إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شهداء التعذيب في السجون العربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شهداء التعذيب في السجون العربية

    شهداء التعذيب في السجون العربية

    رأي القدس






    القضية الساخنة التي تشغل الرأي العام ورجال السياسة والاعلام في مصر ليست قضية التوريث، ولا تراجع الدور المصري على الصعيدين الاقليمي والدولي، ولا حتى الخطر الأكبر الذي يهدد ثمانين مليون مصري بالجوع والعطش، والمقصود هنا الضغوط الأفريقية لتعديل اتفاقات توزيع حصص مياه نهر النيل.
    القضية هي مقتل الشاب خالد سعيد تعذيباً على أيدي قوات الأمن المصرية التي اعتدت عليه بالضرب في احد مقاهي الانترنت بمدينة الاسكندرية، ولتسوقه مكبلاً إلى مقرها ليعود بعد ساعات جثة هامدة إلى أهله.
    السلطات المصرية نفت ان تكون عذبت الشاب المذكور، وتنصلت من أي مسؤولية لوفاته، وادعت انه مات اختناقا، ولما أمرت النيابة العامة بإعادة تشريح الجثة لمعرفة أسباب الوفاة تجاوباً مع الضغوط الشعبية، رضخت وزارة الداخلية للأمر، وأعادت فعلاً تشريح الجثة، لتخرج في نهاية الأمر بتقرير للطبيب الشرعي يقول، ان الوفاة نتجت عن ابتلاع الشاب لفافة بلاستيكية تحتوي على مادة 'البانغو' المخدرة مما أدى إلى اختناقه.
    الرواية الرسمية تذكرنا بالأفلام المصرية القديمة قبل عصر الألوان، وما تنطوي عليه من قصص ساذجة، برع في تقديمها مخرج الروائع حسن الإمام، حيث يجري تلفيق جرائم للمتهمين، مثل دس المخدرات في ملابسهم من قبل عنصر مباحث يتابع منزل الفريسة من مقهى مقابل، ويخفي وجهه في جريدة مثقوبة.
    الصور التي انتشرت على مواقع 'الانترنت' و'الفيس بوك' للشاب القتيل، تظهر تعرضه لتعذيب وحشي، فالجمجمة مهشمة، والفك مكسور، والشفتان مشقوقتان، والانكى من ذلك ان تقرير الطبيب الشرعي يعترف بهذه الجروح، ولكنه يقول انها نتيجة الاصطدام بجسم صلب. السؤال هو من اين جاء هذا الجسم الصلب، وأين موقعه في مقهى مخصص لاستخدام الانترنت؟
    جميع الدول العربية، بما في ذلك مصر، موقعة على معاهدات واتفاقات منع التعذيب، ولكنها الأقل التزاماً بهذه الاتفاقات والمعاهدات، بل والأكثر انتهاكاً لبنودها الموضوعة من قبل خبراء الامم المتحدة القانونيين.
    ومن المفارقة ان اكبر حليفين للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، وهما مصر والاردن، تحتلان مكانة بارزة في قائمة الدول التي تمارس التعذيب في السجون، ففي الاردن قتل احد المعتقلين من جراء التعذيب، واعترفت الحكومة بذلك رسمياً وتعهدت بالتحقيق ووقف كل اشكال التعذيب، بينما ترفض السلطات المصرية الاعتراف بجريمتها هذه وتصر على الاستخفاف بعقول مواطنيها من خلال اطلاق روايات كاذبة وملفقة عن مقتل الشاب خالد سعيد.
    ومن المؤسف ان ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش التي تحرص على عدم حدوث اي عمليات تعذيب في سجونها داخل اراضيها، لجأت الى كل من مصر والاردن والمغرب للقيام بهذه المهمة نيابة عنها، وارسلت الى الدول الثلاث مجموعات من معتقلي 'القاعدة' لاستجوابهم وتعذيبهم لانتزاع اعترافات منهم بالقوة.
    حالة الغضب الشعبي المتفاقمة في مصر بسبب هذه الجريمة يجب ان تستمر حتى تظهر الحقائق بشكل جلي من خلال تحقيق مستقل وتشريح للجثة، تشرف عليهما لجنة من نقابة الاطباء.
    هذه جريمة تشكل وصمة عار في تاريخ الحكومة المصرية لا يجب السكوت عنها، لانصاف الشاب القتيل اولاً، ولمنع تكرارها في حق ابرياء آخرين ثانياً. انها بلطجة تقدم عليها حكومات متسلطة وفي وضح النهار، في حق مواطنيها الذين من المفترض ان تسهر على خدمتهم وحماية أرواحهم، وهذه البلطجة يجب ان تتوقف، وان يقدم المسؤولون عنها الى العدالة لتلقي الجزاء الذي يستحقونه.

    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر
يعمل...
X