إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأسس المعتمدة في التطبيق (( بعض المفاهيم الاجتماعية والفلسفية )) - دراسة (( حسن عباس ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأسس المعتمدة في التطبيق (( بعض المفاهيم الاجتماعية والفلسفية )) - دراسة (( حسن عباس ))

    الأسس المعتمدة في التطبيق
    (( بعض المفاهيم الاجتماعية والفلسفية ))
    - دراسة (( حسن عباس ))
    رابعاً - في تحديد معاني بعض المفاهيم الاجتماعية والفلسفية:
    لقد لاحظ القارئ ولا شك سهولة استنباط المعاني الفطرية الحسية للأمثلة من الأحداث التي استعرضناها آنفاً بالرجوع إلى أسرها ومقاطعها وحروفها، كما في قطع (فصل...).
    أما استنباط الروابط الذهنية بين المعاني الحسية والمجردة للقيم والنقائض، كما في (الحميَّة -النفاق -الخداع...) فقد اقتضاني شيئاً من الجهد والمشقة.
    ولكن استنباط الروابط الذهنية بين الحسي والمجرد في هذه الفئة من المفاهيم (الاجتماعية والفلسفية) قد اقتضاني المزيد من الجهد والمشقة، كما سيرى القارئ وذلك لعلة التجريد في بعضها وغلبة استعماله للمعاني المجردة، كما في (العقل- العقيدة- الحق) كما سيأتي.
    1-فماذا عن العقل؟
    هو لغة (ما يقابل الغريزة التي لا اختيار لها. وما يكون به التفكير والاستدلال وتركيب التصورات والتصديقات، وما به يتميز الحسن من القبيح، والخير من الشر، والحق من الباطل).
    من أسرتها: عقل الأشياء عقلا (أدركها على حقيقتها) عقل البعير (ضم رسغ يده إلى عضده وربطهما بالعُقال ليبقى باركاً). عقل فلاناً عن حاجته (حبسه عنها). عقل البعير (التوت رجله). العُقال (الحبل الذي يُعقل به البعير) المعقِل (الملجأ والحصن).
    ونظراً لغلبة معاني الربط والحبس على المشتقات السابقة، فإن العربي كما يبدو قد استعار هذه اللفظة الرعوية للتعبير عن مفهوم (العقل المجرد) في مرحلة ثقافية متطورة، وذلك لرابطة ذهنية مشتركة بين الصورة الحسية (لعقل البعير) والصورة الذهنية (لعقل الأشياء).
    فما هي هذه الرابطة بين المعنيين؟
    إنها واقعة الربط ذاتها: فالعقال يربط حسياً (رسغ يد البعير إلى عضده)، والعقل يربط ذهنياً (العلة بالمعلول) كما في العلاقة بين الاحتكاك والحرارة، فالاحتكاك (علة) والحرارة (معلول) فإذا صح الربط بين العلّة والمعلول توصل الذهن إلى حقيقة معينة ومن خصائص الحقائق (الثبات) بما يماثل ثبات البعير بعد عقله. والثبات يقوم أصلاً على التوازن) بين المقادير (1+1=2). وخاصية الربط بين العلّة والمعلول وما يستتبع ذلك من التوازن بين المقادير أو القيم وما إليهما، يمارسهما العقل في شتى المجالات الرياضية والفيزيائية والاجتماعية والفلسفية والجمالية والروحية واللغوية أيضاً.
    وهكذا يدرك العقل حقائق الأشياء أي عللها ومعلولاتها. وما أحسب أن المفهوم الفلسفي الحديث للعقل يتجاوز حدود حدس العربي فيه.
    في مقاطعها:عق- من عقّت انثى الحيوان (حملت) عقّ ثوبّه (شقّه) عقّ أباه (عصاه) العقّة (حفرة عميقة في الأرض). عل- من علّ (شرب ثانية ومرض) قل - من قلّ الشيء (نقص) - استقل الطائر (ارتفع). ومعاني هذه المقاطع بعيدة عن مفهوم الربط والعقل وإن كان في مقطع (عق) لحمل انثى الحيوان ما يتصل بمعنى الربط لواقعة اللقاح فماذا عن حروفها؟
    في حروفها- العين هنا (للفتل والدوران كما مر معنا في دراستها) بما يضاهي واقعة لف العقال على رسغ يد البعير وعضده والقاف (للقوة والمقاومة) بما يضاهي الشّدة والمقاومة في الربط. واللام- (للالتصاق والتعلق) بما يضاهي ضم رسغ اليد إلى العضد والتصاقهما، وذلك (سوقاً للحروف على...). ويطيب لي أن أتساءل هنا: لماذا اختار العربي لفظه (عقل البعير) الحسية للتعبير عن (عقل الأشياء) الذهنية، ولم يختر لفظه (ربط) وهي في إطلاقها أعم من (عقل)؟
    ذلك أن (العيانية والوضوح) للعين في عقل هما من أخص الخصائص العقلية. كما أن (القوة والمقاومة) في القاف تضاهي واقعة المشقة الذهنية في الكشف عن حقائق الأشياء وعللها. أما اللام- (للالتصاق) فهي تمثل واقعة ارتباط العلّة بالمعلول التصاقاً سرمديا.
    أما في (ربط الدابة)، فالراء (للحركة والتكرار) تضاهي واقعة التفاف الحبل حول عنقها أو رسغها، والباء (للحفر والبقر) تضاهي ربطها بوتد يشق الأرض من (بطّ الدّمّل، شقها) والطاء- (للمطاوعة والفلطحة) تضاهي واقعة استكانتها لفعل الربط).
    وواضح أن المعاني الحسية في (ربط) تقصِّر عما في (عقل البعير) من الضبط والربط والإحكام، كما أن أصوات حروفها تفتقر إلى ما في موحيات صوت العين من إشراق وعيانية ووضوح، لا يضاهيه في ذلك إلا إشراق الذهن في تأملاته العقلية.

يعمل...
X