدُّ إليها الرحال بما زخرت به من المدارس وحلقات العلم في كلِّ فن وعلم، وبما أنجبت من علماء وفرسان أعلام في كل حلبة من حلباتها.
    أحب الحافظ دمشق التي ولد فيها وحضنته صغيراً فوفاها حقها من خلال تأليف كتابه الشهير "تاريخ دمشق"، ويعدُّ التاريخ الكبير تاريخ دمشق لمحدث الشام ومؤرخها الحافظ ابن عساكر النور الساطع واللؤلؤة المضيئة بين كتب التاريخ، الذي يؤرخ لأعرق مدينة في التاريخ، وقصد من خلاله إلى جمع كل ما تناثر على أرض الشام من حكمة ومعرفة وتاريخ، راسماً تاريخها وحضارتها. وقد توسع ابن عساكر في كتابه حتى صار ديواناً شاملاً لكل ما كتب عن دمشق وترجماناً لكل من مرَّ بالشام أو علم بها أو تعلم بها أو تحدث عنها بإحسان.
    يقول ابن خلكان: "ما أظن هذا الرجل (ابن عساكر) إلا عزم على وضع التاريخ من يوم عقل على نفسه. وإلا فالعمر يقصر على أن يجمع الإنسان مثل هذا الكتاب".

    اسم الكتاب ووصفه:


