إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحروف الشعورية الحلقية (( حرف الخاء )) - دراسة (( حسن عباس ))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحروف الشعورية الحلقية (( حرف الخاء )) - دراسة (( حسن عباس ))

    الحروف الشعورية الحلقية (( حرف الخاء ))
    - دراسة (( حسن عباس ))
    الفصل السادس

    الحروف الشعورية الحلْقية


    الحَلْق: (بتسكين اللام) لغة، هو (مساغ الطعام والشراب إلى المريء).
    والحلّق، كما أنه مساغ الطعام والشراب إلى المريء، في حركة من الخارج إلى الداخل، هو أيضاً مسار النفس (بفتح الفاء). من الحنجرة إلى جهاز النطق، في حركة معاكسة من الداخل إلى الخارج، فمعظم النفَس الذي يخرج من الفتحة المزمارية في الحنجرة يدخل مباشرة في جوف الحلْق، ومنه يسري إلى مختلف مناطق المدرج الصوتي حتى آخره في الشفتين، على أن قسماً ضئيلاً من النفَس يتسرب إلى الأنف، مما يُسهِم في خنخنة أصوات بعض الحروف، وفي غُنَّة البعض الآخر كما مر معنا.
    وهنا يطيب لي أن أُجري المقارنة بين النَّفَسِ المنطلق من جوف الصدر، وبين مياه نبع تنبثق من باطن الأرض.
    فكما أن أعضاء النطق على المدرج الصوتي تأخذ حاجتها من النَّفَس لتشكيل أصوات الحروف، مخرج صوت بعد مخرج، من أول الحنجرة، داخلاً إلى آخر الشفة خارجاً؛ فإن الناس يغترفون من ضفتي النبع على الطبيعة مايُعوزهم من المياه لشتى الحاجات والأغراض، مأخذ ماء بعد مأخذ، من منبعه إلى مصبه.
    ولكن يطيب لي أن أضبط للقارئ بالمقابل هذه المفارقة بين النفس ومياه النبع.
    فمياه النبع تكون في غاية النقاء والصفاء لحظة خروجها من باطن الأرض، ثم لا تلبثْ أن يأخذ بها الكدر والعكر، موقعاً بعد موقع بمقدار مايبتعد المجرى بها عن فوّهته.
    أما النفس، فهو عند خروجه من جوف الصدر يكون في أول الحلْق مشحوناً بأكبر طاقة من الانفعالات النفسية التي يعاني المتكلم منها، وهكذا يتسنى للحروف الحلْقية أن تمتص هذه الشحنة قبل غيرها من أصوات الحروف. ولذلك ما أن يتجاوز النفَس جوف الحلْق حتى تأخذ هذه الشُّحنة في التلاشي مخرج صوت بعد مخرج، كلما بعد المكان بها عن جوف الصدر، وطال الزمن، ولو واحداً في الألف من الثانية.
    وإحساساً بهذه الظاهرة الصوتية الانفعالية، كثيراً ماتمنّى بعضهم أن يكون له مثل رقبة الجمل، فيمنحه طولُها فسحة في المسافة والزمن لمراجعة نَفْسِه، قبل أن يَظهر غضبُه وانفعالُه في صوته وكلامه.
    وهذان المثالان من الموافقة والمفارقة بين النَفس ومياه النبع، وإن كان الغرض منهما مجرد التمثيل والتشبيه لتوضيح دور أصوات الحروف الشعورية الحلْقية في التعبير عن الانفعالات النفْسية التي تجيش في الصدر قريباً من فوّهَة الحلق، فإنهما لا يخلوان من بعض الحقائق.
    فقدرة أصوات الحروف الشعورية الحلقية على التعبير عن الانفعالات النفسية ذاتياً، تعود بالدرجة الأولى إلى رقة أنسجة غشاء الحلق وحساسيتها الفائقة، لا إلى قرب الحلْق من جوف الصدر فحسب، فليس في جهاز النطق ماهو أقدر من هذه الأنسجة على امتصاص الاضطرابات والانفعالات التي تجيش في النفْس (بتسكين الفاء) والصدر معاً، ليصبَّها المتكلم المنفِعل في أصوات مهتزة أو مضطربة تجسِّدها تجسيداً أكثر مما توحي بها إيحاء.
