قصة "عبوة ثقاب "
بقلم القاص والروائي نبيه اسكندر الحسن
بقلم القاص والروائي نبيه اسكندر الحسن
عبوة الثقاب
بقلم : نبيه إسكندر الحسن
مجلة أصوات الشمال
امتقع وجهه حين سمع نشرة الأخبار ، قذف المذياع بعيداً ، اتجه إلى النافذة فتح مصراعيها بعناد و بتحد شرس ، وقف إليها ليواجه الشارع عيناه تسبحان في سماء ممزقة الملاءة حتى القمر أوشك الرحيل و غالب النجوم الملل في رحلة الحياة ، أرسلت ذبالات شاحبة ، غير اتجاه نظره ... بكل بلاهة حملق بتراب الشارع ، بدا الشارع اسطوانة فارغة مفتوحة الفوهتين أطبق الصمت على أرجاء المدينة ،تسلقت عيناه ذروة الجبل ، ثمة رزاز خفيف من المطر ، هبط من الأفق على المحيط الغاضب ،بلل شعره و عنقه ، بدت البيوت القصديرية أشبه بركام نفايات ، فأخذ يفكر ... قال لنفسه :" لا بد أن الجبل شهق ذات مرة "
. شعر غصة في الحلق ... صمت ملياً كأنه حل المعادلة ، صرخ :
_ ترى أما من صاعقة ... أما من شهقة أخرى .
تراجع نصفه الأعلى عن النافذة ... و هو يردد:
_ حثالة ... حثالة.
أشعل لفافة و قذف عبوة الثقاب وراء ظهره ... راح يعب بنشوة المدمن ، مسح دمعة تحجرت فوق أهدابه ... حاول البكاء فلم يستطع ... انسحب إلى داخل الغرفة .. نفض شعره ، حاول أن ينفض ما في رأسه دفعة واحدة .. انقطع التيار من جديد ... لفه الظلام بدثار أسود أخرج لفافة جديدة ، تفقد عبوة الثقاب لم يعثر عليها ، سأل نفسه:
_ يا إلهي !... أيعقل ؟.
سمع صوتاً ظنه جواباً ، ركض إلى النافذة :
_ أمك و أم الذي....
و بدأ البحث عن العبوة ، تحسس الطاولة ...لم ينس بلاط البيت ... و الحصير و المقاعد .. اندفع صوب النافذة قال:
_ أين هي ؟.
عاد إلى جوف الغرفة وراح يبحث في الزوايا و لم ينس داخل الطاولة ... لامست يده شيئاً ناعماً ... سقط الناعم على الأرض انكسر،فأخذ يشتم و اقتحمت الظلمة عينيه ، كيفما يتجه ظلام ،سأل نفسه :
_ أين العبوة ؟.
غاص بين الأقنعة في قاعة اللارؤية ... قفز إلى النافذة ، كانت الجماهير تجتاز الشوارع تعلن عن غضبها ،أحس بالدفء .. ارتدى ملابسه .. تفقد حاجاته . و إذا بعبوة الثقاب على الأرض . تطلب من يقدح الشرر.
القاص والروائي : نبيه إسكندر الحسن .
[email protected]