إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في مواقعنا الأثرية الرقم الفخارية توثق حضارات الماضي ومآثر الأولين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في مواقعنا الأثرية الرقم الفخارية توثق حضارات الماضي ومآثر الأولين




    الرقم الفخارية في مواقعنا الأثرية
    ذاكرة توثق حضارات الماضي ومآثر الأولين

    اللاذقية - سانا
    فتحت ترجمات الرقم الفخارية المكتشفة في المواقع والأماكن الأثرية في سورية افاقاً جديدة أمام الباحثين والاثريين والمهتمين للكشف عن خفايا ومكنونات الحياة السائدة انذاك وشكل الكتابة وألوان الفكر والأدب المتداول الذي تمخض عن ولادة علم الكتابات المنقوشة أو ما يدعى بعلم "الابيغرافيا" الذي يهتم بتطور شكل الخطوط و اساليب نقش الكتابة ومصطلحها و رموزها و فحواها وسبل ترميمها والايحاءات التي تتضمنها.
    ومنذ بدايات القرن الماضي وحتى تاريخه اكتشفت البعثات العاملة في هذه الاماكن ما يزيد على خمسين الف رقيم مسماري يعود تاريخها الى الالفين الثالث والثاني قبل الميلاد لتكون بمثابة ذاكرة حضارية توثق تراث وفلكلور الاولين في الحقبات المختلفة وهو ما شكل مادة دسمة للدراسات والابحاث المتتالية لتسليط الضوء على انجازاتهم ومآثرهم او على الاقل لفك طلاسم ما اكتنف دقائق وتفصيلات حياتهم.
    نتاج عطاءات هذه المكتشفات في مواقع ماري وايبلا واوغاريت وترق و تل ليلان وتل حمد وتل بيدر وغيرها الكثير كشف عن مجموعات ضخمة من الرقم واللقى الفخارية التي أرخت فيما بعد وبجلاء لالوان الحضارات و الفنون السائدة انذاك وصور الحياة الدينية و الاقتصادية والسياسية كما يرى الباحث غسان القيم مدير موقع اوغاريت الاثري الذي اكد في تصريح لمراسل سانا أن هذه المكتشفات كشفت النقاب عن شتى اشكال العلاقات التجارية بين ممالك الشرق القديم مهد الحضارات البشرية الأقدم.
    واستطاعت هذه الرقم وفقا لمدير موقع اوغاريت أن تستأثر باهتمام الباحثين والمهتمين فقط نظراً لأهميتها وقيمتها الاستثنائية وصار لها جامعات ومعاهد تهتم بها وتشرف على انتاج الدراسات و الابحاث المتعددة عنها كالمسمارية والتأريخية وغيرها التي اولت عناية خاصة بطرق فك الرموز والتشفيرات مع ربطها بالاحداث والمعلومات المتوافرة عنها بغية توثيقها وارشفتها.
    كما أظهرت جل هذه الدراسات الاثرية أن ممهدات الكتابة نشأت مع بروز انماط الانتاج الزراعي "التدجين" بعد استقرار التجمعات البشرية و تشكل المدن الاولى و هو ما نجم عنه تدجين القمح واختراع الخزف واكتشاف المعادن وغيرها من المنجزات الانسانية ما قبل التاريخ الامر الذي دفع المؤرخين الى ان يصفوا سورية بخلاصة تاريخ الامم.
    يقول الباحث القيم على شاطىء سورية اخترعت أول ابجدية في العالم "أبجدية أوغاريت" لتغدو الأبجدية الام للابجديات كافة فضلا عن اثرها الكبير في نشر العلم والثقافة و المعرفة بين البشر ومن ثم اختراع وسيلة للكتابة "عبارة عن قلم مثلث الرأس" وجدت على رقيمات الطين الطري ترسم العلامات على شكل الاسافين أو المسامير لتعرف فيما بعد بالكتابة المسمارية والتي من خلالها عبر الإنسان عن احداثه و عواطفه و أفكاره و آدابه وحياته اليومية.
    ويضيف الباحث أن هذه الكتابة تطورت خلال مراحل زمنية واختزلت حتى وصلت إلى 30 حرفاً رمزياً على أيدي سكان الساحل في رأس شمرا شمال اللاذقية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد فالانسان السوري كتب في البداية عن ظروف اقتصادية جمة و كانت كتابته تصويرية ثم صارت شيئا فشيئا رمزية مجردة مع التنويه الى ان الكتابة لم تكن ابتكارا من العدم بل نتيجة سلسلة طويلة من الانجازات التي اقتضتها التغيرات الاجتماعية و الاقتصادية الحياتية.
    وتؤكد ترجمة هذه الرقم عظمة العطاء الانساني الذي قدمه الاجداد في بلاد الشام وبلاد الرافدين في مجالات العلوم والمعرفة والحضارة والادب و الفنون والاقتصاد و كيف عم هذا العطاء بنوره واشعاعه الرائع حضارات الشعوب الاخرى فضلاً عن دوره الجلي في استقرار المجتمعات و تشكل المدن.
    ويشير الباحث القيم الى أن "أوابد سورية المترامية الاطراف على مساحات ارضها تدل على عراقة و ذكاء الانسان الذي سكنها و اي ذرة تراب تحدثك عن تاريخ عظيم و تروي آلاف القصص والحكايات التي تذكر بامجاد الانسان القديم وابداعه على تلال ماري وايبلا و حبوبة و اوغاريت و قادش".
    فعلى أرض سورية ولدت أروع الحضارات و تفاعلت اعظم المدنيات وأبدع الإنسان المعجزات التي مازالت بقاياها متناثرة و اوابدها شامخة في كل ركن من الأركان وأنى لأي شخص أن يزور تلك الأرض أن يجد انه في رحاب التاريخ والمستقبل و انى له يشهد في اللحظة ذاتها الأمس و اليوم و الغد جميعا فهي ملتقى للافكار والمبتكرات و المعتقدات و التمازج الثقافي فما من حضارة عرفتها البشرية على مر العصور الا و في سورية شواهد منها تراها شامخة في كل مكان فالرحلة عبر سورية رحلة عبر الزمن تاريخ عريق وحضارات عظيمة كشفت عنها الرقم واللقى المكتشفة على أرضنا لتروي أمجاد من سكنها لتتزاحم بذلك ذكريات الماضي مع الحاضر وكأنها ينبوع عذب نهلت منه الممالك اساطيرها ومحكياتها.
    تقرير: سلوى سليمان -نعمى علي
يعمل...
X