    على أن قرب الحلق من جوف الصدر يعطي الأصوات التي تتشكل فيه فرصة أفضل لتلقي الانفعال النفسي بحيويته وتلوناته ودقائق رعشاته.
    وهكذا كأني بأنسجة الحلق، بحساسيتها المفرطة وقربها من جوف الصدر، قد تحولت إلى مصفاة للانفعالات النفسية في اللسان العربي، فما تسرب منها إلى مختلف مخارج أصوات الحروف إلا القليل بعضها لحرف النون المهتز الصوت تعبيراً عن حالات الخشوع والألم الدفين، وبعضها لحرف الصاد الصقيل، لمعاني الصفاء والنقاء، ومابقي منها لحرف الضاد المفخَّم لما يوحيه من مشاعر النخوة، مع الإشارة إلى ندرة المشاعر الإنسانية في معاني المصادر التي شاركت فيها هذه الحروف كما مر معنا في دراستها.
    وهكذا.. لم يكن عبثاً أن أجّلتُ دراسة أصوات الحروف الشعورية الحلْقية إلى مابعد الانتهاء من دراسة بقية الحروف. فليس ثمة ماهو أعصى منها على تمحيص الخصائص والمعاني، وفي الإمكان إجمال هذه الصعوبات بمايلي:
    آ- حساسية أنسجة الحلْق:

    نظراً لرقة أنسجة غِشاء الحلْق وحساسيتها المتناهية، فإن أصوات الحروف التي تتشكل على صفحاتها تتصف على العموم بخاصية الاهتزاز والاضطراب، بما في ذلك حرف (الغين) الحلقي الذي صنفناه في زمرة الحروف البصرية لمافي طبيعة صوته من موحيات الظلام والغؤور والغيبوبة. وماشذ عن خاصية الاهتزاز هذه سوى حرف الحاء الذي تحول الاهتزاز الرقيق في صوته إلى حفيف وصحل (بحّه). أما الهمزة فصوتها انفجاري معدوم الاهتزاز، وهي مزمارية أصلاً لا حلْقية كما مر معنا في دراستها.
    ب- خاصية الاضطراب في المشاعر الإنسانية:

    إن من يدخل في حالة من الحالات الشعورية، سواء أكانت سلبية من فزع أم حزن أو غضب، أم إيجابية من فرح أو شوق أوهوى أوهيام، لابد أن يشيع الاضطراب معها في نفْسه (بتسكين الفاء). ولابد لهذا الاضطراب أن يتسرب إلى جوف الصدر وأنسجة الحلْق، وهكذا فإن الصعوبة التي عاناها العربي الفجر مع أنسجة حلْقه المهتزة بمعرض التعبير عن الانفعالات النفسية المضطربة، لا تقل عما يلاقيه فارس على صهوة جواد يحاول اصطياد طير يطير بسهام قوسه، وهكذا ظل العربي آلاف الأعوام يروِّض حنجرته وسمعه ومشاعره على هذه الرياضة الثقافية البالغة التعقيد، قبل أن ترسُخ قواعد هذه اللعبة الذكية في جملته العصبية جيلاً من الهُزَّاج والشعراء والفصحاء بعد جيل.
