إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنان مايكل أنجلو مراسلات من الحياة العادية... إلى المجد والشهرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنان مايكل أنجلو مراسلات من الحياة العادية... إلى المجد والشهرة

    مايكل أنجلو
    من الحياة العادية... إلى المجد والشهرة
    ترجمة: هيفاء علي
    عن ملحق لوموند الثقافي
    مراسلات حياتية ومهنية، رسائل حب وغرام، وأفكار قيّمة حول الفن والزمن، الجسد وضعف الإنسان.
    من عام/1496/ حتى عام/1564/ حياة شاقة وشيقة في آن، امتدت ستين عاماً وسجلت وقائعها بمداد (500) رسالة لخصت وصف ورسم صورة رجل مثّل قرناً من الزمن.
    ذات يوم دافع مايكل أنجلو عن نفسه قائلاً:
    «الكتابة ليست مهنتي»، ومع ذلك فهو أول فنان عالمي حفظت له هذه الـ «مراسلات » التي تروي مسار الإبداع ، هذا الرسام العالمي المبدع جمع رسائله في كتابي « المراسلات» و« cartiggo»، اللذين أعد لهما خطاباً حول العمل الفني وحول أعماله، مكوناً بذلك صورة حقيقية عن صيته وشهرته، وعرض مراحل هامة في حياته من خلال سيرة ذاتية ممتعة وشيقة، مسبوقة بمقدمة تذكر بأهم التحديات التي واجهها أنجلو والتي مزجها بالتاريخ:
    تحديات النهضة، والمصاعب التي يواجهها في حياته اليومية، وعمله الهائج، إضافة إلى ترسيخ وجوده لخدمة الأمراء الذي مضى به إلى المطالبة بأجره وتراكم ديونه، وقد كتب إلى والده في بداية عمل سيكون طويلاً ومنهكاً:
    «....ومع هؤلاء الأسياد والنبلاء، يجب التحلي بالصبر والتروي حتى نحصل على حقنا، فليس بوسعنا إجبارهم على ذلك..».
    وسرعان مايتحقق النجاح، وتمتلئ « مراسلاته» بضغوطات الطلب بالسرعة الفائقة، وكلما ازدادت الشهرة، كلما هيمن عليه الخوف من الفشل والقلق من عدم كسب رضا وقناعة شركائه « في المال».
    ملحمة الأسطورة كبرت وتضخمت، وقد أدرك المبدع الخارق عندما تقدم به السن أنه يجب أن يبدو كبيراً وعظيماً، فقد أدرك مايكل أنجلو قيمته ومكانته، على اعتبار أنه كان قضية عائلية، فهو الذي دافع عن نفسه قائلاً: «..... لم أبحث يوماً عن مصلحتي ، بل أعمل وأسعى من أجل مصلحة أهلي ووطني ، ورضا أسيادي..».
    معظم رسائل أنجلو كانت موجهة إلى إخوته، أبيه، وابن أخيه، مع هؤلاء كان ينظم الأمور المادية، وتحديد المشتريات الضرورية وإعادة توزيع هذه الثروة التي تم جمعها بمشقة وعناء، فقد كانت علاقته بأبيه قوية حميمة وفكرية في آن ، وقد كتب إليه ذات يوم يقول:
    «.....لقد عملت بكد وعناء في كافة أرجاء إيطاليا، تحملت كل الإهانات والمصاعب ، وعرضت جسدي لكل أنواع الاختبارات، وعرضت حياتي لألف خطر وخطر فقط من أجل مساعدة أسرتي وإسعادها...».
