إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بقلم : الكاتب الدكتور محمد بوكحيل - قراءة في أقصوصة (ذات زواج..) - محمد الصغير داسه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بقلم : الكاتب الدكتور محمد بوكحيل - قراءة في أقصوصة (ذات زواج..) - محمد الصغير داسه

    قراءة في أقصوصة (ذات زواج..ا) .محمد الصغير داسه
    بقلم : الكاتب الدكتور محمد بوكحيل
    فأقصوصة (ذات زواج..ا ) تشكل الدعوة الصريحة الى التسانح في أطار القيم،وقد نجح القاص في تبليغ الدعوة. فتحية له وتقديرنا لجهوده.
    لا يختلف اثنان في أن الشباب العربي يعيش اليوم صراعاً نفسياً بسبب ما يجري حوله من متغيرات وأحداث..تائها بين التمسك بعادات وتقاليد مجتمعه العربي وبين ما يتعرض له من هجمات غربية ومؤثرات التكنولوجيا التي فتحت له باب الاطلاع على مصراعيه، فجعلت العالم في نظره أصغر من الحي الذي يسكنه كان قانعا بما لديه واليوم رأى مفاهيم غير مفاهيم مجتمعه... مفاهيم جديدة طالبته بالخروج على كل أشكال القيد وكثيرا ما ابتعدت به عن أسرته ومجتمعه ،فمنهم من ركب الموجة وإنصاع لتيار اهجمه ونسي دينه وتعاليم .وانحرف ..وضع مثير للقلق بين حالة التراجع والإنكفاء الاجتماعي والتسيب الأخلاقي وغياب الفعل الثقافي في مجتمعنا، وتغلغل ثقافة الاستهلاك في جيوبه...أفكار بمثابة مخدرات لجعل شبابنا الفاشل يعيش في وهم النجاح حتى لا يوقظه فشله ويهب لصيانة قيمه
    لقد عرف الادب العربي قفزة نوعية في فحص هذه الظواهر وأبراز الرؤى المعالجة، من المنظومة الشعرية والمقالة الادبية والرواية والقصة والاقصوصة التي ظلت مرأة تعكس ما يجري داخل المجتمع وتطرح حلول إشكالاته.
    وقد برز قصاصون فأعربت أعمالهم عن مدي إطلاعهم وقدرتهم في هذا المجال ، أذكر من بينهم الأستاذ الكاتب ( محمد الصغير داسه ) الذي سجل بصمة قوية في صفحة سجل 'التربية بالقصة' و لعل الأقصوصة مجال مقالنا والتي تحمل عنوان (ذات زواج..ا) صورة واضحة الأسلوب التوجيهي المباشر وجرأة في المخاطبة. وعبر هذه القصة السلسة، وحث الناس على التمسك بالقيم ومراجعة الذات ثم السعي لتخطي الحاضر والعبور نحو المستقبل، وعدم الانتظار، مبينا أن الزمن يمر بسرعة من دون أن نتمكن من لمحه، بسبب من بطء إدراكنا.
    فما هي يا ترى القضية المعالجة داخل قصة (الأستاذ محمد الصغير داسه ) ؟
    قبل الخوض في البحث في تفاصيل الإجابة يجدر بنا أن نشير إلى أن أول ما يميـــز الأقصوصـــة عن الروايــة والقصــة هو صغر حجمهـــا، ومن سماتها الاختصار والتركيز.. فهي تدور حول حادثـــة أو شخصيـــة أو عاطفـــة مفردة.. أو مجموعـــة من العواطــف يثيرهـــا موقف مفـــرد، بسيطة لا تزدحم بالأحداث والشخصيـــات والمواقــف كالروايــــة والقصـــة، ولا تجــد فيهـــا تفصيلات .. وجزئيـــات تتصـــل بالزمان والمكـــان أو الأحداث والشخصيـــات مختصرة لامجال فيهـــا للاستطراد والاطالــة، كل كلمـــة فيه تؤدي دوراً لا تغنى فيــه كلمــة سواهـــا.
    والأقصوصة عملٌ أدبي يصوّر حادثة من الحوادث في الحياة ,أو عدّة حوادث يربط موقف يتعمق القاصّ في تقصّيها والنظر إليها من جوانب عدة،ويحصُر اتجَاهَهُ في ناحية ويُسلطُ عليها رؤيته ويركز فيها جُهده فيكسبها قيمة إنسانية خاصة.