    جـ- تنوع الخصائص الصوتية للحروف الحلقية تبعاً لكيفية التلفظ بها:

    بحكم رقة الأنسجة الحلقية وحساسيتها الفائقة، وبحكم قربها من جوف الصدر، قد سهل على أصوات الحروف الحلقية أن تتكيف مع مختلف الحالات الشعورية والمعاني المراد التعبير عنها شعورية كانت أم غير شعورية فالرقة والنعومة في أصوات بعضها لمعاني الرقة والكياسة، أما الاهتزاز والاضطراب في أصوات بعضها الآخر، فلِما يحاكيها من الأحداث المضطربة والأصوات المهتزة، وأما الخنخنة فللعيوب النفسية والجسدية ولمعاني التقزز والقذارة والفحش وما إليها. ويزيد الأمر صعوبة في دراسة خصائص أصوات هذه الحروف على واقع المعاجم اللغوية، أنَّ كيفية النطق بصوت الحرف الواحد منها لاتعمل على تغيير إيحاءاته وبالتالي معانيه من حال إلى حال فحسب، كما لحظنا ذلك في حرف الجيم، وإنما قد تقلب معانيه من النقيض إلى النقيض.
    وذلك لطواعية أنسجة الحلق، وقدرتها على التكيُّف مع المعاني المراد التعبير عنها، كما سيأتي.
    وهكذا، كان لابد لي من ملاحقة الحروف الشعورية الحلقية في مختلف مواقعها من المصادر لاستكشاف خصائصها الصوتية تبعاً لكيفية النطق بها كما كان لابد لي من الإكثار من الأمثلة للكشف عن كل خاصية منها.
    وقد يجد القارئ أنِّي أكثرت من الأمثلة ولاسيما من غرائب الكلم أكثر مما ينبغي، إذ ما الجدوى منها على رأيه، وقد حُنِّطت هي ومعانيها في الزوايا الخلفية من المعاجم، لا يسعى اليوم إليها إلاّ منقب متخصِّص بالآثار اللغوية، وما أندره؟
    وأردُّ على هذه التُّهمة الصحيحة بأنني قصدت من ذلك (إطلاع) القارئ على مبلغ رهافة أحاسيس العربي وشفافية مشاعره، وعلى نباهته الفطرية وأصالته الفنية بمعرض التعبير عن مقاصده ومراميه، ولاسيما وقد جاء معظم غرائب الكلم للمعاني الرديئة، فصورها العربي في غالب الأحيان بأصوات حروف رديئة الايحاءات، وصبها في صيغ متنافرة التراكيب لا يضاهيه في ذلك أي رسام (كاريكاتوري) معاصر على الإطلاق، كما جاء في المقدمة. فمعذرةً قارئي الكريم، وصبراً جميلاً إنها فرصة العمر، ولن تحظى بمثل فكاهاتها الكاريكاتورية أبداً.
    د- صعوبة الاهتداء إلى المصدر الجذر:

    لقد سبق أن لحظت أن العربي كان يلجأ في مراحل تطوره إلى إبداع أصوات حروفه، ومن ثم مختلف المصادر الجذرية للتعبير عن حاجاته الحضارية والثقافية المستجدة، فيشتق منها فيما بعد مايلائم معانيه. ولما كانت كيفية التلفظ بأصوات الحروف الحلقية من شأنها أن تغير في خصائصها ومعانيها إلى حد التناقض أحياناً، فإننا سنلاحظ هذه الظاهرة في مشتقات المصادر التي تبدأ أو تنتهي بها. وهكذا لا يبعد أن نجد معاني مشتقات المصدر الواحد قد توزعت على سلم طويل متدرج من اللمسيات حتى الشعوريات.
    ولكن بما أن العربي قد أبدع أصوات الحروف الشعورية في مرحلة رعوية راقية خصيصاً للتعبير عن مشاعره الإنسانية، فإنني سأعمد هنا إلى اختيار المشتقات والمعاني التي تتلاءم مع الخصائص الصوتية الأصلية للحرف موضوع الدراسة. وهكذا أتجاوز بذلك القاعدة الحسية التي اعتمدتها في دراسة أصوات الحروف غير الشعورية فلا تُعتَمد هنا المعاني الحسية للمصادر إلا عند الاقتضاء.
