إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 6 وفاء عبد الرزاق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 6 وفاء عبد الرزاق

    - البارحة كنا في مهرجان، كلهم يعزفون في ناي واحد، إلا أنا وأنت لكل منا نايها الخاص.
    - سمرائي الغالية، لا بدّ أنك انتبهت البارحة الى الصحفي الذي تابع حركاتك، لا بل أكلتك عيناه، قال إنّ اسمه محمود.
    بدت الدهشة على وجهها، إذ ليس من عادة مومس أن تسأل عن أسماء زبائنها، كما أن أسماءهم ليست حقيقية. حاولت جهد نفسها أن تسترجع صورته من بين الوجوه، تستعيد ملامح من احتساها مع كأسه، أهي النظرة القلقة نحو البغي؟. نعم، فقد رسمها معتوه الابنة اللاشرعية للحياة. ربما فكروا جميعاً بالطريقة التي ستقلع بها ملابسها كتفاحة ليس لها أنياب قبلية، أو خميرة ممنوعة تعجنها وتخبز فخذين جميلين. وجدت نفسها تتكلم، وصاحبتها صامتة تنظر لشرودها:
    ـ رفيقتي السمراء أرجو ان تعرفي أن الحياة هي المبغى الحقيقي، والقلب ليس له وجود هذه الأيام؛ عالم رخو يستعيض عن القلب بالحجر وبالنقود.
    ـ ماذا قلتِ؟ لست أفهم، ماذا تقصدين؟ أنا سألتك عن محمود.

    وواصلت:
    ـ التفاحة رسمها بهلوان مفجوع بالفخذين، لذلك جعل منها خطيئة، وهو المغلوب على أمره، مسكين استجاب لغوايتها ورسا على شاطى حياة آدمية، حياة أوحت له كيف ينزع عنه أسماء الملائكة ويعود كمقاتل في معركة، يلقي بجسده بين فخذين شبقين. القتال كله من أجل السقوط في حفرة معتمة؛ عفواً. لقد هذيت كثيراً، من حقي أن أصبح حكيمة، ولو للحظة واحدة، مومس وحكيمة؟
    ـ ألم تسمعي سمرائي المثل القائل: خذ الحكمة من أفواه المجانين؟
    لكنه لم يقل أفواه المومسات.
    تناثر الشعر الأسودعلى النهدين :
    - هل أنت مَن سأله عن اسمه؟.أهو عبث النساء بالرجال؟
    - بل هو صاحب المبادرة.
    - أين نمت البارحة؟ كوني صريحة معي.
    - بصراحة، نمت مع صابر.
    - وعدتِ بعملة خاسرة، هل خسرت ما فوق السرة أم ما تحتها؟
    - كلاهما.
    ارتدت الشقراء تنورة جينز وقميصاً مشجّراً، وتابعت؛ السرير مملكة قانونها نهود النساء، والشاطر من يتوّج نفسه ملكاً.
    ـ تقولين مملكة؟
    - نعم، مملكة تتعرّى فيها الرعيّة كلما تعرّت المومس.
    - معك حق، أحكام وقوانين سُنّت من أجل ابتسامة في مبغى البارحة. كل الأثداء الراقصة ليس فيها ثدي أم ولا قلوب حقيقية، إنها قلوب من النايلون، ولا يوجد متسع للحب، لذة جنسية فقط. أنت مثلاً، رسمك وليد مومساً أعطاك الشكل، وصابر فضّ بكارتك، أتراه اكتشف أنك مازلت بكراً؟
    - نعم، واستغرب. وزاد استغراباً عندما قلت له هذه أول مرة أنام فيها مع رجل. فقط سألني:
    - من أنت، هل أنت من اللاتي يهربن بحجابهن وينزعنه في الطائرة وجئت تعوضين الحرمان في لندن؟
    - لقد رأيت منهن الكثير، أم أنت مفلسة جاءت بهيئة مومس لتسترزق؟
    ـ إذاً، أين تقع الخطيئة الآن وعلى عاتق مَن ياشقرائي ومن هو الخاطىء الأول؟. التفاحة، صابر، وليد، أنت، الضيوف كلهم بحواراتهم العقيمة واستعادتهم لما كررته النشرات الإخبارية، غثاء السياسة، غثاء الدين وغثاؤهم.،
    ـ أنت فيلسوفة اليوم، ومن تعشق وليداً تهذي بهذيانه.
