إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعرة منى ظاهر ( ضوء الشعر يتدثر العذوبة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعرة منى ظاهر ( ضوء الشعر يتدثر العذوبة )



    الشاعرة منى ظاهر
    ضوء الشعر يتدثر العذوبة

    العرب أونلاين - منى ظاهر
    كتابة الشّعر لديّ تمرّ بماكينة حفر جوّانيّة غير منفصلة عن واقع هذا الوجود بما ينعكس من وعي جماليّ وتخييليّ لديّ. وشعري بلا شكّ مارّ بمسار وعر وشائك وشائق من أوّل قصيدة كتبت، هو مسار تطوّر وبحث ونقش واشتغال متواصل وتحدّ للوصول للعناصر الأوّليّة الّتي تشعّ عميقا في النّفس والكينونة.
    الشّعر انغماسٌ يتعتّق حدّ النّفس في آخر الآخر، فيه وتيرة عالية ليست بمهادنة تهيّج الشّعيرات الدّقيقة للأعصاب، هي نبرات القصيدة المزعزعة المزلزلة لكل صرح مكتنز للكينونة، لأنّها الكلمات الآتية من المعدن الحقيقيّ الجوّانيّ فينا.
    يراها الشّاعر هي القصيدة في صور لا نهائيّة، هو المطعون مع قارئه بدهشته في الموات فيها.صموت يكون في حضرتها. يرتكن لمناخاتها القابسة الملهبة دواخله. ولا حيطة له معها.هي المتعددة المتوحدة الرّاقصة، الإلهة المقوضة إيّاه في انثيال الذّبول داخل جلده وجلدها.
    وتلك الشّاعرة تحيك خيوط الأفكار، التي لا تنتضم في قصيدتها، على مغزلها. تتجذّر الحياة من خلال قصيدتها ذات المرجعيّة لصلصال يعتري جسد الواقع من صيرورة وسيرورة حركة سياسة واجتماع ونفس ووطن بانزياح جماليّ ورؤية صاخبة، كتجذُّر الزّعتر البري في صخرية الأرض وزحف تعرجاتها.
    نوافير حكمة حياكة انفجارات العمق في الشّعر تجلجل الذات الفاقدة تدريجيا لحدودها، لتندمغ تلك الذّات وتندغم في الكينونة العامّة بكلّ ما فيها من منظومات صغيرة وكبيرة.
    في الشّعر ضوء إلاهيّ يتدثر في تأن كامل العذوبة ، يقبل على غيمته الزّمن حينها رقيقا هشا كبشرة حريريّة، يقبّل في آلائه كواكبه. وحين يحين الوقت، تنكبّ النّفس الكاتبة في لا وعيها وتتوغّل في ذاتها. وتبدأُ تحفر نفقا يتشكّل ضيّقا متعرجا وطويلا، يرصف بحروف وأشكال في أوّل السّطر. لتصل النّفس إلى منجم صغير هو الوطن الخالص لكيان يتدفّق خارجا على شكل نص ينبض في قصيدة.
    وأيضا: من الكيس الشفاف لستارة السماء، يعلو صوت فحيح النّبرات ليتسلّق من قيعان شقوق الخميرة العميقة للرّوح. يتأرجح الصّوت حروفَ خيول مبتهلة بتخييل جاد، يتدرج تفتّح الزّهر والجوهر. يرتفع الكيس تحمله أحلام منسيّات ومتأهّبات. يصعد، يتسرّب حشرة ضوئيّة، حيث تنير هي القصيدة العتمات ظلالا تبلل السّحاب ليرقص المطر المعبّأ في الكلمات بمعنى تحقّق الحياة.
    أفكارها القصيدة خبيئة لا ترجأ، بل تجأر وتتوهّج. تنتفش وتنتزع ملاءة الوقت، تفترش أَرق النفس وتعتصر مطحنة الجهد. تتهاوى حروفا كندف الثلج لتعبّر عمّا يساورها من خلال الشّصّ- صاحب الملكة.
    تتعالق الكلمات وتتشكل كقطعة بديعة في فسيفساء لدنة، تزخر بالأجزاء والمرجان.
    ونصّي، أنا الشّاعرة، يفيق على جملته الأولى بأبجديّة يشفّها الحنين للغير متوقع من مخالب تلوث، تتباطأ وتتعرّج في جسد هائل من ندى. وتكون جثّة الحبر تصحو من أجل معناها، ومن أجل معناها تتوالد الأفعال ليكون ليلك الشعر وإيانا بألق دهشة ووميض سحر.
    مقاطع من نص "صلاة لنبض الحياة"
    هو ذاك الذي جلب لي قطيعا من الماعز، الماعز ذوات الشّعر الأبيض، كنّ يتقافزن بأرجلهنّ الطّويلة الرّفيعة فوق مياه البركة الآسنة، وقع أقدامهنّ يترك لؤلؤا، توتا مترنّخا بين اللسان والشّفتين. وقع أقدامهنّ يترك صدعا في الأرض، تخرج العرّافة من هذا الصّدع الموجود في جبيني، تنتعل حذاءها المتّقد بالأحمر، ترقص ساقاها تلك الرّقصة الملعونة، يستدير الحذاء بخطوات رشيقة يقهقه على سخرية الوجود الواهن.
    تكمل العرّافة دونما هوادة على إيقاع نقر الطّبل رقصتها. وهي تحمل أطراف ثوبها البرقوقيّ، وأنت هناك تأخذك صورة كتفها الخارج عاريا من الأحمر النّاضج روحا. تشرئب الورود البريّة من على سياج الأشجار العالي، تكاد تلتقي زغب جسدك الذي يتضور جوعا لتعليم الرّوح واستدراج الإحساس المختبئ تحت الصّخور. ولا ينفكّ الحذاء يكمل رقصته الشّيطان. يرقص ويرقص. ويقرفص ويرقص.
    * * *
    ترخي نفسها هي على وتر سلّم موسيقيّ ينعزف على سماء مبلّلة وأساطير.
    يريدها له، لكنّها سئمتهم، فكلّهم يتشابهون ومتشابهون ومشابهون..
    تصل إلى حدّ الملل، ويثيرها ولعه بتلك الوردة المجفّفة التي تختار البقاء على حائط غرفتها.
    تمنحه سلامها.

    ماؤه البحر يغتسل رمل الأرض بجريانه.
    تداهم هذا الفعل المهجع أصابع الرّجل المتطرّف.
    فراسة أصابعه تسدد على الحبّات بصمات رطبة تشكلها كمينا محكما لبيان سيرة ذاكرة المصير.

    مساماتها الهواء، تتنفس رئة الأرض بأوردتها.
    يتتبع المصير أثر خطوات المرأة على حبّات منفوشة.
    عشب خطواتها ينبش الظلمات المهيضة بشباكه، يرميها. لتشتبك أقاصي النَفس المنسيّة بذخيرة البياض- النّور المفضي عن صوغ الأنفاس لتتأرجح الكينونة بمحفَّة الرّيبة، لتتألَّق للمصير ذاكرته التي تقتطع الصّرير الرتيب لقصدير شرايين الأزمنة والأمكنة.
    * * *
    عند الطّرف الأوّل للنّهد التماعة عين، وعند الطّرف الأخير للشّهقة طعم بحر.
    ولأنّنا سياميّان التقينا على رذاذ وهم.
    عند طلوع الشّمس، يقظة أنفاس يلمسها زغب ذقنك، يطيح بك لجديلة تداورك لقتلك.

يعمل...
X