    « مراسلات» أحيكت قصة هذا العمل على نبرة الطرفة، وعلى وقع آلام وعذابات الفنان: في عام (1508) بدأ يبحث عن المحاسن النبيلة لأنه تعين عليه أن يبدأ برسم « بعض المواضيع»، والسنوات الأربع التي تلت هذا التاريخ كانت سنوات الخوف والقلق لأنه أوشك على الانتهاء من رسم اللوحة الجدارية التي تم تعليقها على حمالة طولها متران..«قلق كبير هيمن عليَّ، وتعب جسدي مضنٍ، ليس لدي أي صديق، ولاأريد أن يكون لي صديق، لأنه ليس لدي أي وقت للتسلية ولاحتى لأسكت جوعي...».
    وفي معرض رسالة كتبها عام (1512) كتب يقول :«... أخيراً أنهيت الفصل الذي بدأت به، والبابا راضٍ عنه كل الرضا...».
    عمل جماعي :
    هذا الفنان الرسام كان أيضاً حرفياً ماهراً، وقد حفلت رسائله بالمغامرات والتشويق، تحدثت عن قطع النحاس، والحجارة، وأحجار اللازورد، وألوان خلابة سُخِّرت من أجل موهبته الإبداعية، وهاهو تحت الأمطار الغزيرة في نهاية صيف (1518) يقتلع قطع الرخام من جبال /كادار/ التي كان يتزود بها لدعم فنه:
    « لقد تعلمت كيف أخاطب الموتى الذين يلتمسون رضا هذه الجبال وإنتاج الفن الرائع في هذا البلد العظيم...».
    ولكن ماهو المهم إذا كان هناك عمال تقطع رقابهم، وأنجلو نفسه على بُعد خطوتين فقط من الموت .. ؟! يجب تخيله وهو يقاتل بضراوة بحثاً عن الرخام النقي، لانتزاع إعجاب الباباوات والأساقفة وإرضاء ذوقهم، لتعظيم سموهم ومكانتهم ومكانته.. إن الفن عمل مشترك وجماعي خلافاً للصورة التي حاول أنجلو إعطاءها عن نفسه، فقد كان محاطاً بالمساعدين والتلاميذ المتدربين، ولم يكن يتوقف عن انتقادهم لانعدام اللياقة واللباقة لديهم.
    لم يحظ بإعجابه سوى الفتى / أوربينو/، التلميذ والمستخدم الذي سيبقى إلى جانبه على مدى خمسة وعشرين عاماً، وعندما مات أوربينو، حزن عليه أنجلو حزناً شديداً لدرجة الاكتئاب، فكتب يقول:
    «لقد سبب موته خسارة فادحة، واعتراني حزن عميق لا نهاية له، في حياته ساعدني على مواصلة الحياة والعيش، وبمماته علمني التأهب للموت» فأنجلو لم يكن فناناً ساخراً وساخطاً فحسب، بل كان محباً وفياً وعطوفاً، فقد كتب يقول:
    «ما كان يعرفه رافائيل عن فن الرسم استقاه مني»
    وأخيراً، ها هو مايكل أنجلو الذي عرف كيف ينفخ ويحرك الأشياء المجردة والجامدة ويحولها إلى قوة مستجدة ونادرة، يطلق أنينه ويتألم بشدة.. يالسخرية القدر، إنه يعاني من التهاب كلوي حاد، يصرخ ليلاً نهاراً ولا يجد للنوم سبيلاً..
    لقد كانت رسائله مليئة بالخوف والقلق من اليوم الذي يتقدم به العمر: «الأسوأ أنني غدوت مليئاً بالآلام والأمراض: عمى، صمم، ضعف ووهن في جسدي ويدي.»
    تتضمن هذه «المراسلات» قراءة للمسار الفني الذي حفل بالإشارات الإنسانية والحياتية اليومية، متاعب ومشقات الإنسان، وتروي العمل، المادة، الجسد، والشيء الذي لم يكن مقدساً بعد، والفنان الذي لم يكن بعد نابغة..»
    وهذا الذي كتب هنا هو بالتأكيد «مايكل أنجلو..، لست رساماً، أو نحاتاً أو مهندساً..، بل أنا ما تريدون أن أكون عليه..».



يعمل...
X