إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكاتب والصحفي : مواهب الكيالي (1918 - 1977 ) - شقيق حسيب كيالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكاتب والصحفي : مواهب الكيالي (1918 - 1977 ) - شقيق حسيب كيالي

    الكاتب والصحفي : مواهب الكيالي
    (1918 - 1977 )
    شقيق حسيب كيالي
    مواهب الكيالي (1918 - 1977 )


    جاء مواهب الكيالي(1918 - 1977 ) الى موسكو شابا مبدعا في عام 1957 لدى مشاركته في مهرجان الشباب العالمي الثاني وقضي فيها في مطلع الثمانينيات. وكان قد نشر في عام 1952 اولى قصصه " درب الى القمة" وما اعقبها من قصص في مجموعته القصصية اليتيمة " المناديل البيض" وتأسيسه مع كتاب آخرين "رابطة الكتاب السوريين".
    ورافق مواهب في مسيرته الابداعية في سورية ومن ثم في موسكو شقيقه حسيب الكيالي الذي غادرها عائدا الى الوطن ومن ثم للعمل في امارات الخليج. وكان اسماهما غالبا ما يترددان لدى الحديث عن "رابطة الكتاب السوريين " ومن ثم "رابطة الكتاب العرب " وعن " عصبة الساخرين" في دمشق التي ضمت عبدالسلام العجيلي ونسيب الاختيار وعبدالرحمن ابو قوس وغيرهم. وفيما عمل حسيب مترجما في دار النشر السوفيتية " التقدم" انصرف مواهب الى اعداد البرامج الادبية في اذاعة موسكو. وفي اعوام الستينيات والسبعينيات أتحف مواهب المستمعين العرب ببرامج عن كتاب روسيا العظام مثل بوشكين وجوجول وتولستوي وتورجينيف وغيرهم. وكانت ترد من الاقطار العربية الآف الرسائل تعبيرا عن الاعجاب بها. كما اعد وترجم الكثير من البرامج للأطفال وورائع الادب الروسي.
    ويختلف مواهب عن بعض الادباء المغتربين العرب الاخرين بموسكو مثل غائب طعمة فرمان في انه لم يواصل نشاطه الابداعي الرئيسي اي كتابة القصص. كما انه بقي شديد التعلق بتربة وطنه حتى آخر رمق في حياته عندما طلب وهو على فراش الموت ان يدفن في سورية. واحتفظ بهذا الشعور منذ ان وطأت قدماه الارض الروسية وحتى بعد ان تزوج الفتاة الروسية سفيتلانا وانجب منها سوزان وزياد.وقد نشر مرة " رسالة الى بنتي" في صحيفة " الاخبار" اللبنانية مقالة حول طفولته استهلها بقوله " اشعلت في عيدك شمعتين ، وتمنيت لك ان تسعدي، ولعلي توهمت ان المسافة بين دمشق وموسكو يممكن ان تقطع في طرفة عين ، فأنتظرت ان تدخلي علي بثوبك الجديد ذي التنتنة حول العنق والساعدين ، وعلى فمك آثار المربي ، تقيم الدليل على انك تذوقت حلاوة العيد. ولكن الشمع ذاب ولم يطرق الباب ، فقمت اكتب اليك هذه الرسالة"..واردفها بالحديث عن طفولته نفسه بقوله " كانت طفولتي عافاك الله يابنيتي – جولة عامة على كل ما يعرف الطب وما يجهل من الامراض والعلل ، ولولا انني بسبع ارواح لما استطعت ان ارد ملاك الموت اذ جاءني اكثر من تسعين مرة ، يدق صدري وظهري ، ويغمز معدتي وطحالي ، ويجوس خلال امعائي ، ويجلس على أم رأسي ، ويأبى ان ينام الا في فراشي . هذا والناس وقتئذ يجهلون طب زمانكم وادويته العجيبة ولا يعرفون الا القراءة المباركة وسبحان من يحي العظام وهي رميم. وكان الكبار يتسلون بضربنا كأنما يقصقصون بزرا ، فنضرب في الصباح حين نبكر وهم نائمون ، ويرتفع عويلنا فنضرب لأننا مزعجون ، ونهرب من وجوههم ليرتاحوا من وجوهنا فنضرب لأننا آبقون. وكانت اللعبة في زماننا صرفا يأبى الكبار ان يكونوا من أهله فيقعوا في شر أعظم منه . وذلك اذ نروح نلتمس التسلية بوسائل الشوارع ، فنتقاذف بالطين والحجارة ، ونتمرغ على ما تلفظه البيوت وتخلفه الدواب من طالع ونازل. وقد نرسل بطائشة تمر بعين زميل ، او بمصباح البلدية ، او بزجاج الجيران فتنفتح النوافذ المغلقة ، وينهال علينا من الشتائم ما يغرق بفيضه السخي أكبر شجرة نسب ، ولا تقعد هذه القيامة اذ تقوم علينا في الشارع حتى تقوم مرة ثانية في البيت حين يبدأ الاهل بغسل اوساخنا وتبديل ثيابنا وترميم جروحنا ورضوضنا. ولو انهم تعمقوا دور اللعبة الكبير في حياتنا وحياتهم لطلبوها ولو من الصين ، وبذلوا في سبيلها أغلى ثمن. وهو لا شئ بالنسبة الى ما يتكلفونه من المال وقلق البال في سراحنا على مثل تلك الصورة. في عيدك هذا مر في خاطري الكثير من ذكريات طفولتي ، وما قصصت عليك منها الا النزر اليسير. يكفي ان تعرفي انني فكرت وانا في السابعة من عمري فقط بما يفكر به الكبار المكدودون ، فزعمت وانا اقلب البصر فيما حولي : ان هذه ليست حياة.