    وهو ما نراه واضحاً في أقصوصة ( ذات زواج ) التي تتحرر من نمطية الشكل التقليدي المعتاد وتطلع بما يتناسب مع قارئ يتوقف على الرصيف أمام حالة المطلقين ومعاناة الندم ويقصى حالات المراجعة وقواعد العلاج في حيز زماني معدود الدقائق، حوار بين الملقة وطلقته ،أسئلة معبرة عن إجابتها، ذات المتعة الأدبية الخفيفة والسريعة الهضم.
    هناك ألوان وفنون شتى للتحاور والتفاهم بين الناس من ذلك لغة القول اللين الذي يعد من احسن وسائل الخطاب بين الناس للوصول إلى الهدف المنشود من الإقناع وغيره من مقاصد التحاور.
    قال تعالى لموسى وهارون في مخاطبة فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه44].
    والين في أقصوصة (ذات زواج ..ا) بين:
    "أبعدَ هذ العُمر يذكرني قومي قال: رغم إكراهات الزمن ذكرناك حتى بحَّت الحناجر فطيبي نفسًا...اا"
    " جئتُ لأسْمعَ صوْتك النديِّ، قالت أ ما زلت حيًا أيُّها الشقيُّ؟ يرتشفُ رِيقه ويقول: استأنفتُ الحياة مُنذ أن صرت أرْملة"
    ما يدل على مراجعة الذات والتراجع عن الخطأ ، والنجاة من الخطيئة، بفضل عمق العقيدة وطيبة النفس...فالمرأة المطلقة لا تعود لزوجها إلا بعد أن ينكحها رجل آخر غيره .لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. البقرة 230،
    وهي الفكرة التي أبرها الأستاذ 'محمد الصغير داسه' فالمطَلِّق لم يعد لمطلقته إلا بعد وفاة الزوج الثاني. أمر على غاية من الشرعية.
    "انتفضت غاضبة وخرجت إليه سافرة وصاحت فيه: قبّح الله وجهًا أبتلِيتُ به ذات زواج
    قال: وهل يُلام من جاء يُجبر الخواطر ويعيد السيف إلى غِمده، آه.. ما القلب إلا للحبيب الأول" ومسألة الحبيب الأول لها جذورها في التراث العربي ن من ذلك قال ابو تمام:
    نقّل فؤادك حيث شئت مـن الهـوى 0 00 ماالحـب الا للحبـيـب الأولــي
    والتعبير إيضاح للعلاقة بين طيبة النفس والحب العفيف،في مجال السعادة الزوجية التي تتحقق بإزالة الخرافات وتصحيح المفاهيم الخاطئة،ويؤكد على ما تتمتع به الزوجة الأولى من مكانة باعتبارها شريك مهم في الحياة الزوجية وباكورة الحب ومفتاح ولوج باب الأسرية .
    وأخيرا نقرأ
    قالت: لا تثريب عليكم اليوم أدخلوا البيت آمِنين..
    قال الله تعالى (قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف : 92 .
    ما يبين لنا أن التسامح معزول أو مفصول عن القيم الأخرى نراه جميلاً، لكنه وهو يسير في الحياة محفوظاً بوفد أو طائفة من القيم العُليا يزداد جماله ويتجلى أكثر، حتى ليخال للمرء أنه أشبه شيء بالمجموعة الشمسية التي لكلٍّ منها فلكه ومداره الخاص وتشكل منظرا مشتركا.
    وهنا نرى أن الأقصوصة تعالج مشكلة من المشاكل التي هي السوم أكثر شيوعا "العُنف بمختلف أصنافه، فبدلاً من 'الحوار' والإلتقاء على كلمةٍ سواء ، وبدلاً من 'الإصلاح' و'المسامحة' وتذليل الصعاب، نرى أنّ اللغة السائدة بين الكثير من الأطراف والجماعات هي لغة النار والإفناء والمصادرة والثأر.
    فأقصوصة (ذات زواج..ا ) تشكل الدعوة الصريحة الى التسانح في أطار القيم،وقد نجح القاص في تبليغ الدعوة. فتحية له وتقديرنا لجهوده.
    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
يعمل...
X