    ـ لا، ليس هذا بهذيان. أنا البارحة (واقتربت منها مؤكدة) لا تقولي أنا مجرد لون وفكرة، أنا كيان جديد رأى البارحة الشعبَ العربى ممدداً على صينية مملوءة بالرز والمكســــرات، قوزي عربى، وكان يدور حول الصينية والمازة اللبنانية سمسار واحد يقود القطيع.
    ـ خذي هذا الشال الأصفر اربطي به شعرك، ودعينا نفكر كيف نقضي وقتنا اليوم. ضعي أفكارك هذه في حقيبة وأغلقي عليها، ولنستمتع باليوم، هيا نخرج فأنا جائعة.
    حالما خرجتا من الغرفة، وجدتا صابراً ينتظرهما على الإفطار، وخادمة مغربية تصبّ الشاي. حيّاهما قبل أن تبادرا بالتحية، وجلستا الى طاولة الطعام . خلال الإفطار تحدث صابر عن ليلة البارحة، وبادر بقول أدهشهما :
    - الآن أصبحت لي عائلة.
    وانتقلت نظراته الى الوجهين.. شكرت السمراء خادمة صابر على الشاي، وطلبت إضافة المزيد من السكر.
    راحت الشقراء تعيد عليه ما قاله:
    - ستصبح لك عائلة؟
    أجاب على الفور مستدركاً استعجاله لاستدراجهما في البقاء معه:
    - أقصد أني حُرمت من العائلة، وأنتما كعائلتي.
    استبشرت أسأريره وهو لايزال يكتشف ردة الفعل حيال اللغم الذي فجّـره قبل قليل، مسح قطعة خبز بالزبدة والمربى وقدّمها للشقراء، ثم أشار للخادمة أن تصبّ له مزيداً من الشاي والحليب، وراح يطرح أسئلة لا بدّ منها:
    - أعتقد أن الوقت قد حان لأعرف اسميكما، وأظن أنكما من الـ..
    - مسحت الشقراء فمها بفوطة بيضاء، وقاطعته :
    - لم يكن لنا بلد أو تأريخ أو اسم، إننا مجرد صدفة، صدفة مرّت بذهن رجل، وعلينا الآن أن نختصر الدهر باثني عشر يوماً، أمقتنعٌ أنتَ بكلامي؟
    - لا، والمصحف الشريف ومنزّله.
    - أتقسم بالله؟ من حقك
    - شو هيدا.. أنا بعرف ربي، ويمكن أعرفه أكثر من أي أحد يصلـّي عشرين ركعة في اليوم.
    - ليش لا.. الله غفر لرابعة العدوية، ويمكن يغفر لك.
    - والله كلام السمرة حلو، شو بدي من الدين لو ربنا فتحها بوشّي مثل رابعة.
    خاطبته السمراء بتخابث:
    - هل نمت جيداً البارحة؟
    - ـ جيداً جداً، نمت نومة ما في مثلها.
    - نومة على النفط، ونومة على..
    - نظرت الى وجه الشقراء، وصمتت. انتفض صابر واهتزّ قليلاً، ثم رجع الى هدأته. أما السمراء فصحّحت ما فلت من لسانها:
    -كل الصناعات من النفط، حتى الغيوم صارت تمطر نفطاً.
    بكثير من العناية والرقة مسحت فمها بفوطة معطرة، وأوضحت رغبتها للخادمة بفنجان من القهوة، بعد إذن السيد صابر.
    أجابها: بكل سرور. (وراح يتحدث عن الخادمة):
    - تأتي حسب الطلب، أتصل بها بعد كل حفلة؛ إنها مريحة وتريحني على الآخر.
    ـ على الآخر، الآخر؟
    ـ نعم يا شقرائي الملعونة، على آخر الآخر.. لو ما لقيت وحدة مثلك يا وردة.
    خطر للشقراء أن تصنّف أنواع الراحة، كما أسعدها إطراء صابر لها. استمتعت بطرب لصوت فيروز، وطلبت من صابر أن لا يغير الشريط، وأن يكفّ عن البحث عن شريط آخر، فصوت فيروز أنعشها.
    ( زوروني كل سنة مرة، حرام تنسوني بالمرّة).
    قالت السمراء: أبإمكان المرء أن ينسى من يحب؟
    أجابها صابر: إيه.. كثير.
    ـ هذا ليس حباً، مجرد إعجاب أو جسد. الحب هنا (وضعت يدها على قلبها) هنا.. وهذا لا يُنسى.
    - سمرائي العزيزة، يبدو أنك عاشقة، مليانة عشق؟
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
يعمل...
X