    ولكنني في هذا التجاوز أعود في الحقيقة إلى القاعدة الفطرية الأصل بالذات، مادامت كل لفظة يشارك فيها حرف شعوري، قد أبدِعت في مرحلة راقية من مراحل الإنسان العربي الحضارية، بعد أن أخذ يتعامل بأصوات حروفه مع مشاعره وانفعالاته وحالاته النفسية وغيرها.
    الحروف الشعورية الحلقية:

    هي : الخاء. الحاء. الهاء. العين.
    1- حرف الخاء

    هو أخر الحروف الحلْقية، مهموس رخو. يقول العلايلي عنه: إنّه (للمطاوعة والانتشار والتلاشي). وهي تتوافق مع بعض معانيه، ولكنها قاصرة.
    تختلف إيحاءات صوت هذا الحرف باختلاف كيفية النطق به فإذا لفظ صوته مخففاً مرققاً قريباً من جوف الحلق غير مخنخن به كانت إيحاءاته الصوتية مزيجاً من الأحاسيس اللمسية: رخاوة ورقة وملمساً مخملياً فيه شيء من الدفء.
    أما إذا لفظ صوته بشيء من الشدة والخنخنة، بعيداً عن جوف الحلق، أوحى بإحساس لمسي مخرش رخو، وبطعم يمجُّه الذوق، ورائحة شمية نتنة، وبإحساس بصري منشاري الشكل وسمعي مخرِّب للصوت، وبمشاعر إنسانية من الاشمئزاز والتقزز.
    وإذن بأي الكيفيات لفظ الإنسان العربي هذا الحرف بمعرض التعبير عن حاجاته ومعانيه؟
    لمعرفة ذلك، لابد من الاحتكام إلى المعاجم اللغوية، وذلك على مثال مانهجت مع غيره من الحروف، ولاسيما (الجيم والضاد).
    وبالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على مئتين وخمسين مصدراً جذراً تبدأ بالخاء، كان منها ستون مصدراً تدل معانيها على أمراض نفسية وعيوب أخلاقية بما يتوافق مع إيحاءات صوت الخاء المخنخن به، منها:
    خبْ خباً (خدع وغشّ). خُبث. خبِل (فسد عقله وجُنّ). ختّ (خسّ وردؤ). الخِبَقَّاء من النساء (السيئة الخلق). ختل (خدع عن غفلة). الخجخاجة (الأحمق). إخرنشم (تكبر وتعاظم في نفسه). خرص (كذب). خرطت المرأة (فجرت). خرِف (فسد عقله من الكبر). الخِرْمِل (المرأة الحمقاء). خرِق (بكسر الراء حمُق). الخُزَعْبِل (الباطل). الخسيل (الرَّذل من كل شيء). اخرنطم (رفع أنفه وتكبر). الخِزْرافة من الرجال (الضعيف الخوّار). خيشَرَ بفتح الشين (شره). وبكسرها (هرب جبناً). الخشْل (الرذل الرديء). الحطيئة. الخطِل (الأحمق). خضْرع البخيل (تسمَّح، وشيمته تأبى السماحة). خلِب بكسر اللام (حمُق وخِرق في عمله). الخلبوب (الخدّاع المكّار). خلبسه (فتن قلبه وذهب به). خلبص (فرّ وهرب). خلس. الخُندَب والخُندَع (السيء الخلق والخسيس). الخناعة (الِذِّلَّة والضعف). خنّ البعير (جُنّ). الخيانة. اخرمسّ واخرمصّ (ذلّ وخضع). الخضاض (الأحمق). الخِنْسِر (اللئيم). خذِئ له خَذَأ، وخذْءاً وخُذُؤاً وخذاءة (خضع وانقاد). خضن الجمل (ذلّله، ومنه خاضن القوم، تراموا بقول الفحش).
    الخُنْدُب من الرجال (السيء الخلق).
