تأملته لفترة ربما كانت قصيرة لكنها بالنسبة إليها دهراً .. حاولت أن تغرق في أفكاره لتقتنص ذلك القرار الذي تنتظره بشغف ... لا زال صامتا .. يفكر بعمق .. بدأ التوتر يعتريها و يكسو ملامحها .. ماذا ينتظر الأمر بسيط .. ربما هو بسيط بالنسبة لها .. . لكنها و لتعترف أنه شديد التعقيد بالنسبة له ... هو يريد أن يسافر ليحقق أحلامه .. يريد أن يجد آفاقا أوسع بعد أن ضاقت عليه سبل الحياة و لا يجد فرصا مناسباً .. يريد المنزل الكبير و السيارة الفارهة و الرصيد المكدس في البنوك .. هي تريده هو .. لا تريد غيره ..تراجع أرجوك .. الأمر بسيط سنعمل معاً .. سنتكاتف يد بيد يظلنا الحب و يلفحنا الأمل .. سنتدبر أمورنا .... ستكون الحياة في البداية شاقة ثم ستلين مع الوقت .. أرجوك لابد أن تسمعني جيداً .. الحب سيجعلنا أقوى سنستمتع بسنوات عمرنا و بأطفالنا يكبرون أمامنا وسنستمتع بنتاج كفاحنا و بثمرات كدّنا ... تكلم .. أشعر إني أنتظر سنوات على منافذ عقلك و سنوات على أبواب ثغرك كي أعرف القرار .. هذا القرار الذي سيغير مصيرنا ... و تكلم أخيراً .. سأسافر هو قراري و لا يوجد بديل .. ثارت في وجهه ,, أنك تعلم ما معنى قرارك هذا .... هو الفراق لن أستطيع أنتظارك .. أنك تتخلى عني ,, عن أحلامنا .. حاولت أن تستجدي عواطفه و أن تذكره بتاريخهم الرائع معاً... إلا أنه تمسك بقراره وودعته على أرض المطار .. عيناها تقبلانه للمرة الأخيرة .. دموعها تتتساقط كندى الفجر على محياها الوردي .. و عادت وحيدة ..
سنوات و سنوات مرت و هو يحصد النجاح تلو النجاح و يكدس الأموال في البنوك و يشتري العقارات و السيارات ... عشرون عاماً لا يمل و لا يكل و لا يشبع
ثم ... قرر العودة .. لم ينتبه إلى كل هذه السنوات .. مرت كالبرق ... عاد و هو يظن أنه سيجدها في أنتظاره بنفس اللهفة بنفس مشاعرها الفياضة بنفس دموعها الرقيقة ... يشعر بأشتياق شديد إليها ... إلى دفئها و حنانها و ضحكاتها التي كانت تزغرد لها الدنيا.
بحث عنها حتى وجدها أخيراً ... نعم هى .. تجلس في حديقة صغيرة .. تضحك بسعادة .. و رجل وسيم يجلس بجانبها يطبع قبلة على رأسها ... من هذا الرجل أستشاط غضباً ثم من هؤلاء الأولاد الذين يحيطون بهما ... لهم نفس الشبه .. هم قطعة منه و منها ... تنبه للحقيقة .. و شعر بغصة في حلقه فأبتلعها في مرارة ... ثم عاد وحيدا ً
Comment