    كانت الحرب قد تركت منازلنا مهترئة وحقولنا مهملة ، وفي كل بيت صورة غائب لن يعود تتعلق به عين دامعة ، وفي الشارع يسير جنود الاحتلال ، تخفق اعلامهم وتقرع طبولهم وترتفع حرابهم ، وفي المدرسة ينتظرنا عقيد متقاعد ، انهزم في معركة الدردنيل ، فتوهم اننا اسرى حرب في معركة الابجدية . ومضينا نطوى مراحل الصبا في هذا السخام ، نقوم من حفرة لنقع في اختها، بلا مرشد ولا موجه . ولم نكد نبدأ كفاحنا من اجل العيش حتى رأينا الرغيف يدرج امامنا كأنه دولاب عجلة بلا سائق ، تنطلق خيولها مجنونة ، ونحن وراءها سيل طويل ، نركض بأنفاس مبهورة فبعضنا يصل ، وبعضنا يلامس ، وبعضنا يوشك ، وأكثر الكثير يسقط في عرض الطريق".
    تلكم هي صورة طفولة مواهب لكنه بالرغم من صعوبة الحياة يؤكد ان جيله هو جيل الصامدين فيقول:" انه جيلنا يابنتي نحن الذين كرثتنا حرب اولى وثانية ، وامتص دمنا الاحتلال ، وحرمتنا القلة والفقر من وسائل العمل والكفاح ، ولكننا مع هذا كله وقفنا على اقدامنا فلم نهن ولم نحزن ولم نركع ، بل سرنا حفاة الى الهدف ، وتسلحنا بالعصي والحجارة ، وحرثنا ارضنا بالاظفار ، وسقينا نبتها بالدم ، وذدنا عنها بالسواعد. وقد لا يكون لجيلنا ذاك معجزة كبرى بين الخوارق ، الا انه ، ولا تنسي هذا :" انه الجيل الذي مرت اعياده بلا شموع ولكنه جيل اعيادكم المضيئة".
    علما بأن اعوام الشباب لدى مواهب الكيالي كانت مترعة ايضا بالصعوبات والالآم فقد ادى انضمامه الى الحركة اليسارية الى ان تعرض الى صنوف الملاحقات والحرمان مما جعله مرغما على تجرع محن وارزاء الغربة والنفى. فبعد ان عمل مع شقيقه حسيب في عام 1950 على جمع شمل الكتاب الوطنيين السوريين في بيتهما في حي السبكي بدمشق حيث تقرر تأسيس "رابطة الكتاب السوريين" التي ضمت ايضا سعيد حورانيه وحنا مينة وصلاح دهني وليان ديراني وشحادة الخوري. واعلن عن قيامها في عام 1951 ، وقد تحولت هذه المنظمة لاحقا الى " رابطة الكتاب العرب" في عام 1954. ومن ثم اصبح مواهب سكرتير تحرير صحيفة " النور " لسان حال الحزب الشيوعي السوري. وتعرض الى القمع والقهر والملاحقات ثم غادر الى لبنان ومنه جاء الى موسكو.
    توفي مواهب الكيالي بموسكو في عام 1977 بعد اصابته بداء سرطان الدم، وقد نقل جثمانه بوصية منه قبيل وفاته الى سورية حيث ووري التراب فيها. وكان قد كتب في صحيفة " تشرين " بعد استفحال المرض فيه يقول:"أشعر بأنه ليس من المخيف ان يموت المرء بعيدا عن منطلقات سعيه وسعادته وحياته.. ولكن المخيف ان يعيش المرء بعيدا عن ثراء المنطلقات وعن نضارتها المتجددة الخالدة .. فيا ألف آه يا ارض وطني ويا انسان وطني ، ما كان ابعدكما واقربكما الي في سنوات الغربة"...
يعمل...
X