    كما كان منها ثلاثون مصدراً تدل معانيها على أمراض وعيوب جسدية تتوافق مع إيحاءات صوت الخاء مخنخناً به. منها:
    الخُباط (الصرع أو الزكام). ختر (استرخى وضعف من مرض أو شراب). خرِثت المرأة (ضخُمت خاصرتاها واسترخى لحمها). الخرَس، الخِزباز (داء يأخذ في عنق الإبل). خزَرت العين (صغُرت وضاقت خلقة). خزعل الماشي (نفض رجله من ظلَع). خذا خذواً (استرخى). خزِل (كُسر وسط ظهره). خشِف البعير (عمّه الجرب). الخَصّي. خضرف (هَرِم وترهّل جلده). الخفَج (داء يصيب الإبل). الخُمال (داء يصيب المفاصل فيعرج منه). الخنَّب (داء في الأنف يردِّد معه الإنسان كلامه من أنفه). الخُنثى. الخَوجلى (مشيَة فيها تكسُّر). الخُناف (داء يصيب عضل الخيل). خيص الرجل (صغرت إحدى عينيه وكبرت الأخرى). خيف الإنسان (كانت إحدى عينيه زرقاء والأخرى سوداء أو كحلاء).
    وكان منها تسعة عشر مصدراً تدل معانيها على القذارة والبشاعة بما يتوافق مع إيحاءات صوت الخاء المخنخن به هي:
    الخث (غُثاء السيل إذا خلَّفه ونضب عنه). خثي البقر (ألقى مافي جوفه من روث). الخَذْق (الروث). خرئ (تغوّط). الخُرقُح (القطن الفاسد في براعمه). خزن اللحم (فسد وتغير). خشعمه (لطخه بالدم). خفس (نطق بالقبيح). خلف الشيءُ خلوفاً (تغير وفسد). المستخِسّ (القبيح الوجه).خمَّ اللحم (أنتن). الخُنابس من الرجال (الضخم الكريه المنظر). الخشيء من النبات (اليابس العفن ومن اللحم اليابس). الخِنَّوص (ولد الخنزير). الخنزير. الخُنفُساء. خوِث (عظم بطنه واسترخى). خام خومانا (وخِم ووبئ). خامت الأرض خيماناً وخمت).
    وكان منها اثنا عشر مصدراً تدل معانيها على أصوات تتوافق مع صوت الخاء مخنخناً به حيناً وغير مخنخن به حيناً آخر. هي:
    خرير الماء وخرخرته. خشرمت الضُّبُع (صوتت في أكلها). الخفخاف (الذي يخرج صوته من أنفه)، خشخش الثوب الجديد (صوت إذا تحرك). خقخق القار وخقّ (سُمِع صوت غليانه). خنخن (أخرج الكلام من أنفه). الخُواع (شبه النخير والشخير). خات خيتاً (صوَّت). خار الثور (صاح). خَنّ (خرج صوت بكائه من أنفه). وقد شارك القاف والنون في أربعة منها.
    وكان منها خمسة وأربعون مصدراً تدل معانيها على التخريب والخدْش والشق والنفاذ، بما يحاكي التخريب الكائن في صوت الخاء عندما يُلفظ مشدداً غير مخنخن به، في مطابقة بين الصورة الصوتية لهذا الحرف وبين الصورة المرئية لهذه الأحداث، منها:
    خدشه (قشره). خرّب. خرت الشيء (شقه). خرش الجسد (خدشه بِظُفره، ومنه تخارشت الكلاب، تخادشت ومزّق بعضها بعضاً). خرم الشيء (شقه وثقبه). خزَّه بالسهم (أصابه به وأنفذه). خدع اللحم (حزّزه ولم يقطعه). خزع الشيء (قطعه وفصله). خَرق الشيء (شقه). خذم الشيء (قطعه بسرعة). خسق السهم (أصاب الرمية وثبت فيها). خدف الشيء وخذفه (قطعه). خضرم الأذن (قطع طرفها).
