تويت
خطيئة المفاوضات
ماجد عزام
ماجد عزام
'استمرار المفاوضات في ظل الاستيطان خطيئة'، هكذا قال السيد عزام الاحمد لصحيفة 'الحياة' السبت الماضي بتاريخ 15ايار/مايو. وفق هذا المنطق وبنظرة الى الوراء يمكن استنتاج ان كل المسيرة التفاوضية منذ اوسلو حتى الان كانت خطيئة كبرى لم يتم اسخلاص العبر الملائمة منها ولم يتحمل احد المسؤولية الوطنية والاخلاقية والديمقراطية عما الحقته من اضرار باهظة بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه ومقدراته.
طوال الوقت قبلت السلطة الفلسطينية في الحقيقة بخطيئة التفاوض- وفق تعبير السيد عــــزام الاحمد- مع استمرار الاستيطان على الارض. عند توقيع اتفاق اوســـلو كان عدد المستوطنين في الضفة 130 الفاً اضحوا الان 300 الف مستوطن بالإضافة إلى مئتي الف اخرين في المستوطنات المحيطة بمدينة القدس و عندما سألت صحيفة 'هآرتس' اوائل اذار/ مارس الماضي- الرئيس ابو مازن لماذا يطرح الان تجميد الاستيطان كشرط للتفاوض وهو امر لم يفعله في الماضي قال انه في ذلك الوقت لم تكن خارطة الطريق وتفاهمات انابوليس قد ابصرت النور ووضعت على الطاولة.
نحن هنا امام خطيئة اخرى مركبة تتمثل في التفاوض بشكل ساذج ومعدوم المسؤولية والتخلي عن طلب ضمانات جدية من اسرائيل - والرعاة الاخرين للتسوية- بتجميد الاستيطان في الاراضي المحتلة التي يجري التفاوض حولها كما تتجلى الخطيئة ايضا في العجز عن رؤية الواقع الحالي، قراءته وفهمه كما ينبغي فخلال عام انابوليس فقط اي عام 2008 زاد الاستيطان بنسبة ستين بالمئة وحسب تقرير نشــــرته صحيفــــــة 'هآرتس' على موقــــعها الالكتروني الاربعاء 28 كانون الثاني/يناير 2009 نقلا عن حركة 'السلام الان' فان البناء الاستيطاني في الضفة الغربية ارتفع عام 2008 بنسبة 60 بالمئة مقابل العام الذي سبقه حيث بلغ عدد المـــــباني التي شيدت في المستوطنات 1257 منها 748 مبــــنى ثابتا و509 مبان متنقلة (كرفان)، وحسب 'هآرتس' فان غالبـــــية اعمال البــــناء تمت على اراضي فلسطينية خاصة ان وزارة الدفاع وصفت محتويات التقرير بانها مواد متفجرة سياسيا ورفضت نشرها بذريعة الخشية من المس بامن الدولة وعلاقاتها الخارجية حسب تعبير الصحيفة العبرية.
خلال سنوات اهود اولمرت-الشريك في مسيرة انابوليس- الثلاث في السلطة 2006 الى 2009 زاد عدد المستوطنين خمسين الفا لدرجة ان عنتيل شنتلر احد قادة حزب كاديما من المستوطنين تبجح قائلا لم يبن احد مثلما بنينا نحن في المستوطنات.
السيد صائب عريقات قال منذ ايام ان على اسرائيل ان تختار بين السلام والاستيطان رغم انه للاسف ساهم شخصيا في حصولها على الاثنين معا الامر الذي ما زالت حتى الان تتفاخر وتتباهى به تسيبي لفني 'بدون عملية التسوية والمفاوضات مع الفلسطينيين ما كانت اسرائيل لتمتلك كامل الحرية في محاربة الارهاب' بمعنى اخر، بدون قناع التفاوض الزائف ما كانت اسرائيل لترتكب هذا الكم الكبير من الجرائم، جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية خلال حربي لبنان وغزة.
في مذكراته التي نشرتها صحيفة 'الحياة' تشرين الثاني/نوفمبر 2008 قال السيد ياسر عبد ربه ان الشهيد ياسر عرفات لم يكن مفاوضا بارعا كونه اعطى الاولوية للسلطة ومظاهرها على حساب الارض وانه فطن بشكل متأخر وبالصدفة في العام 1988 لسرطان الاستيطان ومدى استفحاله في الضفة الغربية -هبطت طائرته لسوء الاحوال الجوية قرب القدس وواصل الطريق برا الى رام الله وعندما سأل عن مدينة صادفها قيل له انها ليست مدينة وانما مستوطنة معاليه ادوميم.
طريقة التفاوض الكارثية استمرت مع تلاميذ ابي عمار وليس ادل على ذلك من شهادة صائب عريقات نفسه عبر تصريحه الشهير 'بعد 18 عاما من التفاوض ما زلت بحاجة الى تصريح اسرائيلي للذهاب من اريحا الى القدس كما ان الرئيس ابو مازن بحاجة الى تصريح مماثل للانتقال من رام الله الى عمان'.
وفق المعطيات والبراهين السابقة فان التفاوض في ظل الاستيطان هو خطيئة كبرى تجعل المفاوضات عبثية بالمعنى الحقيقي للكلمة رغم ذلك ورغم الحقائق المثبتة فان من ارتكب او بالاحرى ارتكبوا تلك الخطيئة ما زالوا في اماكنهم في السلطة لم يستقل احد منهم ولم يرف له جفن والادهى من ذلك انهم الان بصدد مواصلة او الايغال في الخطيئة بينما يدفع الشعب الفلسطيني الثمن.