إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة ( عصافير الشجن ) - بقلم نبيه إسكندر الحسن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة ( عصافير الشجن ) - بقلم نبيه إسكندر الحسن

    قصة ( عصافير الشجن ) - بقلم نبيه إسكندر الحسن

    عصافير الشجن
    تناولت الصّحيفة ،قرأت العناوين بشغف ،قلبت الصفحات ، وقع بصرها على صورة عصفور مضرّج بالدّماء،أثار المشهد في نفسها انطباعاً فظاّ ،راحت تدور في أرجاء الغرفة كعصفور في قفص ، صرخت:
    ـ تبّاً لهم !...حتى العصافير لم تنج من بطشهم .
    شعرت بأشياء وأشياء تدور في خلايا دماغها ترجمتها إلى صور تستحق التفكير .
    خرجت إلى الشّرفة تستطلع الأمر سمعت صوتا يناديها ، تلفّتت يمينا وشمالا فلم تر أحدا ً ,مسحت بناظرها الشارع وقع على شجرة هرمة تحتضن العصافير بين أفنانها، تذكرت شجرة زرعها جدها بيد معروقة ,لا تدري كيف تلاشى الصوت حتى بدا معزوفة عصفورة ثكلى ,صمتت هنيهة تسرّ لنفسها "يا إلهي ...إنّ الصوت مألوف"!..
    عادت إلى سريرها , اندست في الفراش ,أطلقت لخيالها العنان يجوب البساتين ، كانت تعج بالفراشات والعصافير ، فجأة غيّبها النّوم , تراءى لها طائر من طيور"برامج الأطفال"، قال لها:
    ـ ما بك ... يا صديقتي ؟
    ـ أنظر إلى آلهة العنف.
    ـ هوّني عليك ...
    هزّ رأسه تعجبا ثم نظر في وجهي وأردف قائلا :
    - اطلبي أيّ شيء .
    فكّرت مليّاً، قلت لنفس : " مرحلة وتزول ".و طلبت منه :
    _ أريد مدينة السّلام .
    ـ هيّا بنا .
    وثبت صوب الطائر امتطت ظهره ،تنفست الصعداء ،حرك الطائر رأسه يمينا وشمالا ، قفز عدة قفزات ،خفق بجناحيه يشق العباب ،شعرت بسعادة كبيرة مع الخوف بعض الشيء ، أصبح على قاب قوسين من الغمام ، حملتنا غيمة بين طياتها راح يحلّق في الفضاء رويدا رويدا حتى اخترق السحاب ,راحت عيناه تمسح قبة الكوكب من عل راودت نفسها عشرات من أسماء الفلكيين والفلاسفة ، تذكرت وعدها لوالدها ، فسرت لذاتها : " نم الوالد و بئس البنت التي لا تفي بوعدها لكن كن مطمئنا سأدرس علم الذرة " .
    لم يمض إلا قليل من الوقت حتى غدت لا ترى شيئا,فأدركت أنها تحلق فوق أرض منذ نعومة أظفارها تحلم برؤيتها ,فطلبت من الطائر أن يهبط قبل أن يدركهما الوقت .استجاب لطلبها ،جمع جناحيه كالبرق وانقض صوب اليابسة يشق عباب الهواء,وما إن وطئت رجلاه الأعشاب حتى راح يتبختر , مسحت بيدها على ريشه المزركش ,ثم انزلقت من على ظهره لقف بجانبه وهي تطوق عنقه بساعدها ،كان الدخان يلف المكان يسد المنافذ بوجه عصافير متعدّدة الألوان تقذف ديناصورات العصر بحجارة جمعتا الأمهات حتى غدت أهرامات من طاهرة ,دبت الحمية بجسدها ,تناولت حجراً لتشدّ أزر العصافير ,صرخت :
    - اللعنة على الوحش ...لبيك يا حبيبة.
    شغلت الحيرة داخلها , حيث لم تستطع استيعاب ما الذي جعلهم يسددون فوهات البنادق إلى أجنحة العصافير ,ضربت كفا بكف قائلة :
    - المشاهد التي تعرض على شاشة التلفاز أقل فظاعة .
    طلبت من الطائر أن يعود إلى حدائق آمنة تؤمها عصافير ترنو إلى قرص الشمس ,ملت من نعيق الغربان ,ومن مشاهدة ضباع تقتل الإنسان وتحرم أبناءه من الدراسة ومن اللباس فقالت لنفسها :" الويل لهم, فتكوا بعصافير ربما سيكون منها علماء مخترعون ".
    فجأة تحول المنظر إلى حديقة تعج بالأزهار والياسمين ، وراحت الأطيار تبني أعشاشها بين الأفنان تؤكد الخصب ، وصورة جدها تطل من القبة الفيروزية ، صفقت بيديها فرحا مع العصافير ،فأيقظها لحن:
    ( أنا يا عصفورة الشجن
    مثل عينيك بلا وطن ).
يعمل...
X