    وكان منها سبعة وثلاثون مصدراً تدل معانيها على الرخاوة والتفاهة والاضطراب، بما يتوافق مع صوت الخاء رخواً مخنخناً، منها:
    خبت ذكره (خفي).خبخب الشيء (استرخى واضطرب). خبت النار (همدت). خَتْمرَ (اضمحل). خرع الشيء (لان واسترخى). خربق العمل وخربسه، وخرمشه (أفسده). الخشاش (حشرات الأرض)، أخَظّ الرجل (استرخى بدنه). خلِقَ الثوب (بلي). الخيبة (الفشل). الخوب (الجوع). خزرب الكلام (اختلط واختلَّ).خسأ البصر (كلّ وأعْيا). خسِر. الخُصاصة (الفقر والحاجة وسوء الحال). خطِل (استرخى واضطرب). الخلل، خمج خمجاً (فتر أو ضعف أو مرض). خمره (ستره). خلبص (فرّ هارباً). خِمُص بطنه (خلا وضمر جوعاً). خمل ذكره، الخيبة.
    كما كان منها ثلاثة عشر مصدراً تدل معانيها على مايفيد الرقة والصفاء والبضاضة بما يتوافق مع صوت الخاء مخففاً ومرققاً ومنعماً، دونما أي خنخنة، هي:
    خادنه (صادقه). الخَرود (المرأة الحيية، والبكر لم تُمس). الخَرْعَب من النساء (الشابة الحسنة الخلق الناعمة). الخِصب، خضِل (ندي وابتل). خفِرت الفتاة (اشتد حياؤها). الخمْط (الطّيب الريح). خلص الشيء (صفا من شوائبه). خالمه (صادقه، والمرأة غازلها). الخُوْد (الشابة الناعمة الحسنة الخلق)، الخير (الحسن لذاته). الخُوط (الغصن الناعم).
    وكان منها تسعة مصادر لمشاعر إنسانية قد ورد ذكرها في جداول الأمراض والعيوب النفسية، وبذلك تبلغ نسبة المصادر التي تتوافق معانيها مع الخاء المخنخنة (60%)، ومع الخاء غير المخنخنة (25%)، بما مجموع النسبتين (85%).
    وكأني بالإنسان العربي قد خصص هذا الحرف لمعاني الرداءة والخسة والقذارة والبشاعة في بنيانه اللغوي الفخم الأنيق، على مثال ماتخصص ربة البيت الذكية سلة للنفايات والأوساخ تضعها في زاوية مهملة من زوايا قصرها المنيف، (والخاء هي آخر الحروف الحلقية). لا يغير من وظيفة هذه السلة أن تسهو ربة البيت فتلقي فيها ثلاث عشرة حبة من اللآلئ والأحجار الكريمة مع ما ألقته فيها من القمامة على مر العصور.
    ولكن ماذا عن الخاء في آخر الألفاظ؟

    هل احتفظ العربي لهذا الحرف بوظيفته الأساسية في التعبير عن معاني الخسة والقذارة والبشاعة، كما فعل بالمصادر التي تبدأ به.؟
    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على أربعة وسبعين مصدراً تنتهي بالخاء، كان منها سبعة للعيوب النفسية، وتسعة للعيوب الجسدية، وثمانية للقذارة والبشاعة، وخمسة لأصوات مشوهة، ولا صفاء فيها ولا رنين، وأربعة عشر للرخاوة والتفاهة والاضطراب، وسبعة للشدخ والقطع وستة للرقة والنضارة.
    فكانت نسبة المصادر التي تتوافق معانيها مع صوت الخاء مشدداً ومخنخناً (68%)، ونسبة مايتوافق منها مع صوت الخاء مرققاً منعماً (8%) بما مجموعه (76%).
    واكتفي بسرد مايتعلق منها بالعيوب النفسية والجسدية والقذارة:
    1- في العيوب النفسية: بلِخ (تكبر وجرؤ على الفجور). داخ الرجل والبعير (ذلَّ وصغُر) رضخ، زمخ (تكبر وتاه). طَخَّ (شرِس وساء خلقه). رجل لُطخة (أحمق لا خير فيه). المطاخ (الأحمق الفاحش البذيء), رجل موثَّخ الخَلْق (ضعيفه).
