إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشاعر بيرم التونسي فنان الشعب المصري في نابلس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعر بيرم التونسي فنان الشعب المصري في نابلس



    بيرم التونسي.. "الاسكندراني" فنان الشعب البروليتاري
    بيرم التونسي يذكرنا دائما بأجواء الزمن الجميل
    نابلس - نّظم المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني "تنوير" جلسة ثقافية بعنوان "بيرم التونسي الفنان البروليتاري"، حضرها العشرات ممن عشقوا الشعر والفن الخالد لبيرم التونسي كونه فنان الشعب المصري بامتياز، عالج قضاياه الاجتماعية في مختلف مجالاتها: المرأة والطفل، والتعليم، والوطن والسياسة، كل ذلك باسلوب ساخر وجميل، ومختلف الاشكال الادبية من قصة وأغان ومسرحيات وابريتات ومسلسلات إذاعية وغيرها.

    ألقى المحاضرة الكاتب والمربي علي خليل حمد، وأدارها بلال حموضة منسق الإعلام في المنتدى. الذي تحدث باقتضاب عن العلاقة بين سيدة الغناء العربي أم كلثوم وبيرم التي بدأت في العام 1941. ثم أخذ يكتب لها الأغنيات العاطفية والوطنية، بل وشارك كذلك في كتابة كل ما غنته في فيلميها "سلامة" و"فاطمة".
    وذكر أن مجموع القصائد التي كتبها بيرم وغنتها أم كلثوم طوال فترة تعاملهما حوالي 32 أغنية، لحن القسم الاكبر منها الشيخ زكريا أحمد، فرياض السنباطي فمحمد القصبجي. وكان على رأسها أغان كشمس الاصيل، والقلب يعشق كل جميل، وهو صحيح الهوى غلاب.
    في البداية ساد القاعة هدوء مطلق بين الحضور كون الفنان حبيب الديك حملنا من صخب الحياة ووضعنا في أجواء الزمن الجميل بعد أن عزف بأوتار عوده اعذب ما غنت أم كلثوم من كلمات بيرم التونسي وألحان الشيخ زكريا احمد أغنية " الورد جميل.. جميل الورد". يذكر أن الكاتب علي خليل حمد أطلق على بيرم التونسي الفنان البروليتاري.
    ورأى في بيرم الفنان: لأن إنتاجه الأدبي كان متنوعا أشد التنوع؛ يتضمن الأغنية، والزجل، والشعر، والمحاكاة الشعرية الساخرة، والمقالة، والقصة، والقصة القصيرة، والمسرحية، والأوبريت، والمسلسل الإذاعي، والمقامة، وغيرها.
    ورأى أيضا في بيرم البرولتاري: كون مضمون هذا الإنتاج الفني متنوعا أشد التنوع بحيث يكاد يستغرق جميع تجارب الظلم والبؤس التي عاناها الشعب المصري، وكان الفنان مدفوعا في إنتاجها بروح الاحتجاج والدعوة إلى التطوير وتحقيق العدل الاجتماعي. وأضاف حمد أن بيرم كان يدرك القيمة الكبيرة لفنه، وما يتعرض له من ظلم وسوء استغلال، وهو يقول في ذلك:
    "إن مؤلف الأغاني في جميع أنحاء العالم يكتسب من الأغنية الناجحة آلاف الجنيهات. أما هنا في الشرق، فإن مؤلف الأغاني كماسح الأحذية تماما، يسلم الأغنية، ويتقاضى أجره وينصرف."
    ثم تطرق الكاتب حمد الى حياة بيرم قائلا: " ولد محمود بيرم ـ التونسي الجد ـ عام 1893 في الإسكندرية، وتلقى بعض الدروس في كتاتيبها، ولكن سوء تصرف بعض شيوخ هذه الكتاتيب دفعه إلى تركها، وإكمال دراسته من خلال التعلم الذاتي، مدفوعا بشغفه الشديد بالأدب والشعر؛ وفي وقت قياسي، أصبح في وسعه كتابة الشعر كما يكتبه كبار شعراء العصر.
    ومثلما اعتمد بيرم على نفسه في التعليم، كذلك فعل في ميدان الحياة، وبخاصة بعد وفاة والده، وقد حاول ممارسة التجارة ففتح دكانا لبيع الصفائح، ولكنه لم يتمكن من تسديد نفقاتها فتخلى عن ذلك المشروع؛ وفي هذه الفترة، كتب بيرم قصيدته عن المجلس البلدي وضرائبه المرتفعة، وهي القصيدة التي كانت سبب شهرته؛ وفيها يقول:
    "قد أوقع القلب في الأشجان والكمدِ
    هوى حبيب يسمى المجلس البلدي
    ما شرّد النوم عن جفني القريح سوى
    طيف الخيال، خيال المجلس البلدي

    إذا الرغيف أتى فالنصف آكله
    والنصف أجعله للمجلس البلدي
    كأن أمي بلّ الله تربتها
    أوصت فقالت أخوك المجلس البلدي

    وما كسوت عيالي في الشتاء ولا
    في الصيف إلا كسوت المجلس البلدي
    أخشى الزواج إذا يوم الزفاف أتى
    يبغي العروس صديقي المجلس البلدي
    وربما وهب الرحمن لي ولداً
    في بطنها يدّعيه المجس البلدي

    يا بائع الفجل بالمليم واحدة
    كم للعيال وكم للمجلس البلدي؟"

