تويت
يا نخلتي.. قصائد للشاعرعبد الإله حسن
دمشق - سانا
(يا نخلتي) مجموعة من القصائد للشاعر عبد الإله حسن يعتبر فيها المرأة رمزا للعطاء والمحبة والخير فيسميها نخلة نظرا لأن النخلة تتميز بالأصالة والشموخ والعطاء والفائدة إضافة إلى قصائد أخرى متنوعة تطرق فيها إلى مواضيع عدة.
يحاول الشاعر حسن أن يجعل المرأة في أرقى المكانات فيسميها بالنخلة ويكثف الدلالات حتى تأتي المعاني والتراكيب على شكل لوحة تشكيلية فيها الكثير من الجماليات والمعاني.. يقول في قصيدة يا نخلتي التي جعل عنوان المجموعة باسمها:
وذكرت قبل الشعر.. في التنزيل.. إذا جاء المخاض ما لجذعك تشتكي هول الخبر فاهتز جذعك رحمة وتساقط الرطب الجني.. كما تحدثنا السور.. يا نخلتي يا أنبل الاشجار قاطبة و يا أشهى ثمر.
يعمل الشاعر على استحضار مفردات من التراث ليطرز بها قصائده فتأتي ألفاظه جذلة متماسكة تؤدي حالة شعرية فيها كثير من التجديد المرتكز على الأصالة نظرا لتمسكه بالموسيقا والنغم الأصيل ومفردات الشعر العربي الخالد دون أن يتنكر للحداثة ما جعل قصائده قريبة من المتلقي ومقنعة لعواطفه.. يقول في قصيدة (مواويل قبلية).. لأني بسوق عكاظ وقفت.. وقلت لكل القبائل.. إني أحبك صليل السيوف على.. والغبار على والصهيل.. فقلت لكل الذين تؤرقهم لغة المستحيل.. أنا ما قلت.. إني سرقت.
يشكل اللون الأخضر أمرا هاما في تراكيب الشاعر ورؤاه ولعبت النخلة ولونها دورا في تكوينه نظرا لمكانة هذه الشجرة وللمرأة التي شبهها بها في نفسه وغالبا ما يكون استعارة هذا اللون من النخيل ومن الطبيعة عفويا كما يبدو في قصيدة عينان خضراوان وكلماتها التي تسيل بانسياب مكونة اخضرارا عفويا.. يقول.. ينتصب التاريخ كغابات خضراء.. تجري في الأرض جداول ماء.. يحتفل التاريخ.. بها.. ولها.. والأرجاء تراقص كل الأرجاء.
يطرح حسن في مجموعته تنويعات شعرية مختلفة النغمات فكانت قصيدة الشطرين مليئة بالعاطفة ومرتبطة بالتراث الشعري الأصيل من حيث نوع البحر وانتقاء القافية التي حرص أن تتلاءم مع موضوع القصيدة التي سماها بالمرأة ورفع شأنها مشبها إياها بأهم الأشياء وأعظمها لتكون بالنسبة لها أسطورة تمثل في داخله أهم الأشياء وأثمنها على الإطلاق يقول في قصيدة /أسطورة /..أسطورة من عهد بابل مثلما.. سر الوجود وقصة الأزمان.. عيناك كالوشم في أضلاعنا.. منذ ابتداء مواكب الأزمان.. عيناك بستان القصائد كلها.. نافورة قزحية الألوان.
يبالغ الشاعر في توصيف المرأة نظرا لسمو ومكانة المرأة التي تعيش في داخله إلا أنه تمكن من السيطرة على الخصوصية التي يعيشها في أعماقه ويعمم مكانة المرأة الهامة على كل النساء فالمتلقي يرى أن جميع نساء الأرض عند الشاعر تتشابه وتتساوى وهذا أمر قد يساهم في إنجاح النصوص الشعرية التي كانت نتيجة عاطفة معينة حولها الشاعر إلى مادة تخص النساء وتحدد نظرة الرجل تجاه المرأة على أنها مخلوق عظيم كما جاء في قصيدة لماذا.. لماذا.. أزين كل القصائد.. باسم امرأة.. لأن سمائي امرأة.. وأرضي مرأة.. وحيرتي رغم كل القيود.. امرأة.
تحتوي المجموعة قصائد قصيرة جدا إلا أنها جاءت على طريقة الومضة مكثفة المعاني ورشيقة التعابير والمفردات تلخص كثيرا مما يرغب به الشاعر ويبتغيه في كلمات قصيرة تحمل معها مكونات النص الشعري ونغما موسيقيا رقيقا يساهم في إنجاح هذه المقاطع الشعرية وفي معظم الأحيان يمكن لها أن تحقق نجاحا وألقا أكثر من القصائد الطوال نظرا لعدم مساسها بمكونات القصيدة إلا أن اللغة الشعرية في هذه القصائد قريبة للغة الشعرية في سواها كونه يرتكز على حالة شعرية واحدة تطلع من موهبة واحدة كما في قصيدة اعتراف التي يقول فيها.. أنا لا أملك.. من مائدة الشعر.. سوى شيء يسير.. فإذا غنيت عينيكي.. رنا الأعشى إلى شعري.. وحياني جرير.
تعتبر قصائد هذه المجموعة من القصائد التقليدية التي اعتمدت التفعيلة والشطرين بيد أنها استعارت كثيرا من الألفاظ الحديثة وهي ترفل باسلوب كلاسيكي كونت معه حالة شعرية مقنعة في أغلب قصائد المجموعة ولاسيما الأخيرة منها فالقصائد الأولى وبرغم طغيان النخيل ولونه الأخضر على أجمل قصائد المجموعة استطاعت اللغة المباشرة أن تخفف من جمالية بعضها وهذا أمر قد يكون عاديا أمام ديوان شعر فيه عدد من القصائد المختلفة في المواضيع وفي طريقة الاسلوب التي طرحت من خلاله..
يقول في قصيدة /عشقت دمشق/.. عشقت دمشق التكايا.. عشقت دمشق الحكايا.. عشقت دمشق المساجد والمئذنات.. يعمل الشاعر جاهدا ليخرج من المباشرة فعندما يكتب خارج إطار الحالة ويجهد نفسه كي يأتي بالصور الشعرية يتراجع مستوى الصورة لديه خلافا للقصائد العفوية فيحمل المعاني فوق طاقتها وتأتي مرهقة للقصيدة وفيها شيء من التكلف الذي يظهر في الصور المتعبة كقوله في قصيدة علميني.. حينها.. أغرق يا سيدتي.. في بحار.. من تراتيل الحمام..
يغني حسن ضمن قصائد المجموعة لوطنه برغم سيطرة الحب على أغلب القصائد فيأتي الغناء شجيا فيه الصدق والبساطة والمحبة التي جعلته يختار أرق ما لديه لتكون قصيدة الوطن أهم من أغلبية قصائد المجموعة ولتكون نشيدا يحرص أن يغنيه كل من يطلع عليها لأنها تمثل الوطن وناسه لهذا اختار لها الشاعر البحر الوافر بصفته البحر الذي يتلاءم مع النقيضين الحماسي والعاطفي.
يقول في قصيدة غنائية لوطني.. على تلاته شجر يحب ..وبين ربوعه دفء وخصب.. وفوق غصونه أطيار حب.. يحلق طائر ليحط سرب وللعشاق فيه ألف باب.. مشرعة لكنها محب.
يذكر أن المجموعة من منشورات دار عكرمة تقع في 137 صفحة من القطع الكبير.