تويت
يوسف الجادر
عازف البزق سعيد يوسف في دار الأوبرا
إن آلة البزق هي من أكثر الآلات الموسيقية الشعبية انتشاراً في منطقة الجزيرة السورية، هذه الآلة الصغيرة الحجم ذات الأوتار الثلاثة والقمرة الوحيدة، يخرج منها صوت ناعم ودافئ حنون بامتداداته التي تغمر المستمع بإحساسات صوفية عذبة. لكنها عند عازف البزق سعيد يوسف تصبح آلة أخرى تخرج منها أصوات الأجراس والدبكة والإيقاعات المختلفة وأصوات الطيور، فتتجاوز بذلك الآلة البسيطة لتتحول إلى آلة لها تكنيكها وحضورها وهويتها الخاصة .
فقد تمكن سعيد يوسف في حفلته الأخيرة في دار الأسد للثقافة والفنون من مزج ثقافة الجزيرة السورية الموسيقية المتعددة الأطياف والأشكال في مقطوعاته الموسيقية وعلى مدى ساعة ليثبت أن لهذه الآلة روحاً خاصةً،وذلك عبر الطرق على خشب البزق وزنده، والعزف بيد واحدة، مما أعطى جمالية خاصة أخرجت أصواتاً ذات أبعاد أوسع وأعمق، وخاصة حين عزف المقامات الشرقية بتقنيات جديدة لم يسبق لعازفي البزق استخدامها في الارتجالات النغمية، التي ترتكز في جوهرها على السلَّم المقامي الواحد، فمزج بين الموسيقا العربية والكردية والتركية والفارسية لأنه ابن الفسيفساء المتعدد الأطياف الثقافية.
بدأ بعزف المقامات (مقام نهاوند وحجاز كاركرد وحجاز كار وجهاركا) على آلة البزق المعروفة ليضفي إحساساته وشغفه وثقافته الموسيقية. أضف إلى ذلك أنه أثبت للمستمعين قدرته على الانتقال من مقام إلى آخر مع الحفاظ على هوية كل مقام. فالمستمع لعزفه يشعر بحضور أوركسترا شرقية كاملة، وخاصة في انتقاله بين القرار والجواب بمرافقة الطَّرْق على البزق. وفي القسم الثاني عزف آلة بزق مغايرة، أضاف إليها وتراً غليظاً ليعطي المقطوعة الموسيقية صوتاً رخيماً له بعد إيقاعي دافئ، فهو يتحكم بطنين الصوت وامتداده وتسكيته.
وسعيد يوسف من العازفين المتميزين على آلة البزق، أقام العديد من الحفلات داخل سورية وخارجها. وكرمته جمعيات أهلية في سويسرا والدانمارك. شارك مع عازفين عرب وعالميين في حفلات متعددة ، فقد عزف مع عازف العود العراقي الشهير منير البشير، وغنى من ألحانه كبار المغنين العالميين (شفان) و(شيري) و(كيلستان)، وسميرة توفيق، والمغني الفرنسي (جوني أوبير)، والمغني التركي (علي شان).
يوسف الجادر