    سمى أبو القاسم بن عساكر كتابه: "تاريخ مدينة دمشق، وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها"، هذا الكتاب الذي لم يصنف مثله، نستطيع أن نصفه بأنه موسوعة بحق، فمن طلب الحديث وجده فيه، ومن طلب التاريخ وجده فيه، ومن طلب اللغة وجدها فيه، ومن طلب أخبار الناس وأحوالهم وجد ذلك فيه، إلى غير ذلك من العلوم الكثير.
    وعندما يؤرخ لمدينة دمشق تخصيصاً لا يقتصر على الجانب التاريخي بل يتعداه إلى جغرافية المدينة لأنه أدرك بحس العالم وحس المؤرخ أنه لا انفصام بين التاريخ والجغرافيا، فالجغرافيا هي المسرح التي تحدث عليه وقائع التاريخ وهي من أهم المؤثرات التي تؤثر في الإنسان وبالتالي في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية.
    فالموقع الجغرافي للمدينة الذي حباها الله به كان له أثرٌ في دورها الحضاري عبر مختلف العصور وإذا كان تاريخ الطبري يُعدُّ أغنى المصادر عن تاريخ الفرس، فإنَّ تاريخ ابن عساكر أغنى المصادر عن تاريخ العرب المسلمين من نقطة الانطلاق الأولى وعلى امتداد الرقعة الجغرافية التي وصل إليها الإسلام، خصوصاً في الحقبات التاريخية التي كانت دمشق عاصمة الحياة العربية ومصدر القرار ومحجة وفود الجماعات والرجالات من الجزيرة والعراق وفارس وما وراء النهرين وأقصى الشرق ومصر وإفريقيا وأطراف المحيط، كما كانت مركز تجمع ومنطقة حشد وقاعدة عمليات للجيوش التي وصلت شرقاً حتى حدود الصين وغرباً حتى اجتازت المحيط وعبرت إلى إسبانيا وجنوب أوروبا، كما العمليات البحرية أيضاً جنباً إلى جنب حتى أصبح حوض البحر الأبيض المتوسط بسواحله شرقاً وغرباً بحيرة عربية، أليس من دمشق كانت تنطلق قوات الصوائف والشواتي لسد الثغور والدروب ورد غارات بيزنطة عن حدود الشام؟ ومن دمشق أيضاً انطلقت جحافل صلاح الدين لطرد الصليبين وتحرير القدس، كما لم تكن دمشق بمعزل عن الحياة والمشاركة فيها في كل العهود.
    إنَّ تاريخ دمشق هو تاريخ حضاري للعالم العربي والإسلامي منذ ما قبل البعثة النبوية وحتى عصر المؤلف الذي يقف عند سنة 571، وكأنَّ الحافظ ابن عساكر أراد أن يؤرخ للعالم العربي والإسلامي على امتداد رقعته الجغرافية شرقاً وغرباً من خلال تلك المشكاة المشعة دمشق الشام، فكان بتاريخه الكبير الموسوعي الفذ شيخ المؤرخين ومؤرخ الحفاظ والمحدثين، وقد أتى الكتاب في ثمانين مجلداً، أورد فيها المصنف التاريخ على نحو تراجم، فهذا الكتاب ليس من نوع الحوليات التاريخية التي تعالج التاريخ سنة بعد أخرى، وليس من نوع كتب الحوادث التي تعالج أمة من الأمم أو سلسلة من الغزوات والفتوح أو سيرة عظيم من العظماء أو واقعة من الوقائع، وإنما هو قبل كل شيء كتاب تراجم، ثم هو بعد ذلك كتاب حديث، ولم يقتصر في كتابه تاريخ دمشق على وصف المدينة بل تحدث عن تاريخها والرجال العظام الذين مروا فيها، ثمَّ تحدث عن النساء اللواتي كان لهن أثراً عظيماً في رسم معالم هذا التاريخ وتلك الحضارة.‏
    والكتاب موسوعة في الأدب شعراً ونثراً، فضلاً عن كون الحافظ ابن عساكر نفسه شاعراً وأديباً وله قصيدة في مدح نور الدين بعد أن رفع عن أهل دمشق المطالبة بالخشب فيها: لما سمحت لأهل الشام بالخشب عوضت مصر بما فيها النشب وإن بذلت لفتح القدس محتسباً للأجر جوزببت خيراً غير محتسب ولست تعذر في ترك الجهاد وقد أصبحت تملك من مصر إلى حلب، وكان يختم مجالسه بقطعة من شعره.
    وأكل الكتاب شباب ابن عساكر وكهولته، ثم قام ولدهُ القاسم بتنقيحه وترتيبه في صورته النهائية تحت بصر أبيه وعنايته، حتى إذا فرغ منه سنة 565هـ قرأه على أبيه قراءة أخيرة، فكان يضيف شيئاً، أو يستدرك أمراً فاته، أو يصوب خلطاً، أو يحذف ما يراه غير مناسب أو يقدم موضعاً أو يؤخر مسألة، حتى أنهاه في نفس العام‏، وهي السنة التي أتم فيها تأليف تاريخه وصقله، وأصبح على الصورة التي نراها الآن بين أيدينا، والمجلد الأخير الذي وصل إلينا هو ترجمته للنساء. يقول الحافظ ابن عساكر: «هذا آخر ما يسر الله جمعه من هذا الكتاب والله الموفق».
    وانتهى من تصنيفه في مرحلته الأولى سنة 549 هـ وبلغ خمسمئة وسبعين جزءاً، ثم أخذ يزيد فيه ويضم إليه ما يستجد عنده حتى تمت نسخته الجديدة والمؤلفة من ثمانين مجلداً سنة 559 هـ.
    ويقول ياقوت الحموي في معجم الأدباء (13/76) وجمع وصنف فمن ذلك: كتاب تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلها أوردها في خمسمئة وسبعين جزءاً من تجزئة الأصل والنسخة الجديدة ثمانمئة جزء.
    ويقول الذهبي في السير (20/ 558): وصنف وجمع فأحسن فمن ذلك تاريخه في ثمان مئة جزء.
    لم يكن تاريخ ابن عساكر أول تاريخ لدمشق والشام ولم يكن تاريخ دمشق الأول من نوعه بين كتب تاريخ المدن، فقبله ألف "تاريخ الرقة" للقشيري و"تاريخ أصبهان" لأبي نعيم و"تاريخ نيسابور" للحاكم و"تاريخ بغداد" للخطيب وهو أهم ما أنتج قبله.

