تويت
محمد القبانجي مطرب المقام العراقي الأول
مهدي حمودي الأنصاري /كاتب عراقي ـ بغداد
الأستاذ ُمحمد القبانجي، مطرب المقام العراقي الأول، الذي طال بفنه وغنائه الثريا، بلا منازع.
ترأس القبانجي، الوفد العراقي الى مؤتمر الموسيقى العربية الذي انعقد في مصر عام 1932، وغنى هناك مجموعة من المقامات والأغاني (البستات)، فأبدع تلحيناً وغناءً آخذاً بالألباب، وغنى شعراً رائعاً كالماء والسلسبيل..
سألت المرحوم القبانجي وأنا التقيه في مكتبه الذي كان يقع في شارع المصارف، لماذا تغني لشعراء معدودين، مثل عمر بن الفارض، ومحمد سعيد الحبوبي، وكاظم الأزري، والشريف الرضي، وعبود الكرخي، وعبدالغفار الأخرس، وحيدر الحلي، ومعروف عبدالغني الرصافي، وجعفر الحلي وآخرين.. فقال (رحمه الله): ان في شعر هؤلاء، رقة وموسيقى..
غنى القبانجي عام 1932 في مؤتمر الموسيقى العربي في مصر المقامات الآتية:
العريبون، الراشدي، الأورفة، الحليلاوي، الجبوري، الأرواح، النوى، السيكاه، الجاركاه، والمحمودي...الخ.
وغنى القبانجي اغنيات طروباً منها على سبيل المثال لا الحصر: ما دار حسنة بشمر، يا يوسف الحسن، راحت ليالي الهنا، الويل ويلي، لا تظن عيني تنام، خذ العيش وأغنم، كيف يقوى على الهوى، مالي أرى الهم، من يوم فركَاك، أرى آثارهم، طهّر فؤادك بالراطات تطهيرا، طلت ياليل ولم تبد صباحاً، يا صاح ربعي جفوني...الخ.
أحد الصحفيين التقى القبانجي قبل رحيله الى رحاب الله.. كتب يقول:
لو جلست اليه للمرة الأولى، لحسبته طفلاً لنبل تواضعه وصدق طيبته، ولو تعرفت اليه أكثر لشعرت انك أمام علامة في الأدب، والشعر والفنون قاطبة، ولو انك احتككت به أعمق فأعمق لتفهمت انك أمام رجل ، انسان عميق الانسانية ، ذلك هو الأستاذ الكبير محمد القبانجي.
أقول كثيراً ما كنت ألتقي القبانجي (رحمه الله) وقد سألته ذات مرة: ما الحكمة التي تؤمن بها؟
قال.. وهو يشير الى لوحة جميلة مزخرفة على جدار مكتبه: هذه هي الحكمة تقرأ في هذه اللوحة خُطَّ عليها..
مسائل ما لها حل ولكن
اذا نسيت ففي النسيان حل
وعدّت أسأل القبانجي، ما هو تعريفك للجمال؟
أجاب: الجمال خيرُهُ في جمال النفس والتعفف والترفع، وأجمل الجمال في الخلق، وحسن السيرة والاحسان.
وكاتب هذه الأسطر، يعقب على سطور الصحفي.. ويقول:
ان القبانجي والحق جمع طاقتين، الفن والأدب، فكان رحمه الله كالنحل في خليته يصنع الشهد للناس، وانّ برنامجه الشهير ((حياتي)) هو مصداق على ما أقول ،وهذا البرنامج الرائع كان يُبَث من الأثير العراقي واستقطب اعجاب حشد كبير من أهل الفن والأدب والطرب.
رحم الله مطرب العراق الأول الأستاذ محمد القبانجي، مفخرة المقام الأصيل الذي طال بفنه الثريا، وغادرنا الى رحاب الله في 2/ 4/ 1989.