Announcement

Collapse
No announcement yet.

مشاهد وصور خارج إطار الواقع بالدراما الخليجية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مشاهد وصور خارج إطار الواقع بالدراما الخليجية





    الدراما الخليجية . . مشاهد وصور خارج إطار الواقع


    إيمان عبدالله


    انتقاد الظواهر الاجتماعية مهم للغاية، ومناقشة القضايا الساخنة والملفات الجريئة والحساسة أمر مطلوب من كتاب الدراما، لمساعدة الأهالي وصناع القرار على معالجتها، ولكن وصول الأمر بالدراما إلى التجريح والإساءة للمجتمع الخليجي فهو أمر مرفوض، وهذا ما نلحظه في معظم المسلسلات الخليجية التي تطرح قصصاً سوداوية تحمل في طياتها الكثير من الأفكار السلبية، وذلك من خلال مشاهد وصور بعيدة عن الواقع .

    لا نطلب منهم تزيين الواقع أو تجميله، فكلنا ندرك أن مجتمعنا فيه العديد من الظواهر السلبية، إلا أنها ليست هي السمة الغالبة، والأجدر بهم التركيز على الظواهر والمشكلات الحقيقية التي ترتبط بقيم وعادات وتقاليد المجتمع الخليجي المحافظ، وليس التركيز على قضية لا تمس سوى أقل من 1% من المجتمع الخليجي، وترديدها على أنها تمثل واقعاً خليجياً، فأصبحنا مع هذا العدد الكبير من المسلسلات على وشك التصديق بأننا فعلاً نعيش في مجتمع غير آمن، رغم يقيننا أننا من أكثر الشعوب محافظة على التقاليد وعلى الأمن، فهل أصبحت وظيفة الدراما تشويه صورة المجتمع؟

    ما نراه في مسلسل “ملحق بنات” من إسفاف ومبالغة سيئة في وصف الفتيات السعوديات، تصيبنا بحالة من الذعر والاشمئزاز للصورة التي تروج للخليجيات، وإن كان العمل ينقل واقعاً حقيقياً، كما تدعي الكاتبة، فلماذا لا ينقل الواقع بصورة كاملة وليس الجانب السيئ فقط؟

    الحال نفسه في مسلسل” بنات الجامعة” الذي يصور لنا الجامعة كأنها ملهى ليلي وليست جامعة أكاديمية، ولا أعتقد أن الخليجيين يتقبلون تجسيد جامعاتهم بهذه الصورة السيئة، ولا أظن أن هناك ولي أمر يقبل بإلحاق ابنته بجامعة بهذه السمعة والأخلاقيات السيئة .

    مسلسلات أخرى تصف المجتمع الخليجي بالخيانة والظلم والفسق والسحر والطمع وعقوق الوالدين والحب الهابط، كأن الغرض من ذلك شد الانتباه، حتى إن كان بالمبالغة، ويعتقد من يشاهدها أنها حقيقة تمثل واقع المجتمعات الخليجية، خاصة من يراها من المشاهدين العرب غير الخليجيين، ولكنها بعيدة كل البعد من أن تمس قضايانا وهمومنا .

    أما الأعمال الكوميدية فتحولت الى تهريج، شوهت الكوميديا الخليجية، والمضحك هذا النجاح الذي يدّعون تحقيقه للبدء بإنتاج أجزاء أخرى .

    ولو انتقلنا إلى المسلسلات المحلية، فنجد أن أغلبها جاء بنكهة خليجية، ما عدا مسلسل “طماشة” الذي يمكن تصنيفه على أنه إماراتي بحت، والذي يلامس القضايا المحلية بشفافية ومصداقية، وبالفعل يتميز عن بقية المسلسلات بأفكاره الواقعية ونوعية القضايا التي يطرحها التي تعبر عن واقع نعيشه، ولكن مازال المسلسل لا يصل الى المستوى الخليجي من حيث الإنتاج الفني، والحبكة الفنية، والسيناريو والتصوير والتقنيات الفنية بشكل عام .

    أما “شعبية الكرتون” فمن سيئ الى أسوأ، فالكاتب غير قادر على إيصال فكرته ورسالته بطريقة سلسلة وواضحة، ولكنه قادر على رسم البسمة على شفاة الأطفال ومتابعيه .

    والملاحظ في المسلسلات الخليجية قدرة الكاتب على تعليم الجمهور كيفية ممارسة السلوكيات الخاطئة، وكيفية إخفائها عن عيون الأهالي، والسيطرة على المشكلة بعد كشفها، ولا نرى في تلك الأحداث أي عرض ناجح لوضع العلاج المناسب لمشكلاتنا، ولا نعرف الغاية من ذلك، هل الهدف تعليم أبنائنا كيفية ممارسة هذه السلوكيات، وأن هناك حلولاً لكل سلوك خاطئ؟

    أليس من الأفضل طرح الكاتب آلية وسبل ابتعاد الأبناء عن تلك الممارسات، سواء عن طريق معاملة الأهل، أو تفكير الابن، لتدريب المجتمع على تصحيح الأخطاء، والابتعاد عن السلوكيات السيئة، وتجسيد أدوار ذات قيمة يستفيد منها الإنسان ويحلم بها في الواقع، وليس تعليمهم الطرق التي تؤدي الى هلاكهم ودمارهم؟ فالدراما لها دور في نشر القيم عن طريق سلوك غير مباشر يستوعبه الجمهور .

    وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها نتعجب من السلوك الحسن لقلة مشاهدته، ولا نستغرب من السلوك الخاطئ لكثرة عرضه بحجة العلاج، والهدف الأساسي في الأعمال الفنية تقديم المعالجة والحلول، وليس المبالغة وتشويه الحقيقة .

    الدراما الخليجية تعيش فوضى شاملة، سواء من حيث الكم أو النوع، وهي بحاجة الى وقفة، والتركيز على مصلحة المجتمع والدراما على حد سواء، وليس الاهتمام بالمصالح الشخصية والمادية، والتكسب والربح على حساب سمعة مجتمعنا، والتركيز على النصوص التي تنشر والجريمة والأفكار والسلوكيات السلبية السيئة من دون مراعاة للآثار المترتبة على ذلك .


    أليس الفن رسالة وهدفاً وغاية، لم لا نلمس تلك الأقاويل التي يرددها صناع الدراما في مسلسلاتهم؟

    لست خبيرة في الدراما، ولست متذوقة لها، ولست ناقدة فنية، ولكن بعد متابعتي للمسلسلات الخليجية، تراودني أسئلة كثيرة عن الهدف من نقل هذه الصورة السلبية التي لا تعبر عن طبيعة أهل الخليج العربي، ولم أجد الإجابة .

Working...
X