    ثم أتى المحاضر حمد على بدايات التحدي السياسي عند بيرم خاصة القصر الملكي حيث أصدر مجلة " المسلّة " في عام 1919، وفيها عرّض بالعلاقة غير الشرعية بين أحمد فؤاد وزوجته ، وأن وريث العرش فاروق جاء نتيجة تلك العلاقة ؛ إذ إنه ولد بعد أربعة أشهر فقط.
    وعندما أغلقت المجلة، أي المسلة، أصدر بيرم مجلة أخرى سماها " الخازوق " وفيها لمّح إلى الفضائح الجنسية للقصر، فكانت النتيجة نفيه في عام 1923إلى تونس التي سافر منها إلى فرنسا ، حيث اشتغل حمالا في مرسيليا مدة سنتين، ليعود متسللا إلى مصر، ليقبض عليه ويعاد إلى فرنسا حيث عمل في شركة للصناعات الكيماوية ، فأصيب بمرض جعله يتعطل عن العمل؛ ولكنه واصل نشاطه الفني بكتابة الأزجال وغيرها مما كان ينشرفي مصر ليستعين به على العيش هو وأسرته.
    في عام "1932" عاد بيرم من منفاه إلى مصر، ليعمل تحت المراقبة والحصار الفكري، بالكتابة في مختف الجرائد المصرية، وتأليف الأغاني والمسلسلات الإذاعية، وغير ذلك من الأعمال الأدبية.
    بقيت علاقة التوتر قائمة بين بيرم ونظام الحكم في مصر ، حتى قيام ثورة عام "1952" التي تفاعل بيرم معها إيجابيا، وبخاصة بعد العدوان الثلاثي عى مصر عام "1956".
    في عام "1960" حصل بيرم على الجنسية المصرية، ومنح جائزة الدولة في عام "1961"، وهو العام الذي توفي فيه بعد معاناته من مرض الربو.
    ثم تقفى المتحدث حمد حياة بيرم الصاخبة ضمن عناوين مقتضبه كحملة رجال الدين عليه واساءتهم اليه وخاصة الشيخان بخيت والتفتازاني.
    أما حضور المرأة في أشعاره فكان واضحا فألّف كتابين ذوي صلة بها، وهما: "السيد ومراته في باريس"، و"السيد ومراته في مصر"؛ وقد حظي الأول منهما بشهرة واسعة، وبالترجمة والتدريس في بعض الجامعات الأوروبية.

    وفي العلم والتعليم فقد رسم بيرم التونسي لهما في مصر صورة سلبية تظهر فشل التعليم في تحقيق النفع للمتعلم على حساب التنمية للمجتمع.
    ورأى المتحدث علي حمد الصدق الفني والصدق الواقعي بوضوح عندما كان يتطرق بيرم للعمال والكادحين ويشكو ويحتج لسوء حال العمال والفلاحين المنتجينن كذلك كان يصب جام غضبه وسخريته على مصاصي دم الشعب من تجار طفيليّين.
    وقال المحاضر في حقوق الطفل عند بيرم:" وكان لحقوق الطفل نصيب من أعمال بيرم؛ ومن أمثلة ذلك قوله فيما يتمتع به الطفل الأوروبي من حقوق واهتمام مجتمعي بصرف النظر عن الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها".
    واختتم المحاضر حمد حديثه بعقد مقارنه سريعة بين بيرم وأمير الشعراء أحمد شوقي، مستشهدا، بين اثنتين من أغاني أم كلثوم، تخاطب كل منهما النيل، وهما قصيدة النيل لشوقي، وأغنية شمس الأصيل لبيرم التونسي، حيث نلحظ اختلافين بارزين بين الأغنيتين: عدم وجود أي حضور شخصي لشوقي في قصيدة النيل، في حين يتماهى بيرم وحبيبتة تماهيا تاما معه إلى حدّ الانصهار. أما الاختلاف الآخرفقد تجلى في ازدحام نيل شوقي بالشخصيات الأرستقراطية وحدها، من ملوك وامراء ونبلاء وكهان وقادة وغيرهم؛ في حين يغيب هؤلاء تماما عند بيرم ؛ وفي المقابل، نجده يختتم قصيدته بهذا المقطع الحزين لشعب مصر:
    "أنا وحبيبي يا نيل غايبين عن الوجدان
    يطلع علينا القمر ويغيب كأنه ما كان
    بايتين حوالينا نسمع ضحكة الكروان
    على سواقي بتنعي عاللي حظّه قليل
    يا نيل..."

    ومن ترى يكون هذا الإنسان قليل الحظ ،إن لم يكن الفلاح المصري البائس الذي يذرف النيل دموع سواقيه حزنا عليه، بلى، فهو شريكه الذي يصنع معه الحياة في البلد، دون أن يكون له من خيراتها إلا ما يسدّ الرمق، في أحسن الأحوال.
    وفي الرد على اسئلة الحضور فيما اذا كان بيرم يساريا، رأى المحاضر حمد أن لا يوجد طعم أيديلوجي معين أثر عليه، فبيرم قريب جداً من العلمانية والاشتراكية، ويمكن أن يكون يساري بالفطرة وبأريحية اذا عرف اليساري بانحيازه للمظلومين.
    وفي موضوع أخر يرى حمد أن بيرم التونسي أول من أرسى قواعد مدرسة الزجل والشعر العامي، واعتبر الشعراء صلاح جاهين والابنودي وأحمد فؤاد نجم امتداد لهذه المدرسة.
يعمل...
X