Announcement

Collapse
No announcement yet.

أحمد زياد محبك - الحرف اليدوية في الحكايات الشعبية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أحمد زياد محبك - الحرف اليدوية في الحكايات الشعبية




    أحمد زياد محبك
    أستاذ الأدب الحديث في جامعة حلب- المشرف الثقافي لديوان العرب


    الحرف اليدوية في الحكايات الشعبية
    بقلم أحمد زياد محبك
    ملخص البحث
    يعنى هذا البحث بالعلاقة بين الحرفة اليدوية والحكايات الشعبية، فيقدم تعريفاً سريعاً للحرفة اليدوية ويميزها من المهنة، كما يقدم تعريفاً للحكاية، ثم يتتبع أشكال ظهور الحرف اليدوية في الحكايات الشعبية، ويصنفها في خمسة أصناف، هي: حكايات تمجيد الحرفة، وحكايات انتقاص بعض الحرف، وحكايات تحمّل الحرفة فكرة أو قيمة، وحكايات عن نساء يعملن في حرف يدوية، وحكايات تنتقد غياب الحرفة، ثم يستخلص البحث خصائص هذه الحكايات، ويسعى بعد ذلك إلى ربطها بقيم الإسلام ومبادئه من خلال ربطها ببعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ثم يربطها بأشكال تراثية أخرى كالأمثال، ويحرص البحث على سرد ملخّص سريع لكل حكاية وتحليلها، وتوثيقها، ويحرص البحث على رواية الحكايات بالعربية الفصيحة لا العامية، لأن قيمة الحكاية في عناصرها المكونة وبنيتها لا في لغتها، في حين رويت الأمثال بالعامية، لأنه من الصعب روايتها بالفصيحة.
    أولاً ـ مقدمة

    تدلّ الحِرْفة على المهارة في الصناعة والعمل باليد، وغالباً ما يتم تأكيد دور اليد بالقول: الحرف اليدوية، وهي العمل المرتبط بالاستعانة باليد وبأداة لإنتاج شيء محدد أو القيان بتحويل وإجراء تغيير، من مثل النجارة والحدادة والخياطة والصياغة والحلاقة والتحطيب والنسيج والغزل والحياكة وصنعة الفران والجزّار وغير ذلك، ويمكن تمييزها عن المهنة، من مثل مهنة الطبيب والمعلِّم وسائس الخيل والشحّاذ والزارع والقاضي والوزير والأمير والملك، وغير ذلك من المهن، وإن كان هذا التصنيف مؤقتاً، وليس قاطعاً، ولا يعني الفصل الكلّي بين النوعين، ويمكن أن تتداخل المهنة والحرفة في كثير من الحالات.
    والحكاية هي أحد أشكال التراث الشعبي، وهي قصة يتم تناقلها شفهياً من جيل إلى جيل، وتروى مشافهة ببنائها العام، وبما تضم من مكونات وعناصر أساسية تتكرر في كثير من الحكايات وتكون ما يشبه وحدات ثابتة، أو ما يصطلح عليه بالموتيفات، ولا يُعرف واضعها، ولا راويها الأول، فهي نتاج تراكمي، يبدعه أفراد مجهولون في الشعب، وهم موهوبون، وغالباً ما يتم التغيير فيها والتحوير والتقديم والتأخير، لأنها لا تُروى بنص ثابت، ولا بأسلوب واحد، وإنما تتعدد فيها الأساليب بين نقص وزيادة، وتجويد وإهمال، وفق مهارة راويها وبراعته في الإنشاء والرواية، ولغتها هي اللهجة العامية، بحسب البلد الذي تروى فيه، ويلاحظ التشابه الكبير بين الحكايات، ولا سيما في أقطار الوطن العربي، وأحياناً مع بلدان أخرى في العالم، حتى لتبدو ذات أصل واحد، أو لعلها خضعت لكثير من التواصل والتبادل بين الشعوب عبر العصور بوساطة الحروب والتجارة والأسفار، وهي غير محددة بزمان ولا مكان، وغير معنية بالتفاصيل والجزئيات، وهمها الأول القيمة أو المغزى، وهي تحمل رؤية شعبية تعبّر عن حسٍّ عام.
    وحين يستقصي المرء الحكايات الشعبية الشائعة في بلاد الشام المتعلقة خاصةً بالحِرَف اليدوية يجدها قليلة نسبياً، في حين يجد الحكايات المتعلقة بالمهن كثيرة، إذ تبدو الشخصيات العاملة في المهن أكثر نمطية، ولا سيما شخصيات بعينها، من مثل القاضي والأمير والوزير والسلطان والملك، وهي كثيرة الظهور في الحكايات، وهي تظهر بصفتها العامة، ولا تملك خصوصية، فالملك هو الملك نفسه في معظم الحكايات، في حين يبدو ظهور الشخصيات العاملة في الحرف اليدوية قليلاً، كالحداد والنجار والخياط والصائغ، لأن مثل هذه الشخصيات أكثر خصوصية، ولها سماتها المميزة، ويبدو التعبير عن العام هو ما تعنى به الحكاية الشعبية، في حين نادراً ما تعنى بالتعبير عما هو خاص ومتفرد. وما سيُعنى به البحث هو الحكايات المتعلقة بالحرف اليدوية لا بالمهن، على نحو التمييز الذي تقدم، ومن خلال الوقوف على أكثر من عشرين حكاية ذات علاقة بالحرف اليدوية يمكن القول إنها تتوزع على خمسة أنواع:
Working...
X