    2- في العيوب الجسدية: بخبخ لحمه (استرخى من هُزال بعد سِمن)، بزِخ (دخل ظهره وخرج صدره). الدلاخ من النساء (العظيمة العجز). الربيخ من الرجال (الضخم المسترخي). طَنِخَ (اشتد سِمنة). فشَّخ الرجل (أرخى مفاصله). الوخواخ من الرجال (المسترخي البطن). المسخ.
    3- في القذارة: الإخ بكسر الهمزة (القذر). ثلخ الحيوان (ألقى روثه رقيقاً). زنخ الدهن وسنِخ (تغيرت رائحته). السُّواخ (الوحل الشديد). شخَّ (بال). طاخ طيخاً (تلطخ بالقبيح أو بالباطل). الوسخ.
    وزيادة في التقصي عن مدى اعتماد العربي الخصائص الصوتية في حرف الخاء للتعبير عن المعاني التي تتناول العيوب النفسية والجسدية والقذارة، رأيت أن أتتبع هذا الحرف .
    في أواسط المصادر:

    بالرجوع إلى المعجم الوسيط عثرت على تسعين مصدراً، كان منها اثنا عشر للعيوب النفسية وعشرة للعيوب الجسدية، وستة للقذارة والنتانة، وثلاثة للأصوات، تتوافق معانيها جميعاً مع الخاء المخنخنة، كما كان منها تسعة للقطع والشق والوخز ومصدران للاصوات، بما يتوافق مع الخاء المشددة غير المخنخنة، وثمانية للرقة والنضارة بما يتوافق مع الخاء المرققة المخففة المنعمة، أكتفي بسرد مايتوافق من معانيها مع الخاء المخنخنة ونسبتها (35.5%). أما غير المخنخن بها بنسبة(20%).
    1- في العيوب النفسية: ولها اثنا عشر مصدراً. هي:
    بختر (مشى مشية المعجب بنفسه). بخع له (تذلل له وأطاع وأقر). البُخل. دخر دخوراً (صغر وذل وهان). زخف (فخر وتكبر). السخرية، السخط، سخِف الشيء (رق وضعف) لخِيَ لخيا (أكثر من الكلام في الباطل). نخِب قلبه (جبُن). نخط عليه (تكبَّر). وخُش الشيء (رذُل وصار رديئاً). ومعظم هذه المصادر تدل على حالات شعورية سلبية.
    2- في العيوب الجسدية: ولها ثمانية مصادر. هي:
    دخِس (سمِن وامتلأ شحماً ولحماً) الدّخْنَسِ (الشديد، الكثير اللحم من الناس والدواب). الشخت (الضامر خلقه). الضخامة (العِظم مع غلظة). لخِصت عينه (غُلظت أجفانها وكثر لحمها خِلقة أو من ورم). نخش الرجل (هزل). نخصَ لحمه (هزُل وتخدد جِلده)، التُّخمة.
    3- في النتانة والقذارة: ولها ستة مصادر: هي:
    بخِر الفم (أنتنت رائحته). سخَّم اللحم (أنتن). شخِم الطعام (فسد وتغيرت رائحته). لخِن (أنتن). المُخاط. النُّخامة (مايلفظ من بلغم).
    4- في الأصوات: ولها ثلاثة مصادر تتوافق مع الخاء المخنخنة.هي:
    شخر (تردد صوته في حلقه من غير كلام). نخر (صوت بخياشيمه). نخف (صوَّت بأنفه عند المخْط).
    أما مصدرا صخب. وشخب اللبن (خرج من الضرع بصوت)، فهما يتوافقان مع الخاء، غير المخنخنة.