    موضوع الكتاب:


    ألف ابن عساكر تاريخ مدينة دمشق على نسق التواريخ التي عرفت من قبل؛ فقد ذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز نواحيها من وارديها وأهلها، ولكنه كان فيما كتبه عن دمشق أكثر دقة وترتيباً، وأغزر مادة وأوسع أبواباً. وعدد تفصيلات عن خططها وتاريخها وطَبوغرافيتها. كان للحافظ منهج واضح في تنسيق أسماء من ترجم لهم على الترتيب الهجائي، مراعياً أسماء المترجمين ثمَّ أسماء آبائهم وكذلك فعل في تراجم النساء؛ فأورد ترجمة لمئة وست وتسعين امرأةً، ولم يترجم إلا للواتي عُرفن بالفضل ورواية العلم، محتذياً أسلوب ابن سعد في طبقاته الكبرى، والخطيب البغدادي في تاريخه.


    كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر

    بدأ مجلده الأول بباب ذكر فيه أصل اشتقاق الشام ودمشق والأيام والشهور، والتاريخ وفائدته. وهذا القسم من المجلد يأخذ تسعة أبواب من الجزء الأول، وهو عشرة أبواب، بعدها يبدأ ببيان فضائل الشام ودمشق وأن الله جعل فيها صفوة عباده، وأن الرحمن يرحم الشام وقد أضاءت قصورها عند مولد النبي، وهي أرض المحشر والمنشر، ثمَّ يخلص إلى فضائل دمشق، فيقول فيها إنها مدينة من مدن الجنة، ومهبط عيسى قبل قيام الساعة، وفسطاط المسلمين يوم الملحمة، وأن أهلها لا يزالون على الحق ظاهرين، وسيعرفون في الجنة بثيابهم الخضر، ويقول الحافظ سينفى الخير عن الإسلام إذا فسد أهل الشام، وهذا القسم من أكبر أقسام المجلد ويستغرق خمسة أجزاء فيها ثلاثة وثلاثون باباً.
    ثم ينتهي إلى ذكر فتوح الشام ودمشق، ويذكر أخبار ملوك الشام قبل الإسلام، ومغازي الرسول إلى دومة الجندل ومؤته وتبوك، ووقعات أجنادين، ومرح الصفَّر واليرموك، والدور التي كانت داخل سور دمشق، والقطائع والصوافي، ويسوق بعض أخبار الدجال، وهذا القسم أهم أقسام المجلد شأناً ويستغرق أربعة أجزاء فيها أربعة عشر باباً.
    ويؤرخ للسيرة النبوية بجوانبها، وما كان فيها من أحداث وذلك حين يبدأ كتابه بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويخصص لذلك نصف المجلد الثاني، ثم يترجم للخلفاء الراشدين، ولمن كان حولهم ومعهم تراجم طويلة مستوفاة، فتأتي هذه التراجم وكأنها تاريخ للعصر كله بالكثير من دقائقه التي لا نجد بعض مادتها عند غيره والتي لا تمتد في بلاد الشام وحدها بل في أقطار العرب كلها.
    إنَّ الحافظ ابن عساكر لا يقدم تاريخاً دمشقياً ولا شامياً، وإنما يقدم تاريخاً حضارياً للبلاد التي انتشر فيها الإسلام وسادت فيها اللغة العربية من أقصى الشرق إلى أطراف المحيط، فكانت ترجمته تاريخاً للعصر كله، وكان كتابه أغنى المصادر لتاريخ الأمويين.

    مصادر المؤلف في هذا الكتاب:


    ينقل الحافظ من مصادر لم تصلنا فتاريخه وسيط بين عصرنا وعصر أسلافه وكثيراً ما ينقل علماء القرنين السادس والسابع عنه كابن الأثير في تاريخه الكامل والمزين في تهذيبه تهذيب الكمال، والذهبي في تاريخه تاريخ الإسلام وسير أعلام النبلاء، وابن كثير في تاريخه البداية والنهاية.
    ذكر صاحب كتاب "موارد ابن عساكر في تاريخ دمشق" أنَّ عدد المؤلفات التي اعتمدها ابن عساكر في (تاريخه): من شيوخ ابن عساكر (198) مؤلفاً، ومن غير شيوخه (711) مؤلفاً, في حين بلغ عدد الكتب التي اقتبس منها حوالي الألف كتاب.
يعمل...
X