    في الاستنتاجات:

    1- لوحظ وجود ثمانية مصادر قد شارك في تراكيبها حرف الخاء المخنخن بصوته وقد تناولت معانيها صوراً من مظاهر السِّمنة، ولاسيما في البطن والعجيزة، وذلك بمعرض التعبير عن مشاعر التقزّز والاشمئزاز، مما يقطع بأن العربي قد استقبح هذه الظاهرة في النساء والرجال على حد سواء.
    ولئن أخذ بعضهم على العربي استحسانه مظاهر السِّمنة والعجيزة الضخمة في المرأة لشذرات وردت في الأدب الجاهلي ومابعده، فإنه لا يعتد برأيهم، مادام الإنسان العربي مبدع اللغة، قد أعطى مسبقاً رأياً مخالفاً بهذا الصدد، وذلك باستخدامه الأوزان المضطربة والحروف التي في أصواتها نشوز وتنافر في الألفاظ التي تدل معانيها على السمنة والعجيزة الضخمة ومنها حرف الخاء المختص أصلاً بالتعبير عن مشاعر التقزز والتشوهات النفسية والجسدية. كما مرّ معنا في المصادر التالية:
    خرثت المرأة، الدلاخ، الربيخ. طنخ. الوخواخ. دخِس. الدخِنس. خزج.
    2- حول شخصية حرف الخاء:
    باستعراض تأثيره في معاني المصادر التي شارك في تراكيبها كانت معدلاتها في مختلف مواقع هذا الحرف منها، على الشكل التالي:
    آ- للخاء المخنخنة: مما يدل على العيوب والتشوهات والقذارة والرخاوة وتوافه الأمور:
    (60+56.5+35.5)/3 = 50.7%
    من مجموع المصادر التي تتصدرها الخاء وتتوسطها وتقع في آخرها.
    ب- للخاء المشددة غير المخنخنة، مما يدل على القطع والشدخ والرخاوة:
    (20+10+12 ) /3 = 14%
    جـ- للخاء المنعمة المرققة بلا خنخنة، مما يدل على الرقة والنضارة.
    (5+7+9)/ 3= 7%
    وبجمع المعدلات الثلاثة نحصل على معدل تأثير حرف الخاء في معاني المصادر التي شارك في تراكيبها مخنخناً بصوته وغير مخنخن مشدداً ومخففاً.
    50.7+14+7= 71.7%
    وهذه النسبة العالية تدل على أن حرف الخاء، برخاوته وخنخنته أنَّى كان موقعه يتمتع بشخصية فذة في دنيا القذارة والعيوب قلَّ أن يتمتع بمثلها حرف قوى آخر، في دنيا النبالة والشرف. وكما في دنيا الحروف كذلك في دنيا الناس، وعلى كل المستويات.
    جـ- عودة إلى نشأة حرف الخاء:
    سواء أكانت المرأة العربية هي التي أبدعت أصول حرف الخاء في المرحلة الزراعية ترجيحاً، أم أن الرجل هو الذي أبدعه في مرحلة لاحقة، فإن استعماله قد تغير من مرحلة إلى مرحلة وفقاً لكيفية النطق به. ولاشك أن العربي، رجلاً كان أم امرأة، قد أبدع صوت الخاء أول ما أبدعه، رخوا مخنخناً به للتعبير عن معاني القذارة. ولقد احتفظ العربي لهذا الحرف باختصاصه الوظيفي عبر مراحل تطوره للتعبير عن معاني الخسة والتفاهة والبشاعة والعيوب النفسية والجسدية، لأن صوته هو الأصلح للتعبير عن هذه المعاني إطلاقاً.
    ولكن ما أن تهذَّب النطق بأصوات الحروف عامة وفقاً لقانون الصوت الحنكي في مرحلة رعوية شعرية راقية، حتى صار العربي يلفظ الخاء بلا خنخنة، فشددها حيناً ورققها ونعَّمها حيناً آخر. فكان أن استعملها لمعاني الشق والقطع والوخز، كما استعملها لمعاني الرقة والنضارة والليونة، ولو على نطاق ضيق محدود.
يعمل...
X